شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
رواية

رواية "فرانكشتاين في بغداد" الفائزة بجائزة البوكر 2014

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الثلاثاء 31 مايو 201612:56 ص

يستلهم أحمد سعداوي فكرة روايته من الرواية المشهورة "فرانكشتاين" Frankenstein لماري شيلي Mary Shelley، فيأخذ "فرانكشتاينها" ويلبسه حلة عراقية، ثم يقذف به في جحيم انفجارات بغداد وأتون نيرانها.

بطل الرواية "هادي العتاك" تاجر عاديات، يسكن حي البتاويين، وهو الحي نفسه الذي تقطنه العجوز الآشورية "إيليشوا" التي فقدت ابنها "دانيال" في الحرب منذ أكثر من عشرين عاماً، وما زالت تنتظر رجوعه رافضة تصديق موته. جارها "هادي العتاك" يقوم بلملمة الأشلاء البشرية بعد كل تفجير يقع في منطقته، ليخيطها في جسد واحد يحتفظ به في بيته. هذه الأجزاء المخيطة مع بعضها ستبقى بلا وظيفة إلى أن تحلّ فيها روح هائمة، غادرت جسدها بعد تفجير، فتدبّ الحياة في الجسد الهائل، وينهض على صوت العجوز التي تظنه ابنها وقد عاد إليها بعد كل السنين الطويلة. "أشعلت العجوز بندائها هذه التركيبة العجيبة التي تكوّنت من الجثة المجمّعة من بقايا جثث متفرقة وروح حارس الفندق التي فقدت جسدها. أخرجته العجوز من المجهول عبر الاسم الذي منحته له: "دانيال". سرعان ما يبدأ ذلك الكائن الغريب بعملية انتقام واسعة من كل شخص تسبب في تفجير أو عملية إرهابية "إنه خلاصة ضحايا يطلبون الثأر لموتهم حتى يرتاحوا"، وشيئاً فشيئاً يبدأ جسده بالتفكك، مما يضطره إلى إزهاق روح كل من يصادفه ليستبدل الأجزاء المتحللة بأجزاء أخرى، فيتحول تدريجياً إلى وحش هدفه القتل فقط ليحافظ على بقائه. يصوّر الكاتب في روايته "عراق" ما بعد الاحتلال، عراق التفجيرات والعنف وشلال الدم، والقتل الطائفي، فينبذ هذه الصراعات جاعلاً من مخلوقه الفرانكشتايني كائناً دون هوية دينية أو إثنية، فهو مزيج مكوّن من أجزاء بشرية لأكثر من إنسان عراقي. قد يكون ما يكسب هذه الرواية أهميتها، هو عنصر التشويق البارز فيها، إضافة إلى حبكتها القوية والذكية، إذ أن "العتاك" يروي دائماً حكاية هذا المخلوق في مقهى "عزيز المصري"، مسمياً هذا المخلوق بـ "الشِسْمه" (الذي لا أعرف ما اسمه)، وهذه الحكاية تثير الصحفي "السوادي" فيقنع العتاك أن يسجل صوت "الشسمه"، على جهاز تسجيل يعطيه إياه، فيعيده بعد عشرة أيام وقد سجّل عليه فعلاً ما يقوله هذا الكائن: "كلهم مساكين، وأنا الرد والجواب على نداء المساكين، أنا مخلص ومنتظر ومرغوب ومأمول بصورة ما. (...) سأقتص، بعون الله والسماء، من كل المجرمين. سأنجز العدالة على الأرض أخيراً". بعد حصول السوادي على التسجيل، يكتب مقالاً فيستدعى إلى التحقيق، إذ أن هذا المخلوق مطارد فعلاً من قبل "دائرة المتابعة والتعقيب". تزداد حدة التشويق في الرواية وتبلغ ذروتها حين يدخل المؤلف كشخصية أساسية في الرواية، إذ تعثر الدائرة السابقة في حملة تفتيش تقوم بها، على مخطوط رواية استعان فيها المؤلف بشريط التسجيل السابق نفسه بعد وصوله إلى يده، إضافة إلى مجموعة وثائق حصل عليها عن طريق "مساعد" من الدائرة نفسها، تتعلق بشخصية ترتكب مجموعة جرائم قتل، ومطاردة من قبل السلطات. وهذه الشخصية ما هي إلا "الشسمه" نفسه.

"أرسل لي هذا المساعد الثاني تباعاً وعلى مدى أيام وثائق عديدة، يرى من الضروري كشفها للرأي العام، تتعلق بعمل مؤسسة رسمية (...) وكم كان مثيراً حين وجدت هذه الوثائق تتحدث عن أشياء لها صلة بالقصة التي رواها لي محمود السوادي". تتصاعد الأحداث بطريقة ممتعة ومدهشة في الفصلين الأخيرين من الرواية، لتنتهي نهاية مفاجئة، تتوج الحبكة الآسرة التي برع فيها "سعداوي".

يقع الروائي العراقي في فخ المباشرة في أكثر من موضع، وربما تكون هذه إحدى سلبيات الرواية، يضاف إليها اللغة الجافة في أغلب النص، والإكثار من التفاصيل التي لا تضيف إلى القارئ شيئاً بل تدفعه إلى الملل، ليبقى السؤال يحوم، كما في كل سنة، بعد فوز رواية بجائزة البوكر: هل فعلاً تستحق الرواية هذه الجائزة؟ وهل هي فعلاً الرواية الأفضل من بين كل ما كتب من روايات عربية على امتداد عام كامل، كما تؤكد لجنة التحكيم؟ أحمد سعداوي، روائي وشاعر عراقي، مواليد بغداد (1973). يعمل في إعداد البرامج والأفلام الوثائقية، وقد شارك عام 2012 في "الندوة" - ورشة الإبداع - التي تنظمها الجائزة العالمية للرواية العربية سنوياً للكتاب الشباب. صدر له في الشعر: "عيد الأغنيات السيئة"، وتعتبر رواية "فرانكشتاين في بغداد" التي فازت بجائزة البوكر العربية لعام 2014، روايته الثالثة، بعد روايتي "البلد الجميل" التي حازت الجائزة الأولى في مسابقة الرواية العربية في دبي عام 2005، و"إنه يحلم أو يلعب أو يموت" التي حازت جائزة هاي فاستيفال في عام 2010.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image