قديماً قالوا لنا، هناك أعمال لا يمكن أن تقوم بها النساء، لأن القوة العضلية لن تخدمهن، ولكن كل يوم تخرج نماذج ملهمة لتثبت أن النساء قادرات على العمل في كل المجالات والأعمال، فهناك من تعمل نجارة مثل فاطمة الشريف، وهناك من تعمل بالحدادة أو السباكة أو قيادة عربات النقل.
واليوم، غزت شوارع مدينة الإسكندرية، فتيات حلمن بتكوين "البيزنس" الخاص بهن، واقتحمن مجال التوصيل إلى المنزل، أي "delivery"، مستخدمات سكوتر وموتوسيكل، لنقل "مال أو ملابس أو أدوية أو أطعمة"، من طرف للآخر، ويبقى القاسم المشترك بينهن، هو حلمهن بتأسيس شركات شحن تنافس الشركات الكبرى.
هبة.."HAPPY DELIVERY" خدمة للعاجزين
تقول هبة معتز، صاحبة شركة "هابي دليفري"، "إن الفكرة طرأت على بالي، بعدما كنت أحتاج شيئاً ما للمنزل، ولم يكن هناك أحد بجواري سواء زوجي أو عائلتي، ولم يكن ممكناً أن أخرج من المنزل، فقررت حل المشكلة التي لا تقابلني وحدي، وإنما تقابل ربات منازل كثيرات وكذلك المسنات".هناك من كان يدفع أكثر بكثير من تكلفة التوصيل تشجيعاً لي أيضاًوتتابع معتز لـ"رصيف 22": "كان هدفي الأول هو مساعدة الآخرين والعاجزين عن الحركة، فأنا أشعر أن توصيل الاحتياجات لهم سواء كانت أطعمة أو ملابس أو أدوية، هي مساعدة كبيرة، خاصةً في وقت متأخر، وحتى الآن لم أفشل في توصيل أي طلب. أصعب أمر واجهني كان الطرق المختلفة والعناوين الغريبة علي، وكيف أصل للشوارع بدقة والبيوت كذلك، ولكني تعلمت كل ذلك بسرعة وشجعني تعامل الناس معي والاحترام الذي كنت ألقيه منهم". وتضيف: "أكثر من شجعني أمي، وزوجي، والحقيقة اني لم أقابل أحداً لم يشجعني، بل كان كل من حولي يتمنون لي التوفيق والنجاح. أول رد فعل كنت أقابله من العملاء، هو الانبهار، والفرحة بشكل كبير وملحوظ أن عامل الدليفري الذي أمامهم هو فتاة، بل كان هناك من يعرض علي الضيافة كنوع من التشجيع، وهناك من كان يدفع أكثر بكثير من تكلفة التوصيل تشجيعاً لي أيضاً".
NOUVERY ستكون أكبر شركة توصيل
أما نورهان محمد ماجور، صاحبة مشروع "nouvery"، ذات الـ19 عاماً، فتحكي: "اشتريت الاسكوتر قبل عامين، ولم يكن مشروع الدليفري في بالي، ولكن الأمر بدأ عندما كان بعض أفراد العائلة يطلبون مني توصيل بعض الأشياء لهم، وذات يوم كنت مع أصدقائي، فاتصلت أمي بي، وطلبت مني إحضار بضع حاجات، وعرضت علي أن يكون التوصيل مدفوع الثمن، وفعلاً أعجبتني الفكرة، وبعدها بدأت أقوم بتوصيل بعض الأغراض للعائلة والأصدقاء مقابل أجر بسيط".أصعب أمر واجهني كان الطرق المختلفة والعناوين الغريبة علي، وكيف أصل للشوارع بدقة والبيوت كذلك، ولكني تعلمت كل ذلك بسرعة وشجعني تعامل الناس معي والاحترام الذي كنت ألقيه منهم.
ن هؤلاء لا يعلمون أن هناك نساء يقدن عربات نقل كبيرة، والمفترض أن كل من يرغب في عمل شيء يفعله بمهارة ويكون شجاعاً ويدافع عن اختياراته.وتتابع نورهان: بعد ذلك بدأ أفراد العائلة في تشجيعي على تأسيس صفحة على موقع "فيسبوك"، واختيار اسم للشركة الناشئة، خاصة أن شركات الدليفري في مدينة الاسكندرية ليست كثيرة، وبالفعل، ابتكرت اسم "nouvery"، وكان من السهل أن أباشر العمل خاصة أنني طالبة في كلية التجارة، ولدي ثلاثة أيام إجازة. وتوضح صاحبة شركة "nouvery"، أن أكثر من شجعها كان العائلة، خاصة والدتها وخالها وجدتها، رغم خوفهم عليها في البداية، ولكن مع الوقت تيقنت الأم من أن الفتيات اللواتي يقدن "السكوتر" أصبح عددهن في تزايد. هكذا أصبح الجميع يشجعونها ويدعمونها بكل الطرق، وأعجبوا بطريقة تفكيرها وطموحها في توسيع شركتها. وتتابع: أما أكثر موقف سلبي سبب لي بعض الضيق، فكان عندما دخل عدد من المعلقين ليقولوا لي، إنك تعرضين نفسك للأذى، وإنه لو حدث لكِ أي مكروه فأنت المسؤولة عنه. وتضيف ماجور لـ"رصيف 22" أن هؤلاء لا يعلمون أن هناك نساء يقدن عربات نقل كبيرة، والمفترض أن كل من يرغب في عمل شيء يفعله بمهارة ويكون شجاعاً ويدافع عن اختياراته. أما عن طموحاتها وأحلامها، فتحلم نورهان بأن تكبر شركة "نوفيري" وتكون من كبرى شركات الشحن والتوصيل في الاسكندرية.
نادية عبد الصمد
ولم تكن هبة ونورهان أول من أقدمتا على اختيار تلك المهنة، فقد سبقتهما نادية عبد الصمد، خريجة ليسانس آداب، قسم تاريخ وآثار اسلامية، ذات الـ41 عاماً، من الاسكندرية أيضاً، وقد قالت لـ"رصيف 22" إنها تملك السكوتر منذ ثلاث سنوات، ولكنها بدأت عملها من سنة ونصف. تقول: "أنا عاطلة عن العمل منذ 12 عاماً تقريباً، الأمر الذي كان يصعب علي القبول في أي شركة لأنني لا أملك خبرات سابقة أو سيرة ذاتية أستطيع من خلالها الحصول على أي وظيفة إدارية، وعندها يئست من التقديم في أي وظيفة. وفي يوم كنت أطلب منتجاً من صديقة لي تعمل في البيع أون لاين، فعرضت عليها أن أعمل معها بتوصيل البضائع للزبائن". وتتابع: "اندهشت الصديقة من الفكرة، ثم تحمست لها، ثم استشرت زوجي، الذي تعجب في البداية من طبيعة العمل، ولكنه شجعني بعدها، وقال إننا سنجرب، لو نجحنا فسيكون ذلك أمراً إيجابياً، ولو حدث العكس فيكفي شرف التجربة". وتختم نادية عبدالصمد: "أكثر ما يشجعني هو دعم من لا يعرفونني، وتشجيع الناس لي، خاصة عندما يعرفون أنني خلقت عملاً ما، ونجحت فيه".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Apple User -
منذ 4 ساعاتHi
Apple User -
منذ 4 ساعاتHi
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا