شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
ليس فقط من أجل الدين... أسباب دنيوية لارتياد النساء لحلقات الذكر

ليس فقط من أجل الدين... أسباب دنيوية لارتياد النساء لحلقات الذكر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 21 أبريل 201611:46 ص
بحثت النساء منذ فجر الإسلام عن حلقات الذكر والعظة، كان الأمر منطقياً والأسباب دينية في المطلق. حالياً، مع التسارع الجنوني لنمط الحياة ومسؤولياتها، تزايدت الظاهرة من جديد، لكن لم يعد الدافع دينياً فقط بل ربما غلبت عليه الأسباب الدنيوية.  

أسباب دينية

الأسباب الدينية لارتياد النساء حلقات الذكر، وإن تعددت، تبقى ثابتة ومعروفة منذ القدم. تتلخص في التقرب إلى الله ومناجاته، والتفقه في الدين والخوف من ارتكاب المعاصي والذنوب، ومحاولة استثمار الوقت بعيداً عن مفاتن الحياة، ومحاولة التوبة من ذنب ما أو العدول عن نمط حياة خاطئ.  

دوافع دنيوية

مع تطور الحياة، تطور تفكير الناس، وحتى فكرتهم عن الدين وتطبيقهم له والتزامهم بأداء شعائره. لم يعد الجميع يصلي لإرضاء الرب، فالكثيرون يصلون ليقال عنهم أتقياء، أو ربما لإخفاء فسادهم. الأمر نفسه ينطبق على التحاق النساء بحلقات الذكر، فقد أصبحت الدوافع الدنيوية الأكثر دفعاً بالنساء لتلك الحلقات.  

السلام الداخلي

التخلص من ضغوط الحياة والبحث عن السلام الداخلي، بعيداً عن أي أزمات شخصية، وعائلية، أو حتى عملية، من أبرز أسباب بحث السيدات عن خلاص مشروع، ولا يمكن الاعتراض أو التقليل منه بالذهاب لجلسات تحفيظ القرآن ودراسة العلوم الشرعية. هالة عزت (28 عاماً)، ربة منزل، تقول: "نصل أحياناً لحالة من الضيق والانهيار بسبب الضغوط والمشاكل التي نمر بها، عانيت من ذلك كالجميع. كنت أغضب بسرعة، ضاقت بي الدنيا، ظننت أن الخلاص في لقاء أشخاص جدد، فالتحقت بدار لتدريس القرآن والعلوم الشرعية منذ عام". وتضيف: "أحب أولئك الفتيات، الوقت ممتع معهن، أغلق هاتفي، أنقي روحي، أحسب الجميع كذلك، نتحدث في شتى مناحي الحياة، عدا السياسة. نتبادل المشورة والنصح وأحيانًا قليلة الدعابة". وتختم عزت: "كل هذا لا يتحقق إلا إذا كان الجميع يبتغون وجه الله بهذا العمل، ولا بد من توفر عنصر المعرفة الدينية الحقة، لتحقيق الراحة أو السلام الداخلي".  

الفراغ

ما بعد سن الخمسين، وربما قبيل ذلك في بعض المناطق الريفية، تعاني السيدات فراغاً كبيراً بعد انشغال الأبناء بدراستهم وزواجهم. الأمر الذي قد يدفعهن للالتحاق بجلسات الذكر لشغل هذا الفراغ، بما ينفع ويليق بأعمارهن، فالاختيارات في تلك السن ليست كثيرة. هذا ما تؤكده أمل علي (42 عاماً)، ربة منزل، وتقول: "أعيش في منطقة ريفية، الأبناء أصبحوا في مراحل متقدمة من الدراسة، وقادرين على تحمل مسؤولياتهم، لم يعد لدي الكثير لأقوم به، خصوصاً مع سفر الزوج، وبطبيعة المكان الذي أعيش فيه لم أجد سوى الذهاب لحلقات حفظ القرآن بأحد المساجد القريبة من المنزل". وتضيف: "نجلس على سجادة في حلقة دائرية، لن أبالغ إذا قلت إن جميعهن من المسنات، حتى المحفظة تخطت الأربعين بأعوام، تبدأ الجلسة بتسميع الجزء المحدد سلفاً ثم تشرح المحفظة جزءاً جديداً، بعد ذلك تكون الفرصة متاحة لمن يرغب بالاستفسار عن الأمور الدنيوية". وتوضح: "نعرض مشاكلنا ونسأل رأي الدين في سلوكنا، لكن لا مجال للغضب والضيق. نتقبل النصيحة بصدر رحب وندعم بعضنا بعضاً".  

التظاهر

يهرب البعض من سوء السمعة أو السيرة بالتظاهر بالتدين والالتزام، هذا ما أكدته دعاء صلاح (32 عاماً)، وهي موظفة. تقول: "أعمل في إحدى المصالح الحكومية، واحدة من زميلات العمل معروف عنها سوء الخلق والتصرفات المشينة، فوجئت بذهابها لإحدى جلسات تحفيظ القرآن فترة، ظننتها التزمت وكفت عن أفعالها، وحين سألتها عن سر التحول فاجأتني بأن هذا إرضاء لأهلها، وأن الأمر بالنسبة إليها مجرد مظاهر لتسكت الناس" . وتقول شذى علي، مدرسة 26 عاماً: "لن يتحول الناس فجأة ملائكة، فحتى بعض من رجال الدين فاسقون". وتضيف: "أعرف سيدة مسنة مات ابنها واغتصبت حق زوجته وطفله، وحين عاتبها الناس، ذهبت لأداء عمرة والتحقت بعد عودتها بأحد الدروس الدينية، يحزنني أن حيلتها نجحت، وصدقها الكثيرون برغم استمرارها في جرمها" .  

البحث عن شريك

قد لا يتصور الكثيرون أن يكون الدافع وراء الذهاب لحلقات الذكر يكمن في البحث عن عريس أو عروس. فبعض الفتيات يذهبن ليشاع عنهن الالتزام، ويبحث عنهن "الخطاب". بعض الشباب أيضاً يرسلون أخواتهم أو أمهاتهم لتلك الحلقات للبحث عمن يرونها زوجة ملتزمة ومتدينة. وتقول آية عرفة، طبيبة نفسية (28 عاماً): "المحفظة التي تدرسنا تزوجت شقيق إحدى الزميلات. وأعرف شاباً تزوج من خلال تعرف قريبة له بفتاة من حلقة ذكر". وتضيف: "الحلقة مثل أي مكان تجمع، يحدث اختلاط وتقارب، ووارد جداً أن تتطور العلاقات أحياناً لزواج ونسب". وتوافقها هبة العوام (29 عاماً)، الباحثة في مجال الإعلام: "أحد معارفي أرسل والدته لإحدى الحلقات لتختار له زوجة متدينة، بالفعل راقبت الأم الفتيات وانتقت من بينهن وتم الارتباط فعلاً". وتضيف: "الأمر شائع إلى حد أن هناك محفظة مشهورة بإتمام مثل تلك الزيجات، يذهب إليها الشاب ويحدد المواصفات التي يرغب بها في فتاته، فتنتقي له فتاة وترسل له رقم والدها ليتمم الارتباط". وتختم: "كثير من الزيجات تمت وتتم بهذه الطريقة، وأعتقد لو لم تكن ناجحة لما استمرت".  

التخلص من الشغل

من الأسباب الغريبة التي تدفع بعض السيدات للذهاب لحلقات الذكر التخلص من الأعمال المنزلية. قد يكون هذا دافعاً مهماً للمتزوجات حديثاً، إذا كن لا يعملن، وهو ما حدث مع ريهام أحمد (33 عاماً). تقول ريهام: "العمل داخل المنزل يتواصل ليل نهار، خصوصاً أنني لا أعمل، وقد لجأت لدروس حفظ القرآن كوسيلة للهروب من ذلك، بالطبع كان الجميع متذمراً في البداية، لكن لم يكن أحد ليعترض علناً على حرصي على كتاب الله".  وتضيف: "لا أنكر أنني سعيدة جداً الآن بالتزامي الفعلي والداخلي، أصبحت تلك الحلقات مصدر سعادة لي حتى بعد زوال السبب الذي من أجله التحقت بها".  

الخروج من المنزل

تعاني غالبية الفتيات، خصوصاً في المجتمعات المتحفظة، من عدم حرية الخروج من المنزل، بعد انتهاء الدراسة. وتتفاقم الأزمة مع تأخر الزواج، فتلجأ بعضهن لاستكمال الدراسات العليا، في حين تلجأ أخريات لحلقات الذكر. شيرين محمد (39 عاماً)، ربة منزل، تروي تجربتها: "أنهيت دراستي في عمر الـ21 ، ولم يحدث ارتباط حتى الـ26، لم يكن مسموحًا لي بالخروج من المنزل إلا مرة أسبوعياً، أخرج برفقة أخي لزيارة إحدى أخواتي المتزوجات. كان الوضع رهيباً حقاً، فنصحتني صديقة بالانتظام في إحدى حلقات تدريس وتحفيظ القرآن في دار قريبة من منزلي". وتضيف: "الجميع رحب بالفكرة، فهي فرصة في نظرهم للخروج دون أن يمسني كلام الناس، وهناك أمل أيضاً أن ألتقي النصيب، أما أنا فكان مجرد التجول خارج المنزل بحرية ودون مراقب أقصى أمنياتي". وتختم: "بعد فترة قصيرة من التحاقي بالحلقة ارتبطت بزوجي، لكنني لم أتوقف عن الجلسات، كانت ولا تزال سبب سعادتي".  

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image