البارحة، أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً جمهورياً بالعفو عن 100 شاب وشابة، معظمهم كانت قد صدرت بحقهم أحكام نهائية بالحبس في قضايا تتعلق بخرق قانون التظاهر أو التعدي على قوات الشرطة. ومن بين المعفى عنهم الناشطة السياسية يارا سلام التي كانت قد تحوّلت في سجنها إلى عنوان لقصائد المقاومة.
فمنذ اعتقالها، ووجه يارا سلام يتجلى في مئات القصائد والحكايات والقصص. وصدر كتاب باسمها يضم عشرات القصائد لشعراء من جميع أنحاء العالم العربي. وأخيراً، حرّضت قضيتها الشاعر محمد رياض على إصدار ديوان شعري يحمل اسمها، وقد فاز هذا الديوان بجائزة غسان كنفاني للكتابة الإبداعية.كل ذنب يارا أنها تظاهرت سلمياً
تهمة خرق قانون التظاهر هي التي أودت بالناشطة الحقوقية يارا سلام، 29 عاماً، إلى السجن. فقد اعتُقلت في مطلع العام الماضي وحُكم عليها في 21 يونيو بالسجن عامين وبغرامة مقدارها 10 آلاف جنيه.
حين اعتُقلت، كانت يارا تمارس حقها في التعبير السلمي عن رفضها لقانون التظاهر وتطالب بالإفراج عن المعتقلين، في وقفه احتجاجية أمام قصر الاتحادية. لكن جهاز الأمن المصري عدّ التعبير السلمي تهديداً للسلم العام واستعراضاً للقوة وتدميراً للممتلكات العامة والخاصة، بالإضافة إلى تهم أخرى أُلصقت بسلام وبـ33 آخرين دخلوا السجن وصدرت بحقهم أحكام قبل أن يستفيدوا من القرار الصادر البارحة عن السيسي. وقد عُرفت تلك الحادثة إعلامياً باسم مسيرة الاتحادية.
من هي يارا؟
استطاعت يارا سلام أن تحقق الكثير من الإنجازات والمشاريع الناجحة في مجال العمل المدني والحقوقي. ففور تخرّجها من كلية الحقوق في جامعة السوربون الفرنسية، عملت في منظمة حقوقية تدافع عن الحق في الاعتقاد والحريات الدينية. وقد وثّقت الانتهاكات والاعتداءات على المسيحيين في بعض المناطق خارج القاهرة، في أسوان وبني سويف والفيوم. واهتمت أيضاً بملف طائفة البهائيين وحقوقهم البسيطة المهدورة، ولعبت دوراً إيجابيّاً في صدور بعض الأحكام القانونية الإيجابية لمصلحتهم.
ثم سافرت إلى الولايات المتحدة الأميركية لمتابعة دراستها. وعند عودتها، عملت ستة شهور مع منظمة حقوق الإنسان الأفريقية، التابعة لمنظمة الوحدة الأفريقية. وبعد ذلك، عادت إلى العمل مع منظمات المجتمع المدني المهتمة بقضايا حقوق الإنسان.
محاكمة يارا... سياسياً
ورأى والد يارا، الشاعر والمترجم رفعت سلام، أن الحكم على ابنته هو حكم سياسي، وقال لرصيف22 إن "يارا اعتُقلت مع ابن خالتها، لكن وكيل النيابة سرعان ما أفرج عنه وحده، واستبقاها هي. وخلال التحقيق، لم توجّه إليها أسئلة متعلقة باشتراكها في التظاهرة، بل أسئلة متعلقة بطبيعة عملها ونشاطها في مجال حقوق الإنسان".
في السجن، لم يكن أمام يارا سوى قراءة الروايات والأعمال الأدبية، فإدارة السجن، وفقاً لما ذكره والدها، رفضت إدخال الكتب السياسية إليها لأنها أرادت تحويلها من نشاطها المزعج حاليّاً إلى "ناقد أدبي" خلال عامي السجن، أضاف متهكماً.
وتابع صاحب "وردة الفوضى الجميلة" أن يارا كثيراً ما تكتب الرسائل إلى أصدقائها لكنها الآن ممنوعة من التطرق في رسائلها إلى المسائل السياسية، فإدارة السجن تفتش رسائلها ورسائل أصدقائها إليها.
النظام يحافظ على وجوده بمحاصرة الناشطين
واعتبر سلام أن النظام المصري نجح في تشويه صورة الناشطين والحقوقيين حين أطلق عليهم أبواقه الإعلامية، منذ بداية ثورة يناير حتى الآن، وحين أصدر القانون الذي يسمح باعتقالهم لسنوات طويلة، وأجبر الكثير من منظمات المجتمع المدني عن التوقف عن العمل.
وأضاف: "النظام يعرف أن استمراره الآمن مرهون بانتهاك حقوق الإنسان، وأنه لا بد له من محاصرة الأصوات الفاعلة. وبرغم أن يارا عضو في نقابة المحامين إلا أن النقابة لم تحرك ساكناً إزاء اعتقالها، ولم يقم نقيب المحامين سامح عاشور بأكثر من مرافعة استعراضية أمام محكمة الاستئناف، ذرّاً للرماد في العيون".
لماذا كتبوا عن يارا؟
الشاعر محمد رياض كتب عن يارا لأنه يريدها خارج السجن، ومعها كل رفاقها الذين لا يعرفهم، لكنه يعرف أنهم شركاء في الحلم والميدان والقضية، بحسب ما قال لرصيف22. وتابع أنه نظم الشعر لأنه يحبهم جميعاً ولا يستطيع أن يضع قبلة فوق رأس كل واحد منهم، ولا يملك سوى القصائد.
وأضاف: "يارا ليست قصيدة. يارا فتيات ورفاق كثر كانوا يعيشون بيننا قبل عام. وقال الشهود إن يارا كانت فى الطريق لشراء زجاجة مياه من أحد الأكشاك بالقرب من تظاهرة الاتحادية، وقَبض عليها أشخاص يرتدون ثياباً مدنية، وسلموها إلى الشرطة".
ورأى رياض أنه "مضينا فى تصوراتنا الضالة حتى حولناها أيقونة، ربما لنبرر خوفنا من الوقوف إلى جوارها، ومعانقة هتافها الحيّ. نخسر إذا توهمنا أننا، بتوقيعنا على بيانات الرفض، أدينا ما علينا كاملاً نحو مبادئنا وأحلامنا، ونخسر مرة أخرى عندما نعتقد زوراً أن بمقدور القصائد والمدونات الطويلة أن تصنع ثقباً في جدار، ونخسر مرة ثالثة إذا توقعنا ممن كتبنا عنهم أن يخرجوا من المحنة، ليقولوا لنا: شكراً لتضامنكم معنا".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع