غالباً ما يتم التهجم على المرأة النسوية بالانتقادات خاصة أنه يتم سجنها في قوالب نمطية منبثقة من المفهوم الخاطىء للفكر النسوي، كالزعم مثلاً بأن النسويات يكرهن الرجال ويسعين إلى تحقيق عالمٍ "بلا ذكور"، غير أن الأمور لا تتوقف عند حدّ التسلل إلى عقول تلك النساء بل تطال أيضاً شكلهنّ الخارجي وأذواقهنّ وتفضيلاتنّ الشخصية. فعند الحديث عن ناشطة في المجال النسوي، يتبادر إلى ذهن البعض الصورة التالية: امرأة غير جميلة، متمسكةٌ بشعر رجليها، ترفض وضع الماكياج ومستحضرات التجميل، ترتدي ثياباً فضفاضة لإخفاء مفاتنها... باختصار يجزم هؤلاء بأن المرأة النسوية بعيدة كل البعد عن عالم الموضة. فهل يمكن لصناعة الأزياء التي تروّج في معظم الأحيان لمقاييس جمالية غير واقعية ويتم انتقادها لكونها تعزز التمثيل الضعيف للتنوع الجندري، أن تتماشى مع الحركة النسوية؟ وهل عشق بعض السيدات للملابس العصرية والإهتمام الزائد بما تقدمه الموضة ينزع عنهنّ لقب "نسويات حقيقيات"؟
https://www.instagram.com/p/BjiLiUZgd6q/?utm_source=ig_share_sheet&igshid=15fmulymxhtwx
أكثر من مجرد ملابس
"حب الموضة لا يجعل أي شخص مناهضاً للنسوية". اعتبرت الرئيسة التنفيذية لمجلس الأزياء البريطانية "كارولين راش" أن الموضة هي واحدةٌ من أقوى وأقدم الأدوات التي استخدمتها النساء من أجل المطالبة بحقوقهنّ وإثبات موقفٍ معيّنٍ، مشددةً على أن الموضة هي أكثر من مجرد ملابس، لأن كل "ستايل" خاص هو شكلٌ من أشكال القوة والتمكين: "تعتبر الملابس بمثابة تفضيل شخصي للأسلوب واللون والشكل بقدر ما هي درع وطبقة واقية"، على حدّ قولها.على مرّ التاريخ، تم استخدام الأزياء كوسيلة لتمرير القوة الناعمة والدبلوماسية الثقافية خاصة أن الملابس لعبت دوراً استثنائياً في الحملات الاجتماعية والسياسية وتحولت إلى أداة قوية للتواصل والإلهام.
إن الموضة أعطت "صوتاً" للنساء، وجعلت لهنّ منبراً ضمنياً للتعبير عن مطالبهنّ، خاصة في العالم العربي.واعتبر موقع harper’s bazaar أنه على مرّ التاريخ، تم استخدام الأزياء كوسيلة لتمرير القوة الناعمة والدبلوماسية الثقافية خاصة أن الملابس لعبت دوراً استثنائياً في الحملات الاجتماعية والسياسية وتحولت إلى أداة قوية للتواصل والإلهام. في الواقع لطالما استجابت الموضة لما يجري في العالم، سواء كان ذلك في الفن، أو في السياسة خاصة أنها أجادت "اقتناص" اللحظات التاريخية المهمة التي تشكل مصدر إلهام للمصممين وتدفعهم إلى ترجمة مواقفهم وأرائهم من خلال تصاميمهم. أما السبب الكامن وراء قوة الملابس فيعود إلى كون كل فرد لديه تفضيلاته الشخصية، وما يرتديه هو بمثابة "رسالة" موجهة إلى العالم يكشف من خلالها عن ذوقه، أسلوبه وهويته الخاصة، والأهم أن يشعر المرء بالراحة والسعادة في ما يرتديه بهدف أن يغرس في داخله الثقة، وهنا يأتي دور المصممين في تعزيز التمكين ليس فقط من خلال التصميم إنما لجهة خلق علاقةٍ عاطفيةٍ بين الملابس والشخص الذي يرتديها.
الموضة: صوت النساء
يمكن القول إن الموضة أعطت "صوتاً" للنساء، وجعلت لهنّ منبراً ضمنياً للتعبير عن مطالبهنّ، خاصة في العالم العربي حيث لعبت مصصمات الأزياء أدواراً رائدة في مجال الإبداع، وأثبتن أنهنّ قادرات على إحداث تغييرٍ في المجتمع، متخطيات كل الحواجز بجرأةٍ وعزيمةٍ من أجل تغيير الصور النمطية والوقوف في وجه "الذكورية" المترسخة في المجتمعات التقليدية. وفي هذا الصدد تكثر أسماء العربيات اللواتي حملن مشعل "النسوية"، وبفضل تصاميمهنّ الجريئة أعدن تشكيل مفهوم الـ"فيمينيزم" وتقريب المسافات بين عالمين مختلفين: الموضة من جهة مع كل ما تحمله من جمال وأناقة ومن جهة أخرى الفكر النسوي الداعي إلى دعم المرأة وإزالة الحواجز بين الجنسين.أشهر المصممات الفيمينيزم
انطلاقاً من فكرة أن النسوية لا تتعارض مع الموضة بل على العكس يمكن أن يقوم الفكر النسوي باستغلال آخر صيحات الموضة لتمرير الرسائل السياسية والاجتماعية، نترككم مع أهم المصممات اللواتي أبدعن في تصاميمهنّ الجريئة التي تحتفي بالمرأة وتحاول تغيير وضعها وإلهامها للسعي نحو مستقبلٍ أفضل.مشاعل الراجحي: تعتبر السعودية مشاعل الراجحي رائدة في مجالها، إذ أسّست في العام 2013 علامةً تجاريةً تحمل إسمها وبعد مرور 3 سنوات تم إختيارها كأول مصمّمة أزياء سعودية تشارك في معرض الأزياء الدولي في أسبوع لندن للموضة، كما أنها كانت أول سعودية يتم ترشيحها للحصول على جائزة "وولمارك" العالمية في العام 2016، أما أهم إنجازاتها فهو تعاونها مع شركة نايكي للأزياء الرياضية، الأمر الذي مكنها من أن تصبح أول مصممة تفتح المجال أمام تصميمات نايكي للمحجّبات للظهور في العروض. واللافت أن "الراجحي" تصمم مجموعاتٍ للرجال والنساء على حدّ سواء، وهو أمر نادر حدوثه لمصمّمة أزياء في السعودية. ريم الكنهل: تسعى "الكنهل" من خلال تصاميمها الجريئة إلى إضفاء لمسةٍ حديثةٍ على الأزياء التقليدية التي حاصرت المرأة السعودية لسنواتٍ طويلةٍ وشكلت صوراً نمطية عن المرأة السعودية وعن كيفية إرتداء ملابسها، إلا أن "الكنهل" توضح المسألة بالقول:"لا نختبىء في عباءاتنا، إنما نرتديها كالمعطف الذي نخلعه للتو عند دخول المنزل"، وتابعت:" لقد صُمّمت أزيائي لتكون جذّابة أسفل العباءة ولكي تعبِّر عن المرأة وعن إحساسها بذاتها ومن تريد أن تصبح".
ياسمين مجلي: بهدف مكافحة التحرش الجنسي المنتشر بكثرةٍ في العالم العربي وسط الصمت المقلق، أطلقت مصممة الأزياء الفلسطينية "ياسمين مجلي" خط إنتاج ملابس نسائية في العام 2017 لمكافحة التحرش الجنسي من خلال صنع قمصان وسترات كُتب عليها عباراتٍ هادفة مثل "لست حبيبتك"، من شأنها إعطاء النساء شعوراً بالقوة والتمكين.
هند أديب: أطلقت المصممة العراقية "هند أديب"، التي تتخذ من دبي مقراً لها، مجموعة "أكس" (X) للمساعدة في تمكين النساء وكسر الصور النمطية، مشيرةً في بيانها إلى أن X هو رمز مقاطعة كل شيء وكل شخص يجعل المرأة تشعر بأنها ليست جيدة بما فيه الكفاية أو ناقصة أو تفتقر إلى أشياء تجعلها "مثالية".
رنا يسري: في خريف/ شتاء 2018، كشفت مصممة الأزياء المصرية "رنا يسري" عن مجموعتها "بلاك روز" في أول أسبوع للأزياء العربية في الرياض، وأكدت "يسري" حينها أن هذه المجموعة التي تضم 25 قطعة من الأزياء الراقية مصممة لإمرأة ASORY وهي دار الأزياء التي تجسد النسوية، الجرأة، القوة والسلطة، بحيث كانت "يسري" قد أنشأت هذه الدار في العام 2016 بهدف استخدام الموضة كوسيلة لإخبار قصص النساء واللواتي "عندما يجتمعن، يخلقن شيئاً فريداً"، على حدّ تأكيدها.
أروى البنوي: ولدت أروى البنوي وترعرعت في مدينة جدة وأطلقت علامتها التجارية في العام 2015 من مرآب منزل والديها، وبعدها قامت بتأسيس متجرها الخاص الذي احتضن قطع ثياب جريئة تحمل شعاراتٍ مثيرة باللغة العربية، موجّهة إلى الشباب السعودي.
وكانت أروى قد استوحت تصميمات مجموعتها الرسمية، التي أطلقت عليها إسم "البدو"، من الصحراء العربية وضمّت شالات فضفاضة منسوجة من الأقمشة البدوية التقليدية مع قمصان باللون الكاكي كُتب عليها عبارات "نحن مملكة" باللغتين العربية والإنجليزية.
وعن هذه المجموعة، قالت أروى:"كنت أفكر في الفتاة العصرية الأنيقة أيضاً عند تصميمي هذه المجموعة، خاصةً الفتاة السعودية الفخورة بكونها سعودية"، وأضافت:"أردت استدعاء تاريخ مملكتنا الثري وإضفاء لمحة عصرية عليه، كذلك رغبت في التعبير عن طابع مجتمعنا بالوقت الحالي: إننا فخورون بتاريخنا، ولكننا متحمّسون أكثر لمستقبلنا".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...