شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
جُبار والأصمّ وسايق التيمان: أيام وشهور العرب من بناء الكعبة حتى القذافي

جُبار والأصمّ وسايق التيمان: أيام وشهور العرب من بناء الكعبة حتى القذافي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الاثنين 21 يناير 201905:25 م
يتفق العالم العربي اليوم على وجود 7 أيام في الأسبوع بأسمائها العربية المعروفة، ولكن دوله تختلف على أسماء الشهور واعتماد التقاويم، رغم اتفاقها على عدد تلك الشهور (12). لا خلاف على أيام الأسبوع الآن، ولكنها قديماً كانت مختلفة. أما التقاويم فتختلف بين الآرامي والقبطي والعربي والروماني المعرب عن الفرنسية والإنجليزية. وهناك تقويم آخر مختلف تماماً وهو تقويم الجماهيرية أو ما يعرف بتقويم القذافي. العرب، أو الكتلة السكانية الجغرافية الممتدة من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، يختلفون في الأساس ثقافياً وعرقياً وفقاً لحضاراتهم القديمة، ولكنهم توحدوا بفعل الإمبراطورية الإسلامية التي نشأت في القرن السابع الميلادي، وأصبحوا فيما بعد ذلك يسمون جميعاً بـ"العرب"، وعلى هذا الأساس، قد نعتبر أن تاريخ العرب القدامى هو مشترك ثقافي لكل من يسكنون الوطن العربي الكبير (الحالي)، على الأقل بفعل اللغة العربية التي نتكلمها جميعاً. ولهذا فإن أسماء الأيام الشهور والأيام عند العرب القدامى، جديرة بأن يُعرف أصلها ومعانيها وتاريخها، وكيف تبدلت من أسماء إلى أخرى، وهو ما سنقدمه فيما سيأتي. ولكن قبل ذلك لنأخذ جولة سريعة في التقاويم المختلفة المستخدمة عربياً.

من القبطية للآرامية للرومانية وحتى"القذافية"

[caption id="attachment_181190" align="alignnone" width="1000"]توقيعات-الفلكية-على-الشهور-القبطية توقيعات الفلكية على الشهور القبطية[/caption] الشهور القبطية هي على الترتيب: "طوبة، أمشير، برمهات، برمودة، بشنس، بؤونة، أبيب، مسري، توت، بابة، هاتور، كياهك"، وهو تقويم غير رسمي في مصر، ويستخدمه الفلاحون منذ الفراعنة وحتى الآن لمعرفة مواعيد زراعة المحاصيل المناسبة لكل فصل. أما الشهور الآرامية التي انتقلت إلى العربية من خلال اللغة السريانية، فهي تقويم شمسي يسير في دورته مع التقويم الميلادي الروماني، ويُعمل به في بلاد الشام والعراق، وهي على الترتيب: كانون ثاني، شباط، آذار، نيسان، آيار، حزيران، تموز، آب، أيلول، تشرين أول، تشرين ثاني، كانون أول". وتعادله في التقويم الروماني المعرب عن الإنجليزية، شهور: "يناير، فبراير، مارس، أبريل، مايو، يونيو، يوليو، أغسطس، سبتمبر، أكتوبر، نوفمبر، ديسمبر" ويُعمل بهذه المسميات في مصر ودول المشرق العربي. ولكنه في الجزائر وتونس يستعمل بمسميات أخرى مأخوذة عن الفرنسية، وهي: "جانفي، فيفري، مارس، أفريل، ماي، جوان، جولية، أوت، سبتمبر، أكتوبر، نوفمبر، ديسمبر". ويلاحظ أثر الاحتلال الفرنسي في تعريب الشهور الرومانية من الفرنسية في الجزائر وتونس، وأثر الاحتلال الإنجليزي لمصر في تعريب أسماء نفس الشهور عن الإنجليزية. وفي موريتانيا و(المغرب بشكل غير رسمي) يستخدمون نفس التقويم، ولكن بمسميات معربة عن اللاتينية، تتفق مع المعربة عن الإنجليزية في "يناير، فبراير، مارس، أبريل، يونيو، أكتوبر"، وتتفق مع الشهور المعربة عن الفرنسي في "ماي"، أما باقي الشهور فهي مختلفة: يوليو (يوليوز)، أغسطس (غشت)، سبتمبر (شتنبر)، نوفمبر (نونمبر)، ديسمبر (دجنبر).

"أين النار، النوار، الربيع، الطير، الماء، الصيف، ناصر، هانيبال، الفاتح، التمور، الحرث، الكانون"، التقويم العربي الذي أقره القذافي في ليبيا.

نفس هذا التقويم استخدمته ليبيا، ولكن الرئيس الراحل معمر القذافي غير أسماءه على الترتيب إلى: "أين النار، النوار، الربيع، الطير، الماء، الصيف، ناصر، هانيبال، الفاتح، التمور، الحرث، الكانون". أما المملكتين "السعودية" و"المغربية" فتستخدمان التقويم العربي القمري الهجري، ولكنهم في السودان يستخدمون تقويماً قمرياً مختلفاً وشهوره على الترتيب كالتالي: "الوحيد، الكرامة، التوم، التومين، سايق، سايق التيمان، رجب، قصير، رمضان، الفطر، الفطرين، الضحية". والآن لنتعرف على أسماء الأيام والشهور العربية قديماً وسر تسميتها، قبل أن تتبدل إلى الأسماء الحالية، بحسب ما رصدها الدكتور عبدالرزاق بن فراج الصاعدي، أستاذ اللغويات بالجامعة الإسلامية بالسعودية.

أسماء الأيام عند العرب القدامى

كانت أسماء أيام الأسبوع وترتيبها مختلفا عند العرب القدامى، وكانت كالتالي: الأحد: أول. الاثنين: أَهْوَن وأَوْهَد، وقالوا: هذا يوم الثُّنَى - أيضاً. الثلاثاء: جُبار الأربعاء: دُبار أو دِبار الخميس: مؤنس. الجمعة: العروبة، وحَرْبَة - أيضاً. السبت: شِيار. ثم أميتت هذه الألفاظ واستخدمت مكانها الأيام المعروفة: السبت والأحد... إلخ. وقد جمعها شاعر جاهليّ، فقال: أُؤَمّل أن أَعِيشَ وإنَّ يَوْمِي ... بأوّلَ أو باهونَ أو جُبارِ أَوِ التَّالِي دُبارَ، فإن أَفُتْهُ ... فمؤنِسَ أو عَرُوبةَ أو شِيارِ هِيَ الأَيَّامُ دُنيانا عَلَيها ... ممَرُّ اللَّيلِ دَأباً والنَّهارِ ومعنى ألفاظ تلك الأيام كانت كالتالي: سمي الأحد (أوّل) لأنهم جعلوه أوّل أيام الأسبوع، وقالوا للاثنين: (أَهْوَن) من الهَوْن وهو السّكون، و(أَوْهَد) وهو يدلّ على معنى قريب من السكون؛ لأن الوَهْدَة هي "الانخفاض"، كأنّهم جعلوا أيام الأسبوع تبدأ باليوم الأعلى ثم تبدأ في الانخفاض في العد. وسمي الثلاثاء: (جُبار)؛ لأن العدد جُبِرَ به وقوي، إذ احتوى على عدد فردي "١" وعدد زوجي "٢" لأنه كان اليوم رقم "٣" في الأسبوع. أما الأربعاء فسمي (دُبار) لأنه عندهم آخر العدد، وبه يتمّ العقد الأول، ودُبُر كلّ شيء مؤخره. أمّا الخميس والجمعة فسمّيا بأشياء تصنعان فيهما، ولم يسميا بحسب ترتيبهما العددي في أيام الأسبوع، فقالوا للخميس (مؤنس) لأنّه يؤنس به لقربه من الجمعة التي يتأهّبون فيها للاجتماع. وسميت الجمعة (عروبة) لبيانها واختلافها عن سائر الأيّام، والإعراب في اللغة معناه: الإبانة والإفصاح. وقيل: من العَرُوبة، وهي المتحبّبة إلى زوجها. أو لأن كلمتهم كعرب اجتمعت فيها، وبان لهم من الرأي ما كان خافياً؛ فتعربوا واتّفقوا. وتسمّى الجمعة (حَرْبة) أيضاً، لبياضها ونورها وتعظيمها؛ فهي في الأيام كالحَرْبة. وسمي السبت (شِيار) من قولهم: شُرت الشّيء إذا أظهرته وبيّنته.

