يقال إن مستخدمي فيسبوك ينقسمون قسمين، الأول يمارس الألعاب ويرسل طلبات المساعدة والانضمام لأصدقائه، والثاني يتذمّر من الطلبات الداعية إلى اللعب التي تصله يومياً.
من لعبة "المزرعة السعيدة" Happy Farm إلى "كاندي كراش" Candy Crush، تجذب الألعاب البسيطة، والتي يمكن ممارستها من خلال الفيسبوك مستخدمين كثراً. فهي تعتمد في منح النقاط والمزايا على مقدار الأصدقاء الذين يستطيع اللاعب جذبهم إلى اللعبة. لكن الواقع، أن مثل تلك الألعاب هو الخطوة الأولى في العالم الواسع للألعاب التشاركية التي يزداد عدد مستخدميها، وهم من كل الأجيال ومن مختلف الطبقات الاجتماعية، لأن لدى البعض، لم تعد هذه الألعاب وسيلة لتمضية الوقت فقط، بل وسيلة لكسب المال.
تبدأ الرحلة بتلقي عرض من صديق لممارسة لعبة ما، وبدافع الملل أو الفضول، تضغط الزر. المراحل الأولى في العادة سهلة مصممة لجذب اللاعب، ثم تحدث الأخطاء ويفقد اللاعب النقاط التي كسبها. سعياً إلى استرداد ما خسره، تعرض اللعبة عليه ثلاثة حلول: الاستمرار في اللعبة، أو دعوة صديق، أو شراء نقاط جديدة بواسطة بطاقتك الائتمانية.
سواء جرّبت الحل الأول أو الحل الثانى، فسوف ينتهى الأمر بك بعد أسابيع إلى أن تدعو أفراد أسرتك وأقرباءك وأصدقاءك إلى مشاركتك في ممارسة اللعبة، فتنشأ إذ ذاك شبكة اجتماعية جديدة بينك وبينهم، قوامها "المزرعة السعيدة".
توقظ اللعبة جوّاً تنافسياً بين الأصدقاء خصوصاً بعد الانتقال إلى الألعاب الإستراتيجية. وهي تعتمد على التخطيط والبناء والحرب. تبدأ اللعبة بأن تبني المشترك مدينة، أو قاعدة عسكرية، أو ميناء بحرياً. تدور هذه الألعاب في أزمنة مختلفة بين الماضي والحاضر والمستقبل. وعلى العكس من بقية الألعاب، فالوقت عنصر مهمّ، إذ يجب عليك الانتظار حتى تستطيع بناء القاعدة، والانتقال إلى مستوى آخر.
قدرة هذه الألعاب على إبقاء مستخدميها "أونلاين" هو العنصر التنافسي الأبرز. في اللعب الاستراتيجية أيضاً، يمكن أن تشكل أنت وأصدقاؤك "عصابة خاصة"، أو يمكن أن تتعرف إلى الآخرين وتنضم إلى عصابات أخرى. عندئذ تتحول اللعبة إلى مواقع اجتماعية خاصة تتضمّن طائفة متنوعة من اللاعبين. ولأن معظم هذه الألعاب تضم مساحات مفتوحة للنقاش و"الشات"، إلى جانب الحديث المنفرد، تنشأ روابط وكلمات مشفّرة خاصة بين ممارسي تلك اللعبة، كي لا تظهر الانتماءات السياسية والقومية والدينية فتغدو عنصراً محفزاً على الحروب بين ممارسي اللعبة.
إذا خسرت نقاطك أثناء اللعب، توفر بعض تلك اللعب لك إمكان استرجاعها بمبالغ لا تتجاوز أحياناً الدولار الواحد، ولا حاجة لأن تحمل بطاقة ائتمانية للدفع. ففي مصر مثلاً، لا تحتاج بعض الألعاب العالمية على الانترنت، إلا لإرسال رسالة بريدية على رقم الهاتف حتى يتم تحويل المبلغ فوراً من رصيدك إلى اللعبة. لكن المبالغ المحوّلة من رصيد الهاتف لا تتجاوز بضعة دولارات فقط وهي مناسبة للألعاب الخفيفة مثل "بوكر Texas Holdem Poker ". فالإثارة المنبعثة من المقامرة الالكترونية المجانية تتحول بعد ذلك إلى شغف للفوز، لكن اللعبة الغدارة تخسرك فجأة كل نقاطك، فتدفع دولاراً واحداً ليصلك 50 ألفاً من الفيش.
إذا أردت أكثر من ذلك، يمكن أن تتوجه إلى نوادي الانترنت والألعاب. فعلى الرغم من انتشار الانترنت في كل مكان، استطاعت "النت كافية" الاستمرار من خلال تحويل نشاطها إلى مجال الألعاب وتقديم بيئة خاصة للراغبين في المغامرة المالية. ففي مدينة 6 أكتوبر حيث أكثر من ثلاث جامعات تضم طلبة من مختلف الدول العربية، تنتشر أندية الألعاب الالكترونية، وهي ذات طابع خاص. الإضاءة في الداخل معتمة وغالباً حين تكون في أحدها، لا تُدرك الليل من النهار، لأن مصدر الضوء هو الشاشات الضخمة. اللافت أن هذه الأندية تقدّم الطعام والشراب وحتى "الشيشة"، لأن بعض الألعاب الاستراتيجية يتطلب من اللاعبين مكوثاً طويلاً قبالة الشاشة. ثمة ألعاب تستخدم مستوى متقدماً ثلاثي الأبعاد، ونظراً للإقبال العربي على تلك الألعاب، أصدرت الشركات المعنية نسخاً وموقعاً في ترجمة عربية، مثل "Metin2".
لكن ما الذي يجري في الأندية؟
يعمل "زيزو" منذ أكثر من خمس سنوات في مجال "نوادي الألعاب". يحكي قصصاً متعددة عن أشخاص يعرفهم شخصياً. ثلاثة منهم تعرفوا إلى فتيات أجنبيات من خلال ممارسة تلك الألعاب وسافروا إلى الخارج وتزوّجوا بهن، وهو ما يحلم زيزو بأن يحققه يوماً ما. في انتظار العروس المناسبة التي ستخرج من اللعبة، يتاجر "زيزو" بالأسلحة المختلفة وبالقدرات الخاصة في أكثر من لعبة. الأساس في معظم اللعب الاستراتيجية هو الدفاع والهجوم والحرب، لذا فالجميع يسعى لشراء أحدث الأسلحة. هنا يأتي دور "زيزو" الذي يبيع في "الكافيه" بطاقات الانترنت المدفوعة مقدماً، والتي يمكن عبرها شراء الأسلحة، كما أنه يتاجر في السوق السوداء لتلك الألعاب، فيشتري حسابات بعض اللاعبين المحترفين ويبيعها لآخرين، أو يشترى الأسلحة منهم، ويبيعها لزبائنه مع تحقيق ربح بسيط. زيزو أقرب لأن يكون "تاجر سلاح" افتراضي لديه أيضاً دروع وقدرات خاصة يتاجر بها. أثناء الحديث معه، دخل طالب في كلية الطب، وهو من زبائن "الكافيه"، وقاطعنا وهو يعطي زيزو بعض النقود: "أنا عايز السيف القرمزى".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين