شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
عسل فالنتاين في طهران، وزوال الجسد!

عسل فالنتاين في طهران، وزوال الجسد!

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الخميس 14 فبراير 201902:30 م
مزدحمٌ يومي، وحيرانٌ نفسُه من وتيرته السريعة. ككلّ أيّامي، ولاسيما الأيّام التي تسبق السفر، أفعل ألف شيء طوال اليوم. أحاول أن أجد الوقت لألتقي أعزّ الصديقات والأصدقاء، صغاراً وكباراً، كما أحاول أن أجد حلقات وصلٍ بينهم كي أدمجَ كثيراً من المواعيد بعضها ببعض، سوى موعدٍ واحدٍ، فصديقي هذا لا يروقه كثيراً أن يكون بين مجموعة غريبة، وأعضاء مجموعتنا قد سافر كلٌّ منهم إلى مدينة في إيران، فالأيام هذه عطلة رسمية في البلد؛ ذكرى استشهاد فاطمة الزهراء وتليها ذكرى انتصار الثورة الإسلامية! صديقي حزينٌ، ويحبّ الباذنجان كثيراً مثلي! أعددتُ له أكلتَه المفضّلة، وقضينا بضع ساعات ندردش، ونستمع إلى أنواع الموسيقى، ونتحدّث عن مشاريعنا القريبة، ونشاهد صوراً التقطتُها مؤخراً ليقول لي رأيَه، فهو مصوّر بارع جدّاً. بيتي يقع بالقرب من كثير من الغاليريهات، فاقترحَ أن نزور بعضَها إن كنت أرغب. لا أرغب في زيارة المعارض دائماً، لكنني تجشّمتُ، وما الحلّ؟! ذهبنا إلى أحدهما. كان عميقاً جدّاً يفوق قدرة استيعابنا. أحجامٌ كبيرة وصغيرة، وبعضها خيط أو رُفيَ بالشَّعر البنّيّ. وكموضة كثيرٍ من الغاليريهات في طهران هذه الأيام، كان هناك محلّ صغير يعرض منتجات للبيع، أغلبها خزفٌ أو زجاج أو أكياس قماشية.[post_quotes/] تفقّدنا المحلّ. كانت ثمة آنية خزفية أحببتُها، لكنّ صديقي قال: "لا تشتريها يا مريم! بيتُكِ مليء بمثلِها." قلت: "أسمعُ كلامَك الآن، لكنني سأعود وأشتريها قريباً." وعند مغادرتنا قالت الفتاة البائعة مبتسمةً: لدينا عسل فالنتاين أيضاً! قلتُ: "آه، فالنتاين! إنه قريبٌ، أليس كذلك؟" وضحكنا أنا وصديقي على الفكرة. من المحتمل أنها ظنّت أننا في علاقة حبّ. تركناها في فكرتِها، وهبطنا الدروج. كلّمتُ صديقتي التي كان من المقرّر أن ألتقيها، واتفقنا أن نتّجه كلّنا نحو مقهى لم أعرفه من قبل، اقترحه صديقي وأشاد به. مقهى فارغ، ودافئ، ولا يكون كبيراً؛ هكذا طلبتُ أن يكون المقهى، وكان. كما نجحتُ في مزج مواعيد اليوم. كان صديقي على موعد مع إحدى طالباته في التصوير، لتُريه صورَها، من أجل مسابقة أو مهرجانٍ أو ما شابه. صديقتي وصلت أيضاً. تعالج صديقتي الجميلة هذه الأيام مرضاً عصيباً، أحاول أن أشجّعها دائماً، باستذكار أيّامٍ قضيتُها في المرض في ما مضى، وإيجاد أوجه شبهٍ بينها وبين نفسي. تشكو لي مواقف النّاس أمامها، وإظهارهم الأسف والحزن والإشفاق. أقول لها: منذ سنوات طويلة جدّاً وأنا رفعتُ عن رأسي فكرة الاهتمام بأقوال الناس. يقول صديقي لطالبته: دَعي مريمَ ترى صورَكِ. أذهب إلى أريكتِهِما برفقة صديقتي. طالبتُه قد صوّرتْ جدّتها، نصف عارية أو أكثر في كثير من الصور. في أنحاء البيت، تظهر جدّتها اللطيفةُ سعيدةً وضاحكة ومحتفلةً بالحياة. في المطبخ والحمّام ومع أختها في صالة الجلوس. تقول الفتاةُ: جدّتي تشعر بالحرارة كثيراً، لاسيّما في الصيف، ولذلك تكون عاريةً في البيت في كثيرٍ من الأحيان. موضوع المجموعة، أو بالأحرى موضوع الصور المطلوبة هو "زوال الجسد". يقول لي صديقي هازلاً: "انظري، إنّها عاقبتُك!" أقول: "بل هي واقعي الحالي"، ونضحك. نتمشّى أنا وصديقتي نحو بيتي. أروي لها قصة "عسل فالنتاين". أقول: "لم أجدْ في أيّ مكان آخر أموراً مسلية تضحكني بقدر ما أجد في طهران."

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image