منذ أن توّج عام 2015 بلقب "عام اللجوء"، وبعد التدفق الهائل للاجئين غير الشرعيين من الشرق الأوسط وشمال افريقيا، عبر البحر، إلى أوروبا، بدأت السويد من بين الدول الأوروبية بالتراجع عن سياستها المفتوحة في استقبال اللاجئين. وبعد أن كانت أول من منح اللاجئين، السوريين منهم خصوصاً، إقامة دائمة عام 2013، بدأت في الأشهر الأخيرة من العام الماضي، مراقبة حدودها مع الدانمارك، محاولة الحدّ من التدفق غير الشرعي عبر الحدود. كما أنها أعلنت خطة لترحيل ما قد يصل إلى 80 ألفاً من لاجئي العام الماضي، الذين وصلوا إلى الأراضي السويدية ولم تقبل السلطات المختصة قصصهم لتسجيلهم كلاجئين مقيمين في السويد.
مع ذلك، يبدو أن تدفق اللاجئين بعد عام 2011، وبعد حلول الثورات على العالم العربي، قد غيّر بشكل فعلي في شكل الديموغرافيا السويدية، إلى درجة أدى إلى خلل في توزيع اللغات غير السويدية على عدد السكان. فقد أشار الباحث السويدي، المختص في علوم اللغويات، والذي يعمل في جامعة ستوكهولم، Mikael Parkvall، إلى أن العربية اليوم تزاحم اللغة الفنلندية، ثاني لغة في السويد بعد السويدية، من حيث عدد المتكلمين بها. وأكد في مقال له عن دراسة حديثة أعدها، وفي مقابلة مع الراديو السويدي، أن الأعداد الكبيرة للمهاجرين العرب، تجعل عدد المتحدثين باللغة العربية يقارب أو حتى يتجاوز، حسب توقعاته، عدد المتحدثين باللغة الفنلندية.
السباق الفنلندي العربي
المشكلة كما يشير إليها باحث اللغويات السويدي، أن الإحصاءات في هذا المجال غير دقيقة، ولا يمكن توفير سجلات مقارنة صحيحة تماماً بسبب التكتم الكبير الذي تصر عليه السلطات السويدية والجهات الاحصائية المختصة في مجال الإثنيات والقوميات والجنسيات التي ينحدر منها المقيمون في السويد من الأجانب، حفاظاً على خصوصيتهم، والقانون السويدي الذي يحمي الجميع دون النظر إلى خلفيات المقيم أو الأعراق أو المناطق التي ينحدر منها، ما يجعل تطرق الباحث إلى مواضيع كهذه حساساً وغير محبذ.
حسب Parkvall، فإن آخر إحصائية علنية ومطروحة إلى العامة عن اللغات في السويد، كانت عام 2012، وقد أعلن فيها ما يقارب 200 ألف مقيم أن لغتهم الأم هي الفنلندية، مقابل 150 ألفاً صرحوا أن لغتهم الأم هي العربية. لكن السويد استقبلت في عام 2015 وحده 163 ألف لاجئ جديد، معظمهم من الدول الناطقة بالعربية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، 47% منهم من اللاجئين السوريين. ولكن نظراً لكون نسبة من اللاجئين يحملون جنسيات غير ناطقة بالعربية، كالقادمين من إيران وأفغانستان، فإنه يصعب حسم إذا ما كانت العربية قد سبقت الفنلندية أو في طريقها إلى ذلك. ولذلك يطلب الباحث اللغوي من السلطات السويدية جعل الاحصائيات متاحة في هذا المجال ليقدر علماء اللغة والمؤرخون المختصون بما يحصل في البلاد من تغير إثني وعرقي، أن يقوموا بدراسات جيدة في هذا المجال.
[br/]
الميديا أولاً
يذكر أن الكتل الرئيسية للجنسيات العربية في السويد هي من سوريا والعراق وفلسطين ولبنان، وتأتي بعدها مباشرة الجزائر والمغرب ومصر وتونس وليبيا واليمن. قد يجعل التنوع العربي هذا داخل التنوع السويدي أصلاً، من مهمة خلق وسائل إعلامية عربية تحاكي المتطلبات العربية كلها، وثقافاتها، أمراً شبه مستحيل. ولكن تجري بعض المحاولات الإعلامية الجديدة في هذا المجال، فقد انطلق برنامج حواري ناطق باللغة العربية على الراديو الرسمي السويدي، يقدمه السوري محمود بيطار، بعد أن اشتهرت الفيديوهات التي يقدمها على قناته الخاصة على موقع Youtube، عن حياة اللاجئ ومعاناته والميزات التي يتمتع بها أيضاً في السويد. ويأتي إطلاق البرنامج بعد الكثير من الدعوات لوجود لغة وصل بين المقيمين العرب في السويد والثقافة السويدية، لمساعدة اللاجئين، وخصوصاً الجدد منهم، لينخرطوا أكثر في المجتمع ويصبحوا أعضاء فعالين فيه.
[br/]
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ 19 ساعةالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يوموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت