"نحن مبدعون اجتماعيون ولسنا جمعية خيرية ولا منظمة غير حكومية أو غير ربحية... لا نستخدم هذه التعريفات بل نحن شركة بكل معنى الكلمة. نقوم بفعل الخير، ونبحث عن وسائل مبتكرة لمعالجة قضايا إنسانية واجتماعية". هكذا يصف المؤسس الشريك جوني "ذي سايمنس بروجكت" The Sameness Project.
تريد الشركة تحويل القضايا الاجتماعية السلبية إلى قضايا إيجابية من خلال حلول مبتكرة في دبي، لا سيما أن كل القضايا المتعلقة بالعمل والطبقات الاجتماعية والانقسامات بين الوافدين بحسب الجنسية، تشكلّ قلب المجتمع.
ولدت الفكرة مع لينا نحاس، المؤسسة الشريكة الفلسطينية الأصل التي ولدت ونشأت في الإمارات، حين زارت فلسطين عام 2008 والتقت بأمّ إسرائيلية وطفلها.
يقول جوني: "على الرغم من التاريخ والظروف السياسية، لم تكن تحتمل فكرة أن يصيب هذه الأم وطفلها أي مكروه لأننا جميعنا بشر. عند عودتها أرادت أن تساهم في مشروع مختلف عن المعهود". لكن الفكرة لم تولد إلا بعد لقائها بطريق المصادفة جوني وزوجته، اللذين كانا في زيارة إلى دبي من نيوزيلندا. فشاركتهما في فكرتها عن إنشاء مؤسسة تركز على توحيد البشر من دون أن تكون الفكرة فضفاضة أو مبتذلة.
فكان مشروع "ذي سامنيس بروجكت"، الذي حمل هذا الاسم لوصف التماثل والابتعاد عن مصطلحات معينة، كالمساواة والمساعدات والتعاون. ويضيف جوني: "حين بدأنا المشروع أنا ولينا وزوجتي، كنّا متحمسين ولم نكن مهنيين. أحببت فكرة التماثل التي تعكس أنه بغض النظر عن عرقك أو ثقافتك أو دينك أو طبقتك الاجتماعية، في النهاية نحن بشر ويجب أن نتّحد. وتتخذ هذه الفكرة معنى أكبر في دبي التي تتسم بالتعددية".
أمضى الفريق عامه الأول في التفكير بالمشروع والتخطيط له، ولنشاطاته، وإيجاد طريقة للتعريف عما يقوم به وما لا يقوم به.
ويوضح جوني: "المنظمات غير الحكومية لديها الكثير من الدلالات الضمنية، في حين أننا نريد أن تكون شركتنا مستدامة ولا نعمل مجاناً. أما مفهوم الجمعية الخيرية فهو يعتمد على فكرة إعطاء الأغنياء للفقراء، أي أنها علاقة مانح ومتلق. لكننا نريد أكثر من ذلك، نريد أن نخلق تفاعلاً بين الأفراد".
يهتم المشروع بشكل خاص بالعمال وسائقي الأجرة وعاملات المنازل. يريد "مشروع التماثل" أن يربط بين مختلف فئات المجتمع في دبي، وتقديم فرصة لكل من يعيش فيها بأن يتفاعل ويساعد الآخرين بطريقة مبتكرة. لذلك، أطلق فريق العمل 9 مشاريع على مدار السنوات اختلفت أشكالها.
نحن سندك We've got your back
يقول جوني: "استقل أحد مدربي اللياقة البدنية سيارة أجرة ولاحظ أن السائق يعاني من آلام في ظهره. فأوقف السيارة وعلّمه بعض تمارين التمدد Stretching. فحضر إلينا وسألنا كيف يمكننا مساعدة سائقي سيارات الأجرة الذين يجلسون في سياراتهم 12 ساعة. فصممنا كُتيباً لهذه التمارين، وتوجّهنا إلى المقاهي حيث يلتقون، وتحدثنا معهم وعلّمناهم هذه التمارين". بعد هذا المشروع تعاونت هيئة الطرقات والمواصلات في دبي معهم ودعتهم للقيام بورش العمل في مقرها. فطوروا الفكرة لتطال أيضاً العمال، الذين التقوهم في أماكن عملهم.إعادة تشغيل الفن Restart the ART
كان هدف هذا المشروع التفاعل بين عمال وفنانين لتحويل حافلات العمال إلى أعمال فنية متنقلة. ويشرح جوني المشروع: "اخترنا 44 عاملاً و44 فناناً وطلبنا منهم ابتكار أعمال فنية، بالإجابة على بضعة أسئلة: ما الذي يسعدهم؟ يحزنهم؟ وما هي أحلامهم؟ ثم جمعنا أعمال الفنانين والعمال معاً وتحولت الحافلات إلى أعمال فنية رائعة". لكن كثيرين انتقدوا المشروع متسائلين: ما الهدف من تحويل حافلات العمال إلى قطعة فنية متنقلة، في حين أنها لا تتضمن حتى مكيفات؟ فيجيب جوني: "لم يكن المشروع حول المكيفات، بل أردنا أن يرى الناس العمال على أنهم أكثر من مجرد عمال، وأن يتواصلوا معهم ويكتشفوا أنهم أفراد لديهم أحلام وآمال وعائلات. أردنا أن نخبر قصتهم على طريقتنا".المياه للعمّال Water for workers
يهدف هذا المشروع إلى التفاعل مع العمال أو أي شخص يعمل في الخارج، حين ترتفع الحرارة، وشكرهم على كل ما يفعلونه. يقول جوني إن هذا المشروع بدأ مع حفنة من الأصدقاء يوزّعون 30 إلى 40 زجاجة مياه، وتحوّل إلى أكبر مشاريعهم. يوزّع مئات الأفراد اليوم أكثر من 10 آلاف زجاجة مياه. يضيف: "نعلن على موقعنا وحساباتنا على شبكات التواصل الاجتماعي أننا نجتمع في مدرسة ما، نشرح لهم المشروع ليختاروا المنطقة التي يريدون توزيع المياه فيها، ثم نتفرق ثم نلتقي على شبكات التواصل الاجتماعي ونخبر تجاربنا".أحذية وقصص Soles & Stories
نظم هذا المشروع بالتعاون مع أحذية Toms، في دبي مع 9 عاملات منازل للمرة الأولى، وفي الأردن مع 8 عاملات منازل. وفكرته هي منح هؤلاء النساء الأحذية، لتحويلها إلى قطع فنية، وتسجيل قصصهنّ ثم تنظيم معرض لأعمالهن وبيعها في مزاد علني. وتعود كل الأموال التي تم جمعها إليهن. يقول جوني: "كانت النساء متوترات في البداية لكن النتيجة كانت رائعة، ومعظمهنّ أرسلن أموالهن إلى عائلاتهن في الفيليبين". ويضيف: "أفضل ما في المشروع، أننا خلقنا علاقة مختلفة بين عاملات المنزل والعائلات المشغلة. فاكتشفت العائلات قصصاً لم تكن تعرفها، عن شخص يعيش معها في المنزل". إحدى السيدات المشاركات طلبت إلى مكتب التوظيف تغيير شروط العمل الصارمة، مثل تذكرة سفر واحدة كل عامين. ويعتبر جوني أن هذا المشروع شكل وسيلة مبتكرة وسهلة لكسر الحواجز وخلق علاقات جيدة بين عاملات المنازل والمشغلين. لا يكتفي "ذي سايمنس بروجكت" بتغيير المعادلة للطبقة العاملة فقط، بل أيضاً لأفراد المجتمع الآخرين. فمشروع One+One امتد على ثلاثة أسابيع وجمع تلاميذ بأولاد من ذوي الحاجات الخاصة، ليكتشفوا أن جميعهم متشابهون. أما مشروع "اعرف جارك" Know the neighbor، فيهدف الى إلغاء الجدران التي تفرق بين الجيران، ليتعارفوا ويلتقوا إلى مأدبة عشاء. ومشروع "كرسي المحادثات" The Conversation chair مماثل، إذ يريد لأشخاص لا يعرف بعضهم بعضاً وأن يلتقوا ويتحدثوا عن مختلف الأمور. مشاريع متنوعة تُحاكي كل الأفراد، ليجد كل منهم ما يناسبه ليشارك في تغيير المجتمع، وتحسين حياة الآخرين في دبي، رغم صعوبات التمويل والاستدامة المالية التي يواجهها المشروع، خصوصاً أن الشركة لا تستطيع قبول الهبات المالية أو المساعدات، بل تعتمد على شركائها، أو على البحث الدائم على سبل لجني الأموال على غرار The empathy pack. تبقى الخطة بالنسبة لجوني "السعي إلى القيام بتغيير إيجابي من دون أن نكون سلبيين أو متشائمين. والسعي إلى نقل هذه المشاريع إلى دول أخرى لأنها تصلح في أي مكان".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 10 ساعاتكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 4 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...