"سلام" عملي مع إسرائيل أم خيانة وتواطؤ مع العدو؟ سؤال يطرح في وسائل الإعلام والمنابر العربية، منذ أن وقّعت المملكة الأردنية معاهدة السلام مع إسرائيل في يوليو عام 1994. عادت اليوم الأسئلة جميعها إلى الواجهة، بعد خطوة جريئة هي الأولى من نوعها تصادق عليها حكومتا الطرفين، أدت إلى الاحتكاك المباشر بين الأردنيين والإسرائيليين.
مشروع جديد مشترك، بوشر العمل به منذ أشهر. بدأت القصة منذ أن وافق وزير الداخلية الإسرائيلي في يوليو العام الماضي على منح تأشيرات دخول مؤقتة ويومية لـ1500 عامل أردني من العقبة، إلى الأراضي الاسرائيلية، والعمل كمستخدمين في القطاع السياحي، في فنادق ومطاعم مدينة إيلات، الواقعة على البحر الأحمر والمحاذية لمدينة العقبة، جنوب الأردن، على الطرف الآخر لإسرائيل.
في تحقيق لصحيفة Washington post نشر في نسختها الإلكترونية في 17 مايو، أجري في مدينة إيلات، باشر 700 عامل عملهم منذ أشهر. وتذكر الصحيفة أنها قابلت عدداً كبيراً منهم لمعرفة كيف يجري التطبيق العملي للمشروع، وما هي المخاوف والحيثيات التي قد تنتج عن خطة كهذه.
أعوام لأجل خطوة واحدة
يقول المدير العام لاتحاد فنادق إيلات "شبتاي شاي" إن الأمر لم يكن سهلاً، بل كانت مهمة شبه مستحيلة، وتطلب الموافقة التي حصلوا عليها لإدخال الأردنيين ثلاث سنوات من المفاوضات مع 10 وزارات إسرائيلية. إذ كان الإسرائيليون يتخوّفون من إدخال المياومين الأردنيين للعمل في إسرائيل، بسبب "الإرهاب" وغيره من المشاكل التي تصاحب "العرب". لكن شاي يوضح أن نقصاً حقيقياً في اليد العاملة يتعرض له القطاع السياحي، ويقول: "الأردنيون بحاجة إلى العمل، ونحن بحاجة إلى العمال"، خصوصاً أن الاسرائيليين اليوم، لا يقبلون القيام بأعمال الخدمة في الفنادق والمطاعم، بعد الآن. وإذا قبلوا ذلك فإنهم لا يرضون بالأجور التي يرضى بها الأردنيون.الجانب الأردني: واقعية أم خيانة؟
من جهتها، ترحب المملكة بهذا التعاون الجديد، الذي يوفر فرصة عمل لمجموعة من الشباب الأردنيين الذين لا يحصلون على أجور جيدة في العقبة، أو حتى في عمّان. وفي اجتماع محافظ العقبة ورئيس بلدية ايلات، تم الاتفاق على أن العمال لا يدفعون رسوم الدخول لإسرائيل على الحدود، لأن عبورهم سيكون يومياً، بحسب خبر أوردته الصفحة العربية لموقع وزارة الخارجية الإسرائيلية. وأشار الخبر إلى أن مشاريع اقتصادية عدة يتم التحضير لها بين الجانبين، قد تكون بداية تعاون اقتصادي حقيقي، وفرص عمل كبيرة لآلاف من الفلسطينيين والأردنيين. في الوقت نفسه، تم الإعلان في بداية الأسبوع عن مشروع إسرائيلي أردني ضخم، بعنوان "قناة البحار". وهو مدعوم من الولايات المتحدة، يتقدم على مناقصته مئة من أكبر شركات العالم، ويهدف لإنتاج المياه المحلاة للأردن وإسرائيل، واستقرار مستوى مياه البحر الميت. أما العمال الأردنيون الذين بدأوا بالعمل في إسرائيل، فيوافق معظمهم على أن الأمر لا يتعلق بشيء آخر غير الأجور. فهم لا يحصلون على أجور يمكنهم من خلالها بناء مستقبل في الأردن، بينما تساعدهم 700-800 دولار أميركي صافية كل شهر، لتوفير بعض المال، وبداية حياة أفضل. لكن الانتقادات التي وجهت لهم على مواقع التواصل الاجتماعي من بعض الأردنيين والعرب اتهمتهم بالخيانة والعمالة لإسرائيل. في المقابل، تؤكد إحدى العاملات، وهي من بين نساء قليلات يعملن في إيلات الآن، أن أصدقاءها الأردنيين يملكون عقولاً منفتحة، وعندما عرفوا بإقبالها على العمل في إسرائيل لم يأبهوا لذلك.الطبقية على السلم
الترحيب الكبير بالخطوة الذي أبدته الجهات الأردنية، أو الإسرائيلية، أو حتى الأميركية، تضمن بعض الرسائل العنصرية غير المباشرة. إذ تتكرر الإشارة إلى أن الأردنيين يأخذون الآن الأعمال التي لا يقبل الإسرائيليون القيام بها. لكن الخطاب العنصري والفوقي لا ينتهي هنا، بل يصل إلى عمال القارة الإفريقية. إذ تم الاتفاق بين الحكومة الإسرائيلية وبلدية إيلات، على طرد عامل إفريقي مقابل كل أردني يجري تشغيله في المدينة، التي ينتعش موسمها السياحي في يوليو وأغسطس، في محاولة لتقليص عدد العمال الإفريقيين في إسرائيل واستبدالهم بالعمال العرب.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين