يصعب الحديث عن نمط واحد للعرس التقليدي الأردني، إذ تختلف الاحتفالات من منطقة إلى أخرى، وأحياناً بين القرى في المدينة نفسها. فلكل منطقة خصوصيتها وعاداتها وتقاليدها. ولكن، بالمحصلة، يرى متخصصون في التراث الأردني أن سمات عامة تجمع بين تلك الأعراس.
حتى التسعينيات، كانت الأعراس التقليدية هي السائدة. لكن نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة، والنمط السريع للحياة، والميل إلى الحداثة، طرأت على العرس الأردني تغييرات كثيرة، حتى لو أنها بقيت تحتفظ ببعض الموروثات، كسهرة الحنة للعروس وسهرة العريس، والفاردة والزفة والنقوط. حالياً، تعمل مؤسسة تراث الأردن على إعداد دراسة شاملة لرصد تقاليد الأعراس في الأردن، وقد بدأت المؤسسة غير الربحية بالبحث وتوثيق الإرث الأردني في منطقة البلقاء، ويتوقع أن تنهي دراستها قريباً.
يصعب الحديث عن نمط واحد للعرس التقليدي الأردني، إذ تختلف الاحتفالات من منطقة إلى أخرى، وأحياناً بين القرى في المدينة نفسها. فلكل منطقة خصوصيتها وعاداتها وتقاليدها. ولكن، بالمحصلة، يرى متخصصون في التراث الأردني أن سمات عامة تجمع بين تلك الأعراس
يقول المدير العام والمؤسس لتراث الأردن، فراس خليفات: "تشتهر الأعراس الأردنية التقليدية بالسهرات التي تقام قبل حفل الزفاف. في الماضي، كانت تمتد السهرات والاحتفالات 30 يوماً في حال كان العريس أو العروس ابنَيْ أحد الوجهاء أو الشيوخ. ومن الممكن أن يقتصر الاحتفال على سهرة واحدة قبل يوم الزفاف، لكن في معدل وسطي، كانت السهرات تستمر لمدة أسبوع". تختلف تسمية السهرات بحسب المنطقة، لكن أشهر التسميات التعليلة أو سهرة العريس. أما سهرة العروس فتسمى حفلة الحنة، وهي سهرة يجتمع فيها أقارب العروس وصديقاتها اللواتي ويضعن الحنة في كفها وفي أكف المدعوات.
كما تختلف وجبات الطعام في السهرات التي تسبق العرس وفقاً للمنطقة. ففي مدن الشمال، كإربد والرمثا مثلاً، تعد الكبة الوجبة الرئيسية المقدمة في السهرات. وفي محافظات الجنوب كالعقبة، تقدم الكشنة (معد من سمك التونا). أما أهالي معان، فيقدمون الأرز الحامض، أو المجللة المعانية، بينما غالباً تقدم في إقليم الوسط الصاجيات، مع أطباق الحلوى التي تختلف كذلك بين المناطق. وكما تتنوع الأطعمة، تتنوع الرقصات في تلك الاحتفالات، ومن تسميات الرقصات التقليدية الأردنية: الدبكة، السحجة والدحية، والصحجة والسامر.
سهرة العروس فتسمى حفلة الحنة، وهي سهرة يجتمع فيها أقارب العروس وصديقاتها اللواتي ويضعن الحنة في كفها وفي أكف المدعوات
وقد تكون تلك السهرات مختلطة، أي تجمع النساء والرجال من العائلة الواحدة معاً، كما قد تكون منفصلة (حفلة للرجال وأخرى للنساء)، وذلك بحسب المنطقة. أما خلال يوم الزفاف، يعد "حمام العريس" أحد أهم الطقوس التقليدية، التي ما تزال معظم العائلات تتمسك بها. يستدعى حلاق العريس لحلاقة شعره وشعر أصدقائه. وفي الأثناء، يتم ترديد أغانٍ تقليدية مخصصة لهذه المناسبة. في الجهة المقابلة، تجتمع النسوة الكبيرات السن في منزل العروس لتقديم النقوط لها ووضع الحنة.
يبقى طبق المنسف سيد الاحتفالات في الأردن، والطبق الرئيسي والوحيد في حفل الغداء يوم الزفاف. وهو يتكون من لحم الخروف، واللبن "الجميد" والأرز وخبز الشراك ويزين بالمكسرات، يؤكل باليد ويقدم على طبق كبير، فيجتمع 5 إلى 6 رجال حول الطبق الواحد. بحسب خليفات، فإن "عدد المدعوين إلى حفل الغداء يوم العرس يعتمد على القدرة المالية لوالد العريس". ويوضح أنه "بعد تناول وجبة الغداء تتوجه الفاردة، وهي جاهة مكونة من عائلة العريس إلى بيت العروس، ويتقدم الرجال الفاردة وتسير النساء خلف الرجال". في الماضي أثناء سير "الفاردة" من منزل العريس إلى منزل العروس، كان الجيران يلقون السكاكر والنقود المعدنية من شرفات منازلهم على الفاردة احتفالاً بالزفاف. وعند الوصول إلى منزل العروس يتم ذرّ الأرز والملح على المدعوين.
يوم الزفاف، يجري توزيع "المطبقيات" وهي عبارة عن سكاكر ولوز مغطى بالسكر وشوكولاته ملفوف في قطعة قماش جميلة الشكل. وحين تدخل الفاردة إلى منزل العروس، يبقى العريس خارج المنزل بانتظار خروج عروسه مع (والدها أو أشقائها أو عمها أو خالها). ثم يتسلمها ويتجهان معاً إلى منزل والد العريس للاحتفال مجدداً بحفل الزواج. فيتم تخصيص أغان وأهازيج معينة للأعراس، فضلاً عن الرقصات والدبكات.
وفي اليوم التالي لحفلة العرس، يقيم أهل العرس وليمة غداء تسمى تقليدياً "قرا"، ويكون المنسف هو الطبق الرئيسي. يعد النقوط أيضاً جزءاً أساسياً من تقاليد الأعراس في الأردن، ويجسد فكرة التكافل الاجتماعي. في الماضي، كان يتم تزويد منزل العريس بالأرز والسكر إلى جانب المواشي كنقوط. أما اليوم، فجرى استبدال النقوط التقليدي بتقديم مبلغ مالي للعريس.
أما ثوب العروس، فبحسب خليفات هنالك 21 ثوباً تقليدياً كانت ترتديها العروس في الماضي، حسب المنطقة التي تسكنها. لكن اليوم، غاب الثوب التقليدي واستبدلته العروس بالفستان الأبيض المتعارف عليه عالمياً.
اليوم، يميل غالبية الشباب والشابات إلى إقامة حفلات أعراس حديثة، فيتم الاستغناء عن الحفلات السابقة ليوم العرس، واستبدال حفل الغداء والسهرة بإقامة احتفال واحد، لعلّ العامل المادي واحد من الأسباب الرئيسية لذلك، خصوصاً أنه في التقاليد الأردنية، العريس هو المسؤول عن نفقات العرس من تجهيز المنزل حتى تكاليف ثوب الزفاف، ومهر العروس والشبكة. تبلغ كلفة حفل الزفاف الحديث عشرات آلاف الدولارات إذا أقيم حفل في فندق 5 نجوم أو من الممكن أن لا تتعدى 1000 دولار إذا أقيم في قاعة بسيطة. برغم التغييرات الكثيرة على الأعراس، يبقى بعض الجزئيات ثابتاً ليعطي نكهة مختلفة للعرس الأردني.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.