5 نساء سوريات عشن الثورة والاحتجاجات، ثم النزاعات والحرب المسعورة. وبالرغم من صعوبة الظروف، استطعن أن يصنعن فرقاً في مجتمعاتهن وأينما توجهن.
رجاء بنوت: الغناء شكل من أشكال المقاومة
بعد أن حفظت ثقافة المجتمعات السورية وتراثها الشعبي في أنشودة واحدة، من الصعب أن تلتقي بها في المكان نفسه دائماً. تسافر رجاء بنوت من بلد إلى آخر بحثاً عن شيء تفقده، دون أن تنسى أن قرب الحدود السورية التركية شيئاً يمكن إنجازه. من قرية "عيون الوادي" في مدينة حمص السورية، بدأت رجاء بنوت مسيرتها في العمل الثقافي والمدني. ولدت سنة 1957، ونشأت في أسرة تتبنى الأفكار المعاصرة والمتحررة، وكان لأسرتها دور لاهتمامها بالشأن العام السوري. تخرجت من كلية الزراعة في دمشق، سنة 1980، وحصلت على الماجستير في الإدارة من الجامعة العربية للعلوم والتكنولوجيا، التابعة لجامعة الدول العربية. هي أم لثلاث بنات، وناشطة في مجال العمل المجتمعي والثقافي بمبادرات فردية، تحولت إلى منظمات منذ عام 2000. بعد استقرارها في دمشق، أسست جمعية النهضة الفنية بدمشق عام 2006، بهدف تغيير الثقافة المجتمعية نحو ثقافة أكثر انفتاحاً، تحت شعار "يمكن للفن النهوض بالإنسان والمجتمع". انضمت للثورة السورية عام 2011 مع بدايتها. تصمت قليلاً وتتابع: "لم أكن أتوقع أن تصل البلاد لهذه المرحلة من الألم والعذاب". زارت معظم القرى والبلدات السورية، وتعرفت عن قرب على ثقافات المجتمع السوري، وعملت ضمن مجموعات سورية على إجراء لقاءات وورشات عمل عن سوريا، قبل أن تنتقل إلى مدينة غازي عنتاب التركية، لتحقيق أهدافها في العمل مع النساء السوريات المهجرات. كان لا بد من صوت يخفف من ضجيج الحرب السورية ومن ملامحها النفسية، ويعكس الحالة الثقافية السورية، تقول بنوت. وتضيف: "لذلك أسست كورال وملتقى حنين الثقافي في غازي عنتاب بتركيا. فهو من جهة يمثّل رغبة بالخروج من حالة الملل لنساء معتقلات وأرامل، وتأكيد على الانتماء للهوية السورية". تأسس ملتقى حنين الثقافي في 22 فبراير 2015، وكانت البداية مع مشروع كورال حنين، الذي ضم مجموعة من السيدات السوريات بأعمار مختلفة من جميع المحافظات السورية، ليمثلن طيفاً واسعاً من مكوناتها. يغنين التراث السوري، ابتداءً من درعا، وانتهاءً بالحسكة. كما يغنين باللغات الخاصة بالمكونات السورية غير العربية، مثل الكردية والسريانية والتركمانية والأرمنية والشركسية والآشورية. في مدينة غازي عنتاب، حيث الحضور الأكثف للسوريين، دخلت رجاء بنوت مع كورالها وملتقى حنين إلى المناطق المهمشة، محاولةَ تغيير إحساسهم بالحياة، من خلال الغناء لسوريا، ورمي كل الهويات المؤقتة التي فرضتها ظروف الحرب والفقر . وبالتوازي مع مشروع الكورال، بدأت بنوت مشروع التمكين الفكري، من خلال ورشات عمل عمادها مواضيع إدارية وسياسية، تُعنى بحقوق المرأة استعداداً لانخراطها في بناء سوريا الجديدة. من مقولاتها، التي تشجعها على العمل والاستمرار: "على الإنسان أن يكتشف طريقه بنفسه ويغير حياته نحو الأفضل".كفاح علي ديب: اسم على مسمى
تقطع بخطوات سريعة ساحة براندن بورك في برلين، ترى الوقت قصيراً حين تذهب لإنجاز شيء تحبه. هناك، حيث امتلأت المخيمات باللاجئين السوريين، أطفال ينتظرون نهاية قصة عن سوريا، ترويها كفاح علي ديب. قبل الحديث عن ذلك، سنعود قليلاً إلى مدينة يسكنها البحر، والخوف، ككل المدن السورية. اللاذقية، مسقط رأس الفنانة التشكيلية كفاح علي ديب، من مواليد 1982. درست الفنون الجميلة في جامعة دمشق، وتخرجت منها عام 2012. في دمشق، علمت كفاح الرسم للأطفال قبل اندلاع الحرب، وكتبت قصصاً قصيرة في مجلة أسامة الخاصة بالأطفال. عام 2012، حازت جائزة الشارقة للإبداع العربي، كأفضل قاصة للأطفال في العالم العربي، عن رواية "نزهة السلحفاة". بدأت نشاطها السياسي والمدني مع بداية الاحتجاجات في سوريا. وانتسبت إلى هيئة التنسيق الوطنية المعارضة، ثم تابعت نشاطها بشكل مستقل عن الهيئة. تنقلت بين عدة دول، مروراً ببيروت، ثم انتقلت إلى برلين طلباً للجوء الإنساني في سبتمبر 2014. بعد سنة من إقامتها في برلين، بدأت العمل مع مشروع ملتقى "متحف الفن الإسلامي". يهدف هذا الملتقى للقيام بجولات تعرّف الوافدين الجدد إلى ألمانيا واللاجئين العرب إلى المتاحف في برلين، مثل متحف الشرق الأدنى القديم، تتحدث عن حضارة بابل وآشور والفترة الآرامية. وتقود جولات أيضاً إلى "بودي ميزيزم"، ومتحف الفن البيزنطي ومتحف التاريخ الألماني.قصص نجاح 5 نساء سوريات استطعن أن يصنعن فرقاً في مجتمعاتهن رغم صعوبة الظروف...تعمل حالياً في برلين مع الأطفال اللاجئين من سوريا والعراق، وتقرأ لهم قصصاً قصيرة عن بلادهم. تقول كفاح إن قسماً كبيراً من الأطفال السوريين والعراقيين عاشوا تجارب مؤلمة. وتضيف: "الأطفال فروا من سوريا حين كانوا صغاراً، قبل أن يتعلموا كتابة وقراءة اللغة العربية. وقد بدأوا بنسيان القليل مما تعلموه من لغتهم الأم". تكتب كفاح الآن مجموعة قصصية جديدة، وتترجم أخرى نُشرت بمجلة قوس قزح، التي توزع في مدينة درعا السورية. بالإضافة إلى ترجمة المجموعة القصصية الحائزة جائزة الشارقة للإبداع العربي. من الكلمات التي ترددها كفاح بشكل دائمٍ: "دائماً هناك حل. المهم ألا تفقد الطاقة الإيجابية".
مجد عزت شربجي: مؤسِسة بصمات من أجل التنمية
تجربة حلوة ومُرة، بهذه الكلمات تصف مجد شربجي تجربة اعتقالها في سجون النظام السوري. الذكريات تؤذيها خصوصاً أنها كانت مرتبطة بالاحتجاجات في سوريا في 2011، وتحديداً في داريا، ريف دمشق. ولدت مجد في داريا عام 1981، وتخرجت من جامعة دمشق قسم اللغة الفرنسية. بدأت حياتها تتغير مع اندلاع الاحتجاجات، ثم تعرضها للاعتقال. تقول مجد: "الاعتقال كان بمثابة امتحان لصبري ولإيماني بأهداف الثورة التي خرجنا من أجلها". وترى بعد خروجها من المعتقل، وبدء نشاطها المدني والإنساني في لبنان، أن مشكلة السوريين تكمن في قلة وعيهم لأهداف الثورة، وضعف معرفتهم بمعاني الديمقراطية والمساواة والعدالة. ركزت مجد منذ بداية الثورة على تعليم النساء والأطفال اللّاجئين في لبنان، والنازحين في الداخل السوري. كما نظّمت أثناء اعتقالها ورشات للنساء داخل المعتقل، عن العدالة الانتقالية والمواطنة وعدد من المواضيع التي كانت مغيّبة عن السوريين، كما تقول. تحاول أن لا تتحدث كثيراً عن استشهاد زوجها، لكنه أحد أسباب استمرارها في العمل حتى "آخر نفس". أسست مجد "بصمات من أجل التنمية" عام 2014، وتعمل على تمكين النساء السوريات اقتصادياً، وصولاً لتمكينهن سياسياً في لبنان وسوريا. للمؤسسة أربعة مراكز في حمص وحلب، ومدرستان في لبنان لتعليم الأطفال السوريين بعيداً عن التقسيمات والاتجاهات السياسية والإديولوجية. يستفيد من خدمات هذه المؤسسة 500 امرأة شهرياً في لبنان وسوريا منذ مارس 2016.ألوان نور عدنان برهان
