كان يكفي إعلان الديوان الملكي السعودي اعتزامَ ولي العهد محمد بن سلمان زيارةَ تونس الثلاثاء 27 نوفمبر حتى ينتفضَ المجتمع المدني التونسي ونقابة الصحافيين وحتى نواب الشعب. الأمير محمد بن سلمان الذي شرع الجمعة بجولة له في عدة عواصم عربية، هي الأولى منذ اغتيال جمال خاشقجي، "غير مرحب به" هكذا تصاعدت البياناتُ المنددة به في تونس.
بدأ ولي العهد السعودي جولته صباح الجمعة 23 نوفمبر، وكانت الإمارات أولى محطاته، وفي أبوظبي انتشرت صورة له مع ابن أخ جمال خاشقجي وهما يبتسمان. محطة بن سلمان الثانية هي البحرين التي تنظم السبت انتخاباتٍ بلدية وبرلمانية وسط غياب المعارضة، ثم مصر الحليف القوي للسعودية، بعدها يتوجه إلى تونس الثلاثاء المقبل "عاصمة الثورات العربية" التي نجت "تقريبا" من هنّات الربيع، ثم الجزائر وموريتانيا قبل توجهه إلى الأرجنتين.
لكن يبدو أن تونس محطةٌ مثيرة وصعبة، خلقت ضجة قبل وصوله، إذ فور إعلان اعتزام بن سلمان التوقفَ في تونس، البلد الصغير الذي يُعرف مجتمعه المدني بالشراسة، اندفعت أصواتٌ حقوقية وإعلامية وسياسية تندد به. فأعلن الجمعة 50 محامٍ تونسياً أنهم سيتوجهون إلى القضاء لمنع زيارة بن سلمان، و نقلت وسائل إعلام عن المحامي والمنسق العام لـ"مجموعة الخمسين محامٍ للدفاع عن الحريات والتصدي للانحراف بالسلطة" نزار بوجلال، قوله، إنه يستعد برفقة خمسين محام رفع ما قال إنه دعوى قضائية استعجالية، لمنع ولي العهد السعودي من دخول تونس.
أما بيان النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين فجاء قوياً، موجهةً رسالة مفتوحة إلى الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، نددت فيها بزيارة بن سلمان واعتبرتها محاولةً لتبييض سجله، مستنكرة مجيئَه بعد اغتيال خاشقجي معتبرة حضوره يتنافى ومبادئ ثورة تونس.
إعلان الديوان الملكي السعودي اعتزامَ ولي العهد محمد بن سلمان زيارةَ تونس يخلق ضجةً.. أصواتٌ حقوقية وإعلامية وسياسية تندد بها، وأعلن 50 محامٍ تونسياً أنهم سيتوجهون إلى القضاء لمنع زيارة بن سلمان
ما دام الشعب التونسي الحرّ يرفض زيارة بن سلمان فعلى الرئيس أن ينصت لشعبه قبل أن يفتح ذراعيه من أجل مصالح ظرفية فالمبادئ لا تشترى ولا توزن ببراميل النفطوقال الصحافيون في رسالتهم للرئيس: "حدثت في تونس ثورة ولسنا مستعدين، كصحافيات وصحافيين، أن نتنازل عن مكاسبها، وفي مقدمتها سيادة القانون وحرية الصحافة والتعبير. على هذا الأساس نرفض زيارة ولي العهد السعودي إلى بلادنا رفضاً قاطعاً، لما في تلك الخطوة الاستفزازية من اعتداء صارخ على مبادئ ثورتنا". كما عبر نقيب الصحافيين التونسيين ناجي البغوري عن رفضه للزيارة، قائلاً عبر صفحته في فيسبوك إن "دم خاشقجي لم يبرد بعد"، مضيفاً "القاتل بن سلمان لا أهلاً ولا سهلاً بك في بلد الانتقال الديمقراطي، تونس". ورفضت الزيارة كذلك شخصيات سياسية عدة، منها المتحدث الرسمي باسم الجبهة الشعبية (يسار) حمة الهمامي الذي اعتبر الزيارة "استفزازاً للشعب التونسي وثورته وتاريخه" ورأى فيها خطراً يهدد سيادة تونس ويقحمها في محاور إقليمية على حدّ قوله. الإعلامي والناشط الحقوقي الفاهم بوكدوس، وعضو "المجلس الوطني التأسيسي" والمتحدث باسم حزب "تيار المحبة" سعيد الخرشوفي، والسياسي المعارض طارق الكحلاوي، إضافة إلى إدارة صحيفة "المساء" التونسية، وأستاذة الإعلام سلوى الشرفي شاركوا في حملة رفض الزيارة بأشد عبارات التنديد. أما أستاذ القانون الدستوري قيس سعيّد فتناول الأمر من ناحية دستورية ليشرح هل باستطاعة الشعب الاعتراض على دعوة رئيسه ضيفاً؟ وقال: ما دام الشعب التونسي الحر يرفض زيارة بن سلمان فعلى الرئيس أن ينصت لشعبه قبل أن يفتح ذراعيه من أجل مصالح ظرفية فالمبادئ لا تشترى ولا توزن ببراميل النفط" على حد قوله. أما النائب التونسي عماد الدايمي، فنشر عبر صفحته الرسمية على فيسبوك صورة لبن سلمان ويده ملطخة بالدماء، مندداً بالدبلوماسية التونسية قائلاً إنها ستندم. وتابع النائب التونسي "سيسمع ما يكره من التونسيين في الشارع وفي المنابر وتحت قبة المجلس..." وتساءل الدايمي عما إذا كان يبحث بن سلمان من خلال الزيارة "عن فك العزلة والعودة السلسة إلى المشهد الدولي لتجاوز آثار الجريمة النكراء"، قائلاً "لن نقبل بتدنيس بلادنا التي أصبحت قلعة حرية في المنطقة والعالم". /2833725739986234/?type=3&theater من ناحية أخرى خرجت أصوات مرحبة بالزيارة، منها الأمين العام لحزب نداء تونس سليم الرياحي، الذي قال في حديث تلفزيوني إنه يرحب بزيارة بن سلمان، مضيفاً أنه لا يصدق ضلوعه في مقتل خاشقجي.
احتجاج أمام قصر قرطاج
ويقول المعارضون لزيارة بن سلمان إنهم يجهزون لوقفة احتجاجية أمام قصر قرطاج، في وقت وصول بن سلمان إلى تونس. وانتشر وسم “لا أهلا ولا سهلا بصاحب المنشار” عبر من خلال عدد من التونسيين وكذلك العرب عن غضبهم، ووصف النشطاء جولة بن سلمان بأنها تهدف إلى إضفاء شرعية اتهامات له من قبل منظمات حقوقية دولية بأنه من أصدر أمراً مباشراً بقتل خاشقجي. أوسمة أخرى منها #بن_منشار_يرجع_من_المطار و#لا_أهلا_ولا_سهلا، و#لا_لقاتل_خاشقجي_بتونس اشتركت جميعها في التعبير عن رفض الزيارة مطالبين تونس بإلغائها وعدم استقبال بن سلمان. وغرد ناشط متسائلاً: "من يجرؤ على مصافحة قاتل خاشقجي؟" مضيفاً "أيّ يد تلك التي ستمتدّ لتصافح يد سفّاح خنقت إعلامياً أعزل ونشرته بالمنشار وهرّبت قطع جثمانه فأعدمته ثلاث مرّات كما لو كانت تنتقم من الإنسان فيه وتعلن ارتكاسة إلى زمن التوحشّ؟". وكان ملف اليمن أيضاً حاضراً في تغريدات بعض النشطاء الرافضة لزيارة بن سلمان إلى تونس، حيث كتب ناشط "عار على تونس الثورة أن تبيض وجه قاتل أطفال اليمن". وغرد ناشط آخر، معتبراً أن بلاده "لا ترحب بولي العهد السعودي"، لكنه أضاف، "ويبقى الشعب السعودي شعب شقيق". فيما دافع أنصار بن سلمان عن زيارته تونس، وردوا على التغريدات الغاضبة بدعم ولي العهد والدفاع عنه، وقامت السفارة السعودية في تونس بمتابعة بعض النشطاء التونسيين المنددين بزيارة ولي العهد وحظرت آخرين ما أثار موجة أخرى من التعليقات على وسائل التواصل.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...