يستقبل سكان مدينة الموصل العراقية، التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية، منذ يونيو العام الماضي، عيد الأضحى هذا العام، في ظل حصار شديد وظروف حياة غير طبيعية، وغياب غالبية الخدمات الأساسية. بالإضافة إلى أزمة اقتصادية تخنق المدينة وسكانها، وتفرض على الفتيات البقاء في منازلهن بسبب القيود التي يفرضها التنظيم على حركتهن.
وكأن كل هذه الظروف، التي يعاني منها العراقيون منذ أكثر من سنة، لا تكفيهم كي لا يشعروا حقاً أن عيداً مرّ من هنا. فقد فرض التنظيم المتشدد قرارات وتعليمات خاصة بعيد الأضحى، ليزيد من الضغط النفسي والاجتماعي على المواطنين.
مقالات أخرى:
من مجاهدين في سبيل "الراب" إلى مجاهدين في سبيل "الربّ"
قصص من داخل دواوين القضاء الداعشي
وأوضح المسؤول الإعلامي في فرع الموصل للحزب الديمقراطي الكردستاني سعيد مموزيني لرصيف22 أن "داعش أصدر تعليمات خاصة لأهالي الموصل بمناسبة حلول عيد الأضحى، وفرض عقوبات مشددة وقاسية في حق كل من يخالف تلك التعليمات". وأضاف: "تعليمات التنظيم تتضمن إلغاء صلاة العيد في عموم مساجد المناطق الواقعة تحت سيطرته، فضلاً عن منع سكان المدينة من زيارة مقابر أمواتهم، وهي عادة معروفة بين المسلمين في العيد، أن يذهبوا إلى قبور أحبائهم الذين رحلوا لزيارتهم وقراءة الفاتحة على أرواحهم". وتابع: "التنظيم قرر أيضاً منع خروج المرأة من المنزل بمفردها، ومنع ارتداء الألبسة الغربية وخصوصاً بناطيل الجينز Jeans".
في الأساس، ليس وضع المرأة أفضل في الأيام العادية، منذ سيطرة داعش على المدينة، فهي ممنوعة من العمل، وملزمة أن ترتدي النقاب والقفازات لتغطية يديها إذا أرادت الخروج من المنزل شرط أن يرافقها ذكر من محارمها.
ويشير مموزيني إلى أن هذه "التعليمات تزيد من العبء الذي يعانيه السكان في ظل الظروف التي يعيشونها، والخوف والضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية". ويلفت إلى أن "داعش يمارس أساليب متنوعة لإثارة الفزع والخوف بين سكان الموصل من خلال عمليات الإعدامات وخطف الأطفال، وإدخالهم في معسكرات للتدريب على ممارسة القتل والعنف، فضلاً عن إجبار النساء على العمل في صفوفه".
ويؤكد مموزيني، الذي يتمتع بعلاقات واسعة مع سكان مدينة الموصل، أن "التنظيم وزع قبل يوم العيد نحو 450 امرأة أرملة على مسلحيه بمناسبة عيد الأضحى. فقد أصدر البغدادي قراراً قبل أيام إلى مسؤولي التنظيم في الموصل، قضى بإمكانية تزويج أرامل الأشخاص الذين أعدمهم التنظيم إلى مسلحيه". وقال مموزيني إن "داعش أحضر إلى المدينة نحو 314 امرأة لمسلحيه من خارج الموصل، يحملن جنسيات أجنبية وعربية"، مشيراً إلى قتله العشرات من النساء خلال الشهرين الماضيين لرفضهن ممارسة جهاد النكاح مع مسلحيه.
وقال جعفر كواني مسؤول إعلام اتحاد علماء الدين الإسلامي في إقليم كردستان: "إن إقامة صلاة العيد تعد أحد المراسم الرئيسية، وهي من سنة رسول الإسلام، كون إقامة صلاة العيد في المساجد تبث روح التسامح والتآخي بين المسلمين"، مشيراً إلى أن "ما قرره داعش يخالف سنة الرسول".
ويضيف كواني أن "زيارة القبور من أجل الدعاء للموتى ليس محرماً في الإسلام، لذلك فإن التنظيم يفرض شريعة خاصة به ليس لها علاقة بالشريعة الإسلامية، إلا أن الهدف من هذه القرارات، التي تمنع سكان المدينة بالشعور بمعنى العيد، ليس خدمة للدين، إنما تقف لأهداف سياسية وأمنية، وهي محاولة للسيطرة أكثر على المجتمع، من خلال عدم فسح المجال للتواصل، بالإضافة إلى خلق أجواء من الشك والريبة بين المواطنين".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...