شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
راقصات اختفين في التسعينات: زواج، اعتزال، انتحار… واختفاء!

راقصات اختفين في التسعينات: زواج، اعتزال، انتحار… واختفاء!

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

السبت 2 أبريل 201611:13 ص

يرى كثيرون اليوم أن الرقص الشرقي متدهور، أو في حال من الجمود بعدما غابت أسماء عدة لمعت في سمائه، وأقفلت كباريهات احتضنته لسنوات. من حولن هذا الرقص فناً، بعد تحريره من لعبة استعراض الجسد، تركن الساحة أمام من يُعرفن اليوم براقصات "البيبي دول"، أو أمام الراقصات الآتيات من أوروبا الشرقية والصين والولايات المتحدة. وإن أبدعت فتيات كثيرات منهن اليوم، فإن الرقص الشرقي بقي معهن في إطاره الأوتوماتيكي. فمن عايش هذا الرقص منذ الخمسينات مع فنانات لامعات كسامية جمال وتحية كاريوكا وغيرهما، يدرك أن الرقص "سلطنة" وروح، قبل أن يكون جسداً يتبع الإيقاع وفق قواعد محددة. نقدم هنا راقصات لمعن في الثمانينات، وتحدين الحرب وبقين في حلبة الرقص، قبل أن يختفين في التسعينات. بعضهن لظروف مجهولة، وبعضهن الآخر تحول للتمثيل والغناء أو فضّل الحياة الزوجية.  

أماني: "حلاوة" التاريخ والرقص الشرقي

اسمها أنجل أيوب. عُرفت بحبها للرقص إلى جانب ثقافتها الواسعة. صادقت المرآة منذ نعومة أظافرها، ترقص أمامها وتحلم بيوم تدخل فيه هذا العالم. لكن هذا الحلم لم يكن ليتحقق برضى أهلها من دون أن تنال الشهادة الجامعية. درست علم الاجتماع ثم التجميل، وقبل تخرجها سألت أحد الصحافيين المرموقين في لبنان "هل يمكن لخريجة جامعية أن تمتهن الرقص؟". وهكذا كان.

بدأت مشوارها عام 1987، في نادي الفنان ملحم بركات الذي أُعجب برقصها وثقافتها. اكتسبت شهرة واسعة عام 1992 كراقصة خرجت عن السرب، وانتقل معها الرقص من الأماكن الضيقة إلى خشبة المسرح، فاكتسب أبعاداً جديدة، وغاصت في تاريخه والمخطوطات المكتوبة بشأنه لتجد مفردات جديدة لتقديمه. كانت أول فنانة تقدم رقصاتها مصورة على شكل "الفيديو كليب". ارتبطت أغنية "حلاوة" الصعيدية بإحدى أجمل لوحاتها في الرقص الشرقي. جهدت أماني في سبيل بناء مدرسة للرقص الشرقي، ولفتت المشاهدين بمعرفتها بخلفية عالم الرقص في الحضارة العربية. وقدمت لوحات عدّة تعتمد على السرد التاريخي. اختفت عن الساحة أواخر التسعينات، لتتفرغ لتعليم الرقص وتنظيم المهرجانات وكان آخر نشاط لها عام 2005.   

نادية جمال: الرقص حتى الموت


بدأت الرقص عام 1952 في كازينو بديعة مصابني، عندما كان عمرها 13 عاماً. يونانية الأصل واسمها ماريا كاريدياس، حصلت على الجنسية اللبنانية وشاركت في الكثير من الأفلام السينمائية المصرية والعالمية في ستينيات القرن الماضي. اكتشفها الفنان فريد الأطرش وأعطاها اسم نادية جمال. ظهرت في أفلام مصرية عدة، أولها مع فريد الأطرش في فيلمه "رسالة غرام" عام 1954، ولاحقاً في "عهد الهوى" و"قلبي يهواك" و"زنوبة"، و"ازاي أنساك". ثم عادت للظهور في لبنان، وعملت في السينما اللبنانية، ثم الهندية مع الفنان شامي شابور. عُرفت بجمال ملامحها اليونانية وخفة روحها أثناء الرقص. وشاركت في مهرجانات بعلبك مع روميو لحود، وأسست مدرسة لتعليم الرقص الشرقي. في حزيران 1990، توفيت بعد صراع طويل مع المرض، لكنها بقيت رمزاً للعديد ممن أتين بعدها.   

داني بسترس: ..."ومشيت بطريقي"

"الراقصة الأرستقراطية". هكذا عُرفت داني بسترس، فهي تنتمي إلى عائلة بيروتية ثرية جداً لكنها محافظة جداً، عارضت دخولها عالم الرقص، لكن الأخير كان قد اختارها فتخلت عن كل شيء. عُرفت بشخصيتها الجريئة وأناقة رقصها. فهي تعلمت الباليه والتشاتشا وغيرهما من أنواع الرقص، ونالت جوائز عدة، حتى أصبحت من أبرز راقصات العالم العربي. رفضت استخدام كلمة "رقاصة"، وحرصت على سبك فنها بجماليات جعلت من الجسد غاية قبل أن يكون أداة، ورقصت بكل كيانها ووجهها الذي يفيض بالتعابير. شبهها كثيرون بالراقصة ناديا جمال. دراستها للفن أكاديمياً، وانفتاحها على أنواع مختلفة من الرقص الغربي، جعلاها تدمج بطريقة فريدة الإيقاعات الشرقية بالغربية، ففجرت طاقتها الداخلية والخارجية بهذيان مجنون ومضبوط في آن واحد. شاركت في برامج الطرب لسنوات طويلة، ورقصت على مسارح النوادي الليلية الكبرى. عُرفت أيضاً بحبها للتمثيل، وشاركت إلى جانب الفنان ملحم بركات في مسرحية "ومشيت بطريقي" التي لاقت أصداء واسعة. الصراع القاسي بين انتمائها العائلي وانتمائها إلى فن صعب أدخلها في عالم من القلق والاضطراب واليأس، توّجته وفاة وحيدها البالغ من العمر 17 عاماً غرقاً. وبالتمرد نفسه الذي دخلت فيه عالم الرقص، غادرت منتحرة برصاصة في الرأس عام 1998.  

ناريمان عبود: اعتزال "الحورية"

 

اسمها الأصلي ماري عبود. بدأت مشوارها أيضاً من نادي ملحم بركات عام 1987. حينها كانت الساحة اللبنانية ملأى بالراقصات، لكنها حجزت لنفسها مساحة من التميّز، في عالم عشقته منذ صغرها. عُرفت بالرقص وفق الطابع البلدي، وعلى إيقاع المواويل، كما عُرفت بإطلالتها الساحرة ورقصت في العديد من الدول. اعتزلت الرقص بعد زواجها من الفنان وسام الأمير، في التسعينات، وقالت مراراً إنه لم يجبرها على ذلك، بل هي اختارت عائلتها. لُقبت في الصحافة بـ"حورية الرقص الشرقي"، و"سامية جمال لبنان"، وحفظت لها الساحة الفنية لوحات عدة مثل "حبة حبة بالدلال"، و"ناريمان وبس"، واستعادتها فنانات كثيرات رقصن بعدها. بعد اعتزالها كان لها إطلالات خجولة، كما ظهرت في مقابلات مع زوجها. وأعلنت مراراً أنها تفكر في العودة إلى الرقص أو تعليم الرقص، لكن ذلك بقي في إطار التمنّي.  

هويدا الهاشم: "أنا كنت برقص بالعصا"

انطلقت في مجال الرقص الشرقي عام 1985، واشتهرت بشكل أساسي في البرامج التلفزيونية، حتى أصبحت نجمة مطلوبة على كل المسارح. عرفت بمتابعتها الدراسة الجامعية على الرغم من عملها كراقصة، وبثقافتها الفنية الواسعة. عام 1986 أطلت مع الفنان "ستراك"، عازف الطبلة الشهير، على شاشة "المؤسسة اللبنانية للإرسال" وبدت كأنها تتحدى الطبلة بسرعة أدائها وخفتها. عُرفت الهاشم بقدرتها على الرقص بالعصا. وأدخلت هذه "اللعبة" إلى عالم الرقص من بابه الواسع. كانت تعرف بأنها تحرك العصا بشكل دائري بمعدل 40 دورة في 10 ثوان، أي 4 دورات في الثانية، وهو تكنيك ذو حرفية عالية، خصوصاً أنها تمسك العصا من الطرف وليس الوسط. توارت الهاشم في أواخر التسعينات من دون أسباب واضحة، ونُسجت روايات عدة حول احتجابها وانتقالها للعيش في الخليج. أخيراً، وبعد غياب طويل، عادت الهاشم التي عرفت بـ"أسطورة الرقص الشرقي" للظهور، فأسست صفحة على Facebook، وظهرت على التلفاز معلنة عودتها.  

رنين: "شمبانبا الرقص الشرقي"

 

اسمها الأصلي كاتيا جبارة. بدأت مشوارها الفني عام 1988، وتألقت على المسارح في العديد من دول العالم. لقبها الصحافي الراحل جورج ابراهيم الخوري بـ"شمبانيا الرقص الشرقي". اعتزلت في عز شهرتها في منتصف التسعينات، من دون أن تعلن الأسباب. بالكاد يتذكر عالم الفن اسم "رنين"، خصوصاً أن معظم وصلاتها الفنية لا أثر لها على المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي. أطلت أخيراً في مقابلة صحافية، قالت فيها إنها راضية عن مسيرتها التي أشبعت شغفها بالرقص، والشهرة لم تعد تعني لها شيئاً. انتقدت المشهد الراقص حالياً، وقالت إنه لا يمت للرقي بشيء، بل مجرد عمليات تجميل، تُفقد الفنانة رونقها. تذكرت رنين ماضيها بمحبة واعتزاز، وتأثرت بذكرى رقصها على أغنية الفنان محمد عبد الوهاب "من غير ليه"، لكنها أكدت بأنها لا ترغب في العودة إلى حلبة الرقص.    

سمارة: سيدة الرقص الشرقي

تعتبر سمارة آخر فنانات ذلك الجيل المتميّز. اسمها الأصلي طاهرة. عراقية الأصل. تأثرت بمدرسة الفنانة نادية جمال، وبدأت الرقص عام 1982. أصرت على تقديم فن راق يزيل من الأذهان فكرة "هز الخصر". لقبت بـ"سيدة الرقص الشرقي"، وأثبتت على مدى سنوات جدارتها باللقب. عرفت برقصها على أغاني أم كلثوم وألحان محمد عبد الوهاب، كما تميزت بإبداعها في تصميم بدلات رقص مختلفة. كانت لها تجربة سينمائية واحدة في فيلم "الرؤية" مع النجم فؤاد شرف الدين. أقامت سمارة معهداً في البرازيل لهواة الرقص عام 1997، ومعاهد أخرى في الخليج، وتوارت عن الساحة الفنية في أواخر التسعينات.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image