الطابع الذكوري بات يقل شيئاً فشيئاً في عالمنا اليوم، لأن الرجل المعاصر فقد العديد من سمات "الفحولة" وفق ما أكدته الأبحاث العلمية، عازيةً السبب إلى انخفاض معدل التستوستيرون لدى رجال اليوم مقارنة بالرجال القدامى، فما سبب هذه الظاهرة؟
مخاوف جنسية
إذا حاولنا مقارنة رجال اليوم برجال الأمس فهل نستطيع أن نقول إن الرجل المعاصر بات أقل "رجولة"؟ عمل العلماء على قياس معدل هرمون التستوسترون وهو الهرمون المسؤول عن السلوكيات الذكورية، وتبيّن أن مستويات هرمون التستوسترون لدى الرجال في تراجعٍ مستمرٍ منذ عقود. فقد وجدت دراسة أجريت على عيّنة كبيرة من الرجال الأميركيين أن متوسط مستوى التستوسترون قد انخفض بنسبة 1% سنوياً، وفي حين أن معدل التستوسترون يتراجع في العادة بشكل طبيعي مع التقدم في العمر، فإن الدراسة وجدت أن الرجل الذي كان يبلغ من العمر 65 عاماً في العام 1987 لديه نسبة تستوسترون أكثر بـ17% من رجل آخر يبلغ من العمر 65 عاماً في العام 2004. واللافت أن هذا الأمر لا ينطبق فقط على الشعب الأميركي، إذ توصلت دراسة دانماركية إلى نتائج مماثلة.هناك عدداً متزايداً من الشبان يشكون من بعض المخاوف الجنسية، مثل فقدان الرغبة الجنسية، ومشاكل في الانتصاب، وهي في العادة أكثر شيوعاً بين الرجال الأكبر في السن.
معظم الرجال اليوم يتمتعون بمستوياتٍ صحيةٍ من التستوسترون بالرغم من أن المعدل ينخفض من عامٍ إلى آخر، ولكن في حال انخفض هذا المعدل بشكلٍ كبير فإننا سنبدأ في ملاحظة عدد من التأثيرات السلبية.كما كشف مستشار في العلاقات الجنسية "إيان كيرنير" لشبكة "سي أن أن" أنه لاحظ أن هناك عدداً متزايداً من الشبان يشكون من بعض المخاوف الجنسية، مثل فقدان الرغبة الجنسية، ومشاكل في الانتصاب، وهي في العادة أكثر شيوعاً بين الرجال الأكبر في السن". via GIPHY
الجانب المظلم من المسألة
صحيح أن تراجع معدل هرمون الذكورة ليس بالكارثة، لأن معظم الرجال اليوم يتمتعون بمستوياتٍ صحيةٍ من هرمون التستوسترون بالرغم من أن المعدل ينخفض من عامٍ إلى آخر، ولكن في حال انخفض معدل التستوسترون بشكلٍ كبير فإننا سنبدأ في ملاحظة عدد كبير من التأثيرات السلبية، وفق ما أكده موقع BigThink. في الواقع إن هرمون التستوستيرون يلعب دوراً كبيرأ وفاعلاً في حياة الرجال، فهو يزيد من تركيزهم، ومن التفكير المكاني والطاقة، وبالطبع يزيد من الرغبة الجنسية والكتلة العضلية، وعليه عندما يشهد معدل التستستيرون انخفاضاً فإن الرجل يبدأ بالشعور بالتعب وبغياب الرغبة الجنسية. كما أنه يختبر زيادة في الوزن وفقدان لكتلة العضلات، هذا وقد كشفت الدراسات أن هناك رابطاً بين انخفاض مستوى هرمون التستوستيرون والاكتئاب، وغيرهما من الأمراض النفسية والجسدية: أمراض القلب والأوعية الدموية، ارتفاع ضغط الدم والسكري. ولكن ما سبب انخفاض معدل هرمون الذكورة في عالمنا اليوم؟ لسوء الحظ، فإن السبب الكامن وراء استمرار معدل هرمون التستوستيرون بالانخفاض على مر السنين غير واضح ولكن هناك بعض الاحتمالات الواردة، منها: التدخين: أحد الاحتمالات الصادمة هو أن الناس يدخنون سجائر أقل في عصرنا الراهن، فبالرغم من كل الآثار الجانبية التي تحملها السيجارة إلا أن التدخين يرفع مستويات التستوستيرون، ففي زمن "فرانك سيناترا" مثلاً، كان التدخين هو القاعدة وليس الاستثناء، وفق ما أشار إليه موقع Bigthink إلا أنه استطرد بالقول:" ولكن من فضلكم، لا تشعلوا سيجارة لكي تجعلوا أنفسكم أكثر رجولة. إنها فكرة سيئة". البدانة: ارتفاع معدل السمنة قد يلعب دوراً أيضاً في انخفاض مستوى التستوسترون. هناك حلقة مفرغة بين هرمون الذكورة والبدانة: إن الرجال البدناء يميلون لأن يكون لديهم معدل تستوستيرون أقل والرجال الذين لديهم معدل ذكورة منخفض يميلون إلى البدانة، وهذا الأمر يحدث لكون الخلايا الدهنية تعمل على تحويل التستوستيرون إلى هرمون الأستروجين بالإضافة إلى ذلك فإن الأشخاص البدناء لديهم مستويات أقل من هرمون الجلوبيولين الجنسي (SHBG) الذي ينقل الهرمونات الجنسية مثل التستوسترون إلى الدم. via GIPHY التلوث: إنه السبب الأكثر احتمالاً، فقد أظهرت الأبحاث أن المواد الكيميائية في المبيدات الحشرية والطب تكبح التستوسترون، واللافت أن هذه المواد الكيميائية تتسرب إلى مياهنا وتحدث مشاكل خصوبة للأسماك ويتوقع الباحثون أن تساهم هذه المواد أيضاً في مشاكل خصوبة لدى البشر. نمط الحياة: حصلت تحولات عديدة حول طريقة العمل والعيش، فالشباب اليوم أقل تحمّلاً بكثير من العمل يدوياً، لذلك ليس من الضروري أن يكونوا أقوياء جسدياً وبدنياً من الأجيال السابقة، وفي الوقت نفسه ترتبط بعض أشكال العلاقات الوثيقة مثل الزواج، الأبوة، والزيادة في الوقت الذي يقضيه الرجل مع الأطفال ارتباطاً سلبياً بهرمون الذكورة. وبشأن الصلة بين نمط الحياة وانخفاض مستويات التستوسترون، اعتبر موقع "فوربس" أن نمط حياتنا اليوم يؤثر على معدل هرمون الذكورة، إذ تلعب بعض العوامل الخارجية مثل ارتفاع درجات الحرارة في المكاتب والمنازل، وعدم المواظبة على ممارسة الرياضة وارتداء الملابس الداخلية الضيقة، دوراً سلبياً لناحية خفض معدلات التستوسترون لدى الرجال اليوم، ولكن وفق الموقع يبقى من الصعب تحديد السبب على وجه الدقة: هل أن هرمون الذكورة قد انخفض كردّ على التغييرات التي طرأت في العالم أم أن العالم قد تغير ليتناسب أكثر مع الرجال الضعفاء؟أطعمة تعزز التستوسترون
كما أشرنا في السابق، فإن هرمون التستوسترون هو أكثر من "هرمون جنسي" لأنه مسؤول أيضاً عن صحة العظام، العضلات، إنتاج الحيوانات المنوية ونمو الشعر. من هنا أوضح موقع Healthline أن هناك بعض الأطعمة الغذائية التي من شأنها تعزيز مستوى الستستوسترون لدى الرجال، خاصة تلك الغنية بالفيتامين "د" والزنك. التونة: تعتبر التونة غنية بالفيتامين "د" المرتبط بانتاج هرمون التستوسترون، وبالتالي سواء اختار التونة الطازجة أو مصادر أخرى غنية بالفيتامين "د" كسمك السلمون أو السردين، فإن تناول مثل هذه الأسماك يعزز هرمون التستوسترون. حليب قليل الدسم مع فيتامين د: إن الحليب هو مصدر كبير للبروتين والكالسيوم، ويساعد على تقوية العظام وإنتاج تستوسترون بكمياتٍ أكبر. صفار البيض: يعتبر صفار البيض مصدر غني بالفيتامين "د"، وفي حين أن الكوليسترول يحظى بسمعةٍ سيئةٍ فإن صفار البيض يحتوي على مواد مغذية أكثر من بياض البيض. المحار: يعتبر الزنك عنصراً غذائياً أساسياً خلال فترة البلوغ ويمكن أن يؤثر على هرمونات الذكورة أثناء فترة الرشد، وهناك بعض الأطعمة التي تضم كميات كبيرة من الزنك ومن شأنها تعزيز هرمون التستوسترون مثل المحار.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...