كان يوم 13 ديسمبر من العام 2003 آخر يوم في حياة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لا كرجل دولة بل كشخص طليق حاول طيلة 8 أشهر التخفي عن أنظار القوات الأمريكية التي رصدت مكافأة ضخمة لمن يخبرها معلومة تساعد بالكشف عن مكانه، وهذا ما حدث حين مدّها عراقي بمعلومة ثمينة أفضت إلى القبض عليه في هوة سحيقة بالقرب من مسقط رأسه تكريت صبيحة يوم بارد من شهر يناير 2003 في عملية الفجر الأحمر بعد رحلة بحث طويلة عنه منذ اختفائه بعد سقوط بغداد يوم 9 أبريل 2003.
“يجب أن تستلم..لا فائدة من المقاومة” هكذا خاطب أحد أفراد المارينز صدام لحظة القبض عليه. الرجل الذي حكم العراق بالحديد والنار منذ العام 1979 عثر عليه، حسب الصور التي وصلتنا في ذلك اليوم والتي تحوم بشأنها عدة تساؤلات إلى هذا اليوم، أشعث الشعر بلحية كثة وبملابس متسخة في فوهة بئر حسب الرواية الأمريكية.
بدأ صدام حكمه بحرب طويلة ضد إيران دامت ثماني سنوات (1980 - 1988) وخلفت مليون قتيل، وما كاد يخرج منها حتى قام بعد عامين من نهايتها بغزو الجارة الكويت في العام 1990 قبل أن يجبر على الخروج منها على يد قوات التحالف الدولي في حرب عاصفة الصحراء في العام 1991. غير أن غزو الولايات المتحدة العراق الذي لم يحدث في عهد جورج بوش الأب بعد غزو الكويت، نفذه بوش الابن في العام 2003، لتنتهي قصة صدام يوم 30 ديسمبر من العام 2006 حين التف حبل الإعدام حول رقبته في عيد الأضحى.
12 عاماً مرت على إعدام صدام، إلا أنه ما زال يثير الجدل إلى اليوم، كيف عثروا عليه؟ وأين في بئر أم في مكان آخر ثم تم تصوير القبض عليه بشكل مغاير للحقيقة؟ ولماذا أُعدم في العيد؟ ولماذا صوروا لحظة إعدامه؟ وككل عام منذ وفاته يتجدد السجال بين أنصار صدام ومعارضيه، ففيما يعتبره الفريق الأول "بطلاً قومياً"، يعتبره الفريق الثاني ديكتاتوراً “يستحق تلك النهاية”.
ماذا قال الزعماء في الشرق والغرب عن صدام وبما وصفه مقربون منه؟ وما آخر التعليقات في ذكرى رحيله؟
بطل مغوار
أحدث التعليقات عن إعدام صدام جاءت فجر الأحد 30 ديسمبر 2018 بقلم نائب البرلمان المصري مصطفى بكري، الذي قال عبر حسابه على موقع "تويتر": "في ذكري إعدام الشهيد صدام حسين في 30 ديسمبر/ كانون الأول 2006، التحية لروحك الطاهرة أيها البطل القومي المغوار، سيبقى إعدامك وصمة عار تلاحق بوش (الرئيس الأمريكي الأسبق) وعصابته وعملاء إيران إلي يوم الدين، لقد مزقوا العراق ودمروا جيشه وأشاعوا فيه الفوضي، قتلوا وشردوا الملايين من أبناء شعبه، ونشروا الفتنة والطائفية على أرضه".
?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1079247525658398721&ref_url=https%3A%2F%2Farabic.cnn.com%2Fmiddle-east%2Farticle%2F2018%2F12%2F30%2Fmustafa-bakri-execution-saddam-hussein-iraq-america-iranكان كتلة تناقضات
حين تمكن الجيش الأمريكي من إلقاء القبض على صدام حسين في ديسمبر من العام 2003، كلفت المخابرات المركزية الأمريكية جون نيكسون، مسؤول المخابرات السابق بالتحقق من هويته واستجوابه.
وكان نيكسون في العراق حين تمكنت القوات الأمريكية من التوصل إلى مكان الرئيس العراقي الأسبق في خندق صغير تحت الأرض بجوار منزل ريفي في مسقط رأسه تكريت.
تولى نيكسون الذي انتهت خدمته في جهاز المخابرات المركزية الأمريكية في العام 2011، أول تحقيق مطول مع صدام حسين، استمر أياماً، ووصف مؤلف كتاب "استجواب الرئيس" صدام حسين بأنه كان "كتلة من التناقضات"، مضيفاً أن الجانب الإنساني من صدام يختلف تماماً عما نشرته وسائل الإعلام الأمريكية.
