نساءٌ يحرقن ملابسهنّ السوداء، ويدخّن السجائر، ويعانقن بعضهن البعض احتفالاً، ويرفعن شارة النصر... خلال الساعات الماضية، شغلت صور نساء مدينة منبج السورية (شمال شرق حلب)، وسائل الإعلام وصفحات مواقع التواصل، بعد سيطرة "الوحدات الكردية/ قوات سوريا الديمقراطية" عليها، وتحريرها من سيطرة تنظيم "داعش".
وباتت صور النساء اللواتي يخلعن الأسود مرتبطةً بكل تقدّم ميداني يُخرج "داعش" من إحدى القرى أو المدن السورية. ففي صيف العام الماضي، انشغلت مواقع التواصل أيضاً بصور نساء مدينة عين العرب (كوباني)، وهنّ يخلعن اللباس الأسود، بعد تحرير منطقتهن من سيطرة التنظيم. 1 من كل 3 نساء سوريات لم تغادر المنزل أبداً، أو نادراً ما تغادره بسبب خوفهن من التحرش أو خوفهنّ على سلامتهن
مأساة نساء منبج عينة صغيرة عن حالة 5 ملايين امرأة سورية تتعرّض للعنف الجسدي والجنسي والاقتصادي منذ بداية الحربوتعدّ النساء من أكثر الفئات تضرّراً في الحرب السورية، سواءً من بقين في مناطق النزاع، أو من لجأن إلى لبنان، والأردن، وتركيا، ودول أخرى، بحسب دراسة صدرت حديثاً عن "صندوق الأمم المتحدة للسكان"، وتناولت "العنف القائم على النوع الاجتماعي في الأزمة السورية"، بعنوان "أكثر من مجرد أرقام". وبحسب الدراسة، فإن "النساء والفتيات يكن أكثر عرضة للعنف، وخصوصاً العنف القائم على النوع الاجتماعي، بسبب غياب الحماية الاجتماعية، والافتقار الى الوصول الآمن للخدمات. ويزيد العنف ضد النساء والفتيات أثناء النزاع، بما في ذلك العنف المنزل والعنف الجنسي والاستغلال الجنسي وزواج الأطفال".
سجينات المنازل
بحسب الأرقام الواردة في الدراسة، فإن سيدات منبج مجرّد عيّنة صغيرة عن 5 مليون امرأة وفتاة سورية في سن الانجاب بحاجة للحصول على مساعدة. ولا يقتصر العنف الموجّه ضد النساء على عوامل خارجية، مثل نقص الأمان، أو الحصار، أو الخطف، أو النزوح... إذ أفاد النساء والرجال المشاركون في الدراسة بأن العنف المنزلي زاد بعد الحرب بسبب نقص الموادر، وقالت النساء المشاركات إن "أزواجهن أصبحوا متوترين جداً لأنهم غير قادرين على العمل، وأصبحوا يصبون عنفهم على زوجاتهم"، لكنهن أفدن بأنهن "يستوعبن قلق الرجال". المفارقة أن قلق الرجال يتزايد، مؤدياً إلى عنف، بالرغم من أن مستويات الفقر هي الأعلى بين الاناث المسؤولات عن معيشة أسرهن من تلك التي يرأسها ذكور، بحسب الدراسة. وبفعل الحرب، أجبرت العديد من الفتيات السوريات على البقاء في المنزل لأسباب تتعلق بالحماية، أو لأسباب اقتصادية. وانخفضت معدلات التحاق الاناث بالمدارس من 92% في العام 2004، إلى 61% في العام 2013. كما تدفع فتيات لا تتجاوز أعمارهن 13 سنة إلى الزواج، "لتخفيف الضغوط الاقتصادية على أسرهن". وتلفت الدراسة إلى أن ظهور الجماعات الإرهابية والمتطرفة أضاف بعداً جديداً للعنف الجنسي الذي أصبح يستخدم كتكتيك للإرهاب، إذ "تتعرّض النساء والفتيات للاعتقال والعقاب البدني لعدم الالتزام بالقوانين الجديدة التي فرضتها الجماعات المتطرفة داخل سوريا. كما تجبرن على البقاء داخل منازلهن للحفاظ على سلامتهن". كما تفرض الجماعات المسلحة قيوداً صارمة على الملابس، و"بالتالي يشعر الناس، والفتيات بشكل خاص، بضغط كبير من التعرض للتفتيش أنهن خاضعات للمراقبة".استغلال جنسي
وفي بلدان اللجوء، "يجبر نقص المال اللاجئات على العيش في بيئات مكتظة غير آمنة، في ظل غياب وسائل العيش الأساسية. وذكرت النساء اللواتي يعشن دون وجود رب أسرة، أنهن يشعرن بالخطر يهددهن، خصوصاً إذا كانت منازلهن تفتقر إلى كهرباء أو تفتقر إلى وجود قفل للباب، أو تفتقر لوجود حمام". كما أن "التحرش الجنسي من قبل أصحاب العمل والاستغلال الجنسي وسوء المعاملة من قبل عمال الاغاثة، هي مصادر قلق أكبر كونها تحدث من قبل رجال يسيطرون على موارد تعتمد اللاجئات السوريات عليها لكسب العيش". ومن أشكال العنف المواكب للنزوح، انعدام ثقة اللاجئات في سرية الخدمات الصحية، وترددهن في الابلاغ عن العنف القائم على النوع الاجتماعي للأسباب عديدة، منها "الخوف من الوصم بالعار، والاقصاء الاجتماعي، والخوف من جرائم الشرف، والأعمال الانتقامية". فالقوانين المرتبطة بالاغتصاب في سوريا ودول اللجوء، لا تعاقب المغتصب، بل تجبره على الزواج من الضحية. وتقول المشاركات في الدراسة: "أصبح العنف أمراً عادياً، فهم يعتقدون أنه من حقهم أن يكرهونا، وأن يهينونا، ويضربونا، ويغتصبونا...".وتظهر الأرقام عمق الأزمة، على الشكل التالي:
1 من كل 3 نساء سوريات من العائلات السورية التي ترأسها نساء لم تغادر المنزل أبداً، أو نادراً ما تغادره، أو تغادره في حالات الضرورة فقط، بسبب خوفهن من التحرش أو خوفهنّ على سلامتهن. 3 من كل 4 أربع نساء كن يشعرن بالقلق على سلامتهن أو على سلامة أطفالهم. وقد أعربن بشكل أساسي عن مخاوفهن من التعرض للتحرش الجنسي، ولكن في بعض الحالات كن خائفات من العنف الجسدي المباشر. 1 من كل 5 نساء سوريات عرض عليهنّ المال بصورة مباشرة مقابل الحصول على خدمات جنسية في إقليم كردستان في العراق. 67% من النساء في سوريا تلقين "عقاباً" من أزواجهن، 87% من تلك العقابات على شكل عنف جسدي. 70% من حوادث العنف في منازل اللاجئين وقعت في الأردن ولبنان. 80% من تلك الحوادث ارتكبت من قبل اشريك الحميم أو من قبل شخص معروف من الضحية. 1 من كل 5 من الأسر أفادت أن الفتيات لم يخرجن من المنزل على الإطلاق في سوريا. 1 من كل 4 زيجات مسجلة في الأردن هي لفتاة دون سن 18 عاماً. ارتفعت نسبة انتشار زواج الأطفال بين السوريين في الأردن، من 25% في العام 2013، إلى 31% في العام 2014. 1 من كل 5 لاجئات سوريات متزوجات هي تحت سن 18 عاماً.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون