شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
الدين مسألة خاصة: إلغاء خانة الديانة عن بطاقة الأحوال الشخصية في الأردن؟

الدين مسألة خاصة: إلغاء خانة الديانة عن بطاقة الأحوال الشخصية في الأردن؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 15 أبريل 201602:13 م
طالما كان إلغاء خانة الديانة في البطاقة الشخصية في الأردن مطلباً متجدداً، من الحقوقيين الذين يعتبرون وجود هذه الخانة تمييزاً بين المواطنين، يسهم في ترسيخ الفرقة الدينية. خانة الديانة في بطاقة الأحوال الشخصية في طريقها إلى أن تكون غير مرئية، بحسب قول مدير عام دائرة الأحوال المدنية مروان قطيشات لرصيف22، لافتاً إلى أن التغيير في شكل بطاقة الأحوال الشخصية هو تغيير فني بحت. وأوضح أن مواصفات بطاقة الأحوال الشخصية ستكون على شكل شريحة إلكترونية ذات مقومات أقوى من حيث البنية، في داخلها شريحة فنية تحتوي على معلومات ظاهرة بصرياً وأخرى غير مرئية مثل الدين ورقم القيد. هذه الخطوة، وإن كانت لا تنم عن موقف رسمي أردني بإلغاء خانة الديانة من بطاقة الأحوال الشخصية استجابة للمطلب الحقوقي، بعثت في الوقت نفسه حالة من التفاؤل في الوسط الحقوقي الأردني، الذي اعتبر أن أول الغيث قطرة في الطريق إلى قوانين مدنية. وقال الخبير الحقوقي الدولي فادي القاضي لرصيف22: "حظًر القانون الدولي لحقوق الإنسان التمييز على أي أسس عرقية أو دينية أو بسبب الأصل أو النوع وما إلى ذلك، ومن منطلق ضمان عدم وقوع أي ممارسات تمييزية، يجب على الدولة أن تتخذ من الإجراءات ما يكفل حماية الحقوق الإنسانية لأي فرد، بصرف النظر عن هويته أو دينه وعرقه". وأضاف: "لعل ما يُبرزه موضوع خانة الديانة في بطاقة الأحوال المدنية، أو أي وثيقة رسمية أخرى من شأنها إثبات شخصية الأفراد، هو تفحص عدة عوامل أهمها هل يستتبع ذكر أم إخفاء ديانة أي شخص حرماناً له من حقوق كفلها له القانون الدولي لحقوق الإنسان، مثل الحق في اعتناق الديانة والمذهب وما شابه ذلك؟ وهل من شأن حجب ديانة الفرد في بطاقات إثبات الشخصية، أن يكفل مبدأ المساواة أمام القانون والسلطات المعنية بالقانون، وضمان المعاملة المتساوية لحميع الأفراد في الدولة؟". هوية أردنيةID-with-Religion وأشار القاضي إلى أنه ليس هناك في قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان، ما ينص مثلاً على الوسائل الإجرائية التي على الدولة أن تتخذها لضمان عدم وقوع التمييز ضد الأفراد بسبب معتقداتهم أو ديانتهم. إلا أنه واضحٌ بشكل مبدئي في تجريم أي ممارسة أو سياسة إجرائية من شأنها أن تقود إلى التمييز ضد مجموعة من الأفراد". وأوضح: "بتقديري، إن إزالة خانة الديانة من بطاقات الهوية، قد يخدم شكلياً غرض محاربة التمييز وإرساء قواعد المساواة أمام القانون وأجهزة إنفاذه، إلا أنه لا يُزيل الأسس التي يستند إليها بعض السياسات التمييزية، والتي بعضها عدم الاعتراف الرسمي ببعض الديانات، وعدم السماح لأتباعها بممارسة شعائرهم بحرية وبحماية القانون". ووصف النائب السابق في المقعد المسيحي الدكتور عودة قواس إجراء إلغاء خانة الديانة بالتوجه الحضاري، كون المواطن إنساناً له كامل الحقوق والواجبات المنصوص عليها في التشريعات. وبالتالي الديانة لا تؤثر سلباً أو إيجاباً على هذه الحقوق والواجبات، ووجودها يسبب التفرقة المنبوذة، فالديانة علاقة بين المؤمن والله، وليست قابلة للمساومة أو التفاوض أو لانعكاسات سلبية نتيجة ديانة محددة. الناشطة الحقوقية المحامية تغريد الدغمي، واحدة من فريق شبكة الإعلام المجتمعي، أطلقت دراسة تحت عنوان "مواطنة كاملة ومعتقد حر"، وهدفها ضمان تعزيز حقوق المواطنة والجماعات الدينية في الأردن. قالت الدغمي لرصيف22: "وجود طرح لإلغاء خانة الديانة من بطاقة الأحوال الشخصية، هو نجاح لمؤسسات المجتمع المدني، وأول من أوجد هذا الطرح هو شبكة الإعلام المجتمعي". وأبرز ما حملته دراسة "مواطنة كاملة ومعتقد حر"، المطالبة بالاعتراف ببعض الجماعات الدينية غير المعترف بها، كالبهائيين والإنجيليين من الطوائف المسيحية، فضلاً عن تعديل التشريعات ذات العلاقة، والمطالبة بإلغاء خانة الديانة عن بطاقة الأحوال الشخصية. وفي ما يتعلق بإدراج خانة الديانة في الوثائق الرسمية، تضيف الدغمي: "إن دين الدولة الإسلام ولدينا المسيحيون وفئة من البهائيين تصل إلى نحو 1000 بهائي، وهم أكثر من يعاني من التمييز على أساس الدين في الوثائق الرسمية". ففي البطاقة تترك خانة الديانة للبهائي فارغة، على شكل نقاط، الأمر الذي يشكل تمييزاً واضحاً بحقهم وحق الطوائف الدينية غير المعترف بها، ومن يغير دينه كأن يعتنق شخص مسيحي الإسلام لغايات تسيير وثائق رسمية، مثل شهادة الزواج، ورغبته في العودة إلى دينه الأصل. وتختم الدغمي: "مطالبتنا بإلغاء خانة الديانة لا تعني أننا ضد الشريعة الإسلامية، لكن وجودها يعتبر تمييزاً لبقية الطوائف". وقالت تهاني عرفان، ممثلة الجماعة البهائية في الأردن: "التمييز الذي يشعر به البهائي هو تمييز نفسي أكثر منه إجرائياً، ففي الدوائر الحكومية أو البنوك مثلاً دائماً يواجه البهائي تساؤلات عن سبب الفراغ في خانة الديانة في هويته، وكأنه بلا دين، الأمر الذي يتطلب منه شرح موقفه ودخوله في متاهات". وعن إلغاء خانة الديانة من بطاقة الأحوال الشخصية تقول تهاني: "هذا ليس حلاً جذرياً، إنه خطوة جيدة، لكن ما تزال هناك قضايا عالقة مع دائرة الأحوال المدنية، بالنسبة إلى البهائيين، كإصدار شهادات الزواج. نحن ندعم هذا القرار لكننا ما نزال نطالب بالحلول الجذرية". واعتبر الأب رفعت بدر أن الديانة هي شأن إيماني شخصي تنظم علاقة الإنسان بالخالق، وبالإضافة إلى البعد الاخلاقي، هناك البعد القانوني للدين، بتنظيم الأحوال الشخصية من زواج وإرث وغيرهما. وتساءل: "لماذا توجد خانة الديانة أصلاً ولماذا يتم حذفها؟". وأضاف: "أعتقد أن وجود هذه الخانة في عدد من الدول العربية، هو للتأكيد على تعددية دينية في المجتمع، وعلى أسس عشائرية تنتمي جماعياً لهذا الدين أو ذاك. وكان لها إيجابية بأن تؤكد على أن الأردني بشكل خاص أو العربي بشكل عام بإمكانه أن يكون مسيحياً، وهذه علامة إيجابية. كما وجدت من أجل الانتخابات النيابية للمقاعد المخصصة في الكوتا للمسيحيين، وحصص التعليم المسيحي أو المسلم في المدارس". اليوم، يوضح الأب رفعت، هناك مطالبات حقوقية من ديانات أخرى لتضمينها في الهوية الشخصية مثل البهائية والدروز وغيرهما، لكن هناك أيضاً الرغبة في التأكيد على درجة أعلى من المواطنة أو المواطنية، وهي معاملة الإنسان كمواطن بغض النظر عن انتمائه الديني. كما تبرز اليوم أيضاً قضية تغيير الدين، التي أصبحت تثير عدداً من الإشكاليات الاجتماعية والتعقيدات القانونية، وكان كل من غير دينه (وغالباً اعتناق الإسلام)، وأراد العودة إلى ديانته، لا يحصل بعد جهد إلا على خانة جديدة هي بلا دين. ويختم الأب رفعت: "المجتمعات الديمقراطية والمدنية تريد التأكيد على قيم المواطنة، وإلغاء الديانة يمكن أن يصب في هذا الاتجاه، وهو سيؤكد للمسيحي كما للمسلم أن الإيمان بالله ليس حبراً على ورق، إنما ممارسة صحيحة ونزيهة، تدعو إلى محبة الله ومحبة القريب".  

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image