"عندما يتكلم القلب يجد العقل أنه من غير اللائق الاعتراض"، عبارة شهيرة للروائي الفرنسي ميلان كونديرا ضمن روايته "كائن لا تحتمل خفته"، وجدت لها صدى كبيراً في العالم، بعدما لخصت أحوال الملايين ممن يعيشون صراعات مريرة بين ما يطلبه القلب وما يحكمه العقل.
في مجتمعاتنا العربية مضت الأحوال عكس كونديرا وجملته الشهيرة، فصارت بعض القلوب مكلومة ممنوعة من البوح أو الكلام، وصار العقل معترضاً يقف كحائط صد منيع في وجه قلوب عرفت الحب، وكان كل جرمها أنها أحبت رجلاً جرب من قبل لعبة الزواج.
لفظ المجتمع العربي تلك المرأة التي وقعت في حب رجل متزوج، حاكمها دون أن يستمع لها، وفي غفلة من الوقت ومن الكل، صدر الحكم: لا حق لها في أن تجرب حظوظها في الحب.. أو حتى في الحياة، فهي كما وصمها "خطافة رجالة".
ربما عجزت اللغة عن إيجاد تعريف جامع مانع لـ"خطافة الرجالة"، لكن هنا في مصر يمكن بكل بساطة أن تجد الترجمة الوافية. إنها: المرأة التي سمحت لنفسها أن تتزوج برجل متزوج فخطفته من بين أحضان زوجته وأولاده. هكذا يقول الناس.
رأي
يقول عمر رشاد أستاذ الطب النفسي إن المجتمع يصف الزوجة الثانية دائماً على أنها شخصية أنانية، نرجسية، فيما يذهب البعض إلى ما هو أبعد من هذا ويصفها بالعدوانية وأنها لا تهتم بأذية الغير طالما أنها تحقق مصالحها الشخصية.المجتمع يصف الزوجة الثانية دائماً على أنها شخصية أنانية، نرجسية، فيما يذهب البعض إلى ما هو أبعد من هذا ويصفها بالعدوانية وأنها لا تهتم بأذية الغير طالما أنها تحقق مصالحها الشخصية.
هي إمرأة سوية، تبحث عن نهاية منطقية لقصة الحب، والرغبة في تكوين أسرة، غير أن تلك النهاية لا تحظى برضا أغلب أطياف المجتمع.يضيف لرصيف 22: بعض الفتيات يقررن الزواج من رجل متزوج كنوع من الغرور، وحتى تثبت لنفسها وللجميع أنها قادرة على الإيقاع بأي شخص، بينما نجد نموذجاً آخر ممثلاً في الفتاة التي تبحث عن شخص يكبرها ليعوضها عن دور الأب، وبحكم الاحتياج تندفع إليه، في حين ترغب بعض الفتيات في "استنساخ التجربة"، بمعنى أن تكون أمها مثلاً زوجة ثانية، فتبحث هي عن تقليدها. هذا إلى جانب الفقر الذي يدفع بعض الأسر إلى الموافقة على تزويج بناتها من رجل متزوج، وبعض الفتيات يبحثن عن أي زوج للهروب من حياة أسرية مفككة، فيما تمضي بعض البنات وراء فكرة أن الرجل المتزوج لديه الخبرة الحياتية في إدارة الأسرة ورعاية الزوجة، لكن ما يعنينا هنا هو المرأة التي تتزوج عن قصة حب تجمع بينها وبين رجل متزوج، وهي إمرأة سوية، تبحث عن نهاية منطقية لقصة الحب، والرغبة في تكوين أسرة، غير أن تلك النهاية لا تحظى برضا أغلب أطياف المجتمع، وبالتالي يقررون أنها "خطافة رجالة" رغم أن وقع الكلمة نفسه مؤلم ويتسبب في الكثير من الأذى النفسي.
