غالباً عندما يقرر أحدنا السفر، يركز في اختياره لشركة الطيران على عناصر مختلفة: السعر، الرحلات المباشرة، الوزن المسموح وغيرها من الخدمات التي تتفاوت أهميتها نسبياً بين مسافر وآخر. لكن الكثير منا لا يعرف ما يجري وراء كواليس شركات الطيران، وما الفارق بين خدمات الشركات التي تعمل وفق النظام "المنخفض التكلفة" أو ”الاقتصادي“ وخدمات الطيران التقليدي. ما الذي يقدمه الطيران المنخفض التكلفة فعلياً، وكيف يمكن لنا أن نخدم أنفسنا بطريقة أفضل وأسرع وبأقل تكلفة، من دون أن نؤثر على المزايا الأخرى؟
يلجأ الكثيرون اليوم إلى الطيران المنخفض التكلفة لأسباب مادية في الدرجة الأولى. تسافر إيمان وزني عادة إلى أوروبا عبر خطوط طيران أوروبية منخفضة التكلفة قد تصل في بعض الأحيان إلى 20 يورو للرحلة فقط. المشاكل الوحيدة التي تواجهها تكون غالباً في الرحلات الطويلة، لا سيما في ما يتعلق في الوزن المتاح. ”لذا ندفع ثمن الوزن المحتمل مسبقاً عند شراء التذكرة وليس في المطار، لأننا بذلك نحصل على حسم قد يصل إلى نحو 70%“ تقول وزني.
تكلفة 20 كيلو من الوزن قد تكون أعلى من تكلفة التذكرة بكثير، والأمر سيان في ما يتعلق بالوجبات التي تقدم على الطائرة، والتي صارت تحجز إيمان لها عند شرائها بطاقات السفر. في المقابل، لا يزال خيار الطيران المنخفض مرفوضاً من الكثيرين، الذين يفضلون الحفاظ على مزايا الطيران التقليدي. رائد سلامة لا يحبذ السفر عادة عبر الطيران الاقتصادي إلا إذا كان مضطراً ”لأنني أفضل أن أكون بكامل راحتي فلا يزعجني أمر الطعام ولا أمر الوزن ولا حتى أي طارىء يتطلب مني تأخير رحلتي".
غالباً لا تقدم شركات الطيران الاقتصادي الأوروبية رحلات بين أوروبا والمدن العربية، باستثناء شركة "فلاي جيرمانيا" التي تُسَير رحلات بين ألمانيا و6 مدن عربية، وشركة "إيزيجت" التي تقدم رحلات بين عدّة مدن أوروبية و7 وجهات عربية. ينحصر الطيران المنخفض التكلفة بين الوجهات العربية بالشركات الخليجية، وقد سجّل نمواً لافتاً منذ انطلاقته، إذ كشف تحليل صدر مؤخراً عن نظام "أماديوس" لحركة النقل الجوي أن شركات الطيران المنخفضة التكلفة في الشرق الأوسط شهدت زيادة في السعة الاستيعابية من 11.5 مليون مقعد في النصف الأول من عام 2012 إلى إلى 13.5 مليون مقعد خلال الفترة ذاتها من هذا العام.
"طيران العربية" هو أول طيران اقتصادي تمّ اطلاقه من إمارة الشارقة. بدأ بتسيير أولى رحلاته في أكتوبر من العام 2003 ووسّع أعماله ليطال نحو 88 وجهة عالمية، ويستحدثَ مركزي عمليات إضافيين في الدار البيضاء ومصر. بعد طيران العربية تأسست "طيران الجزيرة" (الكويت) عام 2004 ولها 16 وجهة في دول الشرق الأوسط بعد توقيف 3 وجهات في سوريا. شركة "فلاي دبي" من جهتها تأسست عام 2008 بدعم من طيران الإمارات، الطيران الرسمي للإمارة، وقد شهدت تطوراً لافتاً إذ تمكنت من توسيع شبكتها إلى 65 وجهة في خمسة أعوام، وقد سيّرت خلال هذا العام وحده رحلات إلى 15 وجهة جديدة. "طيران ناس" السعودي تأسس عام 2007، إلا أنه يفتقر إلى النشاط مقارنة بالشركات الأخرى ويملك 28 وجهة نحو 8 بلدان منها عدد من الرحلات الداخلية.
يعتبر زياد درزي، مدير عام وكالة "مشاوير تاورز" السياحية أن المشكلة الأبرز في تذاكر الطيران المنخفض التكلفة هي كونها ”لا ترد ولا تبدل ولا يتم استرجاع قيمتها في حالات الطوارىء، على خلاف الطيران التقليدي الآمن أكثر من هذه الناحية حتى ولو كان معظم الأحيان أغلى سعراً".يؤكد على ذلك مدير عام وكالة العجوز للسفر، حسن العجوز، الذي يعمل في قطاع السياحة والسفر منذ أكثر من 30 عاماً ويقول ”أبرز مساوىء هذا النوع من الطيران هي خسارة قيمة التذكرة في حال حصول طارىء معين، لذلك نحرص على أن نوضح الأمر لكافة العملاء قبل إجراء أي حجز تفادياً لأي سوء فهم". يضيف أن هناك نقطة فارقة أخرى أساسية بين شركات الطيران التقليدي وشركات الطيران المنخفض، وهي أن الأولى تتبع في معاييرها ومقاصتها شروط آياتا، اتحاد النقل الجوي الدولي، في حين أن الطيران المنخفض تكون علاقته مباشرة مع شركات السفر أو العميل: ”بالتالي فإن الكثير من الشروط والاتفاقيات كالوزن والمحاسبة والفواتير هي خارج إطار آياتا وغير خاضعة لمعاييرها".
مع ذلك، يشرح العجوز أن الطيران الاقتصادي بدأ بالنمو بشكل متسارع منذ نحو 4 سنوات. الطلب عليه في شركته التي يبلغ حجم أعمالها حوالي مليوني دولار شهرياً ”نما بنسبة تتراوح ما بين 40 و50%، إذ نبيع ما تتراوح قيمته بين 150 ألف دولار و200 ألف دولار تذاكر طيران اقتصادي كمعدل وسطي شهرياً".
لكن ما الذي يجعل الطيران الاقتصادي منخفض السعر، علماً أنه لا يختلف بشكل جذري عن الطيران التقليدي، أكان بنوعية طائراته أو بمعايير سلامته؟ في الحقيقة، تستعمل شركات الطيران هذه سياسة “بِع أكثر واربح أكثر” و"سافر أكثر وادفع أقل"، عبر تخفيض الأسعار لجذب الزبائن الذين يعتبرون سعر البطاقة أهمّ عامل في اختيار الناقل الجوي.
بذلك تخلق الشركات مفهوم "الطيران المنخفض السعر" طالما هي قادرة على أن تملأ معظم كراسيها وتقدّم خدمات ترفيهية محدودة وتوظف طاقماً أقل خبرة وتكلفة وتسير رحلات في أوقات خارج الذروة، ولمطارات ثانوية. بسياستها هذه، هي تحلّق عالياً وتتوسع مع ربحية قد تضاهي ربحية الناقلات الوطنية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.