منذ أن بدأ فن الستاند اب كوميدي في بريطانيا في القرن الثامن عشر، وبعد انتشاره اللاحق في أميركا، يمثل هذا الأسلوب الفني الناقد والساخر، روح الناس. فهو يعبر عن أعمق مشاكلهم، وأصغر تفاصيل حياتهم، بأكثر الطرق فكاهية وطرافة. كان العالم العربي في نهاية تسعينيات القرن الماضي إلى عام 2006 تقريباً، ساحة جيدة للفنانين الشباب العرب (أو من أصول عربية)، لبدء الطريق الجديدة في التقديم الفني الكوميدي للمشكلة. من خلال الوقوف أمام الجمهور ومحاولة إضحاكه بطرح نكات متتالية حول القضايا الجارية في العالم العربي، أو النقد لتفاصيل اجتماعية معينة، لم يعتد فنانو الكوميديا التقليدية التطرق إليها بكثرة في المسلسلات والأفلام والمسرحيات الكوميدية. بدأ الستاند اب كوميدي في العالم العربي بين المغرب ولبنان، لكنه برز في السنوات الأخيرة في فلسطين والأردن. إليكم بعضاً من أبرز من أضحك العالم العربي من الستاند اب كوميديانز.  

نمر أبو نصار

يجول فنان الستاند اب كوميدي اللبناني الأميركي، نمر أبو نصار، في دورة حول أميركا، وينهيها في بعض الدول العربية. بدأت هذه الجولة في فبراير الماضي، وتنتهي مع نهاية أبريل الجاري. يتميز أبو نصار بكونه ملماً بالثقافتين الأميركية واللبنانية، بما يجعل المزج بينهما والدعابات الطريفة التي يلقيها حولهما، مميزاً. ويوجه عبر موقعه الخاص على الانترنت رسالة إلى العالم بأن الهدف من الكوميديا الارتجالية هو إضحاك الناس، وتذكيرهم بما يجمعه، وهو أكثر بكثير مما يفرقهم.  

ميسون زايد

عندما تعرّف ميسون زايد عن نفسها تقول: "أنا فلسطينية، مسلمة، أسكن في نيو جيرسي، وأعاني من شلل جزئي في الدماغ". عام 2003 أسست ميسون مع بعض رفاقها الكوميديين الفلسطينيين، ما يعرف بالمهرجان العربي الأميركي للكوميديا. وتقدًّم على أنها المرأة المسلمة الأولى في مجال الستاند أب كوميدي في العالم العربي، إذ قامت بعدة عروض على مسارح فلسطينية وعربية، باللغة العربية، مع أنها ولدت وعاشت في الولايات المتحدة. تحاكي زايد في عروضها القضية الفلسطينية، والمشاكل المتنوعة والتمييز الذي يتعرض له الفلسطيني الأميركي، حتى لو كان مولوداً في أميركا. وتعتمد في أسلوبها على أنواع مختلفة من العرض، إلا أنها تتطرق بشكل رئيسي إلى مواضيع الستاند كوميدي التقليدية، وهي الزواج والسخرية من الرؤساء، والانتماءات الدينية أو الإثنية.  

عامر زهر

يعمل الفلسطيني الأميركي عامر زهر كفنان ستاند اب كوميدي منذ كان طالباً في الجامعة في ولاية ميتشجين الأميركية. وهو كاتب ومحاضر في القانون في جامعة ديترويت، ويشبه في العديد من العروض التي قدمها على مسارح أميركية وعربية، طريقة نمر أبو نصار، في اللعب على وتر المزج بين الثقافتين العربية والأميركية. لكن يختلف عامر عن نمر باللمسة الفلسطينية. يتخصص أبو زهر بالمجتمع بشكل رئيسي، إلا أنه يؤكد على ضرورة اتخاذ الفنان موقفاً من كل ما يدور حوله، خصوصاً في قضايا الشرق الأوسط الكثيرة. وهدفه أيضاً تقديم تفاصيل الحياة اليومية التي يعيشها الفلسطينيون الأميركيون بخاصة، والعرب بعامة، وقد تعاون في عروضه في العالم العربي مع شركة خرابيش.  

Wonho Chung

من لا يعرف هذا الاسم، يستغرب وجوده في هذه القائمة. وإذا رأيتموه على مسارح الستاند اب كوميدي العربية، سيدهشكم أن رجلاً كورياً يصعد إلى المسرح ويقدم واحداً من أفضل عروض الكوميديا الارتجالية في العالم العربي. ولد Wonho Chung لأب كوري، وأم فيتنامية، في المملكة العربية السعودية، وقضى حياته في الأردن. يقدم معظم عروضه في الإمارات العربية المتحدة حيث يقيم، ما يجعله ملماً بثقافتها وشؤونها، ومن هذا المزيج الغريب يستمد محتواه الكوميدي المميز.  

نيكولاس خوري

لا شك أن الشاب الأردني نيكولاس خوري من أصغر فناني الستاند أب كوميدي في العالم العربي. وعلى الرغم من أن نجاحه الأكبر كان على موقع Youtube، ببعض الأعمال المشتركة مع فنانين أردنيين آخرين، فإن عروضه في ستاند أب كوميدي متعددة وناجحة. معظم هذه الأعمال كانت مع شركة خرابيش، ما يؤهله لأن يكون من أكثر الوجوه الجديدة تميزاً في العالم العربي. يدافع نيكولاس عن قضية فلسطين، ويعتبرها من القضايا المؤثرة جداً في حياته، ويحار الكثير من الناس إذا ما كان من أصل فلسطيني، بسبب موقفه المدافع عنها دائماً. يختص خوري بشكل عام في المجال السياسي، وله الكثير من فيديوهات النقد الاجتماعي الساخر. في آخر عام 2015، بدأ نيكولاس برنامجاً جديداً على قناة AJ+ العربية، تحت اسم السليط الإخباري، يتناول فيه أخبار العالم العربي بسخرية وطرافة.  

فهد البتيري

يعد فهد البتيري الستاند اب كوميديان الأول في المملكة العربية السعودية، ومن أوائل فناني الكوميدي الارتجالية في الخليج العربي. بدأ مسيرته الفنية حين كان طالباً في إحدى جامعات ولاية Texas الأميركية، التي تخرج منها عام 2007. اعتمد في عرضه الأول على التناقض والتفاصيل الساخرة إنما الواقعية، التي يعيشها يومياً كطالب سعودي في الولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر. وحين عاد إلى المملكة اعتمد نقداً معاكساً تقريباً، مستخدماً طرائف الشعب السعودي في أميركا، أو المحاولات السعودية في الأمركة، وانخراط المجتمع السعودي بالطابع الغربي، في وقت يتناقض كثيراً مع هذا الطابع الدخيل.  

عمر رمزي The white sudani

رجل سوداني أبيض من الأقلية القادمة إلى السودان من شمال إفريقيا، متزوج بامرأة ايرلندية، وثمرة زواجهما ابنهما: عمر رمزي. يلقب عمر رمزي نفسه في عالم الكوميديا بـThe White Sudani، لما تكسبه هذه الصفة من خصوصية وتميز، وهو من أوائل ممثلي الكوميديا الارتجالية السودانيين، إلا أنه لم يقدم عروضه الأولى في السودان، بل في جدة حيث نشأ. لاحقاً نهض مع نهضة الستاند أب كوميدي السعودي، التي بدأت  في جدة بعد الألفية الثالثة. بدأ عرضه الأول عام 2009 وكان يفتتح المسرح ويليه كوميدي أميركي من أصل عربي يدعى أحمد الأحمد. ومنذ ذلك الحين بدأ يجول أكبر المسارح بين السعودية ومصر ودول عربية أخرى مقدماً نمطاً جديداً من الكوميديا المرتجلة. في مقابلة مع موقع Vice الأميركي، يقول رمزي إن العمل في السعودية كستاند أب كوميديان، مرتبط بالكثير من التفاصيل، فليس مسموحاً أن تقترب من السياسة أو من العائلة الحاكمة أو من مواضيع اجتماعية أو دينية حساسة، ولا يبقى لك إلا السخرية من الإنكليزية السعودية، ومواضيع عامة ومضحكة في الوقت نفسه، لكنه بعد فترة بدأ يقترب شيئاً فشيئاً من السياسة.

 

عماد فراجين

أثار الكوميديان الفلسطيني عماد فراجين، إثر عرض برنامجه وطن على وتر على شاشة تلفزيون فلسطين، جدلاً واسعاً في الأوساط الشعبية والرسمية. وانقسم الجمهور الفلسطيني بين مؤيد ومعارض لأسلوب البرنامج وسخريته الجريئة. حتى صدر قرار بوقف عرضه على شاشة الفضائية الفلسطينية، قبل أن تستأنف أسرة البرنامج بث حلقاته من خلال شبكة الانترنت عبر موقع YouTube. درس فراجين التمثيل في بريطانيا، وتتلمذ على يد مخرج بريطاني شاهده في أحد العروض وآمن بموهبته فتبناه. ولاحقاً حاز جائزة "السير فيليب" التي تمنح لأفضل 5 طلاب متميزين في دراسة الفنون في بريطانيا. يعالج في برنامجه القضايا الفلسطينية السياسية والاجتماعية، مركزاً على واقع الحياة اليومية للفلسطيني في الداخل وصراعات السياسة، معتمداً النقد اللاذع، وطريقة الإسقاطات الساخرة.