تستعد إيران لإنشاء مركز تجاري إيراني في المنطقة الحرة بدمشق قريباً، ضمن خطتها لإعادة إعمار سوريا، بحسب ما نشرته وكالة أنباء فارس نقلاً عما أعلنه الأحد رئيس اللجنة الاقتصادية الإيرانية السورية المشتركة كيوان كاشفي.
ويأتي هذا الإعلان بعد معلومات ساقتها الصحافة الإيرانية تحدثت عن تقلص كبير في حجم التبادل التجاري بين إيران وسوريا وتراجع بنسبة 66٪ في صادرات إيران نحو سوريا رغم الدعم العسكري الكبير الذي تقدمه طهران لدمشق لا سيما في الحرب السورية الدائرة منذ عام 2011.
هذا التقلص “المفاجئ” يأتي مقابل نمو ملحوظ في حجم التبادل التجاري بين سوريا وتركيا العام الماضي رغم الأزمة السياسية بين البلدين والعداء العلني بين دمشق وأنقرة.
ونقلت الوكالة عن كاشفي قوله إنه "بعد إرساء الأمن في سوريا، ثمّة أجواء جيدة لنشاطات القطاع الخاص في إيران للمساهمة في إعادة الإعمار وتلبية احتياجات هذا البلد"، بحسب قوله. الإعلان الإيراني يأتي في وقت تفرض فيه واشنطن عقوبات اقتصادية خانقة على طهران وفي وقت تشكو فيه سوريا اضمحلالاً في البنية التحتية بعد حرب 8 سنوات دمرت عدداً غير قليل من المصانع لا سيما الواقعة منها في مناطق سيطرة داعش، لهذا يأتي الدعم الإيراني في هذا الظرف ثميناً للطرفين.
وأشار كاشفي إلى زيارة الوفد الاقتصادي الايراني إلى سوريا في الآونة الأخيرة، موضحاً أنها أثمرت عدداً من القرارات منها تأسيس شركة إيرانية عراقية سورية مشتركة للنقل والمواصلات تنشط في مجال ترانزيت السلع الإيرانية إلى سوريا عبر العراق وإمكانية التبادل المالي عبر المصارف ومراكز تبادل العملات الأجنبية في البلدين.
وأضاف كافشي أنه اتخذ قرار تشييد مركز تجاري إيراني في المنطقة الحرة بدمشق وتقديم تسهيلات للناشطين الاقتصاديين في كلا البلدين مشيراً إلى السعي إلى تسهيل حركة رجال الأعمال السور يين والإيرانيين.
وأثار الإعلام الإيراني قضية التعاون الاقتصادي بين سوريا وإيران، حين كتب موقع فرهيختكان أونلاين تقريراً عن التبادل التجاري بين إيران وسوريا كشف فيه تراجع الصادرات الإيرانية إلى سوريا بنسبة 66 ٪ فيما تمثل البضائع التركية 8 أضعاف مثيلاتها في السوق السورية.
تناقل الإعلام الإيراني التقرير متسائلاً عن جدوى الدعم الإيراني لسوريا في ظل انعدام الفوائد الاقتصادية على طهران، فردت وكالة تسنيم التابعة للحرس الثوري العامل في سوريا على هذا الجدل بتقرير تقول فيه إن القادم أفضل، عارضة أرقاماً وتوقعات بتبادل تجاري مرتفع بين سوريا وإيران.
وقامت الوفود التجارية بين البلدين بزيارات عديدة العامين الماضيين لكن النتائج لم تأتِ بحجم التوقعات المرسومة من دمشق وطهران، ولم تتضح أسباب تدحرج التبادل رغم قوة التواجد الإيراني العسكري على الأراضي السورية أكثر من أي وقت مضى.
الأولوية للشركات الإيرانية
واحتضنت طهران يوم 30 ديسمبر 2018 اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة الإيرانية السورية تم خلالها التوقيع على عدة اتفاقات تعاون برعاية الغرفة التجارية المشتركة بين البلدين، لتستفيد إيران من كلفة اليد العاملة السورية الرخيصة. ورغم العقوبات على النظام السوري حافظت دمشق على علاقات مالية في 103 دولة، أبرزها إيران، واتفق الجانبان يوم 30 ديسمبر الماضي على إنشاء قناة مالية خاصة بين طهران ودمشق. وفي خضم زيارة الوفد السوري تحدثت أنباء من دمشق عن رسالة وجهها الرئيس بشار الأسد للسلطات الإيرانية بأن الشركات الإيرانية “ستحظى بالأولوية في إعمار سوريا”.
ولم يخف السفير السوري في طهران عدنان محمود الذي حضر الاجتماع المشترك بأن الشركات الإيرانية العمومية كما الخاصة تحظى بالأولوية في مشاريع إعادة إعمار سوريا. والتأكيد على طابع “الأولوية” ليس غريباً فإيران الحليف القوي لدمشق ساهمت بدرجة كبيرة مع روسيا في إنقاذ نظام الرئيس السوري بشار الأسد من السقوط منذ اندلاع الحرب في سوريا في العام 2011.
السعودية وإيران وجهاً لوجه
الحديث عن حظوة إيران قد تتسبب بأزمة جديدة بين دول الخليج وسوريا تقوض مساعي التسوية الطارئة بينهما، خصوصاً وأن دولتين خليجيتين أعادتا فتح سفارتيهما في دمشق الأسبوع الماضي بعد قطيعة دامت 8 أعوام. فيما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية في تقرير يوم 26 ديسمبر، أن دول الخليج بقيادة السعودية في طريقها إلى إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية، بعد ثماني سنوات من طردها، ناقلة عن مصادر لم تسمها أنه من المرجح أن يتم الترحيب بالرئيس السوري في الجامعة مرة أخرى خلال هذا العام.ولم يأت التطبيع الخليجي مع دمشق من عدم، بل جاء بعد أيام قليلة من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل سحب قواته من سوريا أن السعودية ستتكفل بإعادة إعمار سوريا، ما يطرح الآن صداماً جديداً بين إيران والسعودية على أرض سوريا: من يعيد إعمار سوريا ومن يفوز بصفقات إعادة إعمار حرب شارك فيها الجانبان وآخرون.
دول الخليج الساعية من خلال تطبيع علاقاتها مع الأسد إلى إبعاده عن دائرة نفوذ طهران، معتمدة على وعود ستوجهها له بإقامة علاقات تجارية طبيعية وبتمويل عملية إعادة إعمار سوريا، تواجه في الواقع وجود خصم لها على الميدان السوري: إيران.
وقبل أن تتضح نوايا المجموعة العربية بشأن إعادة سوريا إلى الجامعة العربية، وسط أنباء قوية عن مساعٍ لتوجيه دعوة للنظام السوري أو من يمثله لحضور القمة العربية التي تعقد في تونس في مارس القادم، تتحرك إيران ميدانياً في سوريا بكل سلاسة، ما جعل سفير إيران في دمشق، يتحدث بثقة عن تحالف إيراني سوري لغزو أسواق البحر المتوسط منطقة آسيا قريباً…كما لو كانت نهاية الحرب السورية فعلاً وشيكة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 11 ساعةجميل جدا وتوقيت رائع لمقالك والتشبث بمقاومة الست
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أياممقال مدغدغ للانسانية التي فينا. جميل.
Ahmed Adel -
منذ 6 أياممقال رائع كالعادة
بسمه الشامي -
منذ أسبوععزيزتي
لم تكن عائلة ونيس مثاليه وكانوا يرتكبون الأخطاء ولكن يقدمون لنا طريقه لحلها في كل حلقه...
نسرين الحميدي -
منذ اسبوعينلا اعتقد ان القانون وحقوق المرأة هو الحل لحماية المرأة من التعنيف بقدر الدعم النفسي للنساء للدفاع...
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعيناخيرا مقال مهم يمس هموم حقيقيه للإنسان العربي ، شكرا جزيلا للكاتبه.