تقول القاعدة "إن كنت زائراً لتونس ولم تقم بجولة في مدينتها العتيقة فزيارتك منقوصة". إذ تعتبر المدينة العتيقة في العاصمة التونسية من أبرز الوجهات السياحية في تونس وشمال إفريقيا. مثلت شهادة حية لحضارات تعاقبت على تونس، وحافظت على تراث إنساني فريد ومتنوع، ليتم تصنيفها سنة 1979 ضمن لائحة مواقع التراث العالمي لليونسكو.
تأسست مدينة تونس العتيقة سنة 698، حول جامع الزيتونة الذي يمثل نواتها الرئيسية. وتتميز بثراء عمارتها وتنوع عناصرها. وتعدّ القصور أو الدور، من أبرز المعالم التاريخية في المدينة، لما تميزت به من خصوصية في التصميم وجمالية الزخارف وأصالة الفن المعماري.
دار الأصرم
أنشأت دار الأصرم في أوائل القرن التاسع عشر، وتحولت بعد استقلال البلاد إلى مقر جمعية صيانة مدينة تونس ونادي الطاهر الحداد. تعتبر الدار من أهم معالم المدينة العتيقة، وتتكون من منزل رئيسي، كانت تقيم فيه العائلة المالكة. وله طابق علوي مخصص للضّيوف أو ما يعرف بـ"علي الضياف"، ومسكن ثانوي وعدد من المخازن. أول ما يلاحظه الزائر لدار الأصرم، الزخارف المتنوعة التي تغطي الجدران المستوحاة من الأنماط الأندلسية والعثمانية والإيطالية، والرخام الأبيض الذي يغطي الأرضية. ويعزل فناء الدار الرئيسي عن الفضاء الخارجي ثلاث سقائف متتالية، تنتهي بالزائر إلى القاعة الاحتفالية التي تؤثثها 3 مخادع متقابلة، ولوحات فنية تقدم لمحة عن تمازج الزخرف المحلي والأندلسي، وأسقف خشبية مزجت بين النمطين التونسي والإيطالي. أما طابق الضيوف، فيتميز بجدرانه المكسوة بقطع خزفية صغيرة متناسقة الألوان.دار بن عبدالله
حين تأخذك قدماك إلى الحي الجنوبي لمدينة تونس العتيقة، ستجد نفسك أمام قصر مثّل بمفرده مدينة صغيرة منغلقة على نفسها حول ساحة صغيرة. دار بن عبد الله، التي تعود إلى القرن الثامن عشر، تحولت إلى متحف للفنون والتقاليد الشعبية. وتكفي جولة واحدة داخله، خصوصاً في الغرف والطابق السفلي، لأخذ فكرة عن حياة البورجوازيين الذين سكنوا المدينة العتيقة في القرن التاسع عشر. يتميز القصر بزخارفه الفريدة، فهي مزيج من النمطين الأندلسي والمقلد الإيطالي، كما يغطي المرمر الأبيض أرضية القصر وإطارات الأبواب والنوافذ والتيجان. أما أجزاء القصر فهي ذات طابع كلاسيكي، إذ يفتح المدخل على ساحة، تليها سقيفتان، ثم الصحن الذي تحيط به الغرف التي تتخذ شكل T. لكل غرفة مقصورتان وقبو، وتجسد المعروضات داخل الغرف الحياة السابقة بكل تفاصيلها. أما ملاحق القصر، فمخصصة لعرض المنتجات التقليدية في المناسبات الخاصة.دار المدينة
تقع دار المدينة في نهج سيدي بن عروس في قلب المدينة العتيقة وقرب جامع الزيتونة. وهي مدرجة ضمن لائحة التراث العالمي منذ عام 1979. لفندق دار المدينة ميزة خاصة، يشعر الزائر وكأنه في بيته بعد أن تم إلغاء السقيفة، وتقسيم الدار بطريقة مميزة. وكبعض القصور الأخرى، أُثثت غرفة المعيشة بمخدع زوجي يقدم لمحة عن حياة العائلة التي سكنت الدار، وتتميز الغرفة بإفريزها الجصّي المنحوت وبسقفها الخشبي الملون. وقد تحول مطبخ الدار إلى مقهى مغاربي أشبه بالاستراحة الصغيرة، يحضر فيه الديكور المحلي. أما غرفة الأكل فتتميز بأقبيتها الطوبية وجدرانها الحجرية، وتنتهي الدار في أعلاها بغرف الضيوف وعددها 12، تتمحور حول الفناء، وتمثل كل غرفة شقة مستقلة بذاتها تنفرد بتصميمها التقليدي وبالأقمشة المستعملة للزينة، وبأقواسها ونوافذها المطلة على المدينة.دار باش حامبة
كانت تسكن هذا القصر عائلة من أصول تركية، وتحول إلى متحف ثقافي، وأصبح يحمل اسم "المركز الثقافي للمتوسط". تقدم دار باش حامبة للزائرين معروضات من الأزياء التقليدية، وقطعاً طينية وخزفية متنوعة، جُمعت من مختلف مناطق البحر الأبيض المتوسط، لتصبح الدار نقطة التقاء رمزية بين مختلف الثقافات المتوسطية. وكغيره من القصور، يتميز بلمسات معمارية - فنية رائعة، ويظهر ذلك في أطر الأبواب والنوافذ، والأعمدة ذات التيجان الكلاسيكية، والساحة الرئيسية التي يغطيها الرخام الأبيض، إضافة الى السقف الخشبي المميز الذي يغطي قاعة استقبال الضيوف. هذه الدار أشبه بالقطب الثقافي الصغير، فإلى جانب عراقة المكان وخصوصيات العمارة والمنتجات الفنية المعروضة، يحتضن أيضاً أنشطة وملتقيات ثقافية من رسم وشعر وأدب وندوات فكرية.دار بودربالة
تأخذ هذه الدار اسمها من لقب العائلة التي سكنتها في القرن التاسع عشر، قبل أن تتحول إلى رواق للفنون منذ عام 1984، وأصبحت تسمى "رواق المدينة". يتميز هذا القصر بمزجه بين العمارة التقليدية والعمارة الحديثة، ويظهر ذلك في اعتماد الرقبة، التي تعكس دقة وجمالية عالية بقوسيها المزدوجين، لإنارة المكان عبر نوافذ تفتح على الخارج، وهي تقنية معمارية رومانية الأصل. كما تنفرد بوجود غرف الاستحمام داخل غرف النوم، وهذا أمر غير مألوف في العمارة التقليدية. وتكفي جولة واحدة داخل القصر، للتعرف إلى فن العمارة التقليدية والحديثة، في رواق زادته اللوحات الفنية المعروضة للرسامين الشبان بعداً جمالياً.دار بن عمار
تحولت دار بن عمّار من دار للسكن إلى دار للقاءات والندوات الفكرية، إذ أصبحت "المعهد العالمي في تونس". تتميز الدار بساحتها الواسعة التي تحتوي على نافورة رخامية، ونباتات وأشجار متنوعة، أضفت على المكان جمالية طبيعية. وتحيط بالساحة قاعات المحاضرات والاجتماعات، أما الطابق العلوي فمخصص للإقامة، خصوصاً للمحاضرين الزائرين الذين بإمكانهم التمتع بحضرة الحدائق الجانبية عبر نوافذ الغرف.دار العْلي
"العلي"، مطعم ومقهى ثقافي، وهو بناية صغيرة ذات تخطيط عمودي وأقل حجماً من ديار المدينة العتيقة السابقة الذكر. بعد تجاوز بضع درجات أمام الباب الرئيسي، يجد الزائر نفسه أمام طابق أشبه بدكان صغير، يعرض منتجات حرفية تقليدية، صنعت في ورشة الدار. بعد تجاوز هذا الطابق، يجد الزائر مطعماً يقدم المأكولات التونسية في طابق سقفه ذي روافد خشبية. وعند مواصلة استكشاف المكان نحو الأعلى، ينتهي الزائر عند المقهى الثقافي، الذي يطل على شرفة تعلوها شرفة ثانية على شكل مصطبة، تقدم للزائر نظرة بانورامية للمدينة.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...