علي النمر اسم بدأ يتردد كثيراً في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي أخيراً، خصوصاً في سبتمبر الجاري. لكن قصته تعود إلى عام 2012. حينذاك كان عمره 17 عاماً، احتجزته السلطات على خلفية مشاركته في تظاهرات القطيف، شرق المملكة، وحكمت "محكمة الجزاء المتخصصة" عليه بالإعدام والصلب عام 2014، وأيدت محكمة الاستئناف والمحكمة العليا الحكم في 15 سبتمبر الجاري.
وكان مقرراً تنفيذ الحكم في حق النمر أول أيام عيد الأضحى، بعد إدانته بتهمة "المساس بأمن الدولة، والانضمام إلى جماعة إرهابية"، لكن الحكم لم ينفّذ على غرار 8 أحكام سابقة بالإعدام في حق أشخاص شاركوا في تظاهرات معارضة للسلطة منذ عام 2011.
"لا تقول السلطات السعودية إن حكم الإعدام هذا هو بسبب المشاركة في التظاهرات أو الاحتجاجات، بل تضيف دائماً تهماً فضفاضة. من تم الحكم عليهم بالإعدام حتى الآن بسبب الحراك في المنطقة الشرقية، 9 أشخاص، من بين 27 طلب المدعي العام توجيه عقوبة الإعدام لهم"، هذا ما أكده رئيس منظمة القسط لحقوق الإنسان يحيى عسيري، والضابط السابق في القوات الجوية الملكية السعودية.
أما هوية هؤلاء التسعة فلم تُعلن، ولم يعرف منهم سوى الشيخ نمر باقر النمر وابن شقيقه علي، أما حكم الإعدام الأول الذي صدر على خلفية الاحتجاجات، قبل 24 ساعة من الحكم على علي النمر، فكان في حق نجل رجل الدين جعفر الربح، علي رضا الربح.
حوادث القطيف وأحكام الإعدام
شهدت القطيف تظاهرات سرعان ما اتخذت منحى تصاعدياً عام 2012 أدى إلى سقوط عدد من القتلى. وتعد المنطقة الشرقية المركز الرئيسي للشيعة الذين يشكلون فيها نحو 10% من السعوديين. ويتهم أبناء هذه الطائفة السلطات بـ"ممارسة التهميش في حقهم في الوظائف الإدارية والعسكرية وخصوصاً في المراتب العليا للدولة". بدأت المحاكم في ربيع 2013 النظر في قضايا موقوفين بتهمة المشاركة في "أعمال عنف وشغب في منطقة القطيف". وفي ظل غياب قانون عقوبات مكتوب في المملكة العربية السعودية، فإن للقضاة دائماً حرية إصدار الأحكام وفق تفسيراتهم الخاصة للشريعة الإسلامية.
مقالات أخرى
الطريق أمام إلغاء عقوبة الإعدام في العالم العربي لا يزال طويلاً جداً
ويشير عسيري إلى أن "هذه الأحكام ليست بسبب التظاهر فقط، إنما بسبب الأعمال التي تنتج في الحراك، وإن كان بعض الجرائم يستحق العقوبة، فلا يرقى لعقوبة الإعدام". وتتضمن التهم التي تصدر عقوبة الإعدام على خلفيتها، "الخروج على ولي الأمر، وزعزعة الأمن وإثارة الفتنة"، أو "الإرهاب"، كما حصل مع عمّ علي، الشيخ نمر باقر النمر، بعد أن ألقى خطبة في مناسبة تنظيم تظاهرات مناهضة للحكومة. الشيخ النمر لا يزال في السجن منذ أكثر من 3 سنوات ينتظر تنفيذ حكم الإعدام الذي صدر في حقه.
إلا أن عسيري توقّع أن "هذه الأحكام قد لا يتم تنفيذها، لأنها بالنسبة إلينا أحكام سياسية تخضع للحسابات السياسية وقد تؤجل أو تلغى أو تنفذ لا سمح الله". أما لماذا تكون العقوبة قاسية إلى هذه الدرجة، فيجيب: "ذلك يعود لسببين رئيسين، الأول هو الفوضى القضائية، كون القضاء لدينا غير مقنن وغير مستقل، والثاني سياسي، فالسلطة تريد تخويف كل من يتخذ خطوات معارضة، أن مصيره هو مثل مصير هؤلاء".
بالنسبة إلى القانون الذي تستند إليه، يوضح أنه "لا يوجد مستند قانوني سليم لذلك، لكن السلطات السعودية تتذرع بأن ذلك من الإفساد في الأرض، وتقيس التظاهر وأعمال الشغب التي قد تصاحبه بحد الحرابة لمن يقطع الطريق ويقتل الأنفس ويسلب المال، والفرق بين هذا وذاك واضح، ولكن كون القضاء مسيساً فإنه يبحث فقط عن عذر وليس عن مستند قويم".
ضغوط دولية لوقف أحكام الإعدام في السعودية
قد يكون السبب وراء عدم تنفيذ المملكة لهذه الأحكام، برغم صدورها قبل سنوات عدة، أنها أحكام ترهيبية تهدف إلى ردع الناشطين السياسيين وتخويفهم من المشاركة في الاحتجاجات. وقد يكون السبب هو الضغوط التي يمارسها المجتمع الدولي ومنظمات حقوقية دولية تحضّ المملكة على عدم تنفيذها.
فأخيراً، طلب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من المملكة "الامتناع عن تنفيذ حكم الإعدام الصادر في حق علي النمر"، خصوصاً أنه كان قاصراً حين اعتقل. كذلك طالب خبراء مستقلون في مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان السلطات بإلغاء حكم الإعدام الصادر بحق الشاب، ومثلهم فعلت كل من هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية.
لكن ذلك كله لم يمنع الأمم المتحدة من اختيار السعودية لرئاسة مجلس حقوق الإنسان في دورته الثلاثين الذي افتتح في 21 سبتمبر الجاري، برغم الانتقادات الواسعة التي واجهها هذا الاختيار، خصوصاً أن المملكة واحدة من 8 دول لم توقّع على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حين تم اعتماده عام 1948.
ويقول عسيري إن "المملكة دولة ذات موارد، وليست في حاجة للعالم الخارجي إلا في مسألة الاستيراد والحماية، وكل ذلك يتأتى بدفع المال، كما لا يوجد أي مشاركة أو رقابة شعبية على الإنفاق، لذلك فهي لا تلتزم القوانين ولا تخضع للضغوط، إذا لم تكن من الدول التي تقدم لها الحماية".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...