قبل بضعة أشهر، تمت قرصنة الترجمة العربية للجزء الأول من السلسلة الأدبية "أغنية الثلج والنار A Song of Ice and Fire" للروائي الأمريكي وكاتب الدراما جورج مارتن George R.R.Martin.
صدرت الترجمة العربية بعنوان "لعبة العروش"، بتوقيع هشام فهمي عن دار التنوير في أواخر نوفمبر عام 2015. ومع بداية العام الجديد كانت نسخ مقرصنة منها بصيغة Pdf قد طرحت إلكترونياً. تقوم دار النشر حالياً بالإبلاغ عن الروابط المتاحة على الإنترنت لهذه النسخة. كذلك تمّ إبلاغ إدارة موقع Facebook، وموقع مشاركة الملفات 4shared، ثم مطاردة النسخ المقرصنة على بقية المواقع، ومنها مدونات تحميل النسخ الرقمية من الكتب.
الآثار السلبية للشعبية
يوضح المترجم هشام فهمي لرصيف22 :"كنّا نعرف أن هذا سيحدث، فجميع الكتب تقريباً تسرق إلكترونياً. لكن رد فعلي ارتبط بمن شَمَتَوا في التسريب، كأن الناشر يُعاقَب بهذه الطريقة على تسعير كتابه بما يضمن له استرداد، ولو جزء مما دفعه، لأن القارئ العربي يستحق أن تصدر له ترجمة للرواية بلغته بعد 40 لغة أخرى سبقته!"
رغم أن رواية A Game of thrones صدرت عن دار النشر الأمريكية Bantam Spectra في العام 1996، فلم تترجم إلى العربية إلا في أواخر عام 2015، بعد أن حوّلها مؤلفها إلى سلسلة الدراما الشهيرة Game of thrones (من إنتاج شبكة HBO عام 2011). ومن المنتظر أن يعرض الموسم السادس في أبريل المقبل. في حين أعلن مارتن أن جزءاً سابعاً سيكون المتمم لسلسلته الأدبية والدرامية على حد سواء. لكن بعد هذه القرصنة، تجدد النقاش مرة أخرى حول حقوق الملكية الفكرية.
يعتبر فهمي أن القرصنة ليست مشكلة الناشر وحده، فحين يتعرض الناشر لمشكلة كهذه مرة تلو الأخرى سيعيد التفكير في مسألة متابعة ترجمة أجزاء هذه السلسلة.
بلا حقوق
علماً أن جميع المصنفات الفنية والأدبية في مصر محمية حسب القانون الرقم 82، بشأن حماية الملكية الفكرية لعام 2002، وكل من اتفاقيتي برن (1886) وتريبس (1995)، والعقوبات تتنوع بين المصادرة والتعويض، حسب تقدير القاضي. كذلك الحبس لمدة شهر أو ثلاثة إذا تكرر هذا الانتهاك. على الرغم من هذه الحماية القانونية، تُعدّ مصر جنة انتهاك حقوق الملكية، إذ يتمّ التعامل معها بتجاهل كأنها إرشادات استعمال لا تهم أحداً أو تلزمه، حتى أن غالبية ما نستخدمه ليس إلا نسخاً غير أصلية.
هل يمتلك القرد حقوق الملكية الفكرية لصورته السيلفي؟
القرصنة لا تتوقف، وعلى الرغم من أن هذا الجدل تحدد المحاكم أثمانه، يبقى سؤال "أصلية أم مقرصنة؟" مطروحاً عند ممارسة أي فعل سواء كان القراءة، أو المشاهدة، أو تعاطي الدواء، أو شراء أي منتج. وإن كان شرطاً مثل المنفعة العامة، يسمح للدولة المصرية تجاهل براءات الاختراع وحقوق الملكية، فإن مُستخدِم الإنترنت المصري يفعل ذلك لأسباب مختلفة أبرزها وجود رقابة، في حالة الأفلام، أو للهروب من دفع ثمن هذه النسخ في حالة برامج ونظم التشغيل.
أين حقوق اليونان؟
يستشهد المترجم والكاتب أحمد شافعي بمقولة لجان لوك غودار Jean Luc Godard، قالها بشأن أزمة اليونان، إذ كان الناقد والمخرج السينمائي الفرنسي، يعتبر أن كل إنسان عليه أن يدفع لليونان 10 يورو عندما ينطق كلمة "إذاً"، لأن اليونان هي التي ابتدعت المنطق. حول ذلك يعلق شافعي: "لكن محصلاً يونانياً لا يطرق أبواب بيوتنا في كل مدينة وقرية في العالم لتحصيل حقوق ملكية "إذاً" الفكرية. الحضارة الإنسانية قامت على هذا التبادل للمعرفة، ولا أرى أن هناك ما يدعونا لتغيير هذا النهج، إلا لو اكتشفنا أن دورنا الأهم في الحياة هو أن نساعد حفنة ناشرين جشعين على الثراء".
ويؤكد شافعي أنه ضد حقوق الملكية الفكرية في وضعها الحالي، ويقول: "بالطبع أنا ضد أن يمتلك كاتب حقوق كتابه طوال حياته، ثم يمتلكها ورثته لعقود بعد وفاته. ضد أن تحتكر شركة تصنيع دواء وتفرض سعرها على مرضى العالم. ضد الجشع على حساب حق البشر البديهي، في الحياة وفي المعرفة، والمقدم على حقهم الأناني في التملك". لكنه يرى أنه لن يعترض على هذه الحقوق، لو أن الكاتب والناشر يمتلكانها لفترة قصيرة. فيوضح: "لسنة مثلاً أو سنتين، ثم يتاح الكتاب لمن يريده ويستحقه". ويضيف: "ثم إنني لا أرى مشكلة في أن يغلق الناشرون دورهم. ولو أدت القرصنة إلى هذا، ولا أعتقد أن هذا سيحدث، وإذا حدث فمرحباً به. سيتجه الناشرون إلى نشاط آخر، تجارة المخدرات مثلاً، ونحن سنستمر في الكتابة والترجمة والنشر بالمجان عبر الانترنت، وسيستمر الناس في القراءة والاستمتاع، خصوصاً أن الكتاب والمترجمين على مدار التاريخ لم يظهروا بسبب سخاء الناشرين، بل العكس. وجودنا نحن جعل هناك أحداً اسمه الناشر". أما مشاريع النشر الكبرى فسوف تهتم بها وزارة ثقافة أو جامعة، وإذا "لم تكن المؤسسات في مصر مستعدة لذلك من باب الجهل، فمؤسسات في الخليج مستعدة من باب الوجاهة"، حسب شافعي.
حق قرد في سيلفي!
وقد صدر أخيراً حكم القضاء الفيدرالي في ولاية سان فرانسيسكو الأمريكية بشأن عدم أحقية قرد لحقوق ملكية صوره لأنه ليس إنساناً. نشرت هذه الصور السيلفي selfie للقرد في كتاب wildlife personalities، الصادر عن دار Blurd في سان فرانسيكسو عام 2014، للمصور البريطاني ديفيد سلانتر David J. Slater.
حرّكت الدعوى منظمةُ "ناس من أجل معاملة أخلاقية للحيوانات" PETA، في سبتمبر الماضي، للمطالبة بحقوق هذا القرد في صوره، وإن كانت مأخوذة بكاميرا سلانتر. رغم طرافة هذه الحكاية لا ينفي ذلك أن الجدل حول حقوق الملكية لا يزال مفتوحاً.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين