يعتبر غوارديولا أحد أهم رموز كرة القدم الحديثة الممتعة، بفضل ما قدمه لناديه الأم "برشلونة". فبعد توليه تدريب الفريق الأول في النادي عام 2008، فاجأ بيب العالم بأسلوب كروي ممتع، ليُحيي ذكريات الكرة الهولندية الشاملة التي طبقها فان باستن وكرويف. وكان كرويف الأب الروحي لغوارديولا، خصوصاً بعد أن ساهم في اكتشاف موهبته كلاعب في "برشلونة".
أطلقت دار "أطلس" للنشر النسخة العربية من كتاب "الموسم الأول لغوارديولا مع بايرن ميونيخ" Pep Confidential: The Inside Story of Pep Guardiola’s first season at Bayern Munich، الذي كتبه الصحافي الإسباني مارتي بيرارناو Martí Perarnau، بعد أن رافق المدرب الإسباني الشهير كظله في أول موسم من رحلته مع ناديه الحالي. علماً أن الكتاب نُشر للمرة الأولى باللغة الإسبانية عام 2014، قبل طباعته باللغتين الإنجليزية والألمانية.
التجربة التي قام بها الصحافي الإسباني لم تقم فقط بكشف أسرار من خبايا موسم الفريق الألماني، بل قدمت دراسة حقيقية لما يعانيه مدرب مهووس بكرة القدم على حد تعبير الكاتب، يسعى إلى إيصال فريقه إلى قمة المجد الكروي، رغم الضغوط الإعلامية الهائلة التي ترافق الأندية الكبيرة، وحافز الجماهير للفوز بكل البطولات. إضافة إلى ما تخلقه ظروف اللعبة من تغييرات طارئة، بسبب إصابة بعض اللاعبين وانخفاض مردود آخرين، وكيفية تعامل المدرب مع هذه الظروف.
وتعتبر قصة "بيب" مع "بايرن ميونيخ" من أكثر القضايا التي تشغل أوراق الصحف الرياضية العالمية بأصغر تفاصيلها، نظراً للشعبية الكبيرة التي يتمتع بها النادي المنحدر من إقليم بافاريا. إضافة إلى السمعة الكروية الرائعة التي حظي بها بيب بعد رحلته المثيرة في "برشلونة"، عدا كونه يمثل نموذجاً للمدرب الشاب الذي يعمل بحماس استثنائي مع فريقه، ويهتم بأدق التفاصيل.
تحويل حكاية غوارديولا إلى اللغة العربية جاء لما حمله الكتاب من قيم مميزة مرتبطة بالتعب وتحمل الضغط والوصول للنجاح، بحسب الناشرة في دار "أطلس دمشق-بيروت" سمر حدّاد. وأضافت حداد: "تبنينا هذا المشروع الرياضي لإيماننا أن كرة القدم لطالما وحّدت الشعوب، وهي تُعتبر من أدوات فض النزاعات، فهي تمثّل ثقافة كاملة، وحين نرى المشجع الذي يأتي إلى الملعب نفسه كل أسبوع ليغني النشيد الذي حفظه من طفولته، يمكننا أن نفهم هذه الثقافة".
وعن إمكانية استقبال الشارع العربي لكتاب رياضي، أوضحت حدّاد: "هذا هو التحدي الذي ننتظره الآن، لذا لم نقم مبدئياً بطباعة أكثر من ألف نسخة، رغم وصول عدد النسخ المطبوعة باللغة الإنجليزية إلى 15 ألف نسخة. نريد أن نرى إن كان الشارع الرياضي يتابع فقط ليعرف من فاز ومن خسر، أو أنه يهتم فعلاً بمعرفة خبايا الفرق والمباريات وكيف تغيرت نتائجها؟".
تصوير بيرارناو لشخصية غوارديولا قدم مقاربة حقيقية لظاهر المدرب، إذ لا يصعب على أي متابع لكرة القدم أن يتحدث عن جنون غوارديولا، وتعلقه باللعبة، وهذا يبدو واضحاً من خلال تحركاته على جانب الملعب في كل مباراة لفريقه، وطريقة احتفاله أو تحسره عند تعرضه لأي هزيمة. لكن، على عكس المتعارف عليه بالنسبة إلى الجمهور الرياضي، يستغل بيرارناو قربه من المدرب ليحصل على شرح كافٍ حول ما ينسبه المدرب لنفسه من كره لأسلوب اللعب المعروف باسم "تيكي تاكا"، المرتبط بالاستحواذ على الكرة بشكل مفرط، ليشرح بيب الفوارق بين أسلوبه وبين الـ"تيكي تاكا".
ركز الكتاب على الصعوبات التي واجهت غوارديولا لتطبيق فكره الكروي بفريقه في ظل الاختلاف الكبير في الثقافات والتقاليد بين كرة "برشلونة" والكرة الألمانية، لكنه في الوقت نفسه يشرح الإيجابيات التي جعلت من مهمة غوارديولا أكثر تنظيماً، مقارنة مع ما عاشه في ناديه الأم في آخر موسمين من رحلته التدريبية، التي استمرت هناك أربعة مواسم، ليشرح الكاتب الأسباب التي دفعت غوارديولا للرحيل عن وطنه كي يبحث عن تجربة خارجية.
كما يشرح الكتاب الصعوبات التي عانى منها المدرّب الإسباني لإدخال فلسفته الصعبة إلى عقول وأقدام لاعبيه، وهو ما أظهر أمام المدرب اختلاف البيئة التي انحدر منها كل لاعب، وتأثير ذلك على قدرة استيعابه للتغيير الجديد، إذ يضع الكاتب مقارنة تُظهر صعوبة إيصال معلومة تكتيكية للاعب الفرنسي فرانك ريبيري، مقابل سهولة إيصالها ومناقشتها مع قائد منتخب ألمانيا سابقاً فيليب لام، نظراً لاختلاف بيئة نشأة كل لاعب.
خلال الموسم، يدخل بيرارناو بتفاصيل جميع المتغيرات التي يتعرض لها المدرب، وينقل قلق غوارديولا في مناسبات كان فيها فريقه يحقق الفوز من دون إقناع، وصولاً إلى ما وصفه غوارديولا بخيانة مبادئه في مباراة ألحقت العار بفريقه وتسببت بضياع اللقب الأوروبي.
وفي الصفحات الأخيرة يتحدث الكاتب عن كيفية مقاومة المدرب للإحباط الذي تعرض له، ليعود ويرتب أفكاره من جديد، ويبتدع طريقة تساعد فريقه على تجاوز أبرز خصومه المحليين "بوروسيا دورتموند"، للاحتفال بالثنائية المحلية مع فوزه بلقبي الدوري والكأس في ألمانيا.
شارك مؤلف الكتاب مارتي بيرارناو في مسابقة الوثب العالي في الألعاب الأولمبية عام 1980، وعدا كونه رياضياً سابقاً، بدأ بيرارناو عمله في الصحافة منذ 42 عاماً. إلى جانب الشهرة الكبيرة التي حصدها من خلال عمله في العديد من الصحف والقنوات الإسبانية خلال مسيرته الطويلة، أطلق كتابه الأول "مسار الأبطال" عام 2011، عن رحلة التطور التاريخية والصعبة لفريق كرة القدم في أحد أشهر الأندية الرياضية في العالم، برشلونة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ يومحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 4 أيامtester.whitebeard@gmail.com