أسماء الشّهور

وكانت أسماء الشهور عند العرب القدامى كالتّالي: المؤتمر: المحرم. ناجر: صفر. خَوّان أو خُوّان: ربيع الأوّل. وُبْصَان أو وَبْصَان: ربيع الآخر. الحَنين: جمادى الأولى. رُنّى، ويقال "رُبّى" بالباء: جمادى الآخرة. الأَصَمّ: رجب. عاذِل: شعبان. ناتق: رمضان. وَعِل: شوّال. وَرْنَة، وقيل "هُوَاع": ذو القعدة. بُرَك: ذو الحجة. وهناك من خالف جمهور العلماء في أسماء هذه الشهور، فقد ذكر البيروني أنها: "المؤتمر وناجر وخوّان وصُوان وحنتم وزَبّاء والأصمّ وعادل ونافق وواغِل وهُوَاع وبُرَك". ونظمها الصاحب بن عبّاد (تـ 955م)، في قوله: أَرَدْتَ شُهُورَ العُرْبِ في الجَاهِلِيَّةِ ... فَخُذْهَا عَلَى سَرْدِ المُحَرّم تشتَرِكْ فمؤتمرٌ يأتي ومِن بَعْدُ ناجرٌ .... وخَوَّانُ مع صُوَان يُجْمَعُ في شَرَكْ حَنينٌ وزَبّا والأصَمُّ وعادل ... ونافِق مَعْ وَغْلٍ وَرَنَّةُ مَعْ بُرَكْ والموازنة بين بعض هذه الأسماء، وما يقابلها في الروايتين ترجح أن الاختلاف سببه تصحيف أو تحريف لا شيء آخر. والتصحيف في أسماء هذه الشهور غير غريب، لإماتة هذه الألفاظ وتركها في الاستعمال مع قدمها، بحسب الصاعدي. وقد تكون لغات لبعض القبائل، وفقاً للرواية الشائعة التي تقول إن العرب كانوا يستخدمون أسماء مختلفة للشهور، بحسب كل قبيلة، ولكنهم اجتمعوا بمكة في عهد كلاب بن مرة، الجد الخامس للنبي، واتفقوا على توحيد أسماء الشهور التي لازالت مستخدمة حتى الآن.  

وفقاً للرواية الشائعة إن العرب كانوا يستخدمون أسماء مختلفة للشهور، بحسب كل قبيلة، ولكنهم اجتمعوا بمكة في عهد كلاب بن مرة، الجد الخامس للنبي، واتفقوا على توحيد أسماء الشهور التي لازالت مستخدمة حتى الآن.

وجدير بالذكر أن العرب لم يكن لديهم تقويم معين، ولكنهم كانوا يؤرخون لأحداثهم ببعض الوقائع كبناء الكعبة وعام الفيل، وعام العذر، وغيرها، ثم قرر الخليفة عمر بن الخطاب أن يجعل من تاريخ هجرة النبي إلى المدينة تقويما وحيدا للعرب. أما معاني أسماء هذه الشهور فقد اشتقت كالتالي: ١- "المؤتمر": "المحرم"، وهو من الأشهر التي حرم فيها القتال عند العرب قديماً، وسمي كذلك لثلاثة أسباب: أحدها أنّه يؤتمر فيه للحرب، والثاني أن يكون من "أَمر القوم إذا كثروا"؛ فكأنّهم لما حُرِموا القتال فيه زادوا وكثر عددهم لعدم موت أحدهم بسبب الحرب. والثّالث، أن يُؤتمر فيه بكلّ شيء ممّا تأتي به السّنة من أقضيتها. ٢- "ناجر" : "صفر" وهو من النجر أي شدة الحرّ، أو لأنّ الإبل تَنْجَرُ فيه، أي: يشتدّ عطشها حتّى تيبس جُلودها. ٣- "خوان": "ربيع الأول"، وهو من الخَون وهو النّقص؛ لأن الحروب تكثر وتشتدّ فيه فيتخوّنهم أي يتنقّصهم، وقد يكون من الخيانة. ٤- "وُبصان" أو"وَبصان": "ربيع الأول"، وهو من الوبيص أي "البريق"، ومن قال: بُصان فهو من "البصيص". ٥- حنين: "جمادى الأولى"، فهو من حنين الناس إلى أوطانهم؛ لأن النّاس يحنّون فيه إلى أوطانهم. ٦- "رُنّى": جمادى الآخرة: من الشّدّة في كل شيء، حيث قيل: يوم أَرْوَنانٌ: أي شديد في كل شيء. ٧- "الأصمّ": رجب، وسمي كذلك لتركهم الحرب فيه، وبالتالي عدم سماع صوت صلصلة الحديد خلاله. ٨- "عاذل": شَعبان، وكأنّه كان يعذلهم على الإقامة، وقد حلّت الحرب والغارات. وقيل: "عاذل" اسم شهر شوال، أمّا شعبان فاسمه "وَعِل"، أي: أنّهم عكسوا، وأكثر العلماء على ما ذكر في البداية، أي أن عاذلاً هو شعبان ووَعِلاً "شوال". ٩- رمضان: "ناتق"، وسمي بذلك لأنه كان مكثراً لهم الأموال، يقال: نتقت المرأة: إذا كثرت الولد، والنتق يأت بمعنى الجذب أيضاً، كأنه كان يجذب الناس إلى غير ما هم عليه. وعن ذلك يقول الراعي النميري (تـ90هـ/708م): وفي نَاتِقٍ كانَ اصْطِلامُ سَرَاتِهم ... لَيَالِيَ أَفْنَى القَرْحُ جُلَّ إِيَادِ نَفَوا إخْوَةً ما مِثْلَهُم كَانَ إِخْوَةٌ ... لِحَيٍّ وَلَمْ يَسْتَوْحِشُوا لِفَسَادِ ١٠- شوَال سمي "وَعِلاً" لأن الغارات كانت تكثر فيه، فيلتجئ كلُّ قوم إلى ما يُتَحَصّنُ به، والتَوَعّل: التَّوقّل وهو العلو والاحتراز، ومنه اشتقّ الوعل والمستوعل من الحمير المتحرزة. ١١- ذو القعدة سمي "وَرْنَة" للتَّنَعُّم فيه. يقول ابن الأعرابي: "التَّوَرُّن: كثرة التّدهّن والنّعيم". أمّا تسميته بـ"هُوَاع" فلأنه كان "يهوع الناس"، أي: يخرجهم من أماكنهم إلى الحج، ويقال: هاع فلان يهوع هوعاً، إذا قاء وتهوّع وخرج من حلقه هُواعة". ١٢- "ذو الحجة": سمي "بُرَكُ"، وكأنّه الوقت الذي تبرك فيه الإبل لموسم الحج، وقد يكون مشتقاً من البَرَكة، لأنّه وقت الحجّ، فالبركات تكثر فيه، وأصل البَرَكة من الثَّبات، كأنه من قولهم: بَرَكَ البَعِير، أو هو من مبرك البَعير الّذي يثبت فيه.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image