يستيقظ البعض في أولى ساعات العام الجديد، مع لائحة من القرارات المفترض أن تغير حياة الفرد للأفضل، بدءاً باتباع نظام غذائي "دايت"، مروراً بتقليص المصروف لشراء سيارة جديدة رياضية، وصولاً إلى العمل بجهد ومحاولة إرضاء المدير.
هل فكّر أحدكم باتباع دايت أو حمية جدّية على استهلاك البورنو؟ معظمنا يستهلك البورنو حتى ولو بوتيرة مختلفة، بعضنا مدمن إلى حدٍ يؤثر على العلاقة الزوجية أو العلاقة الاجتماعية، والبعض الآخر يشاهد فيلماً إباحياً مثيراً، لإزالة إرهاق النهار. هل الكثير أو القليل من البورنو يؤذي صحة الإنسان؟ متى تتحوّل تلك الهواية إلى إدمان وكيف يتم معالجتها؟ وهل عليك أن تتبع حمية البورنو؟ممارسة العادة السرية أمرٌ طبيعي بل حتى مفيدة للصحة لدى الرجال، تمنع سرطان البروستات، تحسن الأداء الجنسي مع الشريك، وتقوّي المناعة. ولكن كأي شيءٍ في الحياة، المبالغة في ممارستها قد تقلب المقاييس رأساً على عقب، خصوصاً إذا ترافق الأمر مع أفلام إباحية هاردكور.
4 كلمات قد تغيّر نظرتك للموضوع، أو تدفعك لفهم ما يحصل داخل فراش الحب: عدم القدرة على الانتصاب. سيدتي لا يعني ذلك أنك لست معنية بظاهرة الإدمان على البورنو، ولكن الإحصائيات أكّدت في بلادٍ عدة أن الرجل يهوى البورنو أكثر بكثير من المرأة، لذلك سيعالج الموضوع الإدمان الذكوري بشكلٍ أوسع.
ماذا يحصل في دماغ البورنوفيل؟
نعني بالبورنوفيل الشخص العاشق لأفلام البورنو، وما يحصل حين يمارس هوايته المفضلة، هو إفراز هائل من الدوبامين، ومع مشاهدة الكثير من الأفلام والوضعيات، تصبح الأجهزة المسؤولة عن إفراز الدوبامين أقل حساسية، ما يعني أن لدى ممارسة الحب مع الشريك يصبح إفراز هذا الهرمون أصعب، كذلك الحصول على انتصاب. النتيجة هي أنك ستحتاج للمزيد من البورنو لتتمكن من الشعور بالنشوة، بما أن العلاقة الجنسية لم تعد تشعرك بالرضا. فتدخل في دوامة قلة الثقة بالذات وبالشريك، ويزداد الإرهاق والقلق في حياتك اليومية، بينما أنت في الأصل اتجهت نحو البورنو للتخفيف من حدتهما.
يتناول Gary Wilson في حديثٍ عبر TEDx تحت عنوان “The great porn experience”، موضوع الإدمان على البورنو، وبطريقةٍ مثيرة للاهتمام يؤكد أن ضمن كافة الأنشطة على الانترنت، البورنو هو المرشح الأول للإدمان الفردي. ويشرح كيف يتحول البورنوفيل إلى إنسانٍ أقل عرضة لتطوير المهارات والعلاقات الاجتماعية بتفضيله تمضية الوقت وحيداً، وكيف يصبح عطشاً لعناصر الإثارة والمفاجأة، خصوصاً كيف تقتل مشاهدة البورنو الأداء الجنسي لدى الرجل.
جدال الأساطير
كانت الموضة قديماً أن العادة السرية تسبب فقدان البصر، ولم يفقد بصره أحد بتلك الطريقة حتى الآن! وتكاثرت الأخبار والأساطير لزرع الخوف في البورنوفيل الاجتماعي، وكان آخرها أن مشاهدة البورنو يقلّص من حجم دماغ الإنسان. وبالفعل نشرت المواقع الإلكترونية منذ فترة دراسة قام بها باحثون من Max Planck Institute في برلين، ترجّح أن القسم من الدماغ الذي يعمل حين يشعر الإنسان بالإثارة والحماس، يصغر وتخفّ فعاليته مع تعدد مشاهدة البورنو. شارك في الجدال حول تلك الدراسة الكاتب العلمي Christian Jarrett من موقع Wired، ومن خلال التمعن في اللغة العلمية المستخدمة في الدراسة، طرح السؤال بنظرةٍ أخرى تشكك بالنتائج: هل بالفعل يتقلص ذلك القسم من الدماغ لدى مشاهدة أفلام البورنو بكثرة؟ أم أن الأفراد الذين يملكون ذلك القسم من الدماغ أصغر من غيرهم، يميلون إلى مشاهدة البورنو أكثر؟ جمهور البورنو كان سيمنح جائزة نوبل للسلام لذلك الكاتب لو تمكن، لأنه أسقط الدلالات العلمية عن الأذى الذي قد يلحق به البورنو بالدماغ، خصوصاً حين ختم قائلاً: "مشاهدة البورنو باعتدال لن يؤذي دماغك".
[br/]
وعلاقتك الحميمة في كل ذلك؟
أظهرت الدراسات أن مشاهدة البورنو بطريقة غير معتدلة تؤثر على العلاقة مع الشريك من نواح عدة. نشر موقع Psychologytoday منذ عامين دراسة برهنت أن العلاقة الخالية من البورنو هي أمتن من غيرها، وبهذا تكون معرضة أقل لحالات الخيانة. العلاقات الحميمة هي أكثر صراحة باللغة النفسية والجنسية، ما يسمح للشريكين بتجنب الخيانة بسهولة أكبر. فمشاهدة البورنو تدفع الفرد، والرجل خصوصاً، إلى التفكير أن الفرصة في إيجاد الشريك الجنسي المثالي له كبيرة بحجم الكرة الأرضية، ما يجعله ينفتح جنسياً على المعجبين والمعجبات، بطريقة سرية عن الشريك أو بعد إنهاء العلاقة معه. فهذه الأفلام تجعل الخيانة أو تعدد الشركاء أمراً مثيراً قد يحل مشكلة الانتصاب، فكيف بإمكانك صدّ الإغراء لما يقف أمامك؟
[br/]
وماذا الآن؟
الآن إبدأ بتقييم نفسك: هل أنت مدمن على البورنو؟ هل البورنو يؤثر على علاقاتك الجنسية والعاطفية؟ وإذا كان الجواب نعم، اطرح على نفسك هذا السؤال: كيف أوقف ذلك الإدمان، لنأتيك بالجواب. موقع Sexgodproject يقترح حلاً عملياً من الناحية النفسية، إذ ينظر للمارسة كعادة يتعذر التخلص منها، ولكن من الممكن استبدالها بعادة أخرى. الرتابة هي من ميزات الإنسان إذ تسهل له حياته اليومية، وتدفعه إلى القيام بمجهودٍ أقل، ولكن المشكلة أن لاوعي الإنسان لا يعرف التمييز بين الروتين الجيد والسيء، وعلى الوعي بنفسه أن يحدّد العادة الإيجابية له.
الدوبامين هي المكافأة الكبرى التي يتوق لها العقل أثناء مشاهدة هذه الأفلام، والروتين لن يسمح إلا بذلك التسلسل المسيل للرغبة. ويوم تقرر بكل قناعة أنك تريد التخلي عن هذه العادة، حاول أن تنتبه إلى التفاصيل التي تؤدي إلى مشهد "أنت خلف شاشة البورنو"، منها الحالة النفسية، التوقيت، المكان وغيرها. ومن هنا حاول التغلب على تلك العادة من خلال تفادي العناصر المؤدية إلى روتين البورنو. فإذا كان الإرهاق مثلاً هو الشعور الذي يسبق النشوة، اخرج من منزلك فوراً لممارسة الرياضة، وإن كانت العزلة في غرفتك هي التي توحي برومنسية البورنو، انقل الكومبيوتر إلى غرفة أخرى أقل حميمية، وإن كان التوقيت مناسباً لتتمكن من النوم عميقاً، حاول العمل على تحسين علاقتك الجنسية مع الشريك قربك، بكل صراحة وشفافية، أو ابحث عن شريك حقيقي خارج شاشة البورنو، ألا تظن أن الوقت قد حان؟
إسمع مجرباً ولا تسمع خبيراً!
إن لم تنفعك الاقتراحات السابقة لحل مشكلتك، تعرف على Niall Doherty، الذي قد قرر مشاركة تجربته الخاصة مع البورنو على مدونته الخاصة. يتحدث عن كيفية تغلبه على الإدمان على البورنو، والمثير للاهتمام أنه يعطي نصائح واقعية:
[br/]
- التأمل: ببساطة لأنه الطريقة الأفضل لتقوية الإرادة. 5 دقائق يومياً كافية، لست بحاجة لأن ترتمي على السجادة محاولاً إيجاد الوحي قبل التأمل.
- تجربة الـ30 يوماً: أن تعرف أن أمامك 30 يوماً من الصوم قبل المكافأة الكبيرة، التي قد تصل إلى 24 ساعة من البورنو الجريء، سيدفعك إلى الالتزام.
- يوم الغش: إذا كان الشهر طويلاً لعادتك تلك، فكّر أنه بإمكانك الغش، وبقدر ما ترغب، آخر الأسبوع وليومٍ بكامله!
- تخلّص من الأفلام الإباحية: كما تفرغ الثلاجة من المأكولات الدسمة حين تتبع حمية غذائية، أيضاً حمية البورنو تفرض عليك أن ترمي الأفلام الإباحية من مخزنك. حتى لو أنك تعرف أنه بإمكانك تحميلها ساعة تشاء، ولكن مجرد حذفها سيشكل عائقاً أمامك، فلمَ لا تكثر من العوائق!
- استعن بصديق: أن تخبر صديقاً بالحمية التي تتبعها قد يساعدك على المثابرة، اتصل به حين تشعر بالحنين إلى البورنو، أو حتى راهنه على أنك ستدفع له مبلغاً كبيراً من المال إذا فشلت محاولتك.
- مارس العادة السرية: حسناً أن تتوقف عن إدمان البورنو لا يعني أنه يجب أن تتخلى أيضاً عن العادة السرية، ولو لمرات معدودة، خصوصاً إذا كنت لا تملك حياة جنسية نشطة.
- انفتح على الآخر: الحد من إدمان البورنو لن يجعل منك دون جوان الحي فجأة، عليك أن تتعلم الانفتاح على الآخر لتتعلم شيئاً فشيئاً وسائل المغازلة الحقيقية.
- اقبل الانتكاسات: قد تفقد السيطرة على نفسك أحد أيام الدايت، فترتمي على فيلمٍ إباحي بكل شراهة، قل لنفسك حينها إنه لا بأس، ولا تنظر إلى نفسك على أنك فاشل أو تكرهها، افعل ذلك واكمل مسيرتك، فستصل يوماً ما إلى غايتك.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...