يواجه الأزواج المسلمون مشكلة كبيرة لدى وصول عدد مرات طلاقهم إلى الرقم 3، إذ يحرم الدين الإسلامي عليهم الاستمرار في حياتهم الزوجية، مشترطاً على الزوجة الزواج بزوج آخر ثم الطلاق منه كي تحل مرة أخرى لزوجها الأول، الذي تتملكه رغبة كبيرة في استعادة زوجته تجعله ينسى أنه طلقها 3 مرات في السابق، ويظهر حباً كبيراً تجاهها يقابله حب كبير تجاهه، أطلق عليه البعض "الحب بعد الطلقة الثالثة".
الطلقة الثالثة في الإسلام
يقول الشيخ صالح عامر الأزهري، عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، عن الطلاق لرصيف22: «وضع الدين الإسلامي آليات محددة لعملية الانفصال بين الأزواج، وحدد مرتين طلاق يستطيع بعدهما الزوج العودة لزوجته واستمرار زواجهما، في حين يحرم ذلك إذا طلق الزوج زوجته للمرة الثالثة ليصبح غير جائز شرعاً عودته إليها إلا في حالة وحيدة فقط هي أن تتزوج بزوج آخر وتطلق منه فيحل لها بعد ذلك أن تتزوج زوجها القديم من جديد، وهذا وفقا للآيتين 229 و230 من سورة البقرة التي تقول: "الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ"». وأضاف: نزلت هذه الآيات بعدما طلق الرسول (ص) زوجته حفصة، فأمره الله بردها، وكذلك لما طلق عبد الله بن عمر زوجته وهي حائض فأمرها الله بردها حتى تتطهر وتحيض مرة أخرى، هذا بخلاف كثرة حالات الطلاق في تلك الفترة لدرجة أنه يقال إن هناك رجلاً طلق زوجته مئات المرات وفي كل مرة يردها مما كان سبباً رئيسياً في تحديد عدد الطلقات المسموح بعدها برد الزوجة، وهي مرتان فإذا طلقت لثالث مرة حرم عودتها إلى زوجها قبل أن تتزوج برجل آخر.ظهرت مهنة جديدة في المجتمعات العربية تعرف بمهنة "المحلل" وهو شخص يأخذ أموالاً من الزوج مقابل الزواج بزوجته لمدة ليلة واحدة فقط ثم يطلقها كي يجعلها حلالاً مرة أخرى لزوجها كي يتزوجها.
من الطبيعي جداً أن يظهر عشقهما المتبادل بعد أن حرم الشرع حياتهما الزوجية عقب هذه الطلقة، فيسعيان بكل قوة للعودة بأي طريقة كانت.وفي ضوء الحب الكبير بين الأزواج بعد الطلقة الثالثة ورغبتهم الأكيدة في العودة بعضهم إلى بعض، ظهرت مهنة جديدة في المجتمعات العربية والإسلامية تعرف بمهنة "المحلل" وهو شخص يأخذ أموالاً من الزوج مقابل الزواج بزوجته لمدة ليلة واحدة فقط ثم يطلقها كي يجعلها حلالاً مرة أخرى لزوجها كي يتزوجها من جديد، ومن هنا جاءت تسمية هذا الشخص بالمحلل.
رفض الدين الإسلامي مهنة المحلل، وفي كتاب بعنوان "المحلل أو التيس المستعار"، ذكر مؤلفه الدكتور أحمد إبراهيم خضر العديد من الأحاديث النبوية عن رسول الإسلام يحرم فيها فكرة المحلل، ويرى أنه من الضروري أن تتزوج المرأة بزوج آخر زواجاً كاملاً وتعيش معه حياة عادية وفي حال طلاقها من زوجها هذا لأي ظرف يكون وقتها فقط العودة إلى زوجها الأول، وقد وصف الرسول المحلل بـ "التيس المستعار" وتوعده بالنار في أكثر من حديث ذكره الكتاب.
الطلقة الثالثة في السينما
ناقشت السينما المصرية في عدة أفلام قصة الحب الكبير بين الأزواج والذي يظهر بعد الطلقة الثالثة، والسعي الكبير من الزوجين للعودة بعد هذه الطلقة الأخيرة من خلال الاستعانة بـ "المحلل"، ومن أشهر هذه الأفلام فيلم "طلاق سعاد هانم"، إنتاج عام 1948، بطولة أنور وجدي، وفريد شوقي، وعقيلة راتب، وفيه طلق فريد شوقي زوجته 3 مرات، ولكن الحب تملكه وبدأ يبحث عن طريقة ليستعيد زوجته فيزوجها لـ أنور وجدي الذي رفض أن يطلقها بعد أن أحبها وأحبته.ومن الأفلام التي جسدت الحب بعد الطلقة الثالثة أيضاً فيلم "جوز مراتي"، إنتاج عام 1961، بطولة فريد شوقي، وعمر الحريري وصباح، وفي الفيلم يطلق الحريري زوجته صباح 3 مرات، فيلجأ للأسطى حسن "فريد شوقي" ليتزوجها لمدة ليلة واحدة إلا أن الأقدار تشاء أن يحب فريد شوقي صباح ويكملا حبهما دون أن تعود لزوجها الأصلي.
"زوج تحت الطلب"، إنتاج عام 1985، بطولة عادل إمام، وليلى علوي، وفؤاد المهندس ناقش فكرة "المحلل"، وفي الفيلم كان فؤاد المهندس مدير عادل إمام في العمل، ولما طلق المهندس زوجته 3 مرات استعان بالموظف البسيط كي يتزوجها لليلة واحدة فقط ثم يطلقها كي تعود له مقابل مبلغ مالي كبير يدفعه للموظف، وفي هذه الليلة يفاجأ فؤاد المهندس بحدوث علاقة جنسية بين زوجته والمحلل وهو شرط أساسي كي يكون الزواج شرعياً.
فؤاد المهندس استعان بـ "عادل إمام" لخدمة كل رجال الأعمال الكبار الذين مروا بنفس الأزمة مع زوجاتهم، ويحصل الموظف البسيط على مبالغ مالية كبيرة، ويتزوج عشرات المرات من عشرات النساء، قبل أن يقع في حب الزوجة ليلى علوي الذي رفض أن يطلقها لتتزوج زوجها الأصلي بعد أن ارتبطا عاطفياً وتحديا نفوذ وأموال زوجها السابق طوال أحداث الفيلم ليستمر زواجهما في النهاية.
من أهم الأعمال أيضاً التي ناقشت تلك الظاهرة مسرحية "الواد سيد الشغال"، من إنتاج عام 1985، بطولة الفنان عادل إمام، الذي كان يلعب دور عامل في أحد الفيلات، ويحتاجه رب عمله "عمر الحرير" للزواج من ابنته التي طلقت من زوجها "مصطفى متولي" 3 مرات كي تحل له من جديد، ووافق سيد الشال بالفعل وحصل على مبلغ مالي كبير من أجل الزواج ثم الطلاق إلا أنه رفض أن يطلق ابنة صاحب الفيلا بعد ذلك واستمر معها حتى أحبته وعاشت معه في بيته البسيط بعد أن كانت تعيش في فيلا. وتستمر المسرحية في إطار كوميدي وتنتهي بطلاق عادل إمام لزوجته رغم عشقها له، وترفض بعدها العودة إلى زوجها الأول، وتصر على استكمال زواجها مع "الواد سيد الشغال" رغم الفرق الكبير بين طبقتها الاجتماعية وطبقته.
الطب النفسي
السؤال الأهم الذي يتوارد للأذهان هو لماذا يظهر كل هذا الحب بين الزوج وزوجته بعد أن يتطلقا 3 مرات ويعلما أن فكرة عيشهما كزوج وزوجة أصبحت مستحيلة؟ يجاوب على هذا السؤال عدد من الأطباء النفسيين، منهم الدكتور توفيق ناروز، الاستشاري النفسي المصري، فيقول لرصيف22: «تحليلي لشخصيتي الرجل والمرأة اللذين لا يكتشفان حبهما إلا بعد الطلاق 3 مرات، أنهما مصابان بالـ "حدية" وهو اضطراب يتميز بالاندفاعية وعدم حسبان عواقب الأمور وعدم استقرار الحالة المزاجية».وتابع: « أما بشأن الرغبة في العودة بعد الطلقة الثالثة فهذا من باب الممنوع المرغوب والخوف من التخلي عن الطرف الآخر، ولهذا النوع من الشخصيات علاج نفسي حتى يتجنب مثل تلك المشاكل التي قد تهدم الأسرة بسبب لحظة اندفاع». الدكتور علي شوشان، الاستشاري النفسي، طالب أن يزور الأزواج المقبلون على الطلاق الطبيب النفسي أولاً قبل أن يقررا الذهاب إلى المأذون لتوثيق طلاقهما. وأوضح شوشان لرصيف22 أن الزوجين اللذين يتطلقان أول مرة ثم يعودا لبعضهما مرة أخرى يكونان في الغالب متحابين، وإذا تطلقا مرة أخرى وعادا فهما بالتأكيد عاشقان وبالتالي يكون الطلاق الثالث، وإن حدث بسبب عصبية زائدة وفقدان السيطرة على النفس، ومن الطبيعي جداً أن يظهر عشقهما المتبادل بعد أن حرم الشرع حياتهما الزوجية عقب هذه الطلقة، فيسعيان بكل قوة للعودة بأي طريقة كانت ليس فقط لحبهما الكبير بل ولخوفهما من أن تتدمر أسرتهما التي عاشا معاً سنوات لبنائها وتكوينها.
تجربة
رصيف22 تحدثت مع عادل.م، 58 سنة، من محافظة الجيزة، عن الحب بعد الطلقة الثالثة، وخاصة أنه طلق زوجته 3 مرات، ولم يستطع أن يردها إلى عصمته، فقال: "التسرع والعصبية قاداني لأن أطلق زوجتي ثلاث مرات، وفشلت كل محاولاتي لإرجاعها، وخاصة أنها من الواجب شرعاً أن تتزوج بزوج آخر حتى تحل لي، وأنا أرفض فكرة المحلل في ظل تحريمها شرعاً، وفي نفس الوقت لا أستطيع تصور زوجتي متزوجة برجل آخر، وكذلك لا يتصور ذلك أبناؤها الثلاثة محمد ومحمود وعبد الرحمن الذين أصبحوا رجالاً أكبرهم عمره 30 سنة ومتزوج وله طفلان، ووالأوسط محمود 28 سنة متزوج ولديه طفلة، وأصغرهم عبد الرحمن وهو خاطب". ويضيف: "لا أستطيع تصور حياتي بدون زوجتي، فقد اكتشفت مدى عشقي لها بعد أن غادرت المنزل للمرة الثالثة والأخيرة، ووقتها فقط فكرت في ما فعلت ووجدت نفسي تخليت عنها لأسباب تافهة جداً كان ممكناً أن نتجاوزها، وبعد تجاوزها لها كنا سنضحك أننا يوم صار بيننا خلاف بسببها وبسبب هذه الأحاسيس. أقدّر موقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كونه أوصى بضرورة إلغاء الطلاق الشفهي الذي بسببه فقدت زوجتي وتم تشتيت شمل أسرتي، وأتمنى أن يقر الأزهر هذا الأمر حرصاً على العديد من الأسر التي تعاني مما أعاني منه أنا الآن".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع