ارتفع عدد مشجعات الساحرة المستديرة في مصر في السنوات القليلة الماضية بشكل كبير، وأصبحت ظاهرة تستحق الدراسة، بعدما باتت البنت المصرية تحذو حذو نظيرتها في أوروبا وتحتشد بقوة في المدرجات المصرية.
وساهمت المرأة المصرية في تجميل المدرج المصري بعدما تواجدت فيه بإطلالتها المميزة، ولم تكتفِ بإثبات أن تواجدها في الملاعب هو أحد حقوقها في المساواة مع الرجل، ولكن أثبتت أنها قادرة على إحداث الفارق وبث روح مختلفة من خلال هتافها داخل الملعب وحثها الاعبين على بذل مزيد من الجهد للفوز والسير قدماً نحو تحقيق البطولات.
روابط للمشجعات
تقول منى بدر، إحدى مشجعات نادي الأهلي المصري وعضوة في رابطة الأهلي جيرلس "Elahly Girls" التي حُلّت عقب شهور على إنشائها، أن بداية تكوين روابط المشجعات كانت على يد مجموعة من فتيات أولتراس أهلاوي، ونجحت الفكرة وانضم إليها عدد كبير من الفتيات. ولكن بمرور الوقت رفض كابوهات الأهلي (محرّكو الجماهير في المدرجات) أن ترفع الفتيات "بانر" في المباريات وتم حل الرابطة نهائياً، وأصبحت المشجعات يذهبن إلى الاستاد أو لحضور التمرين في "ملعب التتش" الخاص بالأهلي، عن طريق الاتفاق على وقت ومكان معيّن للتجمع. وأردفت أن فتيات الوايت نايتس (رابطة مشجعي نادي الزمالك) أسّسن رابطة "بنات زامورة"، ولكن مصيرها لم يكن أفضل حالاً من رابطة فتيات الأهلي، حيث فشلت "بنات زامورة" في تنظيم أنفسهن وغلبت عليهن العشوائية، مما عجّل بحله الرابطة نهائياً، إلا أن هذا لم يمنعهن من التواجد في الاستاد ومؤازرة الفريق. فيما قالت بسنت عادل، 20 عاماً ومشجعة للأهلي، أن عدداً كبيراً من البنات في مصر حاولن إنشاء روابط وسارعت كل واحدة منهن إلى إنشاء صفحات خاصة بذلك على مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشر ذلك كثيراً عقب مجزرة بورسعيد التي راح ضحيتها 72 شخصاً من مشجعي الأهلي، ولكن تلك المحاولات فشلت. وأشارت إلى أن كثيرات من الفتيات يشجعن كرة القدم بسبب إعجابهن ببعض اللاعبين، والبعض الآخر لعشقه اللعبة، مما أحدث انقساماً بين مَن يشجع الكيان ومَن يشجع شخصاً، وهذا جعل فكرة إقامة رابطة نسائية تنافس روابط الشباب الموجودة على أرض الواقع صعبة، برغم وجود بنات كثيرات تربّين على عشق النادي منذ نعومة أظافرهن.سلسلة شبابية للحماية
وأكدت منى أن عدد المشجعات يكون كبيراً ويؤدين نفس الدور الذي يقوم به الشباب، من حيث التشجيع وترديد الهتافات والأغاني، مشيرة إلى أنه قبل المباريات يُعلن عن موعد للتجمع وغالباً ما يكون في البانوراما، بالقرب من استاد القاهرة الدولي، وهدفه جمع الاشتراكات ورسم الدخول والاتفاق على الأغاني التي سوف يرددنها طوال المباراة، ثم يذهبنَ إلى الاستاد قبل موعد المباراة بأربع ساعات وتجلس كل منهنّ في المكان المحدد لها، وتكون مهمة الشباب هي حماية الفتيات من التحرش والمضايقات. وتابعت أنه وقت الخروج من المدرجات تُجمع البنات في صفوف ويقوم الشباب بعمل سلسلة حولهنّ إلى حين خروجهنّ، وإذا تعرض أي فرد من الأولتراس للفتيات يتم طرده من المجموعة ولا يشارك معهم في أيّة فعاليات بعد ذلك. وأوضحت بسنت عادل أن التحرش داخل الملاعب يكاد يكون معدوماً في ظل وجود شباب الروابط الواعين الذين يشعرونهن بالطمأنينة وكأنهن جالسات في منازلهن. ولكن مع خروجهن وتواجدهن في الشارع، تابعت، تظهر هذه الظاهرة التي تنتشر بشكل كبير بسبب غياب الوعي والثقافة داخل المجتمع.الزي غير موحّد
وفي ما يخص الزي، تسعى الفتيات دائماً إلى اقتناء تي شيرت الفريق والكوفية، وتوجد بعض المنافذ لبيعها في وسط العاصمة وعدد من المحلات المخصصة لذلك، ولكن التزامهنّ بزي معيّن ليس إجبارياً، فلهن مطلق الحرية في ارتداء ما يشأن. وعن التحضير للتجمعات وطريقة دخولهن إلى الملاعب، قالت بسنت عادل إن الفتيات يتفقن عبر الهواتف ومواقع التواصل الاجتماعي على التجمع خارح أبواب النادي أو الاستادات أو في مكان محدد داخل المدرجات، ويتواجدن في المدرجات إلى جانب شباب الروابط. وعن الانتقادات التي تواجهها البنت داخل الأسرة أو المجمتع المحيط بها نظراً لاتباعها طريقاً وأساليب يتبعها الشباب وتؤدي بهم إلى المخاطر والاصطدام بقوى الأمن التي ترفض تواجد روابط للمشجعين، قالت إن أسرتها تثق بما تفعله وليست من الأسر التي تتمسك بالعادات والتقاليد القديمة، فهي تؤازرها في ما تحب أن تفعل برغم خوفها عليها وحرصها الشديد على سلامتها.وسيلة للتعارف؟
هالة غنيم، إحدى مشجعات فريق الأهلي المصري، تقول إن البنات كنّ يشتركن في روابط التشجيع الخاصة بالشباب وكان هذا قبل حلّ "السكاشن" (فروع الروابط في المحافظات) بسبب الأحداث السياسية التي أعقبت ثورة 25 يناير، مؤكدة أن بعض الممارسات غير الأخلاقية كانت دوماً تعيق نجاح تكوين روابط نسائية، خاصة أن البعض كان يتعامل مع الفكرة على أنها وسيلة للتعارف على شريك الحياة أو الدخول في علاقات جديدة من خلال الرابطة. وتطرّقت إلى أن المشجعات كثيرات وعددهن كبير، ولكن التعامل العنيف مع الأولتراس من قبل الدولة بعد الثورة شكّل عائقاً أمام تواجدهن بسبب تخوف الأهل على الفتيات من التعرض لهن أو حبسهن. ومع ذلك تسعى هالة دائماً، هي وزميلاتها، إلى الحصول على تذاكر المباريات الأفريقية ومباريات منتخب مصر، وتكون في المدرجات بصحبة أصدقائها وأحيانا بعض أفراد أسرتها سواء أخيها أو أختها. وعن المضايقات التي يتعرّضن لها، تقول أن التحرش هو أكثر ما يخيفهن ولكن الحال في المدرج لا يختلف عنه في الخارج. أما زينة أبو النور، 17 عاماً ومشجعة لنادي وادي دجلة، فترى أن الإعلام ساهم في انتشار التشجيع النسائي، حيث سلطت وسائله ولو بنسبة قليلة الضوء على ذلك، مما جعل عدداً كبيراً من النساء يسعى إلى ممارسة اللعبة والذهاب للتشجيع بعدما كنّ يكتفين بمشاهدة المباريات عبر الشاشة الصغيرة، مضيفة: أتمنى أن تحصل الأنثى في مصر على حقها في ممارسة الرياضة والتواجد لمؤازرة الأندية التي تشجعها كما هو الحال في أوروبا.عقبات نسائية
وأكّدت أنغام أشرف، عضوة في الوايت نايتس وإحدى مؤسسات رابطة "زمالك جيرل"، أن حبها لناديها هو ما دفعها إلى التواجد بشكل دائم في المدرجات، موضحة أن فكرة تأسيس الرابطة النسائية جاءت بعدما شاهدت في المدرجات تزايد عدد النساء اللواتي لا يعرف بعضهن بعضاً، فطرأت على رأسها فكرة توحيد هؤلاء النساء في المدرج عبر إنشاء رابطة نسائية تضمهنّ. وقالت: كثيرات من النساء انتقدنني وكثيرات منهنّ قمن بتوجيه السباب لي عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعدد آخر قام بالسخرية مني، ولكني لم أنتبه إلى مثل هذا النقد الهدام ومضيت في طريقي للوصول إلى ما أريد، وهو أن أرى رابطة نسائية مثل الوايت نايتس وأولتراس أهلاوي تتواجد في المدرجات. وأشارت إلى أن أكثر الصعوبات التي واجهتها عند تأسيس الرابطة، هو أن البنات لا يساعدن مثل الشباب، "وهو ما يجعل كثيراً من الأمور التي أسعى إلى تنفيذها تبدو صعبة بعض الشيء، كما أن كثيراً من البنات يسعى إلى إنشاء روابط نسائية، مما يجعل تنظيم أو توحيد الصف أمراً صعباً".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...