قبل أن تحاكمونا
تقول "م. س"، موظفة بإحدى شركات المنسوجات: "قبل ثلاثة أعوام تزوجت من رجل متزوج بأخرى، عشنا قصة حب قوية، وكان من الطبيعي أن تكلل بالزواج، ورغم أن زواجنا كان أمراً طبيعياً إلا أن حياتي انقبلت رأساً على عقب". تروي لرصيف 22: "كل المحيطين بي باتوا ينظرون لي نظرة دونية، معتبرين أني خطفت الرجل من زوجته، رغم أنها كانت على علم بكل ما جري، وأنا اشترطت أن تكون على دراية بزواجنا قبل أن يتم، غير أنها لم تتركني وشأني وجاءت إلى مقر عملي أكثر من مرة وتشاجرت معي ونشرت عني الكثير من الشائعات بين زملائي في العمل رغم أني لم أضرها أو أضر أطفالها بأي شكل من الأشكال، وكنت أرى كيف أن زوجي يعدل بيننا، لكن "هو مجتمعنا كده، الست اللي تتجوز من راجل متجوز تبقى ارتكتبت جناية، وتبقى خاينة، وخرابة بيوت، فيها كل العبر". واختتمت: "أنا تعبت من الاتهامات والعيون اللي بتحاصرني في كل مكان أروح له، يا جماعة ده اختياري، ولازم الناس تحترمه زي ما أنا بحترمهم وبحترم اختياراتهم". via GIPHY و تحكي "ب، ر"، ربة منزل: "اضطريت أكون زوجة تانية بعد ما قطار الجواز فاتني وعديت الـ35 سنة، وبقيت في نظر الناس كلها "عانس"، الكلمة كانت بتدبحني، تمام زي حصار الناس ليا في الرايحة والجاية ومحاولة التقرب مني على اعتبار إني "صيدة سهلة". وتواصل حديثها لرصيف 22: "أنا عشت ظروف صعبة، بسبب كثرة الأشقاء والفقر، والدي كان عامل على باب الله، يوم معانا فلوس و10 مفيش، ولما كبرت اشتغلت وبقيت بساعده في تربية أخواتي، لحد ما العمر اتسرق مني، واكتشفت أني كبرت ومحدش بقى عنده استعداد يخبط على بابنا عشان يطلب إيدي. ويمكن عشان كده فرحت لما حسيت إن ربنا عوضني بعريس، صحيح كان أكبر مني ومتجوز واحدة تانية، بس ضلل عليا ورحمني من الفقر وقلة الحيلة، وقبل كل ده، حماني من كل اللي كانوا بيحاولوا يتربصوا بيا.. الحمد لله أنا سعيدة بحياتي، ومراة جوزي الأولانية مش بتحتك بيا على الإطلاق ولا بتقرب مني، بحلو أو وحش، وعشان كده كل اللي بتمناه أن الناس تبطل تعكنن عليا، ويرحموني من أسئلة: "انت ليه رضيتي على نفسك تبقى زوجة تانية، مش حرام تاخدي الراجل من بيته وعياله؟ نفسي يسيبوني في حالي ويقتنعوا أني بني أدمة ليا الحق في إني أعيش حياتي من غير ما حد ينكد عليا ليل نهار". "أنا أكتر واحدة اتخدعت في الدنيا دي، اتخدعت في ناس كتير، وأولهم جوزي". هكذا بدأت "ه، ع" 29 سنة، موظفة بشركة استيراد وتصدير: حديثها: "أول ما عرفته كان بيمر بحالة نفسية صعبة، وبما أننا كنا أصدقاء كنت بحاول أخفف عنه، فبدأ يحكي لي عن كل مشاكله مع مراته وإزاي بتعامله أسوأ معاملة، ومع الوقت بدأ يعبر لي عنه حبه، وأنا كمان اكتشفت أني بدأت أميل له، لحد ما فاتحني في الجواز، وأنه الحاجة الوحيدة اللي هتخليه قادر على أنه يعيش، وقتها فكرت كتير، فكرت في نظرة الناس ليا، وفي أهلي اللي كانوا رافضين، في أولاده ومراته الأولى، لكن في النهاية الحب انتصر، أو هكذا اعتقدت". via GIPHY وتكمل لرصيف 22: "بعد زواجنا معاملته اتغيرت 360 درجة، كنت بستغرب فين الحب اللي كان بيتكلم عليه، لحد ما قالي إن علاقته بزوجته الأولى رجعت زي الأول بقت سمنة على عسل، فهمت وقتها إني كنت استبن، احتياطي، بديل يأمن له حياته اللي اكتشفت أنها ما تتسعش لاتنين.. واحدة بس. ورغم ده كله كل اللي حواليا مقتنعين إني أنا اللي غلطانة لإني وافقت أكون زوجة تانية. يعني خساير من كل النواحي".تقبلي تكوني زوجة ثانية؟
رنده فرحات 19 سنة، طالبة جامعية: لا طبعاً.. حتى لو مت من غير ما أعرف يعني إيه جواز؟ سناء عبد الكريم 28 سنة، خريجة كلية الآداب "عين شمس": وماله.. أهو أحسن ما أبقى "عانس". ريماس وجدي، 24 سنة، خريجة كلية علوم: مش مستعدة أواجه نظرة الناس ليا كواحدة هدمت بيت كامل وطربقت الدنيا على دماغ الزوجة الأولانية اللي كل الناس بتشوفها مظلومة حتى لو كانت بترتكب كل الشرور. منى رجب، 26 سنة، عاملة بأحد المصانع: موافقة بشرط يكون الزوج عادل معايا ومعاها. وعد حسين 18 سنة طالبة جامعية: أنا زي الفريك ما أحبش شريك، ولو اتجوزت وحب يتجوز عليا لازم يطلقني الأول.النصف الممتلئ من الكوب
ختاماً هنالك دراسة بريطانية اقترحت أن تعدد الزوجات يطيل من عمر الرجل بنسبة تصل إلى 12 % أكثر من أقرانه المتزوجين امرأة واحدة، كما يؤدي إلى سعادته، وتحسن أحواله المهنية والمادية، بينما يمنحه زواجه الثاني ثقة في النفس وراحة أكبر، الأمر الذي يمكّنه من تحقيق مشاريعه وأحلامه. وبيّنت دراسة أخرى أن الزواج الثاني بالإجمال أكثر نجاحاً من التجربة الأولى، بعد أن يكون الرجل أو المرأة قد أصبحا أكبر سناً وأكثر حكمة.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.