تشكل الأراضي الصالحة للزراعة في أفريقيا ما يزيد على 60 % من إجمالى الأراضي الصالحة للزراعة في العالم، في حين أن معظم الدول الإفريقية لا تحقق سوى 25 % من إنتاجها الزراعي المحتمل، لذلك اصبح الاستثمار في الأراضي الزراعية الإفريقية مضمون الطلب خاصة منذ ارتفاع الأسعار العالمية للغذاء في عام 2008 على أثر الأزمة المالية العالمية وبسبب وجود طفرة في إنتاج الوقود الحيوي وتزايد الاستهلاك من اللحوم ومنتجات الألبان.
وكانت الرغبة في تحقيق الأمن الغذائي في ظل ارتفاع الطلب على الوقود الحيوي وارتفاع تكاليف الأراضي والمياه والطلب العالمي على المواد الغذائية والمحاصيل الأخرى هو ما جعل المستثمرين يحققون طفرة واضحة في شراء الأراضي الزراعية الأفريقية لزراعة المحاصيل الغذائية وغيرها من المحاصيل بغرض التصدير، ولكن ما يدق أجراس الخطر داخل القارة الإفريقية ويثير العديد من التساؤلات هو هل يبقي هذا التدافع من أجل التنمية الاقتصادية وتحقيق الأمن الغذائي لكلا الطرفين أم هو عودة للتكالب واستعمار القارة من جديد.
الأراضي الإفريقية لقمة سائغة
تأتي إثيوبيا على رأس دول افريقيا الأكثر بيعا وتأجيراً لأراضيها تليها دولة السودان، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والكاميرون، وغينيا، وزامبيا، وكينيا، وتنزانيا، وموزمبيق. ووفق منظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة "الفاو" فإن هناك 115 مليون فدان (تعني Acer) في عشر دول، هي (إثيوبيا، غانا، ومدغشقر، مالي، السودان، كينيا، تنزانيا، مالاوى، زامبيا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية) تم الاستثمار فيها على نحو غير مسبوق، وتأتى الشركات الصينية في الصدارة في زراعة الجاتروفا والذرة وأنواع الوقود الحيوي الأخرى في بلدان مثل مدغشقر وموزمبيق وتنزانيا. وإن كانت الصين هى الأكثر نشاطاً في الاستثمار الزراعي اعتباراً من عام 2013، إذ قفزت الاستثمارات الصينية المباشرة في الزراعة في أفريقيا من 30 مليون دولار في 2009 إلى 84 مليون دولار في عام 2012، وما زالت عقود استئجار الأراضي من قبل الصين في زيادة مستمرة. وفي الآونة الأخيرة، يجري تنفيذ المشروع الأكبر والأكثر إثارة للجدل من قبل شركةWanbao Africa Agriculture Development Limited، وهي شركة صينية خاصة حصلت على امتياز 20 ألف هكتار من الأراضي الزراعية اعتباراً من عام 2014.خسائر إفريقية تدق ناقوس الخطر
تعد الزراعة من أهم مفاتيح تحقيق النمو المستدام والشامل لسكان القارة الإفريقية لأنها تساعد على التصنيع من خلال تجهيز المنتجات الزراعية والزراعية التجارية، وتقليل الاعتماد على قطاع الخدمات، الذي يشغل منصب المحرك الرئيسي للنمو، وفي تقرير كشفت عنه وكالة الاغاثة الانسانية الدولية (أوكسفام) بأن الدول النامية باعت أراضي زراعية تفوق مساحة بريطانيا بمعدل 8 أضعاف، وتكفي لزراعة محاصيل غذائية لمليار شخص يعانون من الجوع في العالم المعاصر وحذّرت المنظمة من ان أكثر من 60 % من الاستثمارات في الأراضي الزراعية من قبل المستثمرين الأجانب من 2000 الى 2010، كانت في بلدان نامية تعاني من مشاكل حادة في نقص المواد الغذائية. لذلك فإنه من المفارقات أن تنفق المنطقة أكثر من 30 مليار دولار لاستيراد الحبوب الأساسية في عام 2011 وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة، وقد كانت أفريقيا مصدراً صافياً للغذاء في القرن الماضي لتصبح أكبر مستورد صافٍ، بالإضافة إلى ارتفاع عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية في أفريقيا جنوب الصحراء من 170 مليوناً في 1990-1992 إلى 234 مليون دولار في 2010-2012، وذلك بسبب الاستحواذ علي الاراضي على نحو يؤدى إلى تهميش المجتمعات المحلية للمزارعين والرعاة، وتفاقم أزمة الأمن الغذائي، والتدهور البيئي وتزايد الاعتماد على الإغاثات والمساعدات الخارجية. وفي التقييمات الأخيرة التي أكد عليها المعهد الدولي للبيئة والفاو والبنك الدولي عن مخاطر تأجير وبيع الأراضي الزراعية بما تشمله من تقويض الجهود المحلية لزيادة الإنتاج الغذائي، والخسائر المحتملة من حقوق ملكية الأراضي للمزارعين المحليين، وهو ما جعل الاتحاد الإفريقي يحث على تخصيص 10٪ من الإنفاق على الزراعة، ولكن لم تجتمع الكثير من الدولي على هذا القرار.ما على الدول الإفريقية فعله
في ظل ما تعانيه معظم الدول الافريقية من قضايا خطيرة بشأن حيازة الأراضي، يجب أن تعمل على تحسين سياساتها الزراعية، والقضاء على الحواجز التجارية بين البلدان الأفريقية، والحد من الفساد، وإنهاء الصراع، فضلاً عن ذلك فإن مشكلة ملكية الأرض هي القضية الجوهرية لأن جزءاً صغيراً نسبياً من الأراضي في أفريقيا يخضع للملكية الفردية، والجزء الأكبر مملوك للمجتمع، وفي بعض الدول الأراضي مملوكة للدولة إضافة إلى الأرض التي قد تكون عرضة لأنماط معقدة من الاستخدام العرفي، لذلك فهناك ضرورة لإيجاد أنظمة أفضل للاعتراف بحقوق ملكية الأراضي. وأخيراً، تعهدت الحكومة في ليبريا مراجعة مستقلة لجميع الامتيازات المتبقية ووعدت بوقف جميع أعمال الإزالة للغابات ذات الصلة بالزراعة بحلول عام 2020 - في مقابل 150 مليون دولار من المساعدات النرويجية، وهو ما أقدمت على فعله كذلك الحكومة الإثيوبية بوقف عقود الاستثمار في الأراضى الزراعية في إثيوبيا لحين الانتهاء من مراجعة العقود والاتفاقات القديمة والتي ما زالت سارية. وهو ما يجب أن تعمل عليه الحكومات الإفريقية وأن تكون هناك إرادة وقدرة على تطبيق القوانين.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين