شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
شهادات لأشخاص مضطرّين إلى إجراء عمليات تحويل جنسي

شهادات لأشخاص مضطرّين إلى إجراء عمليات تحويل جنسي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 9 أبريل 201612:02 م

هم سجناء داخل أجساد لا تتلاءم مع هويتهم الجنسية. وهم موجودون في كل المجتمعات ويواجهون صعوبات كبيرة في حياتهم، صعوبات تخلُق معظمها المجتمعات التي تعتبرهم شاذين، ولا ترأف بأرواحهم السجينة داخل أجساد لا تناسبهم وتستوجب إجراء جراحات "تصحيح جنسي".

aya2

آية... العروس التي ستتحوّل إلى شاب

آية محمد سالم، 19 عاماً، عليها أن تتحول من شخص عاش غالبية عمره كأنثى إلى ذكر، وذلك بعد أن كشفت التحاليل الطبية أن هرمونات الذكورة لديها أعلى من هرمونات الأنوثة وأن جسمها خالٍ من الرحم وأن عضوها التناسلي هو عضو ذكوري لكنه يقع في تجويف داخل الجسم. آية، ابنة قرية القبابات التابعة لمركز أطفيح في محافظة الجيزة في مصر، والطالبة في الصف الثاني الثانوي التجاري، تحدثت لرصيف22 عن معاناتها النفسية والبدنية مع حالتها البيولوجية. وروت أنها اكتشفت حالتها قبل نحو ستة أعوام عندما لاحظت والدتها أن الدورة الشهرية لم تحدث معها. وقالت إن شعوراً بالحزن العميق ينتابها عندما ترى عروساً ترتدي فستان الفرح أو ترى فتاة تحمل طفلها الصغير. فهي كانت قد رسمت في خيالها مستقبلاً يتضمن مشاهد مختلفة من بينها ليلة عرسها وارتداؤها فستان الزفاف ومشهد لها وهي تلعب مع أطفالها. aya1

وعن علاقتها بزميلاتها بعد اكتشاف حالتها، شرحت أنها بدأت تشعر بتغيّر في تعاملهن معها إذ بدأ بعضهن يبتعد عنها أو يتحدث عنها بشكل سلبي دون مراعاة لمشاعرها، ما جعلها تتوقف عن ارتياد المدرسة إلا أياماً معدودات أو للمشاركة في الامتحانات. وبسبب شدة معاناتها من المعايرة والسخرية وشعورها بأن البعض يشفق عليها، تحلم آية بالوقت الذي تهرب فيه من بيئتها لتجد نفسها في مكان لا يعرفها فيه أحد. وروت أن بعض أبناء قريتها يسخرون منها بمناداتها "انت يا بنت، انت يا ولد".  

رحلة مع الأطباء

وأوضحت أم آية لرصيف22 أنها، بعد اكتشاف تأخر العادة الشهرية لدى آية، طلبت من زوجها أخذها للطبيب، إلا أنه أمرها بالتريث وعدم التعجل. ولكن منذ أن بلغ عمر ابنتها 15 عاماً، بدأت رحلتها التي لم تنته حتى الآن في أروقة المستشفيات والعيادات. وذكرت أن الأطباء اكتشفوا أن هرمونات الذكورة لديها أعلى من هرمونات الأنوثة وأنها بحاجة إلى عملية تصحيح جنس، موضحة أن الأمر وقع عليها وعلى والدها كالصاعقة، إلى درجة أنه أغمي عليه من هول الصدمة، خاصةً أنهما فقراء غير قادرين على تحمّل تبعات هذه المشكلة. تردّدت أسرة آية، بحسب والدتها على عدد من الأطباء منذ أربع سنوات وأنفقت الكثير من الأموال، كما جالت على مكاتب مسؤولين في نقابة الأطباء ودار الإفتاء لاستخراج موافقات رسمية بإجراء عملية تصحيح جنسي. وأوضحت أم آية أنها حاولت الوصول إلى أي شخص أجريت له عملية تصحيح جنسي لكنها لم تنجح في ذلك، ما جعلها تتخوف من إجرائها لابنتها برغم أنها استخرجت الأوراق الرسمية اللازمة لإجراء الجراحة. وقالت إن كل من أجريت لهم مثل هذه الجراحة تعرضوا إلى آثار جانبية كالتبول اللاإراي أو سقوط العضو الذكري بعد فترة، معربةً عن أملها في إيجاد طبيب أجرى جراحة ناجحة دون آثار جانبية لكي يجري لابنتها العملية. وأعربت عن حزنها لعدم مراعاة الأطباء لفقرها الشديد، مشيرةً إلى أن أحد الأطباء العاملين في مستشفى قصر العيني عرض عليها إجراء الجراحة في عيادته الخاصة مقابل 30 ألف جنيه (3300 دولار تقريباً).  

نادر... سجين ماجدة

nader

حتى الآن، لا يزال اسمه ماجدة عصام السنباطي. ولكنه اختار لنفسه اسم نادر، وهو شاب عمره حالياً 21 عاماً ويعاني من اضطراب في الهوية الجنسية، ويحتاج إلى جراحة تصحيح جنسي. وروى نادر لرصيف22 قصته: "في الخامسة من عمري بدأت أشعر بميولي الذكورية، فكنت أفضل اللعب والجلوس مع الذكور وتجنب الإناث وقد تم استدعاء ولي أمري في الحضانة لاستيضاح حقيقة الأمر". كما روى أن أسرته لم تتفهم حقيقة مشكلته وأصرت على إدخاله إلى مدرسة للبنات، وتابع: "لكن إحساسي بكوني ذكراً ظل يعيش داخل ملابس الفتيات التي كنت أرتديها فوق عضو تناسلي مقلوب، في ظاهره أنثوي وفي باطنه ذكوري، وفقاً لنتائج التحاليل التي أجريتها لاحقاً. وأضاف أن "هذا الإحساس لم يفارقني لحظة واحدة، الأمر الذي أصابني بالاكتئاب وتطلب عرضي على طبيب نفسي". وأوضح الشاب المقيم في مدينة أبوتيج أنه بدأ البحث عن حل للمشكلة بنفسه عندما كان في المرحلة الثانوية، وذلك بعرض نفسه على الأطباء والمستشفيات في محافظة أسيوط. إلا أن هؤلاء، بحسب نادر، تعاملوا معه بسخرية ورفضوا علاجه، فتوجه إلى القاهرة لإجراء تحاليل طبية أثبتت أن هرمونات الذكورة لديه عالية جداً، وأن عضوه التناسلي يحتاج إلى جراحة تصحيح جنسي. بعد ظهور نتائج التحاليل، قرّر نادر التخلص من شكل الأنثى. قصّ شعره الطويل وارتدى ملابس الذكور، وراح يتناول أدوية مساعدة على زيادة هرموناته الذكورية. كذلك، بدأ يتعامل مع المجتمع كشاب، ليس فقط في المظهر الخارجي ولكن في ممارساته اليومية، فصار يرتاد المسجد للصلاة ويقف في صفوف الرجال. وعن ذلك قال: "شعرت بانفراجة نفسية وارتياح كبير إلى درجة أني بكيت من الفرح وسجدت لله شكراً على هذه النعمة، رغم اندهاش بعض الناس في المسجد مما فعلت". ولكن حتى الآن، لا تزال أوراقه الثبوتية تحمل اسم فتاة، وما يمنعه من تغييرها هو حاجته إلى إجراء جراحة التصحيح. وأعرب نادر عن أمله في أن يساعد ما ينشر عن حالته في وسائل الإعلام في لفت أنظار المسؤولين إلى مشكلته.   

الخوف من الفضيحة

وكشفت سماح، فتاة في الثالثة والعشرين من عمرها وتقيم في حي فيصل التابع لمدينة الجيزة، عن إصابتها بحالة من حالات الاضطراب الجنسي تسمى "الإبقاء الجنسي" وتعني أن عضوها التناسلي أنثوي، ولكنها تحمل خصية ذكر داخل جسمها، الأمر الذي يتطلب تدخلاً جراحياً. سماح هو اسم مستعار للفتاة التي رفضت الإفصاح عن هويتها والتي تتردد على عيادة أحد الأطباء العاملين في مستشفى قصر العيني في القاهرة منذ نحو عامين. وقالت لرصيف22 إن الطبيب الذي يتابع حالتها ظل يعدها على مدار العامين السابقين بإجراء عملية جراحية لكنه أخلف بوعده. وقالت إنها تعيش مأساة نفسية، فهي تخشى أن يُكتشف أمرها فتتسبب في فضيحة لنفسها وأسرتها في محيطها الاجتماعي، موضحةً أن إخوتها لا يعلمون شيئاً عن حالتها. وأضافت: "والدي ووالدتي كانوا عارفين بحالتي وأنا طفلة، لكن لم تكن هنالك محاولة لعلاجي، ولعل هذا كان خيراً لي، فأنا مستورة بهذا الشكل ولا أحد يعرف عن مشكلتي شيئاً. حتى أختي التي تنام بجواري على سرير واحد لا تعرف عن هذه المشكلة شيئاً". وأوضحت أنه في حال اكتُشفت حالتها ستخسر أشياء كثيرة على رأسها علاقاتها الاجتماعية التي شكلتها طوال عمرها ووظيفتها كممرضة، مذكّرةً بأن جامعة الأزهر فصلت طالب كلية الطب الذي خضع لعملية تصحيح جنسي في الثمانينيات من القرن الماضي والذي كان يدعى سيد محمد ثم تحوّل إلى انثى باسم سالي "وذلك لأنه قرر أن يتفق مع ذاته الحقيقية"، على حد قولها. كما لفتت إلى مشكلة أخرى تواجه مرضى الاضطرابات الجنسية وهي أنهم معرضون لعقوبات قانونية بتهمة انتحال صفة شخص آخر ، موضحةً أنها تعرف حالة مصابة باضطراب جنسي تم القبض عليها في عربة مترو على أنها رجل ينتحل صفة سيدة وتم تحرير محضر بها، وفي النهاية حُكم عليها غيابياً بعام سجن وهي الآن مختبئة في منزلها ولا تغادره خشية أن يلقى القبض عليها.  

ماذا يقول الأطباء؟

قال الدكتور محمد عبد الرسول أستاذ المسالك البولية في طب القاهرة إن أحد أسباب اضطراب الهوية الجنسية هو إجراء عمليات ختان للإناث في الصغر بلا تشخيص، ما يؤدي إلى إزالة "العضو الذكري" دون إدراك لمضاعفات ذلك على حالات "الجنس البيني" الذي لا يتضح أنه ذكر أم أنثى. ففي بعض الحالات، يكون معظم العضو الذكري داخل الجسم وتظهر مقدمته فقط، ونظرا لأن معظم مَن يجرون عمليات الختان غير متخصصين فقد يقطعون هذه المقدمة على أنها الجزء الذي يجب أن يُزال من المرأة عند الختان. وأوضح في تصريحات صحافية أن مستشفى قصر العيني يستقبل سنوياً نحو 60 حالة "جنس بيني" تحتاج إلى عمليات تصحيح جنسي، مشيراً إلى أن إجراء العملية التي تستمر لمدة 12 ساعة، ونسبة نجاحها تصل إلى 80%، مسألة وقت إذ أن كل مريض يأخذ دوراً لإجراء العملية، ويخضع لها بمجرد أن يأتي دوره.  

حاجة إلى إعادة تأهيل

وقال الدكتور هاشم بحري، أستاذ الطب النفسي في جامعة الأزهر في القاهرة لرصيف22 إن مرضى التصحيح الجنسي يعانون بشدة من عدم التصالح مع أبدانهم، وهذا يجعل بعضهم يصل إلى مرحلة اليأس الشديد والاكتئاب وأحياناً الانتحار. وأضاف أن "هذه المعاناة الشديدة تأتي في ظل رفض مجتمعي لهم، إذ يرى الناس أنهم شواذ جنسياً، فضلاً عن كون العلاج الجراحي في مصر لا يخلو من مشكلات ضخمة جداً". ورأى أن أزمة هؤلاء المرضى تمتد إلى التهديد القانوني، مشيراً إلى إلقاء القبض على بعضهم في أماكن مخصصة للسيدات كعربات مترو الأنفاق أو حمامات السيدات ومواجهتهم تهمة انتحال شخصية. وأكّد بحري أن مَن يعانون من الاضطراب الجنسي يحتاجون إلى إعادة تأهيل واحتضان تحت إشراف طبي نفسي لفترة طويلة، بالإضافة إلى التدخل الجراحي لتصحيح المشكلة. وقال الدكتور علي جلبي، أستاذ علم الاجتماع في كلية الآداب بجامعة الإسكندرية، لرصيف22 إن الشخص المصاب باضطراب في الهوية الجنسية يواجه تحولاً جذرياً في شخصيته يتسبب في تحطيمها، إذ يضطر إلى تغيير اهتماماته وعلاقاته ورؤيته لمستقبله. وختم أن المشكلات النفسية التي يعاني منها المضطرب جنسياً تتفاقم كلما كان اكتشاف الحالة في سن متأخرة، داعياً المجتمع والمؤسسات ذات الصلة إلى احتضان هؤلاء المرضى وإعادة تأهيلهم نفسياً واجتماعياً.  

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image