شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
حفيدة الملك فيصل تستعيد

حفيدة الملك فيصل تستعيد "مآثر الملكيّة" في العراق وتروي قصص جدّها وعلاقته بتركيا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 2 نوفمبر 201810:00 م

بين الفترة والأخرى، تظهر نسرين الهاشمي، حفيدة الملك فيصل من ابنه الثاني محمد، لتعبّر عن مواقف مختلفة، متحدثة تارة عن قصتها مع دراسة العلوم ودفاعها المستميت عن المرأة وقضاياها تحديداً في هذا المجال (العلوم)، وتارة أخرى لتروي قصص عائلتها وتاريخها بكثير من الفخر بتاريخ الملكيّة التي ترى أن مشكلة العراق تكمن في تخليه عنها.

في مقابلة جديدة لها، صادفت بعد أسبوع على وفاة والدها في الـ19 من أكتوبر الماضي في الولايات المتحدة بعد صراع مع المرض، تحدثت الهاشمي مع وكالة الأناضول انطلاقاً من علاقة جدّها مع السلطنة العثمانيّة، ثم والدها مع كمال أتاتورك، لتصل إلى العراق فتنتقد "السرطان الذي يفتك الأمة"، قاصدة الطائفية، وتستعيد مآثر جدها، أول ملوك المملكة العراقية (1921-1933)، في العلم والمساواة والتطوّر والتي يفتقدها (المآثر) عراق اليوم.

الجدّ والوالد وكمال أتاتورك

في البداية، كالت الأميرة والطبيبة والباحثة، في حديثها من أنقرة، المديح لتركيا "التي تمثّل الأمل في ظل التشرذم الذي تعيشه الأمة العربية على صعيد الأفكار الدينية والسياسية"، حسب قولها، مضيفة أن والدها حدثها في آخر أيامه عن "الشر الذي يستهدف تركيا من قبل جهات كثيرة"، لتذكر قوله لها "كلهم يريدون تنكيس هذا العلم (التركي) ولكنه سيبقى خفاقاً في السماء".

وكان جثمان الأمير محمد بن فيصل ووري الثرى في مقبرة "قارشي ياقا" في أنقرة، حيث شارك في مراسم تشييعه عدد من المسؤولين الأتراك.

/

وعلّقت الهاشمي بالقول "لم يكن لتركيا إلا أن تتجاوب مع مشاعر والدي والنزول عند وصية الأمير محمد بأن يدفن إلى جانب الغازي مصطفى كمال(أتاتورك)، إن تعذر دفنه إلى جانب والده في المقبرة الملكية في بغداد"، كاشفة أن جدّها كان قد "أوصى قبل وفاته أن يرعى مصطفى كمال والدي(...)، وكثيرة هي الصور التي تجمع جدي وأتاتورك، فهما متقاربان في العمر، وتدريبهما في الكلية الحربية كان في نفس المكان، وعليه فإن علاقتهما أكبر من السياسة، إنها أخوة دم وصداقة ومحبة وتاريخ مشترك".

"الثورة العربيّة لم تقم ضدّ الدولة العثمانيّة"

حاولت الهاشمي "تبرئة" جدها من "الثورة على الدولة العثمانية"، وقالت "علاقات جدي الملك فيصل مع تركيا لم تنقطع، وإن كان البعض يظن أن الثورة العربية (1916) قطعتها، وهذا ليس صحيحاً، لأن الثورة لم تقم ضد الدولة العثمانية، وإنما ضدّ ظلم واليها جمال باشا".

كما لفتت الأميرة إلى أن علاقة جدها ووالدها بتركيا ليست استثناء، حيث أنها تمتد إلى أفراد آخرين من العائلة مثل الشريف محي الدين طرغان (ولد في اسطنبول عام 1892 وتوفي 1967)، والمعروف عند العرب بمحي الدين حيدر، و"هو ابن عم جدي، وهو طبعاً أحد الموسيقيين الشهيرين هنا في تركيا، وأحد أعلام الموسيقى العربية فلذلك علاقة الأشراف بتركيا تربطهم بالتاريخ المشترك".

حاولت الهاشمي "تبرئة" جدها من "الثورة على الدولة العثمانية"، وقالت "علاقات جدي الملك فيصل مع تركيا لم تنقطع، وإن كان البعض يظن أن الثورة العربية (1916) قطعتها، وهذا ليس صحيحاً، لأن الثورة لم تقم ضد الدولة العثمانية، وإنما ضدّ ظلم واليها جمال باشا"
لم تستطع الهاشمي تجنب المقارنات مع العهد الملكي، الذي صوّرته بأبهى حلة. وقالت "الملك فيصل كان يختار الأكفأ للمنصب، بغض النظر عن دينه أو مذهبه، ولذلك كان العراق حينها في مصاف الدول المتقدمة في العالم، في العديد من القطاعات لا سيما التعليم، فضلاً عن تنوّع المصادر والثروات"

ومن "تمجيد" العلاقة بتركيا، انتقلت الهاشمي لانتقاد وضع العراق و"ما يعيشه من تراجع في القطاعات المختلفة بفعل التعاطي الطائفي… الطائفية سرطان فتك بالأمة، والهدف منها تدمير العراق، وعندما حكم جدي العراق عمل حتى وفاته ليبقى الشعب موحداً، ولم يسأل يوماً أي مواطن من أي منطقة ينحدر، لأن ذلك سيقود للحديث عن انتماء مذهبي أو حزبي".

عن الملك ودعمه للعلم والمرأة في العشرينيات

لم تستطع الهاشمي تجنب المقارنات مع العهد الملكي، الذي صوّرته بأبهى حلة. وقالت "الملك فيصل كان يختار الأكفأ للمنصب، بغض النظر عن دينه أو مذهبه، ولذلك كان العراق حينها في مصاف الدول المتقدمة بالعالم، في العديد من القطاعات لا سيما التعليم، فضلاً عن تنوع المصادر والثروات".

وأردفت بالقول "كان جدي يُحضر تسجيلات المحاضرات من الجامعات البريطانية لكي يستفيد منها الطلاب في العراق، وكان لدينا مؤتمرات ومجلات علمية، أما عن واقع المرأة فيكفي الحديث عن (ليلى) أول مجلة نسائية تُنشر في العراق عام 1923. كان جدي من دعم المجلة، وكان يدعو لتثقيف المرأة".

وفي السياق ذاته، ذكّرت بأن "الملك فيصل أوعز عام 1928 لمجموعة من الوجهاء في العراق لتأسيس جمعية (الأمومة والطفولة)، بدعم مادي منه، وذلك حتى قبل أن تكون منظمة (اليونيسف) موجودة".

وختمت ذكرياتها عن الملك فيصل بالقول "كان جدي يقول إن مستقبل الأمة بيد معلميها ومفكريها، لكن للأسف الشديد نتيجة الجهل ينظر البعض للكرسي والمنصب".

ماذا تحكي مسيرة الهاشمي عنها؟

عدا عن كونها حفيدة أول ملوك العراق، تُعرف الهاشمي بكونها طبيبة وباحثة، حيث حصلت على شهادة البكالوريوس في الطب البشري وعلى درجة الدكتوراه، بينما أمضت سنوات في العمل كطبيبة وباحثة في جامعة كوليدج في لندن، ومن ثم باحثة في علم الوراثة في كلية الطب في جامعة هارفرد.

وبرزت الهاشم، بوصفها "بطلة مُستميتة في مجال المُساواة بين الجنسين في مجال العلوم، ومُدافعة صريحة عن النساء والفتيات في مجال العلوم، كما أكدت مراراً على ضرورة الاستعانة بالآيات القرآنيّة ضدّ المُتشددين الذين يحرّفون الدين في محاولة لقمع النّساء والفتيات"، حسب تقرير لمجلة "نيوزويك".

وفي تقرير المجلة، الذي نُشر العام الماضي، قالت الهاشمي إن رغبتها في مُحاربة الصور النمطية عن دور المرأة، والنّساء المُسلمات على وجه الخصوص، في المهن العلميّة، قد توطدت بعدما دخلت مُعترك الحياة العمليّة عام 1997. ومن خلال البحث في تشخيص الأمراض الوراثيّة في مُستشفى هامرسميث في لندن، كانت تحقّق أقل من الدخل الذي يحققه زملاؤها الرجال الذين كانوا يقومون بالمهام نفسها أو أن عملهم مماثل لعملها".

وقبل ثلاثة أعوام، قدّمت الهاشمي اقتراحاً للأمم المتحدة لإعلان يوم عالمي للنساء والفتيات في العلوم. وبات يتم الاحتفال باليوم، في الحادي عشر من فبراير، في مُؤتمر يستمر ليوم كامل في مبنى الأمم المُتحدة في نيويورك، و"الهدف من ذلك هو تشجيع النساء والفتيات على المُتابعة والاهتمام في مجال العلوم، وتسليط الضّوء على ما يقف في طريقهنّ لمواصلة اهتماماتهن العلميّة".

وفي التقرير، تقول الهاشمي إنه عندما أصبح جدّها ملكاً للعراق، أنشأ دستوراً دعا إلى المُساواة بين جميع المُواطنين، وإلى حرية التعبير أيضاً. كما دعا إلى التّسامح بين كل الأديان، وهي تأمل في إحياء هذا الإرث.

وكانت الأميرة الهاشمية قد عادت للمرة الأولى إلى العراق عام 2009، وتحدثت عن تلك الزيارة التي حلمت بها منذ عام 2005، في مقابلة لها، ضمّنتها الكثير من المواقف الوطنيّة والعاطفيّة، عن إنسان العراق وعن إرث جدها "الذي أعطى العراق ولم يأخذ منه ولم يستغل أزماته".

وحين سُئلت عما إذا وصلت دعوة للعائلة لزيارة العراق أجابت بحدة "وهل تُوجّه الدعوة إلا للضيوف والغرباء؟ نحن لسنا غرباء أو ضيوفاً، نحن أهل البلد، ونحن من يوجه الدعوة للآخرين لزيارة العراق".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image