شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
الجماعة الإسلامية على قوائم الإرهاب... قصة أعنف جماعة تائبة عرفتها مصر

الجماعة الإسلامية على قوائم الإرهاب... قصة أعنف جماعة تائبة عرفتها مصر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 15 نوفمبر 201804:46 م
مؤخراً، أعلنت محكمة الجنايات المصرية إدراج "الجماعة الإسلامية" و164 من قادتها على قوائم الإرهاب، مشيرة إلى أن قرارها صدر بعد مذكرة من نيابة أمن الدولة أكدت فيها أن هذه الجماعة تأسست بالمخالفة لأحكام القانون، بغرض الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين. ما هي "الجماعة الإسلامية"؟ وما هي قصتها مع الإرهاب؟

البداية

تأسست "الجماعة الإسلامية" في سبعينيات القرن الماضي بعد أن منح الرئيس المصري الأسبق أنور السادات حرية ممارسة العمل السياسي للإسلاميين. ويروي القيادي السابق في الجماعة والذي انشق عنها عام 2013 والباحث في شؤون الجماعات الإرهابية المسلحة هشام النجار لرصيف22 أن "الظهور الأول لها كان في الجامعات المصرية". شهدت تلك الفترة زيادة كبيرة في نشاط الإسلاميين في الاتحادات الطلابية، وخاصة في جامعة الإسكندرية. ودفعت تلك الظروف المناسبة الدكتور عمر عبد الرحمن، العالم الأزهري البارز الذي مات عام 2017 في سجون أمريكا بعد سجنه لما يزيد عن 24 عاماً في قضية تفجيرات نيويورك عام 1993، إلى التفكير في إطلاق جماعة جديدة تدعو إلى تطبيق الشريعة. راح عبد الرحمن، بحسب النجار، يعقد جلسات مع طلاب هذه الجامعات ومنهم عاصم عبد الماجد، الطالب في كلية الهندسة، وعبد المنعم أبو الفتوح، الطالب في كلية الطب، وناجح إبراهيم، الطالب في كلية طب الإسكندرية، و"كانت النتيجة إطلاق الجماعة الإسلامية في مختلف الجامعات وكان كل شباب الحركة الإسلامية يتحركون تحت هذا الاسم، حتى شباب الإخوان وكذلك سلفيي الإسكندرية الذين تشكلت منهم الدعوة السلفية". "كان الهدف المعلن من تأسيس الجماعة والذي وضعه الدكتور عمر عبد الرحمن هو تطبيق الشريعة الإسلامية والسعي إلى دولة الخلافة"، يقول النجار ويتابع: "على أساس هذة الأهداف جمع الآلاف من الشباب الإسلاميين حول جماعته الجديدة في الجامعات المختلفة قبل أن ينفضّ كثيرون من حوله في ما بعد خوفاً من الصدام مع الدولة، في ظل تبني الجماعة العنف والعمل المسلح أساساً للتغيير". هكذا، انضم البعض إلى جماعة الإخوان كعبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية حالياً، وأبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط حالياً، ومحيي عيسى، القيادي الإخواني البارز، وأسس البعض الآخر كيان الدعوة السلفية ومنهم الشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، ومحمد إسماعيل المقدم مستشارها. بعد هذه الافتراقات، يشير النجار إلى أن "قوة الجماعة تركزت في الصعيد وبالأخص في محافظتي المنيا وأسيوط، تحت قيادة الشيخ كرم زهدي الذي اختير وقتها رئيساً لمجلس شورى الجماعة، وكان تلميذ عمر عبد الرحمن النجيب، فيما اكتفى الأخير بالزعامة الروحية والفكرية فقط للجماعة".

سنوات العنف

ترتبط قصة الجماعة الإسلامية بأبرز فصول تاريخها وهو ذاك الذي شهد انتهاجها أعمال العنف. يعتبر أمير الجماعة الإسلامية السابق في دمياط عوض الحطاب أن الجماعة الإسلامية "هي أخطر جماعة إسلامية شهدها التاريخ المصري الحديث بسبب العمليات الإرهابية الكبرى التي نفذتها بين عامي 1981 و1997"، ولعل أشهرها على الإطلاق اغتيال السادات أثناء إحياء الذكرى الثامنة لنصر أكتوبر، وتمت بالتعاون مع جماعة الجهاد. ويؤكد الحطاب الذي انشق عن الجماعة عام 2012، بعد قضائه نحو 23 سنة فيها، منها ما لا يقل عن 10 سنوات داخل السجن، لرصيف22 أن عبد الرحمن وزهدي "نجحا في شحن قلوب المئات من الشباب وتجهيزهم لينفّذوا عمليات إرهابية باسم الدين، وما ساعدهم على ذلك توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل عام 1978، وكانت سبباً رئيسياً في صدام الجماعة مع النظام ووسيلة للتحريض ضده في الجامعات". قبضت أجهزة الأمن المصرية على العديد من القيادات أمثال كرم زهدي وناجح إبراهيم وآخرين، "ما كان سبباً في زيادة احتقان أعضاء الجماعة واستعدادهم الكامل لإعلان الحرب على الدولة"، بحسب الحطاب. كان الحطاب شاهداً على كبرى العمليات الإرهابية التي نفّذتها الجماعة. وبخلاف اغتيال السادات في السادس من أكتوبر عام 1981، عبر خلية قادها القيادي في الجماعة خالد الإسلامبولي، حاولت الجماعة في الثامن من الشهر نفسه السيطرة على محافظة أسيوط من خلال الاستيلاء على مديرية الأمن، ما أسفر عن مقتل 118 شرطياً في هجوم عُرف باسم "مذبحة أسيوط"، وكان من أبرز قادته عاصم عبد الماجد، عضو مجلس شورى الجماعة. كذلك، قامت الجماعة باغتيال كل من رئيس مجلس الشعب المصري رفعت المحجوب، عام 1990، أثناء مرور موكبه على كوبري قصر النيل، والمفكر فرج فودة بسبب كتاباته وكتبه التنويرية، عام 1992. كما حاولت اغتيال الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995، وارتكبت مجزرة وحشية بحق سياح في الأقصر، عام 1997، أسفرت عن مقتل 58 شخصاً وإصابة آخرين، أثناء زيارتهم للدير البحري. يؤكد أمير الجماعة الإسلامية السابق في دمياط أن جماعته تعرّضت لموجة اعتقالات كبرى طوال هذه الفترة، وقبضت أجهزة الأمن على كل القادة والأعضاء بعد حادث الأقصر. ولكن فجأة، عام 1997، خرج عدد من قيادات الجماعة من السجن، منهم كرم زهدي، وجرى الاتفاق على ما يُعرف بـ"مبادرة وقف العنف".

وقف العنف والمراجعات

يؤكد الشيخ حمدي عبد الرحمن، القيادي التاريخي في الجماعة الإسلامية وأحد أهم أعضاء مبادرة وقف العنف، أن المبادرة أطلقت في يوليو 1997 ووافق جهاز أمن الدولة عليها بعد اقتراحها من قبل كرم زهدي، إلا أن الاعتداء على السياح في الأقصر في نوفمبر من العام نفسه أجّلها لمدة أربع سنوات كاملة بسبب تغيير قادة جهاز أمن الدولة لتعود من جديد عام 2001، بعد عودة اللواء أحمد رأفت، رئيس جهاز أمن الدولة، إلى منصبه. وقال عبد الرحمن لرصيف22 إن المبادرة كانت سبباً في خلافات كبرى داخل الجماعة حُسمت في النهاية لصالح الفريق المؤيد لنبذ العنف، وشارك الفريق المعارض للمبادرة، ومنهم عضو مجلس شورى الجماعة عاصم عبد الماجد، في كتابة كتب المراجعات التي حملت اسم "سلسلة تصحيح المفاهيم" مع كل من ناجح إبراهيم، حمدي عبد الرحمن، كرم زهدي، عصام دربالة، وعلي الشريف، ورئيس مجلس شورى الجماعة الحالي أسامة حافظ وفؤاد الدواليبي. صدرت خمسة كتب ضمن المبادرة هي "نهر الذكريات... المراجعات الفقهية للجماعة الإسلامية"، "النصح والتبيين في تصحيح مفاهيم المحتسبين"، "مبادرة وقف العنف... رؤية واقعية ونظرة شرعية"، "حرمة الغلو في الدين وتكفير المسلمين"، "تسليط الأضواء على ما وقع في الجهاد من أخطاء". كل هذه الكتب تضمنت تراجعات كبرى للجماعة في ما يخص تكفير الأقباط واستحلال دمائهم، وهو مسوغّهم للهجوم على سياح الأقصر، هذا بجانب الاستغناء عن فكرة تكفير المسلمين وخاصة رجال الشرطة والجيش، وتحريم العمل المسلح كوسيلة للتغيير، وفقاً لما أكده القيادي التاريخي في الجماعة.
ترتبط قصة "الجماعة الإسلامية" بأبرز فصول تاريخها وهو ذاك الذي شهد انتهاجها أعمال العنف، ويصفها عضو سابق فيها بأنها "أخطر جماعة إسلامية شهدها التاريخ المصري الحديث بسبب العمليات الإرهابية الكبرى التي نفذتها بين عامي 1981 و1997"
تبنّت هدف تطبيق الشريعة الإسلامية والسعي إلى دولة الخلافة، وجمعت آلاف الشباب الإسلاميين حوله، وانتهجت العنف والعمل المسلح أساساً للتغيير، في حقبة دامية من تاريخ مصر الحديث... "الجماعة الإسلامية"
وأشار عبد الرحمن إلى أن مبادرة وقف العنف "حقيقية ولم تكن بإجبار الأمن المصري"، مؤكداً التزام أغلب قيادات جماعته بها "إلا عدداً من الذين انضموا إلى ركب جماعة الإخوان المسلمين عقب ثورة 30 يونيو عام 2013 مثل طارق الزمر، رئيس حزب البناء والتنمية السابق، الذراع السياسي للجماعة"، والذي توعّد المشاركين في تظاهرات 30 يونيو ضد الإخوان بالسحق والضربة القاضية، ويتواجد حالياً في تركيا واسمه ضمن قائمة الإرهاب.

اتهامات بالعودة إلى الإرهاب

يرى البعض أن مبادرة وقف العنف عام 1997 لم تكن صادقة وشارك فيها أعضاء وقادة في الجماعة الإسلامية فقط من أجل الخروج من السجن ومن ثم إعادة ممارسة العنف من جديد، ومنهم ربيع علي شلبي، المنشق عن الجماعة منذ عام 2011، بعد 20 سنة قضاها فيها. ودلل شلبي على كلامه بنماذج لعدد كبير من أعضاء وقادة الجماعة الذين شاركوا في العمل المسلح بعد إعلان المبادرات ولكن خارج مصر وبالتحديد في سوريا ضمن صفوف تنظيم القاعدة، ومنهم على سبيل المثال أبو العلا عبد ربه، أحد قادة الجناح العسكري في الجماعة الإسلامية والمشارك في اغتيال المفكر المصري فرج فودة والذي سافر إلى سوريا عام 2013 وشارك في القتال ضمن صفوف "جبهة النصرة" قبل أن يُقتَل في 22 مارس 2017. ويشير شلبي إلى أن البعض تراجعوا عن نبذ العنف وعادوا إلى ممارسته، ومنهم عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية رفاعي طه الذي شارك بفعالية في مبادرة وقف العنف. ترك طه مصر عام 2013 وتوجه إلى تركيا خوفاً من القبض عليه، ومن هناك انتقل إلى سوريا في مهمة كُلّف بها من قبل تنظيم القاعدة لتوحيد الفصائل السورية، بحسب شلبي الذي يضيف أن تلك المهمة تسببت في مقتله إذ استُهدفت سيارته بقصف جوي لطائرات التحالف الدولي في إدلب، في السادس من أبريل عام 2016. ويقول المنشق عن الجماعة الإسلامية لرصيف22 إنه، بسبب إيمانه بعدم تخلي الجماعة الإسلامية عن العنف ومواجهة الدولة، قرر أن يرفع دعوى قضائية للمطالبة بحل حزب البناء والتنمية الذراع السياسي للجماعة عام 2017 لعدة أسباب منها تأييد جماعة مصنفة في مصر على إنها جماعة إرهابية، وهي "الإخوان المسلمين"، والتحريض ضد الأقباط.

التمسك بمبادرة نبذ العنف

لكن أمين حزب البناء والتنمية في كفر الشيخ طارق فكري ينفي أي اتهام للحزب والجماعة بالعودة إلى العنف والعمل المسلح، ويؤكد لرصيف22 أن "انضمام عدد من أعضاء وقادة الجماعة لأية حركات إرهابية لا يعني تغيّراً في موقف الجماعة نفسها". ويتوقع فكري عدم حل حزبه لأن كل التهم الموجهة إليه غير صحيحة، "فقد أعلن الحزب انسحابه من كل التحالفات الداعمة للإخوان بشكل رسمي ولم يبقَ فيها إلا أشخاص يمثلون أنفسهم فقط ، هذا بجانب دعم الحزب الكامل للأقباط وعدم تكفيرهم أو التحريض ضدهم بدليل تنظيمه مؤتمرات" مثل مؤتمر "لا للتكفير" في مايو 2014 لرفض فتاوى استهداف الأقباط، وإطلاق مبادرة "أمة واحدة" الداعية للتعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين عام 2012. يؤيد هذا الكلام عضو الهيئة العليا في الحزب وأحد المدرجين حديثاً على قوائم الإرهاب طه الشريف، مؤكداً لرصيف22 استعداده لتقديم طعن أمام المحكمة مع باقي قيادات الجماعة الإسلامية لإعادة النظر في قرار إدراجهم على قوائم الإرهاب، وللتأكيد على تخليهم تماماً عن العنف والعمل المسلح والتزامهم التام بوقف العنف. من جانبه، يرى الباحث في شؤون الجماعات والتنظيمات الإرهابية المسلحة عمرو عبد المنعم أن الجماعة الإسلامية هي "أعنف جماعة شهدها تاريخ مصر المعاصر نظراً لنجاحاتها في تنفيذ عمليات إرهابية مؤثرة جداً لم يسبقها إليها أحد". ويقول لرصيف22 إن الجماعة تمسكت تماماً بمبادرة نبذ العنف ولم يثبت تورطها في أية أعمال عنف بعدها"، إلا أنه يضيف أنها "بعد أحداث الثورة السورية، وتحديداً عام 2012، أنتجت أشخاصاً كان لهم دور في المشهد الإرهابي في سوريا أمثال أبو العلا عبد ربه، ورفاعي طه وغيرهما".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image