شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
السياحة العلاجية ثروة هائلة لا تستغلها مصر

السياحة العلاجية ثروة هائلة لا تستغلها مصر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 13 أغسطس 201603:46 م
آبار وعيون طبيعية غنية بالمياة الكبريتية، يصل عددها إلى 1356، بالإضافة إلى توافر الطمي الذي يمتاز بالقدرة الفائقة على علاج الكثير من أمراض العظام والأمراض الجلدية، علاوة على توافر الرمال الغنية بالأملاح المعدنية... كل هذا في مصر بدءاً من منطقة حلوان في قلب العاصمة المصرية وصولاً إلى محافظة أسوان. ولكن، برغم هذه المقوّمات الهائلة التي يمكن أن تمنح مصر المركز الأول عالمياً في السياحة العلاجية، فإن هذا القطاع يعاني من الإهمال وعدم الترويج له كما يجب، ووصل الأمر إلى حدّ ردم بعض العيون بحجة أنها لا تفيد.

عين حلوان المعدنية

Ain halwanAin halwan هي واحة مهجورة مسوّرة وتغزوها الحشائش. صارت ملاذاً للمدمنين ومرتعاً للحيوانات. على بوابتها الحديدية المتهالكة لافته مكتوب عليها "ممنوع التصوير". عندما تقرر الدخول، ستقع عيناك على عين مياه معدنية لها قناة تمر فيها المياه، وسط غابة من الحشائش الضارة والقمامة، لتصل إلى حمام سباحة لا تتعدي مساحته خمسة أمتار مربّعة، وسترى أطفالاً بملابسهم الداخلية يسبحون فيها، أملاً بالشفاء من أمراضهم، كما سترى مجموعة من العيون المردومة، بسبب تقلبات الجو كما ذكر البعض. اهمال-عين-حلواناهمال-عين-حلوان وقال محمود حامد، واحد من زوار العين، إن المكان كان من قبل واحة خضراء فيها عيون كبريتية، ولكن الدولة قامت بردم كثير من العيون دون أن يعترض أحد، حتى أصبحت الواحة مكاناً للمدمنين وبائعي الكيف، أملاً منهم في بيعها إلى مستثمر أجنبي أو عربي. وبغض النظر عن صحة ما قاله، فإن هذه رواية متداولة شعبياً. وأكدت الدكتورة عصمت نوار، رئيسة قسم العلاج الطبيعي في مستشفى مركز "حمامات حلوان الكبريتية للعلاج الطبيعي" أن عين حلوان المعدنية كانت من أفضل العيون المعدنية على مستوى الجمهورية والعالم. وروت لرصيف22 أنه كانت تحيط بها أحواض معدنية وبعض المباني وغرف العلاج، واستراحة للمرضى، خاصة أن مياهها تستخدم في علاج أمراض الكلى والمسالك البولية.

عيون حلوان الكبريتية (الكابريتاج)

مصب-عين-حلوانمصب-عين-حلوان هي عيون كبريتية وآبار معدنية فيها مركز يحمل اسم "حمامات حلوان الكبريتية للروماتزم والطب الطبيعي" مبني على طراز إسلامي، ويضم حجرات للعلاج بالمياه الكبريتية وغرفاً للاستراحة، وشاليهات لإقامة المرضى. عين-بحلوان-تم-ردمهاعين-بحلوان-تم-ردمها ويرجع تاريخ هذه العيون إلى عام 1899، في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني، ثم جُدّدت عام 1955، وأصبحت قبلة الباحثين عن العلاج الطبيعي في العالم. ولكن بعد الأحداث السياسية التي شهدتها مصر تراجعت السياحة وشهدت العيون بعض الإهمال، فتحولت إلى منطقة خاوية. مصب-عين-حلوان-1مصب-عين-حلوان-1 وأوضحت الدكتورة عصمت نوار أن عيون حلوان هي المقر الرئيسي والأشهر للعلاج الطبيعي في مصر. وأضافت أن ينابيعها الطبيعية تحتوي على أعلى نسبة من عنصر الكبريت مقارنة بالآبار المنتشرة في أنحاء العالم، كما تحتوي على أملاح معدنية وعناصر، منها الصوديوم والماغنسيوم والحديد، تعالج الأمراض الجلدية والآلام الروماتيزمية والمفصلية وأمراض الكبد والمسالك البولية. مستشفي-حلوان-الكبريتيةمستشفي-حلوان-الكبريتية وأضافت لرصيف22 أن المركز الموجود هنالك يقدّم علاجاً طبيعياً متكاملاً، منتقدةً عدم ترويج هيئة تنشيط السياحة ووزارتي السياحة والصحة لهذا المكان بالشكل المناسب.

واحة سيوة... الدفن بالرمال

تقع على بعد 306 كلم جنوب غرب مرسى مطروح، وتبعد نحو 900 كلم عن محافظة القاهرة. تتميّز بجوها الجاف الخالي من الرطوبة، وبما تحويه تربتها من رمال وطمي يجعلانها تحتل موقع الصدارة بين الأماكن السياحة للعلاج بالرمال، بالإضافة إلى وجود عيون المياه الطبيعية الساخنة الصالحة للعلاج الطبيعي وعلاج الروماتيزم والروماتويد (نوع من التهاب المفاصل) وآلام المفاصل. Stephane-Gallay_flickrStephane-Gallay_flickr هي "منتجع طبيعي للاستشفاء"، كما توصف، وفيها منطقة "جبل الدكرور" حيث الدفن في الرمال الساخنة التي تحتوي على نسب مأمونة من العناصر المشعة التي يغطى بها جسم الإنسان لفترات مدروسة ومحددة. وفيها أيضاً "ينبوع بئر كيغار الساخن" الذي تبلغ درجة حرارة مياهه المعدنية والكبريتية 67 درجة مئوية، وتساعد على معالجة الأمراض الجلدية مثل الصدفية والاضطرابات الهضمية والأمراض الروماتيزمية. وأكّد سالم البغريدي، أحد أبناء سيوة وأحد المعالجين، أن أكثر العاملين في واحة سيوة الآن يعانون من البطالة، خاصة بعد تراجع السياحة، ومنهم من ترك الواحة بحثاً عن الرزق، والبعض الآخر لا يعرف عملاً آخر. العلاج-علي-جبل-الدكرور-سيوةالعلاج-علي-جبل-الدكرور-سيوة وأضاف لرصيف22 أن الدولة تهمل المنطقة ولا تروّج لها من خلال هيئة تنشيط السياحة ووزارة السياحة، لافتاً إلى التأثير السلبي للإجراءات الأمنية التي أصبحت صعبة جعلت الكثيرين من السياح العرب والأجانب يتركون المنطقة.

رأس سدر

هي مدينة سياحية تشتهر بوجود حمامات كبريتية ومعدنية تصل درجة حرارة مياهها إلى 75 درجة مئوية، لتصبح مقصدا علاجياً للكثير من السياح، خاصة أنها تساعد في علاج أمراض الجهاز العضلي الهيكلي والأمراض الروماتيزمية والجلدية، وتقع على الضفة الشرقية لخليج السويس شمال وجنوب منطقة عيون موسى، ويوجد بها عدة أماكن للسياحة العلاجية أهمها:

حمامات فرعون

عبارة عن عيون مياه كبريتية طبيعية، تقع في مدينة أبو زنيمة التابعة لمحافظة جنوب سيناء في الجزء الجنوبي لمدينة رأس سدر، وتبعد عن العاصمة القاهرة 250 كيلومتراً. وتضم 15 عيناً تتدفق منها المياه الساخنة من داخل مغارة في الجبل الموجود بالقرب من الشاطئ.

كهف فرعون الصخري

يقع داخل الجبل ويستخدمه الزوار والسياح كحمام "ساونا" نتيجة للحرارة المرتفعة الصادرة من مياهه الكبريتية.

حمام موسى

Main-2-Moses-Spring_Gess-Gambacurta_flickr_NE يتكون من خمس عيون تتدفق منها المياه الساخنة، لتصب في حمام على شكل حوض يحيط به مبنى.

عيون موسى

Moses-Spring-2_Chris-Brown_FlickrMoses-Spring-2_Chris-Brown_Flickr هي الواحة التي تفجرت منها‏ 12 عيناً عندما هرب النبي موسى من فرعون وجنوده، بحسب الميثولوجيا، وهو مكان مخصص للسياحة العلاجية والاستشفائية، ويتكون من عيون مياه كبريتية تحتوي على أملاح الصوديوم والماغنسيوم وتراوح درجة حرارتها بين 55 و75 درجة مئوية.

الإهمال يضرب رأس سدر

وشدد الدكتور محمود عامر، استشاري أمراض الروماتيزم والحساسية، على أن منطقة رأس سدر رمز أساسي للإهمال المتعمد من قبل الدولة، موضحاً أن نسبة التلوث في المنطقة صفر وهو ما يميز جوها الطبيعي الذي يسعى أكثر السياح إليه، مطالباً وزارات السياحة والآثار والصحة بالتكاتف والعمل على نهضة تلك الأماكن السياحية المتخصصة في علاج الكثير من الأمراض. وأشار أيمن منصور، صاحب قرية سياحية في منطقة رأس سدر، إلى أنه لم يتبقَّ من الـ12 عيناً إلا خمس فقط، بسبب الإهمال وعدم الصيانة، فقد طُمرت باقي العيون، وسكنت الطحالب بقية الآبار. وأضاف لرصيف22 أن أصحاب القرى السياحية في المنطقة عرضوا أكثر من مرة على المسؤولين المشاركة في عملية الترميم سواء للمناطق السياحة العلاجية أو غيرها، ولكن دائماً توضع العراقيل أمامهم.

أسوان

تتميز محافظة أسوان برمالها الغنية التي تتمتع بفوائد علاجية واستشفائية جمّة، فبإمكانها علاج أمراض الروماتيزم المتنوّعة، مثل الالتهاب الشعبي والربو والتهاب الكلى، ويوجد فيها مركزان للعلاج بالرمال والمياه.

جزيرة إلفنتين

تستخدم فيها حمامات الطمر بالرمال للأغراض العلاجية من شهر مارس إلى شهر أكتوبر من كل عام، حين تشتد أشعة الشمس.

الوادي الجديد

تنتشر في محافظة الوادي الجديد الرمال الناعمة والأعشاب والنباتات الطبية التي تُستخرج منها العقاقير والزيوت النباتية والعطرية. كما أن المنطقة غنية بالعيون والآبار الطبيعية التي ترتفع درجة حرارتها إلى 34 مئوية وتحتوي على عدة عناصر معدنية. وفيها مناطق كالخارجة وآبار بولاق، ومجموعة آبار ناصر، والداخلة، والفرافرة، وآبار موط التي تتميز بمياه ساخنة تبلغ درجة حرارتها 43 درجة مئوية.

السياحة العلاجية اتجهت إلى ألمانيا

سامح سعد، مستشار وزير السياحة السابق، قال إن مصر غنية بالأماكن السياحة العلاجية سواء أكانت سياحة علاجية طبية أو سياحة إعادة تأهيل أو سياحة استشفائية، مؤكداً أن هنالك معوقات تقابل كل هذه الأنواع من السياحة أهمها عدم وضوح الرؤية من قبل أجهزة الدولة، وعدم توافر المعلومات الصحيحة للمستثمرين، بالإضافة إلى عدم وجود دراسة جدوى، والإهمال المتعمد من قبل القائمين على تلك الأماكن. وأضاف لرصيف22 أن السياحة العلاجية الطبية التي تستخدم المصحات والمراكز الطبية المتخصصة والمستشفيات الحديثة والتي تمتاز بتجهيزات وكوادر بشرية بكفاءة عالية، لها مردود جيد بالنسبة للاقتصاد المصري، إذ كانت مصر تحتل مرتبة عالية في السياحة العلاجية الدولية، خاصة من قبل العرب. وتابع أن السلبيات المؤثرة بسبب طريقة تعامل أطقم التمريض وجشع الأطباء، وسوء السمعة، خاصة خلال العشر سنوات الأخيرة، دفعت جميع السياح إلى الاتجاة إلى أوروبا وخاصة ألمانيا، للحصول على العلاج المناسب. وأشار مجدي البنودي، الخبير السياحي، إلى أن حجم إنفاق العرب على السياحة العلاجية الاستشفائية يتعدى 25 مليار دولار في العام، ونصيب مصر من ذلك لا يذكر لأن دول شرق آسيا سحبت البساط من تحتها في السنوات الأخيرة. وقال لرصيف22 إن السائح العربي الذي يسعى إلى الحصول على العلاج ينفق أكثر من السائح العادي لأن إقامته طويلة ويسافر داخلياً مع مرافقيه. في 23 نوفمبر 2016، ستنظم هيئة تنشيط السياحة مؤتمراً دولياً في شرم الشيخ للحديث عن مستقبل السياحة العلاجية، تحت عنوان "ضفاف للثقافات والفنون". فهل يجد المؤتمرون حلولاً؟

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image