كغيرها من عناصر الحضارة الإنسانية الرئيسية، ترافق الجعة البشر في أقدم النصوص التي تشير إلى وجودهم الحضاري على الأرض. إذ تعتبر المشروب الكحولي الأقدم والأول، ويُرجح أن يكون تم تخميرها لأول مرة قبل ستة آلاف سنة في جزء من العالم العربي يعرف اليوم بالعراق، فقد ورد ذكر تنظيم صناعتها في نصوص شريعة حمورابي.
تتنوع جودة الجعة من بلدٍ عربي إلى آخر، وبحسب تقرير صادر عن سي أن أن عام 2013 شهد احتلال بيرة ألمازة اللبنانية المرتبة الأولى في الشرق الأوسط، تلتها كل من كزابلانكا المغربية وستيلا وطيبة المصريتان وبترا الأردنية.
إليكم أكثر أنواع البيرة شعبية في العالم العربي.
ألمازا اللبنانية
ألمازا هي البيرة الأولى في لبنان منذ عام 1933، وتحتوي على نسبة 4% من الكحول. مصنع الألمازا جزء من شركة هاينكن العالمية منذ عام 2002، وينتج نحو 24000 قنينة في الساعة.
مع ظهور شركات أخرى منافسة في السنوات الأخيرة، مثل بيرة بيروت و961، وجب على ألمازا تحسين مستواها، فأطلقت بيرة بنكهة أقوى وبنسبة أكبر من الكحول 6%، مصنوعة من الشعير الصافي، تمّ التعريف بها على أنها "بيرة الخبراء".
أطلقت ألمازا كذلك بيرة خفيفة ذات سعرات حرارية منخفضة. وتشير الأرقام إلى أن لبنان وحده ينتج أكثر من مليون ونصف مليون صندوق بيرة سنوياً، ويستورد نحو مليون إذ يتركز الاستهلاك الأكبر للبيرة في العاصمة بيروت.
بردى السورية
تفاخرت سوريا بإنتاجها المحلي لنوعين من البيرة، الشرق في حلب وبردى في دمشق. بردى هي البيرة الأكبر حجماً بينهما، بنسبة 3.4% من الكحول. وتعرف بصعوبة التنبؤ بمذاقها الفعلي.
مع بداية الانتفاضة السورية عام 2011، قررت الحكومة السورية، كتعبيرٍ عن مقاصدها الإصلاحية، إعطاء بيرة بردى اسماً مثيراً جديداً هو "توربو"، لكن هذا الاسم لم ينل إعجاب شاربي البيرة على عكس ما كان متوقعاً.
وفي صيف 2012، وبعد أعوام من تحمّل السوريين بيرة دون المستوى المطلوب، ذهب مصنع بردى ضحية القصف.
ستيلا المصرية
مصر هي موطن العديد من أنواع البيرة المحلية، من بينها Luxor Nubia وLuxor وWeizen، وأشهرها بيرة ستيلا. على الرغم من عدم وجود أي علاقة تربطها بمثيلتها البلجيكية المشهورة التي تحمل الاسم نفسه، فلستيلا المصرية تاريخ قديم، إذ تم تصنيعها في المصنع نفسه طوال 115 عاماً.
وفي عام 2012 وجدت هذه البيرة، التي تحتوي على نسبة 4.5% من الكحول، مكانها ضمن الوعود الانتخابية للمرشح الرئاسي عبد المنعم أبو الفتوح، إذ أعلن نيته إغلاق مصانع الجعة، إذا تم التصويت له وتسلم الحكم. نتج من تعهده هذا ما سمي بـ"مسيرة ستيلا"، فسار مئات الشباب نحو البرلمان في محاولة لإنقاذ "ستيلا".
بترا الأردنية
تعتبر بترا البيرة الأقوى، إن لم تكن الأطيب نكهة في منطقة الشرق الأوسط، إذ تحتوي على نسبة 8% من الكحول. هي بيرة مصنوعة من الشعير يتم تخميرها في عمّان، وليس في "المدينة الوردية" بترا كما يوحي اسمها.
التعود على مذاقها القوي يُكتسب مع مرور الوقت، ما يجعلها تأتي في المرتبة الثانية في الأردن بعد البيرة الهولندية المصنعة محلياً أمستل.
طيبة الفلسطينية
تأسس مصنع الجعة الوحيد في فلسطين في أوائل التسعينات، بعد أن عاد نديم خوري من أمريكا إلى الطيبة. وهي بلدة فلسطينية صغيرة تقع في الضفة الغربية.
سوّقت بيرة طيبة "كأفضل بيرة في الشرق الأوسط" وتأتي في ثلاثة أنواع، الذهبي، والغامق، والعنبري، بنسب متفاوتة من الكحول تراوح بين 5 و6%. اليوم، تستضيف قرية الطيبة مهرجان البيرة السنوي (أكتوبر فيست) الخاص بها.
تشق بيرة الطيبة طريقها إلى الخارج، إذ تخمر بموجب ترخيص في ألمانيا وتوزع في الأسواق الأوروبية. لكنها تعاني من صعوبات في سوق التصريف بسبب وجود جدار الفصل العنصري، وعملية التصدير للمطاعم الإسرائيلية توصف بالمعقدة والطويلة، إذ يقوم جنود الاحتلال بتفتيش جميع الصناديق ونقلها إلى سيارات إسرائيلية خاصة.
كزابلانكا المغربية
على الرغم من تسويقها على أنها "البيرة الأسطورية من المدينة الأسطورية"، يعود تاريخ إنتاج بيرة كازابلانكا إلى العام 1996. هذه البيرة التي تحتوي على نسبة 5% من الكحول، وتنتجها شركة براسوري المغرب، تعدّ الأكثر مبيعاً في البلاد، وتتمتع بنجاح كبير في الخارج، إذ يتم تصدير 37% من مجمل إنتاجها إلى السوق الأمريكية.
فريدة العراقية
الفريدة هي البيرة المفضلة في العراق (البيرة رقم واحد) وتاريخ طويل وفقاً للمعايير الإقليمية. تم تصنيع هذه البيرة بنسبة 5% من الكحول للمرة الأولى عام 1956. بلغت إيسترن بريوري، الشركة المسؤولة عن تصنيعها، أوج ازدهارها في عهد صدام حسين وحزب البعث، إذ كانت تنتج نحو 30 مليون زجاجة "فريدة" سنوياً في الثمانينيات. وفي السنوات الأخيرة مرت الشركة بأوقات صعبة، واعتباراً من عام 2004، بدأت السلطات العراقية بشن حملة صارمة على مصانع الجعة المحلية في البلاد.
سلتيا التونسية
إضافة إلى بيرة سليتا الوطنية، التي استطاعت الصمود في وجه الشركات الألمانية والأميركية المنافسة في السوق التونسية، طرح التونسيون العام الماضي بيرة بربر المحلية في السوق إذ يعود اسم الشركة الجديدة لمرويات التونسيين الفكاهية الشعبية عن البيرة.
وعلى الرغم من غياب صناعة البيرة محلياً عن بقية الدول العربية تشير معدلات الاستهلاك إلى تنامي الطلب على المنتج الكحولي في كل من المغرب العربي ودول الخليج، ولم تأت محاولات تهريب البيرة إلى المملكة العربية السعودية أخيراً بكميات كبيرة مموهةً بأغطية مشروب الـPepsi، سوى دليل على أن استهلاك البيرة لا يرتبط بثقافة أو جغرافيا معينة، وأن كل محاولة لحظرها في الأسواق تقابلها عشرات المحاولات لإدخالها بطرق غير شرعية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...