نور برهان، أو ألوان، كما يعرفها الكثير من السوريين والأصدقاء. اسم اختارته ليكون معبراً عن سوريا، وليحميها في فترة مضت من عاقبة مشاركتها في التظاهرات الشعبية ضد النظام السوري. ولدت نور في مدينة الزبداني بريف دمشق 1978 وهي أم لطفلين، أما الثورة فهي حلمٌ ورثته عن والدها، كما تقول. بدأت حكايتها في سوق الحميدية في 15 مارس 2011، ولم تكن هناك بغرض التسوق. بل كانت مع مجموعة من الشباب السوريين، الذين هتفوا للحرية. بعد مشاركتها في التظاهرة الأولى بدمشق، كان الحراك الشعبي بدأ في مدينتها الزبداني، وتميز بمشاركة قوية للنساء في التظاهرات والعمل المدني. تقول نور: "للأسف اضطررت للخروج من سوريا بسبب الملاحقة الأمنية والواقع العسكري الذي طرأ على الحراك السلمي". وتابعت عملها المدني مع مركز المجتمع المدني والديمقراطية من مدينة غازي عنتاب التركية. ألمُ نور وجزءٌ من روحها ما زالا موجودين في معتقلات النظام، حيث والدتها، وزوجها، وعدد من أفراد عائلتها وأصدقائها. توفي والدها في الحصار الأول لمدينة الزبداني مع الكثير من أصدقائها. تدير نور برنامج "النساء" الذي انطلقت منه شبكة "أنا هي"، وهي تضم أكثر من 250 امرأة متطوعة، 75% منهن في الداخل السوري، في معظم المحافظات، بالإضافة إلى النساء في دول الجوار. تقول نور: "النساء أكثر شريحة عانت من ويلات الحرب، ودفعت أثماناً غالية. وقد تعرضن لأبشع الانتهاكات، وكنّ دائماً أول من يُضحى بهنّ". تكره نور أن يتطفل أحد على ذكرياتها، وهي جيدة في الهرب من فضول الصحافيين، لذا تختصر الكثير من الكلام بالقول: "وقت ما يكون في انتماء رح تصير الدنيا بخير. لا بلد ولا قومية ولا دين".إيمان خواتمي: من تركيا إلى العالم
"نولد في بيئة اجتماعية تكون أدوارنا فيها مرسومة مسبقاً، وتكون القدرة على التغيير رهن خنوعنا لذلك الدور الاجتماعي المفروض علينا، ودورنا في الأسرة"، تقول إيمان خواتمي، التي ولدت في حلب عام 1978، لعائلة تعمل في التجارة وتتقن تقسيم الأدوار بين أفرادها. ترغب إيمان بتحقيق ذاتها، بعيداً عن التقاليد والبيئة الاجتماعية المحيطة بها. وتسعى لإنجاز ما تقوم به على أكمل وجه. الدمار الذي لحق بمدينتها دفعها للّجوء مع عائلتها إلى مدينة غازي عنتاب التركية. عندما كانت حلب تعيش على إيقاع القدود الحلبية، بحثت إيمان عن التعلّم والتخصص، فحاولت أن تتعلم تصميم الألبسة بجهد ذاتي، ونجحت في ذلك. وبدأت ببيع منتجها إلى شركات الألبسة ومحالّ النسيح في المدينة. كم أن مهارتها في صنع المأكولات الحلبية، دفعتها لافتتاح مطعمين لتقديم الفطائر. بعد الدمار الذي لحق بحلب، استقرت عائلة إيمان في تركيا على مقربة من الحدود السورية، لذا كان لا بد أن تبدأ عملها من الصفر أو تستسلم. تضيف إيمان: "صعوبة الحياة في تركيا وغلاء المعيشة، حالا دون متابعة عملي في تصميم الملابس، فانطلقت بما هو متاح لي من موارد، وقررت أن أتعلم صناعة الحلويات". تعلمت أيضاً عن طريق الإنترنت كيفية صناعة قوالب الحلوى، وكانت البداية في مطبخها الضيق، والزبائن هم جيرانها في الحي. بعد رواج منتجها، أنشات صفحة خاصة على موقع فايسبوك، وأصبحت تسوق منتجاتها بين المناطق والمقاطعات التركية. نجاح مشروعها البسيط، واتساع قاعدة الزبائن، دفعاها لمشاركة تجربتها مع غيرها من النساء السوريات، اللواتي لم يجدن فرصة للعمل، وكنّ غير مؤهلات لسوق العمل التركية. كبرت مجموعتها على فايسبوك وباتت تضم 100 امرأة سورية، يُدرن المشروع بشكل مشترك. وانتقلن من تسويق منتجاتهن بين الولايات التركية إلى دول عدة في العالم.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع