ترجمة عن المقال المنشور باللفة الإنغليزية على مدونة Crew تحت عنوان: [Get out of your mind and start something]، لـAndrea Ayres.
عندما تقررون البدء بمشروعٍ جديد، يلعب الحوار الذي تجرونه في عقلكم دوراً في زيادة الشكوك، ما يؤدي بكم إلى التخلي عن فكرتكم قبل البدء بتنفيذها. يمكن لمراجعة الذات بطريقةٍ سلبية أن تقف حاجزاً في وجه إنتاجيتكم، لكن لحسن الحظ يمكنكم التخلص من تلك الأفكار السلبية، والبدء بتطبيق خططكم على أرض الواقع.
حسنًا، حان وقت العمل، سأبدأ الآن.
وبعد ساعةٍ... لا شيء.
يحدث ذلك على الأقل 30 مرةً في اليوم، إذ أبدأ بالتركيز على العمل، وفجأةً تعترض الأفكار السلبية طريقي، فكلما كثرت الأمور التي عليّ القيام بها إزداد الوضع سوءاً.
يتخطى الحوار مع الذات لدى بعض الأشخاص حدود الإرباك، ليقف عائقاً أمام الإبداع ويدمر الإنتاجية. ولكن هنالك طرقاً عدة لمحاربة الحوار الذاتي السلبي.
ما هو الحوار الذاتي؟
إذا قمتم يوماً بجعل ألعابكم تتكلم، أو إذا تكلمتم مع أنفسكم أثناء أدائكم لمهمةٍ ما، فإنّكم تنمون مهارات الحوار الذاتي. يبدأ الإنسان بتنمية هذه المهارة بين عمر الخامسة والثالثة، وعند بلوغ سن الرشد يصبح الحوار مع الذات مكوناً من مكونات الشخصية.
يمكِّن الحوار مع الذات المرء من الشعور بالاستقلالية النفسية، بمعنى آخر، يعطينا القدرة على تنظيم الذات، ومن دونه سنفتقر إلى الوعي كما سنواجه صعوبةً في أداء المهمات التي تتطلب منّا الحفظ. يرافقنا الحوار الذاتي على مدار اليوم، لذا من المهم تعلم كيفية تسخيره لمصلحتنا.
تجري عملية الحوار مع الذات في منطقتين من الدماغ معروفتين باسمين هنا "بروكا" Broca و"فيرنيك" Wernicke، وقد سميتا بهذين الإسمين تيمناً بالعالمين الذين قاما باكتشافهما. تقوم منطقة "بروكا" بإعطائنا القدرة على استعمال اللغة، بينما تقوم منطقة "فيرنيك" بالتحكم بفهمنا للغة.
الاختلالات المعرفية التي تعوقنا
لا يشكل الحوار الذاتي مشكلة، إنّما نوع الحوار الذي يختار عقلنا اعتماده هو ما يسبب المتاعب. فعندما يعتمد دماغنا أسلوب حوارٍ سلبي، يمكننا القول إننا دخلنا في مرحلة الاختلالات المعرفية. يحصل الاختلال المعرفي حين يحاول دماغكم إقناعكم بأمرٍ ليس بالضرورة صائباً، له علاقة ٌبكم أو بالعالم من حولكم. مثًلا عندما تعلقون في دوامة أفكار سلبية وتبدؤون القول إنكم لستم جيدين في أمر ما، لذلك لن تفعلوه أبداً.
وفي ما يلي بعض أنواع الاختلالات المعرفية وبعض النصائح حول كيفية الحؤول دون حدوثها:
الكل أو لا شيء
يحدث ذلك عندما نفكر بأمرٍ ما على أنه إيجابي بالمطلق أو سلبي بالمطلق، ولا نقبل بأي نوع من الفرضيات، سواءً تعلق الأمر بشخص أو بتجربة.
مثلًا: "لم أفعل كذا لذلك فإن المشروع برمّته كان فاشلاً".
جرّبوا هذه الطريقة: حاولوا التفكير مجدداً في ما تقولونه لأنفسكم، وراجعوا المشكلة من منظورٍ مختلف، واسألوا أنفسكم إذا كانت مقاربتكم منطقية. هل فعلاً فشلتم في الاختبار؟ أو قمتم فقط بارتكاب بعض الأخطاء؟ حاولوا تجنب استعمال كلماتٍ كـ"دائماً" "أبداً" و"كلّ".
المبالغة في التعميم
هي عندما نؤمن بأنه بسبب شيءٍ ما سيئ حصل في الماضي، ستبقى الأمور بالسوء نفسه.
مثلًا: "لم يكن أدائي جيداً في المرّة الأخيرة التي تكلمت فيها أمام جمهور، لذلك لن أفعلها مجدداً".
جرِبوا هذه الطريقة: مثلًا حاولوا تجنيب أنفسكم المبالغة في التعميم، واسألوا أنفسكم إن كان من العادل توقع كيف سيكون أداؤكم اليوم استناداً إلى تجربةٍ فاشلة في الماضي.
الحد من الإيجابيات
أي عندما نقلل من أهمية الأمور الإيجابية، ونصب كل تركيزنا على النواحي السلبية.
مثلًا: "قالوا إنهم أعجبوا بعملي، لكن من المحتمل أنهم يحاولون فقط ملاطفتي، لأنهم يأسفون لأمري".
جرّبوا هذه الطريقة: اسألوا أنفسكم ما الذي يجعلكم سعداء، وما الذي يجب حصوله كي تتقبلوا أمراً إيجابياً، وحاولوا أن لا تعارضوا الأشخاص الذين يعطونكم تعليقات إيجابية على عملٍ أديتموه.
التحليل العاطفي
أي عندما عندما نلجأ لشعورنا لنقرّر ما إذا كنا سنقوم بأمرٍ ما أو سنمتنع عنه. عواطفنا بطبيعتها غير موضوعية، ومن الممكن أن تعوّق قدرتنا على رؤية الأمور من منظورٍ واقعي.
مثلًا: "أشعر أنني بلا فائدة لذا لا بد أن أكون عديم النفع".
جرّبوا هذه الطريقة: عندما تراودكم هذه الأفكار، حاولوا منع أنفسكم من متابعة التفكير، والجؤوا إلى التحليل المنطقي. لماذا تشعرون أنكم أغبياء؟ هل هذا الشعور مبني على أُسس واقعية؟ يمكنكم اللجوء إلى صديقٍ وطلب المساعدة لتجنب هذه الأفكار.
التشخيص
أي عندما نلقي باللوم على أنفسنا عند حصول أمر سيئ لم نكن مسؤولين عنه.
مثلًا: "ليتني قمت بفعل كذا لكان المشروع برمته قد نجح".
جرّبوا هذه الطريقة: حاولوا تحديد الشعور الذي يرافق التشخيص. هل أنتم فعلاً مسؤولون عن حزن صديقكم؟ أم هل أنتم قلقون بشأن موضوعٍ آخر؟ قد يساعدكم هذا في بعض الأحيان على معرفة أن ليس للأمر علاقةٌ بكم. أعيدوا توجيه تركيزكم على الأشياء التي يمكنكم التحكم بها.
إذا ما لاحظتم أنكم لا تزالون ترتكبون الأخطاء حاولوا تذكر الخطوات التالية:
تعرّفوا
التعرف إلى الحوار الذي تجرونه مع ذواتكم يمَكنكم من استعادة السيطرة عليها، فحين تقولون إن الجميع يكرهونكم، حاولوا معرفة الأسباب التي أدت بكم إلى هذه الخلاصة. إن التعرّف إلى أفكاركم التلقائية هو الخطوة الأولى نحو تغييرها.
راقبوا
اختر الكلمات التي تستعملها بعناية، وتجنب التعميم والكلمات العاطفية. فبدلاً من استعمال كلمة "كره" استعمل كلمة "عدم الإعجاب"، ما يجعل أفكارك تنطلق من منظورٍ أكثر واقعية.
بدّل
عندما يصبح الحوار الذاتي سلبياً تحدّوه. حاولوا تبديل الجمل السلبية التي تدور في أذهانكم إلى أسئلةٍ، فبدلاً من القول "لن أستطيع إتمام المهمة أبدًا"، أطرحوا السؤال التالي: "كيف لي أن أنفذ المهمة؟". يمكنكم ذلك من التخلص من السلبية ويضعكم موضع قوةٍ في مواجهة أفكاركم وأفعالكم.
لا ينبغي لنا تقبل هذا النوع من الحوار الذاتي غير المنتج والمؤذي، لذلك عند تحديد الأخطاء وتحدّيها يمكننا الحد من تأثيرها مع مرور الوقت ما يفسح المجال أمام الابتكار.
"لا يمكنني كتابة جملةٍ ختاميةٍ واحدة. إنني أسوأ إنسانٍ على وجه الأرض".
ما من أساسٍ لهذه الأفكار على أرض الواقع، إلا أنها تراودني كثيراً. المسألة ليست مسألة أنني لا أستطيع كتابة جملة ختامية، إنما هي مسألة خوف من أن يكون ما كتبته ليس جيداً.
لا يشكل الحوار الذاتي مشكلة، إنّما نوع الحوار الذي يختار عقلنا اعتماده هو ما يسبب المتاعب
أعلم أنني لست الشخص الموثوق به لاعتماد رأيه عندما يتعلق الأمر بعملي وبنفسي، لذلك أقوم بتوظيف المقرّبين منّي ليساعدوني على تحدّي الحوار الذاتي السلبي. أترجم الأفكار إلى كلمات وأعالج كل مسألةٍ على حدة، وأنا أتكلم مع نفسي بصوتٍ مرتفع. يساعدني ذلك على الشعور بسذاجة أفكاري السلبية، وهذا ما يمكنني من التخلي عنها.
أشعر بتقدمٍ، حتى أصبح من السهل عليّ مواجهة أفكاري السلبية ومتابعة عملي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...