صلاح عبد السلام. يرن هذا الاسم في العالم منذ 13 نوفمبر 2015. فهو الناجي الوحيد من منفذي هجمات باريس، التي قتلت 130 شخصاً. ومع أن عبد السلام نفسه غاب عن الساحة الإعلامية فترة، عاد ليتصدر عناوين الأخبار، حين ألقي القبض عليه في اشتباك مسلح مع الشرطة البلجيكية، عندما دهمت بيتاً مشبوهاً في بروكسل 18 مارس الماضي.
منذ ذلك الحين، طالبت السلطات الفرنسية بتسليم عبد السلام فوراً، كونه المطلوب الأول، والمصدر الوحيد للحقيقة وراء ما حدث في الهجمات على العاصمة الفرنسية.
في 27 نوفمبر، نالت فرنسا مطلبها، وتسلمت عبد السلام، ونقلته بطائرة خاصة إلى باريس. جرى ذلك بعد أن مثل أمام القضاء البلجيكي، ووجهت له عدة اتهامات، أهمها المشاركة في جريمة إرهاب، ومحاولة القتل المتعمد في اشتباك مع الشرطة البلجيكية في بروكسل. وسيعاد التحقيق معه في ظروف سرية الآن، إذ وضع في سجن انفرادي، تحت حماية خاصة، ريثما ينتهي التحقيق ويحول إلى المحاكمة.
"المطلوب الأول في أوروبا"، و"الرجل الأخطر في العالم"، الشقيق الأصغر لابراهيم، الذي كان يدعى أبو القعقاع حين كان مقاتلاً مع داعش في سوريا، والذب فجّر نفسه في هجمات باريس الدامية... كل هذه تسميات لرجل واحد. إليكم كل ما نعرفه عن صلاح عبد السلام.
ولد صلاح عبد السلام، الفرنسي الجنسية من أصول مغربية، في 15 سبتمبر 1989. نشأ وعاش في ضاحية مولنبيك، التي تشتهر بسكانها العرب والمسلمين. هناك بدأ حياته شاباً عادياً، عمل ميكانيكياً في هيئة السكك الحديدية البلجيكية في بروكسل بين عامي 2009 و2011. ثم مديراً لمقهى مع أخيه، إلا أن المقهى كان بداية لعلاقته المشبوهة مع الشرطة والمحاكم، إذ تم توقيفه وإغلاق المقهى في قضية مخدرات عام 2011.
داعش والجريمة
ليل 13 نوفمبر العام الماضي، قامت مجموعة تتبع للدولة الإسلامية بمجموعة من الهجمات على عدة مواقع باريسية في التوقيت عينه، الليلة نفسها التي شوهدت فيها سيارة صلاح عبد السلام في موقع التفجير الأضخم في الهجمات عند ملعب فرنسا Stade de France. في الوقت ذاته، قام شقيق صلاح الأكبر إبراهيم بتفجير نفسه خلال الهجوم على مطعم لوكمبتوار فولتير. يعتقد أن الدور الرئيسي لصلاح كان في نقل الانتحاريين ومنفذي الهجمات بسيارته، من بلجيكا إلى فرنسا. فقد شوهد على الحدود البلجيكية الفرنسية مع صديقين مجهولين في اليوم نفسه، إلا أن ذلك لا يعد معلومات نهائية وأكيدة. وصرح أحد المسؤولين الفرنسيين عن القضية، في التحقيقات الأولية بعد اعتقاله، أن صلاح كان يلبس حزاماً ناسفاً، إلا أنه تخلى عنه في اللحظة الأخيرة، وتراجع عن تفجير نفسه. لكن العلاقة مع منفذي الجريمة تذهب أبعد من ذلك، فالرجل الذي يعتقد أنه العقل المدبر لهجمات باريس، عبد الحميد أباعود، هو صديق صلاح منذ الطفولة، وانقطعت العلاقة بينهما إلى أن التقيا في السجن في بروكسل، بعد قضية سرقة وتجارة مخدرات عام 2010. وتؤكد المعلومات الأمنية التي نشرت في باريس وبروكسل، بحسب تقرير في صحيفة التليغراف، أن أباعود، هو من جند صديقه منذ بدآ لقاءات طويلة بعد خروجهما من السجن. وكان