جنوب شرق المملكة المغربية، تطلّ مدينة مرزوكة التي يلقبها السياح بـ"بحر الرمال"، والتي تبعد مسافة 130 كيلومتراً عن مدينة الراشدية. .تتمتّع هذه المدينة بمساحات رملية واسعة يقصدها الزوّار للتداوي من داء الروماتيزم.
يمكن الوصول إلى المدينة برّاً أو جواً. الطريق البرّية تنطلق من مدينة الراشدية التي تشكّل نقطة عبور لأي مسافر إلى المنطقة. ونظراً لمكانة المدينة وجاذبيتها، جرى تشغيل خط مباشر بين الدار البيضاء ومرزوكة بواسطة حافلة النقل العمومي خلال فصل الصيف. أما الطريق الجوّية، فتتمّ عبر الخط الجوي الذي انطلق مطلع الصيف الماضي بين الدار البيضاء والراشدية. لدى وصول المسافر إلى مطار مولاي علي الشريف، يحتاج إلى أن يستقلّ سيارة أجرة لبلوغ منطقة مرزوكة. بين الراشدية ومرزوكة، يأسر ناظريك خلاء المكان وسكونه الذي تكسره أمواج الرمال. عندما تصل إلى المدينة التي تبعد عن الحدود الجزائرية نحو 20 كيلومتراً، يفرض عليك مناخها وحبات الرمال التي تمتزج بالهواء وضع لثام على وجهك، حتى لا "تزعجك" العواصف الرملية التي تفاجئك بين الحين والآخر. وحين تسأل عن تاريخ المدينة وسكانها، تكتشف أن المنطقة كانت في الماضي غير مأهولة، وشكلت نقطة عبور للتجار المتوجهين إلى تمبكتو في مالي أو القادمين منها. كما أن المدينة، بحسب السيد نور الدين كفاح، وهو من سكان المنطقة، كانت محجّاً للرُّحل الذين ينتمون إلى قبائل "آيت عطا" الأمازيغية. يضيف نورالدين أن جزءاً كبيراً من هؤلاء اختار الاستقرار في المنطقة، بعدما اكتشفوا سحرها وجمالها. وحالياً هم أصحاب غالبية الفنادق ومراكز الإيواء بالمدينة. وقد اختار بعضهم الاستثمار في الفلاحة، وخاصة الثمور. في الصيف، تشكّل مرزوكة التي يقطنها ما يقارب 3000 نسمة مزاراً يحجه عدد كبير من السياح. وفيما ارتبط ذكر اسم الحمام بالماء، مرزوكة تمكّنك من الاستحمام في الرمال، إذا كنت تعاني مرضاً في المفاصل. يروي لنا السيد المحجوب حيدا، أحد المشرفين على عمليات الاستحمام الرملي، تفاصيلها. يُطمر الشخص الراغب في الاستحمام كاملاً في الرمل، باستثناء رأسه الذي تتمّ تغطيته بقبعة كبيرة ودائرية، تعرف بالعامية بـ"التارازا"، وهي شبيهة بقبعات المكسيكيين تفادياً لضربة شمس. تدوم عملية الطمر أو ما يطلق عليها بالعامية "الردم" بين 10 و15 دقيقة. خلال هذه الفترة، يقدم أحد المشرفين المرافقين للشخص المستفيد من عملية الاستحمام الرملي، جرعات قليلة من الماء حتى لا يصاب بالجفاف جراء عملية الامتصاص التي تقوم بها الرمال. يسبق عملية الطمر، بحسب المحجوب، تهيئة أماكن الدفن الشبيهة بالمقابر. يقوم بهذه العملية أبناء المنطقة منذ الصباح الباكر، حتى يتسنّى لهذه الحفر اكتساب حرارة أكبر من أشعة الشمس وتكون جاهزة لاستقبال الراغبين في العلاج. يضيف السيد حيدا لرصيف22 أنه قبل القيام بعملية الطمر، يطلب من الزائرين الصيام عن تناول الطعام والمشروبات الباردة والمياه، ويتمّ قياس ضغطهم الدموي. مباشرة بعد انتهاء الطمر، يُستخرج الشخص ويلف بلحاف من الصوف أو ما يعرف بالعامية المغربية بـ"مانطة" أو "البطانية"، وذلك درءاً من أي تيار هوائي. ثم يُدخل إلى إحدى الخيمات القريبة من مكان الطمر من أجل الاسترخاء وتناول مشروب ساخن ممزوج بالأعشاب، بهدف التعرق. ويمكن للشخص أن يقوم بهذه العملية خلال ثلاثة أيام أو أربعة من أجل إكمال العلاج. بعد قضاء ما يقارب 15 دقيقة في الخيمة، يتوجه من قام بالعلاج إلى أحد الحمامات التقليدية الموجودة في المنطقة للاستمتاع بحمام دافئ في المياه الساخنة.يقول حمزة النعيمي، البالغ من العمر 44 سنة، وأحد المواظبين على زيارة المنطقة للعلاج من آلام المفاصل والروماتيزم، إن الاستفادة من حصة الاستحمام برمال مرزوكة، لا يتم اعتباطياً، وإنه قبل طمر أي زائر في الرمال، يقوم المسؤولون عن الحمام الرملي بقياس ضغط الدم لديه. ويضيف أن مرضى السكري والقلب يمنع عليهم منعاً باتاً الاستحمام في الرمال ويستطيعون الاستمتاع بالشمس فحسب.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...