في فضاء الواقع الافتراضي، تومض بين الحين والآخر «نفحة طيبة» يمررها أحدهم إلى إخوانه من رواد الشبكة الاجتماعية على الويب كنصائح وفنون التعامل مع الحشيش، بدءاً من مراحل الشراء، حتى تهيئة جلسات التدخين. ويتشارك "أصحاب المزاج" في ما بينهم مجتمعاً مفتوحاً لانضمام المزيد دائماً، في ما يشبه أخوية الحشيش والدخان.
يمثل هذا التقرير تذكرة سفر لجولة في عالم الأخوية. «ثورة الحشيش» واحدة من الصفحات التي تجمع أصحاب المزاج من رواد موقع فيسبوك. يتشاركون في هذه الصفحة خبرتهم مع الكيف، ومواقفهم المضحكة والصعبة والمبكية أحياناً. ويتداولون ما يدعم وجود قاعدة جماهيرية تطالب بتقنين المخدر الذائع الصيت.
الكيف رتب
الانعتاق من أسر التوتر والإيقاع السريع والهموم، هو ما ينشده الكثيرون. ولعل هذا أحد أسباب طلب السلام النفسي ولحظات من الاتساق مع الذات والتصالح مع العالم، من نبتة «الحب والسلام». وعلى الرغم من ذلك، فالمحاذير كثيرة، والسرية ضرورية، والقوانين لطيفة لكنها نافذة، والآخذ برأي الخبير مطلوب. وكثيراً ما ينصاع متعاطي الحشيش للأكثر خبرة، أي «الكييف»، الذي يقود الرحلة إلى «فوق السحاب»، محصناً بمقولات بلاغية، على نهج الفنان محمود عبد العزيز في فيلم الكيف، أحد أشهر الأفلام السينمائية التي أفردت للحشيش مساحة خاصة في السينما."من رل أشعل"
وفقاً لهذا القانون، يصبح من حق الذي قام بتجهيز مراحل لف سيجارة الحشيش، أو تهيئة الأرجيلة «الشيشة»، أن يبدأ بإشعال السيجارة أو تدخين الأرجيلة أولاً."الجرانتي"... طوارىء ما بعد الإشعال
من مبدأ "الصانع أدرى بصنعته"، فإن على أي شخص من «شلة المزاج»، أن يعود إلى من قام بلف السيجارة، في حال حدوث أي أزمة تخص كفاءتها. كما هو الحال إذا انفرطت السيجارة بسبب ضعف اللاصق مثلاً."حتى لا يطير الدخان" تجنب الآتي
المتعة قرينة المخاطرة، وما من مخاطرة أكبر من إفساد المتعة وإيقاعها، أو «الفصلان»، التعبير الشائع عن الخروج المزعج من رحلة الشخص إلى ما يخبئه من سحري، في عالم كل منهم، فـ«للوصول أصول»..."الحشيش اقتصاد دولة... إذا وقع وقعت الدولة" من المنشورات التي تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي في مصر
جولة في عالم أخويات الحشيش على وسائل التواصل الاجتماعي في مصروللاستمتاع بـ«رحلة فوق السحاب»، وعد مدير «ثورة الحشيش»، متابعي الصفحة، بمنشور مهم لعدم إفساد المتعة. وفي تقديمه لألبوم مصور، عنوانه «شفرات الحشيش وحلول بعض المشاكل»، فيه عدة محاذير قد تذهب بالانتشاء بعيداً، قال: «حرصاً على سلامتكم، وعلى أن تكون الدماغ فوق السحاب وتعدي الغلاف إلى الفضاء.. عملنا لكم الموضوع ده».
الجوع الشديد
يمثل محوراً في أدبيات الحشاشين، فتدور حوله الكثير من المواقف، ما جعل «ثورة الحشيش» تبدأ تعاليمها من تلك النقطة: الشعور بالجوع الشديد بعد «الاصطباحة». ويوضح أن ذلك يرجع لاحتراق السكر الموجود في الدم، ولكن الأكل بعد تدخين الحشيش، يذهب بحالة الانتشاء بينما تأتي بالنوم على أحسن صورة. لذلك من الأفضل حسب الصفحة، أن يسبق الطعام، تدخين الحشيش، مع الحرص على وجود حلوى أثناء «الاصطباحة».فقدان الشهية والأمل في الحشيش
وفي أحاديثم عن الحشيش، يتضح للكثير من متابعي الصفحة، وغيرهم أيضاً، أنهم يعانون أحياناً للحصول على الأثر المرجو من الدخان، وذلك بعد فترة من المداومة المنتظمة تقريباً على تدخين الحشيش. وهو سبب تلك المشكلة، بحسب ألبوم الصفحة، الذي ينصح بضرورة استراحة المحارب، والامتناع عنه فترة مناسبة. «لأن الحشيش مش إدمان وتقدر تبعد عنه زي ما انت عايز».قواعد الحشيش الأربعون
«القواعد الأكثر صرامة وسط كل القواعد.. قواعد الحشيش الأربعون». هكذا ختم محمد عيد، بحزم لا يخلو من المزاح، ما كتبه على حسابه الشخصي، عن قواعد أربعين، انسجاماً مع موضة القواعد الـ40 لأمور عديدة، بعد رواج رواية قواعد العشق الأربعون. لكن عيد قرر بناء قواعد خاصة لمحبي نبتة «الحب والسلام»."عين تشوف... إيد تعاين"
وتبدأ تدوينة عيد مع القواعد الخاصة بشراء الحشيش، التي يذكر فيها مبدأ الشراء الأساسي في الأدبيات «عين تشوف إيد تعاين». أي فحص قطعة الحشيش، وعدم الانسياق وراء «الديلر»، إذا أخبر المشتري أنه سوف يذهب لقضاء حاجته بعد أن يستلم ثمنها."الاحتياط واجب"
يوضح عيد أنه إذا قام الديلر بحركة «شبه بهلوانية»، ووضع الحشيش في كف المشتري أثناء المصافحة بالأيدي، يجب أن تفحصها باليد «تعاينها»، من دون إظهارها على الملأ."ويفوز باللذات كل مغامر"
«ماتديلوش رهبته»... مبدأ آخر يرتكز عليه عيد، ويحذر من يرغب في التعاطي بالرهبة من التأثير، والخوف من عدم الاتزان. ويشرح أن الحل بسيط «أنت مش بتشرب عشان بتتخانق». مؤكداً أنه لا يجب التفكير في عدم الاتزان كثيراً، والأهم، معرفة الوقت المناسب للتوقف حتى لا تتعقد الأمور."اعرف تمامك فين واقف قبله"
تعد تلك المقولة الأكثر شيوعاً في أدبيات أخوية الحشيش، وهي ترتبط بالقاعدة السابقة، فينصح بعدم الخجل من التوقف إذا كان الاستمرار سبباً في الخروج من الحالة، أو تدخين المزيد لإثبات القدرة الكبيرة على التعاطي.الحشيش والخمور، صراع الماء والهواء
المقارنة بين الحشيش والخمر، حاضرة دائماً في الواقع الافتراضي، ويصل الأمر أحياناً إلى الصراع على إثبات رقي مزاج من آخر. يدحض عناصر المعسكر الأول أي تشبيه لأضرار الخمر بأضرار الحشيش، أو حتى التقريب بينهما. وهذا ما تمسك به الأديب المصري نجيب محفوظ، في «ثرثرة فوق النيل»، التي جسدت جلسات الحشيش، في التساؤل عن سبب تجريم الحشيش، بينما يتم تداول الخمور دون أي عقوبة. ووجه المقارنة أن أضرار الحشيش لا تتخطى أضرار السجائر، لأن تأثيره يرجع لاحتراق الكثير من السكريات في الدم، ثم الشعور بشيء من عدم الاتزان، فيتحرر الذهن من رتابة الإيقاع أو توتره، ويدخل الإنسان في حالة مزاجية سعيدة، ويسهل تعويض المحترق بتناول الحلوى أو الطعام عامة.دخان سياسي وصنف مناضل
حين فاجأ رئيس رابطة السجائر والدخان في الغرفة التجارية المصرية، الرأي العام، بفتح الحديث عن تقنين الحشيش، لأبعاد اقتصادية بحتة، انقسمت شبكات التواصل الاجتماعي إلى مرحب ومصدوم ومعارض ومؤيد ومناضل في سبيل التقنين. واستثمر الإعلام المصري «فرقعة» التصريح. فبدأ يتابع ردة الفعل محاولاً توجيهها إلى رفض الفكرة. ويتضح ذلك في مناقشة الإعلامي وائل الإبراشي للموضوع في برنامجه العاشرة مساءً، على سبيل المثال، وردود أفعال بعض الفنانين والسياسيين الذين رحبوا بمناقشة تقنين الحشيش، مع نفي تعاطيه.وشاع على وسائل التواصل الاجتماعي في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير، أن أحد أسباب مشاركة بعض فئات المجتمع البعيدة عن الحراك السياسي في الثورة، كان اختفاء الحشيش، بعد أن قطعت حكومة مبارك الأخيرة، الطريق على منابع الحشيش ومنعت تداوله. فصار الأخوة على الشبكة، على قناعة بالرسالة التي يحذرون فيها السلطات المصرية، من اختفاء الحشيش مرة أخرى، وتشارك الكثيرون أحد المنشورات التي تقول «فيه مخدرات مافيش ثورة.. شحت المخدرات فيه ثورة.. الحشيش اقتصاد دولة.. إذا وقع وقعت الدولة».
بوب مارلي حاضر بقوة
بابتسامته الهادئة، وسيجارته الضخمة الملفوفة بعناية، يظهر وجه بوب مارلي، نجم موسيقى الريجي الأمريكي، كأيقونة للحشيش ومحبيه. شاع عن مارلي ولعه بتعاطي الحشيش، والأنواع المختلفة من الماريجوانا وغيرها من المخدرات واحتفى أعضاء المنتديات والصفحات التي تجمع محبي الحشيش، بإطلاق أسرة المطرب الجامايكي الراحل، اسم Marley Natural أو «مارلي الطبيعي»، عام 2015 على بعض منتجات وأنواع الحشيش والماريجوانا الفاخرة، بعد تقنينها، والسماح ببيعها بشكل رسمي. في حياته أفرد مارلي، ألبوماً خاصاً للماريجوانا، أطلق عليه «كايا»، وهو الاسم الجامايكي للنبتة المخدرة. غير أن صوره لا تزال تتصدر منتجات أخرى ذات علاقة بـ«الكيف».رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومينحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 3 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين