بينما طاحونة الحرب لم تزل دائرة في أكثر من مدينة سورية، وأصوات القصف تدوي حول دمشق وريفها، انطلقت الحملة الانتخابية الرئاسية في سوريا في 18 مايو الفائت، ومن المقرر أن تتوج بيوم انتخابي في 3 يونيو المقبل.
هذه هي المرة الأولى التي يتحول فيها “الاستفتاء” إلى “انتخاب” منذ دستور 1973 الدائم الذي خوّل حزب البعث، فقط، ترشيح مواطن سوري للاستفتاء على منصب رئاسة الجمهورية العربية السورية كل 7 سنوات.
لقد طرأ على المشهد السياسي السوري، هذا العام، ظهور مرشَّحَين منافسَيْن للرئيس السوري بشار الأسد. الأول هو حسان عبد الله النوري، الذي يتحدث مراقبون عن إمكانية فوزه بمنصب رئيس وزراء سوريا المقبل، وذلك بسبب تركيزه في حملته الانتخابية على دعم الاقتصاد وإحياء الطبقة الوسطى، محاربة الفساد وتطوير القوانين، والثاني هو ماهر عبد الحفيظ حجار، عضو مجلس الشعب عن محافظة حلب، وأول المنافسين الذين تقدموا بطلب الترشيح ضد الأسد.
تأتي هذه التكهنات وسط يقين كاسح من الأغلبية السورية بفوز بشار الأسد. فبعيداً عن التحليلات السياسية والدراسات الاستراتيجية، يكفي لأي زائر لمدينة دمشق ملاحظة حجم الدعم الإعلامي الذي يحظى به الرئيس السوري، ولا يمكن لأي منافس أن يتحمل الأعباء المالية الباهظة لحملة إعلامية منافسة. هناك في شوارع دمشق عدد هائل من اللوحات الأعلانية والطرقية، خُصّصت لحملة أطلقها مؤيدو الرئيس السوري تحت شعار “سوا”، وتم إنشاء صفحة خاصة بها على فيسبوك تخطى عدد معجبيها 220 ألف معجباً ومعجبة.
ناهيك عن اللوحات والهدايا المقدمة بكثافة من قبل عائلات وأشخاص ومؤسسات حكومية عامة ومنظمات ونقابات، كاتحاد شبيبة الثورة والاتحاد الوطني لطلبة سورية، وهي منظمات شعبية ونقابية تتبع رسمياً لحزب البعث العربي الاشتراكي، إضافة إلى دعم قوي من القطاع الخاص، كتلفزيون “سما” وغيره. ذلك مع العلم أنه لم يسجل أي ظهور إعلامي للرئيس السوري حتى تاريخ كتابة هذه التغطية، بالرغم من بدء عملية الانتخاب في الخارج يوم 27 مايو الجاري. جميع السوريين المؤيدين للرئيس الحالي ينتظرون ماذا سيقول الأسد وما هو جديد برنامجه الانتخابي الفعلي، لا الشعاراتي، وآلية تنفيذه على أرض الواقع.
ثمة مسيرات تقطع شوارع دمشق ويحمل منظموها لافتات وقمصاناً عليها صور المرشح بشار الاسد، وأغنيات تبث بشكلٍ متواصل في أكثر من مكان. مازال الإعلام يصف تجمعات المؤيدين بـ”العفوية”، في غياب كلي لأي تجمع عفوي يناصر المرشحين الآخرين، النوري والحجار.
في ظل هذه الأجواء لم يكن مستغرباً وجود دعاية خجولة لمنافسي الأسد. المرشح عبد الله حسان النوري اكتفى بإطلاق صفحة على فيسبوك حصلت على 3000 معجب لا أكثر، وهو يدعو الشعب السوري من خلالها لقراءة برنامجه الانتخابي، الذي سبقونشرته الصحف الرسمية التابعة للنظام السوري. إضافة إلى نشره لعدد من الصور، وهو يتنقل بين الناس في شوارع دمشق، مع وجود عدد قليل من اللوحات الإعلانية الطرقية التي لا تكاد تُرى بالعين المجردة. بالمقارنة مع حملة “سوا” لمنافسه الأسد، لم نلاحظ تقديم أي لوحات دعم لحملة النوري من أي جهة خاصة أو عامة، فبقي وحيداً.
أما ماهر حجار، وهو المرشح الأقل حظاً حسب رأي المراقبين، وصاحب شعار “سورية لفلسطين” الذي احتار السوريون في معناه وسط هذه الظروف القاسية التي تمر بها سوريا منذ ربيع 2011، والذي لم يتردد بعدم تأسيسه لأي صفحة له على مواقع التواصل الاجتماعي، حسبما صرح على الشريط الإخباري في التلفزيون الرسمي، واكتفى، لذلك ربما، بتوزيع بيانه الانتخابي حسب ما نشرته وكالة أنباء سانا الرسمية، إضافة إلى مداخلة تلفزيونية جرى بثها على المحطات السورية.
أخيراً، يبقى أن نذكر وجود بعض الأصوات من جميع الأطراف السياسية التي ترى أنه كان من الأجدى تخصيص هذه الأموال الطائلة لإعادة الإعمار وإعادة اللاجئين، أو توزيعها على أسر الشهداء والفقراء والعائلات السورية المحتاجة.
كاميرا رصيف22 تنقلت في شوارع دمشق، لتنقل لكم أجواء الحملات الانتخابية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...