مسؤولاً عن استقطابه إلى شبكة العلاقات مع الدولة الإسلامية، وأقنعه بالسفر إلى سوريا. كانت عائلة أباعود تشك في تصرفات ابنها وصديقه، وتأكدت الشكوك بعد وضعهما على لائحة طويلة، أقرتها الشرطة البلجيكية لمن ذهبوا للقتال في سوريا. لكن تلك المعلومات تتناقض مع حقيقة أن عبد السلام مارس حياته الطبيعية خلال خمسة أعوام كاملة بعد خروجه من السجن، قبل أن يتحول إلى منفذ هجمات إرهابية. ويشير بعض المحللين إلى أن أباعود زرع البذرة في السجن، وأكملها خارجه، إلى أن اختمرت في العام الأخير، قبل أن يتغير الأخوان عبد السلام بشكل كامل."الكيف" قبل داعش
في 8 فبراير 2015، قبل أشهر قليلة من هجمات باريس، كان صلاح وشقيقه يرقصان في ملهى ليلي في العاصمة البلجيكية، على موسيقى مغني راب فرنسي. وفي تقرير لقناة CNN الأميركية، يظهر صديقان للرجلين اعتادا التسكع معهما في شوارع بروكسل، يخبران الصحافية بشكل متخفٍ وأسماء مستعارة، كل ما يعرفانه عن آل عبد السلام. ويقولان إن تغيراً جذرياً وغريباً جداً حصل مع الشقيقين، من دون إنذارات مسبقة. وخلال أشهر قليلة تحولا من متسكعين في بروكسل، إلى شخصين يترددان على الصلاة كل جمعة. ومن متابعين لفريق ريال مدريد الإسباني، ومدخنين للحشيش، و"محبين للكيف" إلى غريبي أطوار، يبدو عليهما التغير واضحاً وملموساً. وتشير صحيفة Telegraph، في تقريرها الذي أعدته عن عبد السلام، إلى أن زوجة عبد السلام أكدت أنه كان رجلاً عادياً، يدخن الحشيش كل يوم خلال زواجهما الذي استمر عامين. لكن التغيير الكبير كان سريعاً جداً، لدرجة أن زوجته وأصدقاءه لم يتوقعوا أن ينتهي الأمر خلال أشهر قليلة جداً، إلى أن يشارك صلاح في تنفيذ هجمة إرهابية ضخمة تحتاج تخطيطاً كبيراً لهذه الدرجة. يتذكر الصديقان اللذان قاما بنفسيهما بتصوير مقاطع الفيديو للشقيقين يرقصان في ملهى ليلي، رجلين مختلفنن عما رأيا بعد الهجمات. ويقولان إن صلاح كان رجلاً مرحاً يحب الحياة، وأنيق يحب النساء، وكان شخصية محبوبة في الحانة التي كان يمتلكها الأخوان عام 2011. لكن الحانة أغلقت في قضية مخدرات، ومع أن صلاح لم يشرب أكثر من كأس أو اثنتين من الكحول، لم يمانع ذلك، إلى الأشهر القليلة قبل التفجير، بعد أن كثر تردده إلى الجامع وانقلب تماماً.محامو الهجوم والدفاع
سيقود الدفاع عن عبد السلام، محامي جرائم فرنسي معروف يدعى Frank Berton، زاره في سجنه في بلجيكا الأسبوع الماضي، مع محامي المتهم البلجيكي Sven Mary. ويقول إن هدف هيئة الدفاع عن عبد السلام أن يحاكم بالحق على الأشياء التي فعلها، إنما ليس على الأشياء التي لم يفعلها، بل تنسب إليه، بما أنه الناجي الوحيد من العملية الانتحارية. أما المحامية سامية مكتوف، التي تقف مع هيئة الادعاء، لتمثل أسر 16 من ضحايا الهجمات، فتقول إن تسليم المتهم إلى السلطات الفرنسية هو نبأ سار، وخطوة أولى لمعرفة الحقيقة، فالعائلات اليوم تريد معرفة ما حدث. وتضيف: "مع أننا لا نثق بأن عبد السلام سيقول الحقيقة، لا نزال نتحلى بالأمل".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...