في منطقة ميدان لبنان بمحافظة الجيزة المصرية وقف المواطن أحمد أعلى الكوبري الدائري الذي يربط محافظة القاهرة الكبرى بعضها ببعض، في انتظار سيارة أجرة تنقلّه إلى منطقة المريوطية القريبة من أهرامات الجيزة.
بعد دقائق توقفت "ميكروباص"، وهي سيارة أجرة تكفي لنقل 14 راكباً، لم يكن بداخلها سوى راكبين، جلس الشاب المصري خلف السائق مباشرة، وكان الراكبان الآخران خلفه، لكن حالما انطلقت السيارة حدث موقف لن ينساه أحمد أبداً، كما يؤكد لرصيف22.
فجأة أخرج الراكبان أسلحة حادة وهدداه بالقتل إن لم يسلم إليهما كل ما يملك، كاد نصل السكين يجرح عنقه، سلم إليهما هاتفه المحمول ومحفظته التي تحوي نحو خمسمئة جنيه مصري.
بعد أن سلباه، ألقيا به على جانب الطريق، أسرعت السيارة تكمل طريقها والشاب طريح الأرض، يحاول أن يستوعب ما حدث له في دقائق محدودة. لم يبلغ الشرطة المصرية بالحادث، مبرراً ذلك: "أعلم أنهم لن يعيدوا لي ما سرق مني، إلا إذا كنت أمتلك واسطة وعلاقات ونفوذاً".
ما حدث لأحمد يتكرر مع الكثير من المصريين، فالسرقة على الكوبري الدائري منتشرة بدرجة كبيرة، يقول مواطنون، متهمين الشرطة المصرية بعدم بذل مجهود حقيقي لوقف هذه الظاهرة.
ليس السلب تحت التهديد بالسلاح الخطر الوحيد الذي تعرفه الشوارع المصرية حيث تظهر إحصاءات رسمية أن سرقة السيارات منتشرة كذلك، وخطف الأطفال، والقتل، وحوادث الاغتصاب، كما أن مصر باتت سوقاً رائجة لتجارة الأعضاء البشرية.
كما يوجد في المحافظات المصرية أكثر من 92 ألف "بلطجي" مصنفين خطيرين، ارتكبوا جرائم قتل واغتصاب وخطف. وارتفع عدد المسجلين "مجرمين خطيرين" بنسبة 55%،
"معدلات الجريمة زادت في بلدي لأن الشرطة المصرية لا تقوم بالمطلوب منها على أكمل وجه، لم تعد الشرطة في خدمة الشعب كما كانت في الماضي، أصبحت في خدمة الكبار فقط" هكذا يختم أحمد شهادته لرصيف22 عن يوم رعب عاشه فوق الكوبري.
أرقام مفزعة
لا يقلق ارتفاع مؤشر الجريمة المصريين فقط، بل جهات دولية كذلك. يضع مؤشر"نامبيو" الدولي المتخصص في الجرائم، مصر في المرتبة 29 من حيث ارتفاع معدلات الجريمة، بنسبة تصل إلى 52.77% ما يجعلها في مركز متقدم بعد دول عربية أخرى تشهد صراعات ونزاعات مسلحة مثل سوريا وليبيا. ويبين المؤشر أن الجرائم في المحافظات المصرية تشمل القتل والسرقة والاغتصاب وتجارة الأعضاء البشرية. رغم ذلك تقول وزارة الداخلية المصرية إن الأمن المصري في 2018 "أصبح أفضل كثيراً مقارنة بسنوات الفوضى التي تلت ثورة يناير 2011"، ويقول بيان لوزارة الداخلية إن معدلات الجريمة في الفترة الأخيرة تراجعت عما كانت عليه في السنوات السابقة، وإن عدد جرائم القتل العمد في 2014 بلغ 2890 قضية، وقد تم ضبط 2242 منها بنسبة ضبط بلغت 81% من الجرائم، وفي عام 2015 بلغ عددها 1711 تم ضبط 1516 منها، وفي 2016 بلغ عددها 1532 وتم ضبط 1397 منها، وفي عام 2017 بلغ عددها 1360 وتم ضبط 1182 منها. أما قضايا السرقة بالإكراه فيقول بيان الداخلية إنها بلغت 2107 في 2014 وتم ضبط 998 منها، و1441 في 2015 تم ضبط 1048 منها. وفي قضايا الخطف التي بلغت 431 قضية في 2014 تم الكشف عن المجرمين في 341 قضية ، مقابل 249 قضية في 2015 تم كشف مجرميها في 121 قضية منها. وفيما يتعلق بقضايا الاغتصاب يقول بيان الداخلية المصرية إن عددها بلغ 118 فى 2014 تم ضبط 109 منها، مقابل 93 حادثة اغتصاب فى 2015 تم ضبط 90 منها. لكن ما يذكره بيان الداخلية هو أرقام القضايا المبلغ عنها فقط، ففي مصر لا يقوم كثير من المواطنين بالإبلاغ عن الجرائم التي يتعرضون لها لأسباب عدة من بينها عدم ثقتهم بأن الشرطة المصرية ستهتم بالقضية، وهي مشكلة شائعة، إذ يعتقد العديد من المواطنين أن الشرطة لا تقوم بمجهود في البحث عن المجرمين إلا إذا كان الشخص له نفوذ، لكن الداخلية تنفي هذه الاتهامات. وتظهر إحصاءات أخرى أن نسبة الزيادة في معدل جرائم القتل العمد بلغت 130% في عام 2017، أما معدلات السرقة بالإكراه فقد زادت بنسبة 350% وسجلت 2611 جريمة، وارتفعت سرقة السيارات بنسبة 500%. ويكشف تقرير لقطاع مصلحة الأمن العام حول معدلات الجريمة في مصر ارتفاع معدلات الجرائم بشكل عام العام الماضي، خاصة القتل والسرقة بالإكراه وسرقة السيارات، مسجلة 5814 جريمة، كما تصاعدت حوادث الجنح، وسجلت 40222 حادثة، وجرائم الخطف من أجل الفدية ارتفعت هي الأخرى.يضع مؤشر"نامبيو" الدولي المتخصص في الجرائم، مصر في المرتبة 29 من حيث ارتفاع معدلات الجريمة، بنسبة تصل إلى 52.77%، ما يجعلها في مركز متقدم بعد دول عربية أخرى تشهد صراعات ونزاعات مسلحة مثل سوريا وليبيا.
"معدلات الجريمة زادت في بلدي لأن الشرطة المصرية لا تقوم بالمطلوب منها على أكمل وجه، لم تعد الشرطة في خدمة الشعب، أصبحت في خدمة الكبار فقط"، يقول أحمد لرصيف22 بعد يوم رعب عاشه فوق الكوبري.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...