شهدت دبي هذا الأسبوع مزاد دار كريستيز للفن الحديث والمعاصر، وهو مزادها التاسع عشر في دبي، وقد أصبح باروميتر السوق الفنية العربية، إن لم يكن محرّكها. وتقيم كريستيز مزادين سنوياً في دبي، ويتزامن مزادها الثاني مع معرض فن دبي المقام في شهر مارس 2016.
لم يحطم المزاد الأخير أرقاماً قياسية لكبار الفنانين، كما اعتدنا في هذه السوق الصغيره نسبياً، غير أنه باع 18 عملاً فنياً بأسعار قياسية، تعود لفنانين جدد على الساحة الفنية أو لفنانين ناشئين. من اللوحات والتماثيل الـ118 المعروضة، وجدت 88 قطعة لنفسها بيتاً جديداً، ووصلت قيمة المبيعات إلى $7,160,000، وهو رقم خجول إذا ما قارناه بالمزادات التي كانت تقام قبل أزمة دبي المالية والربيع العربي. ولكن مع ذلك، جاء بيان كريستير الصحافي إيجابياً، لافتاً انتباه القارىء إلى أن تسعة من أثمن عشرة أعمال بيعت بأكثر من التقدير الأولي لقيمتها، ومؤكّداً أن أفضل الأعمال تجد دائماً من يشتريها، وإن ضعف الطلب على الأعمال من الدرجة الثانية، عندما تضعف السوق قليلاً. [caption id="attachment_37933" align="alignleft" width="700"] خلال بيع لوحة “النوبية ذات الأساور” لمحمود سعيد[/caption]مقالات أخرى:
حمّى الفنون الجميلة أم دبلوماسية ثقافية؟
متحف Aishti الجديد: ما تحتاجه الساحة الفنية في العالم العربي
أثر الربيع العربي كما الأزمة المالية الناتجة عن تدهور سعر النفط كانا ملحوظين في المزاد، فالأول غيّر معادلة الطلب والعرض، مما أنهك الطلب، والثانية كتمت الفورة التي موّلت سوق الفن العربي، الأمر الذي أثر سلباً على نمو عدد روّاد الفن. عربياً، كانت مصر وسوريا والعراق مصدر الأعمال الأثمن رغم أن البلاد الثلاث تعيش أزمات سياسية واقتصادية. ولكن قبل الجزم بضعف السوق، لا بد من الإشارة إلى أن الأعمال المعروضة لا تضاهي تلك التي عرضت في السنوات الماضية أساساً، وأسباب ذلك قد تكون متعددة، أبرزها أن أفضل الأعمال تدخل في مجموعات فنية عامة أو خاصة ولا تعود إلى السوق مجدداً.
وكانت هالة خياط، القيّمة على المزاد، قد أشارت في بيان صدر قبل المزاد إلى أسماء 5 فنانين أحبت لفت نظر جامعيّ الأعمال الفنية إلى أعمالهم المعروضة، ومنهم اللبناني المهاجر إلى الولايات المتحدة صليبا الدويهي الذي يشتهر بأسلوبه التجريدي، وكان له 3 أعمال معروضة حصدت $181,250.
[caption id="attachment_37929" align="alignleft" width="700"] صليبا دويهي، بلا اسم، 56 سم بـ76 سم، 1970[/caption]العمل الآخر الذي أشارت إليه هالة خياط هو لوحة “النوبية ذات الأساور” لمحمود سعيد، ابن رئيس وزراء مصري سابق. بدأ حياته كمحام، ثم قاض، قبل أن يعتزل المحاماة ويتجه إلى فلورنسا لدراسة الفن. أعماله تعتمد على الأسلوب الأوروبي لكنه جسّد مشاهد مصرية. حازت لوحته هذه أعلى سعر في المزاد، إذ حققت $665,000 وقد اشتراها مقتن أعمال فنية من “الشرق الأوسط”.
محمود سعيد، النوبية ذات الأساور، 110 سم بـ81 سم، 1926ستة أعمال من أصل الأعمال العشرة الأولى تعود إلى فنانين إيرانيين، مما يؤكّد أن الفن الإيراني له جذور أعمق واقدم من الفن في الشرق الاوسط، وله دائرة واسعة من المتابعين الذين يقدّرون هذه المدرسة الفنية، إن صحّ التعبير. من الأعمال الستة، عمل لمنير فرمان فرمايان، التي تأثرت أيضاً بالفن الغربي بعدما قضت سنينها التأسيسية في نيويورك وتخصصت بلوحات وتماثيل مصنوعة من الزجاج المقطع أجزاءً صغيرة والمرصّع مثل الفسيفساء، خالقة قطعاً تمثل عراقة بلاد فارس والشرق. تضمن المزاد كرة زجاجية قطرها 17 سم كانت في مجموعة الفنان العالمي اندي وارهول وبيعت بـ$209,000، أي ضعفَيْ السعر المقدّر لها.
[caption id="attachment_37931" align="alignleft" width="700"] منير فرمان فرمايان، قطر 17 سم، 1974-1977[/caption]في اللائحة أيضاً، عمل للعراقي ضياء العزاوي عنوانه “فرس للمدينة”. العمل أنجز بطرق حديثة لكنه يرمز إلى تاريخ العراق الحضاري وأيقوناته المستوحاة من الأساطير، يجسّد العزّاوي فيه واقع العراق عبر فرس تركض باحثةً عن مجد الماضي. بيعت هذه اللوحة بـ$52,000.
[caption id="attachment_37932" align="alignleft" width="700"] “فرس للمدينة” 90 سم بـ90 سم من عام 1970[/caption]أما بالنسبة للأعمال المعاصرة، فيتربّع اللبناني أيمن بعلبكي مجدداً على رأس قائمة أثمن الأعمال الحديثة، وذلك بلوحة الرجل الذي يضع على رأسه كوفية بيعت بمبلغ $233,00. أعمال بعلبكي تلقى إقبالاً من شريحة واسعة من محبيّ الفن العربي كونها ترمز إلى نضال العالم العربي ولكن بذوق وتقنية أوروبيين. يجدر الذكر أن الفن السوري لم يعد يرد في الأعمال الـ10 الأولى من حيث القيمة، وذلك يعكس بالتأكيد وضع سوريا، كما الكمية الكبيرة المعروضة من سوريين مضطرين لبيع أعمالهم الفنية كي يعيشوا، كما أنه قد يعود إلى أن الأعمال المعروضة ليست من أفضل ما أنتجه عمالقة الفن السوري.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...