شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
الاقتصاد السوري في خمس سنوات بالأرقام

الاقتصاد السوري في خمس سنوات بالأرقام

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

اقتصاد

الثلاثاء 15 مارس 201610:00 م
تسببت الأزمة السورية خلال خمسة أعوام بخسائر وصلت قيمتها إلى 35 مليار دولار. هذه التكلفة تكبدتها دول المنطقة المجاورة لسوريا وفق أرقام البنك الدولي المنشورة حديثاً. أما خسائر الاقتصاد السوري فهي تبلغ أضعاف هذا الرقم من أي زاوية أردت النظر إليها. بحسب تقرير أعده المركز السوري لبحوث السياسات فقد بلغت الخسائر حتى نهاية 2014 حوالي 202 ملياري دولار. خلال السنوات القليلة الماضية ظهرت بضعة تقارير مفصلة ترصد حالة الاقتصاد السوري في الحرب وآثارها السلبية عليه من الجانبين الكلي والجزئي. سنحاول هنا التعرف بإيجاز على تلك الآثار مع نظرة مستقبلية حول النهضة المتوقعة بعد انتهاء الحرب.  

الاقتصاد السوري قبل 2011

يوصف الاقتصاد السوري بـ"المتنوع" فهو مبني على هيكلية سليمة تجعل كل القطاعات تساهم بنسبة جيدة في الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ 64 مليار دولار يشكّل القطاع الخاص منها أكثر من 75%. وفي تحليل هيكلية الاقتصاد نجد مساهمة قطاع الزراعة هي الأقل 17% والخدمات هي الأعلى 54% والصناعة 28%. وكانت معدلات البطالة وفق الأرقام الرسمية 8% وهو أقل من المتوسط العالمي. وسوريا دولة غير نفطية انتاجها كان حوالي 385 ألف برميل، يشكل نسبة صغيرة من الناتج المحلي الإجمالي لا تزيد عن 7%. وكان لديها اكتفاء ذاتي في الكثير من المنتجات وحتى تصدير الفوائض كالكهرباء والدواء.  

الاقتصاد السوري في ظل الحرب

لا تتوفر أرقام دقيقة ومحدّثة دورياً عن الآثار السلبية للحرب على قطاعات الدولة المختلفة. كل ما هنالك هو تقديرات من مصادر حكومية أو غير حكومية كالمنظمات الدولية التي أعدت تقارير عدة عن فترات مختلفة من الحرب لا سيما في العامين الأولين حيث بلغت الخسائر عام 2011 فقط 12.5 مليار دولار وفق إحدى الدراسات. بحسب البنك الدولي فإن التقديرات تشير إلى انخفاض إجمالي الناتج المحلي السوري بنحو 15% عام 2015. وارتفع معدل التضخم بشكل جنوني عام 2013 حتى وصل إلى 90% ما أدى لانخفاض حاد في القوة الشرائية لليرة السورية أمام الدولار إذ ارتفعت من 50 إلى أكثر من 300 ليرة لكل دولار وحالياً وصل إلى أعلى من 400 ليرة (مارس 2016). ومع أن سوريا لا تعتمد على النفط في ناتجها المحلي الإجمالي الذي كان يشكّل 7% منه فقط، انخفض انتاجها بشكل كبير من 385 ألفاً إلى 9688 برميل يومياً أواخر 2015، وبالتالي انخفضت العائدات من 4.7 مليارات دولار في 2011 إلى 0.14 مليار دولار في 2015. وبحسب وزير النفط فإن خسائر قطاع النفط تجاوزت 50 مليار دولار. بسبب الانعكاسات السلبية للحرب على موازنة الدولة، كان أمام الحكومة طريق واحد هو خفض النفقات وإلغاء الدعم تدريجياً خاصة على المواد التي كانت تكلفها مبالغ طائلة كالوقود والكهرباء والخبز. أما قطاع التربية فقد بلغت خسائره أكثر من 235 مليار ليرة بسبب خروج 5 آلاف مدرسة من الخدمة لتضررها كلياً أو جزئياً. علماً أن قطاع الصناعة، بجانبه الحكومي، بلغت خسائره أكثر من 61 مليار ليرة نتيجة تضرر المصانع أو توقف الإنتاج، ولا توجد تقديرات حول القطاع الخاص الصناعي في المدن الصناعية أو غيرها حيث تعرضت للكثير من الأضرار وسرقة الآلات. في حين أن قطاع الصحة كانت أضراره 6 مليارات ليرة وتدمرت بضعة مستشفيات حكومية بعضها كان رائداً على مستوى البلد، بالإضافة إلى خروج عدة مصانع أدوية عن العمل. ومن القطاعات الحيوية التي لامس توقفها كل مواطن، الكهرباء بعدما بلغت خسائره المادية أكثر من 400 مليار ليرة بحسب مدير المؤسسة العامة للتوزيع. من ناحية ثانية فإن اقتصاد الحرب يجلب الازدهار إلى قطاعات ونواح تنشط مع ارتفاع حدة الصراع. التهريب مثلاً والذي يشمل كل شيء من البضائع والبشر، وصل إلى مستويات غير مسبوقة بخاصة على الحدود الشمالية مع تركيا. عدا أن اقتصاد الظل أصبح أوسع لتجد على الأرصفة بسطات تبيع مواد جديدة لم يكن المستهلك السوري يحتاجها قبل الحرب كالحلول البديلة للإضاءة أو توليد الكهرباء عبر مولدات الديزل، أو حتى بيع المشتقات النفطية في السوق السوداء أو القيام بأنشطة ممنوعة مثل تحويل العملة.  

الاقتصاد السوري بعد الحرب

بحسب التجارب التاريخية في ألمانيا واليابان، فإن فترة بعد الحرب تعد فرصة يمكن أن تقود البلد إلى نهضة حقيقية لو أحسنت استغلالها. لكن هذه النهضة تتطلب إجراءات قد تكون قاسية أو غير مسبوقة للوصول إليها. ويرى الدكتور في الاقتصاد عبد الرحمن الجاموس أنه يجب إعادة النظر في اختصاصات البنك المركزي واستقلاليته الحقيقية ليعطي ثقة في الاقتصاد ويجذب المستثمرين، وهي خطوة أساسية في سبيل الانفتاح الاقتصادي. ولأن فترة بعد الحرب تستوجب الإعمار وإطلاق المشاريع الجديدة، يحذر الجاموس من التوسع في المشروعات الكبيرة ويحبذ دعم المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر وحاضنات الاعمال لامتصاص البطالة وإعادة توزيع الخارطة الاستثمارية لتصل الى الأرياف ولتخفيف الضغط عن مراكز المدن من خلال دعم المشروعات الزراعية والاهتمام بالصناعة الزراعية المتكاملة بدلاً من تصديرها كمواد خام، مما يخلق قيمة مضافة ويرفع من معدل التشغيل من ناحية، ويساعد مواطني الأرياف على الاستقرار وعدم الهجرة نحو المدن من ناحية ثانية. أخيراً تجدر الإشارة إلى إمكانية استخدام عقود BOT (البناء والتشغيل والنقل) بدلاً من الخصخصة الكاملة لتنفيذ مشاريع تعجز عن تمويلها خزانة الدولة، وإن لزم الأمر يمكن الاستفادة من عقود الإدارة.  
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image