وتابع نيكسون: "كان من أكثر الشخصيات المؤثرة التي قابلتها في حياتي، وكانت لديه القدرة على أن يكون مبهراً ولطيفاً ومضحكاً ومهذباً عندما يريد ذلك"، لكنه تابع أنه كان يتحول إلى النقيض من كل ما سبق أيضاً، حيث يصبح حين يريد "شخصاً وقحاً ومتغطرساً وبذيئاً ووضيعاً ومرعباً حين يفقد السيطرة على أعصابه".
وصف نيكسون تصرفات صدام حسين بأنها كانت جامحة إلى حدٍ ما، وأنه كان نرجسياً.
كيف لم يغادر العراق؟
في نوفمبر من العام 2014 ظهر الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، عبر قناة "سي بي إس" التلفزيونية الأمريكية، متحدثاً عن صدام حسين، قائلاً إنه “مندهش” لأن الرئيس العراقي الأسبق لم يكن يعتقد بأن الولايات المتحدة ستشن حرباً لإسقاطه عام 2003، مضيفاً أنه تعجب لعدم مغادرة صدام العراق عندما هددت أمريكا بشن الحرب.
وتابع الرئيس الأمريكي الأسبق: إنه "أمر صعب بالنسبة لي أن أستذكر وأنظر إلى الوراء، وأقول لا أعرف كيف يمكن أن يشكك صدام بتهديدي".
وفي مارس من العام 2003 ألقى جورج بوش خطاباً للشعب الأميركي وجه فيه إنذاراً نهائياً لصدام حسين بالتنحي عن الحكم ومغادرة بغداد صحبة نجليه في غضون 48 ساعة، أو إعلان الحرب.
12 عاماً مرت على إعدام صدام، إلا أنه ما زال يثير الجدل إلى اليوم، كيف عثروا عليه؟ وأين في بئر أم في مكان آخر ثم تم تصوير القبض عليه بشكل مغاير للحقيقة؟ ولماذا أُعدم في العيد؟ ولماذا صوروا لحظة إعدامه؟ وككل عام منذ وفاته يتجدد السجال بين أنصار صدام ومعارضيه.
في نوفمبر من العام 2014 ظهر الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، عبر قناة "سي بي إس" التلفزيونية الأمريكية، متحدثاً عن صدام حسين، قائلاً إنه “مندهش” لأن الرئيس العراقي الأسبق لم يكن يعتقد بأن الولايات المتحدة ستشن حرباً لإسقاطه عام 2003.
طبيب صدام:رغم الإعدامات التي اشتهر بها، إلا أن صدام كان شخصاً قادراً على أن يتحول إلى عاطفي ورحيم"رأى طفلاً من أسرة فقيرة محروقاً مشوه الوجه، فبكى وطلب مني إجراء عملية له، وتم هذا فعلاً".
كان ذكياً ومثقفاً
في أبريل من العام 2013 بثت فضائية العربية مقابلة مع نائب رئيس الوزراء العراقي الأسبق "طارق عزيز" الذي كان مقرباً جداً من صدام .
أشار عزيز إلى صدام باعتباره رجلاً عظيماً مثقفاً يحترم كل من يعمل معه من القيادات ولا يتعامل مع الناس بالسوء، على حد تعبيره ، مضيفاً أنه كان "زعيماً وقائداً وإنصافاً للتاريخ لم يكن ميالاً للعنف الذي حصل للعراق وهذا العنف فُرض عليه".
عزيز قال إن "صدام بنى الدولة وكان ذكياً ومثقفاً وحصّل ثقافته من القراءة وأقام البنى التحتية للبلاد وبنى العراق وارتقى به إلى مراتب عليا بين الدول، وحقق تقدماً صناعياً كبيراً خصوصاً في المجال العسكري".
تابع عزيز قائلاً إن صدام "ابتلي بمن حوله"، واصفاً هؤلاء بأنهم "كانوا ضعفاء وسلبيين ومنهم حسين كامل الذي كان كالسرطان بالنسبة للقيادة، وقد ورط صدام في الكثير من الأمور” على حد تعبيره.
كان شريراً جداً ...لكن
في يوليو من العام 2016 عبر مرشح الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية الأمريكية آنذاك دونالد ترامب عن إعجابه بالأساليب التي كان يتبعها صدام حسين لتخليص بلاده من الإرهابيين.
وقال ترامب أمام تجمع لمؤيديه إن صدام فعل شيئاً واحداً صحيحاً على الأقل، مضيفاً: "صدام كان رجلاً شريراً، أليس كذلك ؟ كان شريراً، بل شريراً جداً..لكن أتعلمون ما كان يجيده؟ كان يقتل الإرهابيين، وتفوق في ذلك. لم يكن يشغل نفسه بحقوقهم، ولم يتركهم ليلقوا الخطابات. كانوا إرهابيين وانتهى الأمر."
وتابع ترامب أن اليوم "أصبح العراق جامعة هارفارد للإرهاب، وهذا أمر محزن حقاً"، مضيفاً أنه ما كان على الولايات المتحدة "زعزعة استقرار العراق"، على حد تعبيره.
إيران تحذر أعداءها بسيرته
كثيراً ما تعتبر طهران صدام حسين أنموذجاً جيداً لتهديد أعدائها، أحدث تلك التهديدات ما جاء على لسان الرئيس الإيراني، حسن روحاني، في سبتمبر من العام الجاري، حين قال إن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، سيفشل في مواجهته مع إيران، تماماً كما فشل صدام حسين في الحرب التي دارت في الثمانينيات بين إيران والعراق.
وأضاف روحاني أن ترامب مزق من طرف واحد الاتفاق النووي الموقع مع إيران في 2015 لشن "حرب نفسية" على طهران، على غرار ما فعله صدام حسين حين ألغى اتفاق ترسيم قسم من الحدود بين العراق وإيران، لشنّ حرب على الجمهورية الإسلامية.
إسقاطه كان "خطئاً"
في يونيو من العام 2017 اعتبر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن الرئيس الأميركي الأسبق، جورج بوش الأب، كان على حق حين رفض الإطاحة بحكم الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، في حرب 1991.
وأضاف بوتين أن القرار، الذي اتخذه بعد 10 سنوات جورج بوش الابن بإرسال القوات الأمريكية إلى العراق وإسقاط حسين كان "خاطئاً".
وشرح بوتين في إحدى المقابلات التي أجراها معه المخرج الأمريكي أوليفر ستون، في فيلمه الوثائقي عن الرئيس الروسي: "لم تذهب الولايات المتحدة آنذاك أبعد، ولم تسقط الحكومة في العراق، إنني أعلم أن مناقشات جرت حينها حول هذا الموضوع، وقال البعض له (لبوش الأب) إنه كان عليه أن يمضي قدماً في هذا الشأن وأن يطيح بصدام حسين، لكن الرئيس بوش كان أصاب وتوخى الحذر، فلقد رد على عدوان (صدام على الكويت) ووقف في اللحظة المناسبة".
كان يؤمن بقوة العرب
أما الطبيب الشخصي لصدام حسين، الدكتور علاء البشير، الذي كان مقرباً من صدام لأكثر من 20 عاماً قبل اجتياح القوات الأمريكية العراق في عام 2003، فقال في مقابلة مع صحيفة "العرب" القطرية إن "صدام حسين كان يؤمن إيماناً لا لبس فيه بقوة العرب، وبقدرتهم على تشكيل أكبر قوة في العالم لو اتحدت الدول العربية".
وأضاف الطبيب أنه رغم الإعدامات التي اشتهر بها، والأوامر المتسرعة التي أدت إلى نتائج كارثية، فإن صدام كان شخصاً قادراً على أن يتحول إلى عاطفي ورحيم"رأى طفلاً من أسرة فقيرة محروقاً مشوه الوجه، فبكى وطلب مني إجراء عملية له، وتم هذا فعلاً".
ونقل البشير عن صدام حسين قوله: "أضطر أحياناً لاتخاذ قرارات أعلم جيداً أنها خطأ، ولكنها تظل أفضل الخيارات المتاحة، وغيرها يمكن أن يتسبب بكارثة". وأضاف البشير أن لصدام حسين "أخطاء كبيرة وكثيرة، وأكبر خطأ وقع فيه هو احتلال الكويت".
وعن موقفه من الإعدام، زعم البشير أنه سمع من صدام أنه يتمنى الموت واقفاً، وأنه قال ذلك لأعضاء القيادة يوماً ما في اجتماع بحضوره، مؤكداً أن "صدام كان مهيئاً نفسه جيداً لحكم الإعدام أو الموت، فمشهد الإعدام ليس لشخص عادي مقبل على الموت، فصوته سليم يناقش الحاضرين ويتحدث بكل ثقة وقوة"، مبيناً في الوقت نفسه أن "مشهد إعدامه لم يكن مستغرباً بالنسبة لي".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومينتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه