عادت قضيةُ الطائرة الروسية "إيل-20"، التي تحطمت قبالةَ مدينة اللاذقية الساحلية قبل أيامٍ إلى الواجهة مجدداً، اليوم 23 سبتمبر بعد أن اتهمت وزارةُ الدفاع الروسية إسرائيلَ للمرة الثانية بالتسبب في إسقاطها. ونشرت الدفاع الروسية اليوم معلوماتٍ مفصلةً إضافة إلى مقطعِ فيديو توضيحيّ للحادث. من جانبها رفضت إسرائيل الاتهامَ الروسي، مؤكدةً أنها ليست معنيّةً بالاحتكاك مع روسيا، ومحملةً المسؤولية كاملةً بخصوص إسقاط الطائرة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد. وبحسب وزارة الدفاع الروسية، كانت هناكَ مقاتلةٌ إسرائيلية تحلّقُ فوقَ محافظة اللاذقية الساحلية السورية قبل فترةٍ قليلة من حادثِ الإسقاط، اتخذت طائرةَ استطلاعٍ روسية من طراز IL-20M، درعاً "عن عمد". وأن تصرفاتِ الطيار الإسرائيلي أظهرت "عدمَ كفاءة مهنية أو إهمالاً جنائياً". ويستبعدُ المحللُ السياسي المختص بالشؤونِ الدولية محمد تهامي أن يتسببَ اتهامُ وزارةِ الدفاع الروسية الحديثُ إسرائيلَ بالمسؤولية في إسقاط الطائرة في أيّ توترٍ للعلاقات بين البلدين. مضيفاً لرصيف22 أن روسيا دولةٌ برجماتية تبحث دائماً عن مصالحها، ولا تريد الدخولَ في خلافاتٍ مع إسرائيل بأي شكلٍ حفاظاً على مصالحها في سوريا ما بعد الحرب. كما يرى تهامي أن غلقَ روسيا المجالِ الجوي في سوريا أمامَ سلاح الجو الإسرائيلي أمرٌ مستبعد ولا يبدو أن الرئيسَ الروسي سيقوم به أبداً خصوصاً أنه خرج منذ أيامٍ مخففاً من الدور الإسرائيلي في إسقاط الطائرة. وكانت وسائل إعلامٍ قد تحدثت عن احتمالية أن تغلق روسيا المجالَ الجوي في سوريا بعد استهداف الطائرة، في وجه السلاح الجوي الإسرائيلي.
ما الجديد الذي كشفته الدفاع الروسية اليوم؟
في مؤتمر صحافي خرجَ المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف، اليوم الأحد مؤكداً أن بلاده "ترى أن المسؤوليةَ عن تحطم الطائرة "إيل-20" في سوريا تقع بالكامل على سلاح الجو الإسرائيلي"، مضيفاً أن ما أسماه التصرفاتِ الإسرائيلية أثناء الحادثة "كانت ستعرض طائراتِ ركابٍ للخطر". وبحسب كوناشنكوف فإن "المعلوماتِ الموضوعيةَ المقدمةَ تدل على أن تصرفاتِ طياري المقاتلاتِ الإسرائيلية، التي أدت لمقتل 15 عسكرياً روسياً، تتحدثُ عن عدم مهنيتهم أو على الأقل عن إهمالٍ إجراميّ. لذلك نحن نعتبر أن المسؤولية عن كارثة الطائرة الروسية إيل-20 تقع بالكامل على القوات الجوية المسلحة الإسرائيلية وأولئك الذين اتخذوا القرارَ بمثل هذا النشاط". مؤكداً أن القواتِ الجويةَ الإسرائيلية لم تشنَّ غاراتِها في المناطق الشمالية للجمهورية العربية السورية بل في ريف اللاذقية، المحافظةً السورية الغربية، الواقعة في منطقة الساحل الغربي السوري. مضيفاً بلهجةٍ غاضبة أن إسرائيلَ لم تخبر روسيا بموقعِ مقاتلات "إف 16" في يوم حادثة "إيل 20". وأكد أنه "لم يتم تحديدُ موقع مقاتلات "إف 16" الإسرائيلية، وبعد الهجوم احتلت الطائراتُ الإسرائيلية مرةً أخرى منطقةَ المناوبة على مسافة 70 كيلومتراً غرب ساحل سوريا، ما أدى إلى حدوث اضطراباتٍ في الراديو الإلكتروني، وربما للاستعداد لضرباتٍ ثانية، في تمام الساعة 21.59، بدأت إحدى الطائرات الإسرائيلية مناورةً في اتجاه ساحل سوريا، واقتربت من "إيل 20". وتابع المتحدثُ أن الطائرة الروسية كانت تخطط للهبوط "وتم إدراك ذلك من خلال حسابات الدفاع الجوي السوري لشنِّ هجومٍ جديد من قبل الطيران الإسرائيلي". وبحسب ما كشفه المسؤول الروسي فإن الطائرات الإسرائيلية لم تغادر مجالَها الجوي، بل بقيت في المنطقة نفسِها واستمرت في الهواء حتى الساعة 22:40. مضيفاً أنه في الساعة 22:22، أبلغ الضابطُ المناوبُ لقيادة المجموعة الروسية في سوريا الضابطَ الإسرائيلي في مركزِ قيادة القواتِ الجوية أن الطائرةَ الروسية "إيل —20" في حالةِ استغاثة، مطالباً بسحب الطائرات من هذه المنطقة، لأنهم سيستخدمون معداتِ الإنقاذ، لكنه أضاف "فقط عند 22.53، أي بعد 50 دقيقة من قصف الصاروخ لـ"إيل 20" الروسية، قام مسؤولُ العمليات في مركز قيادةِ سلاح الجو الإسرائيلي برتبة عقيدٍ بالاتصال وإبلاغ رسالةٍ نصُّها "تلقينا معلوماتك عن كارثة "إيل 20" وقمنا بمسح المنطقة، إذا كانت هناك حاجةٌ إلى مساعدة، فنحن مستعدون للمساعدة". وقال كوناشينكوف إن هذه الأعمال (في إشارة لما قامت به إسرائيل) تعتبر انتهاكاً مباشراً للاتفاقيات الروسية الإسرائيلية الموقعة عام 2015 للحيلولة دون وقوعِ حوادث تصادم مع الجيش الروسي في سوريا. ونشرت الوزارة مقطعَ فيديو توضيحي للحادث عبر حسابها الرسمي على تويتر."إسرائيل لن تدخل في مشادةٍ كلاميةٍ عبر وسائل الإعلام مع روسيا، وليست معنيةً بالاحتكاك بموسكو، والنظام السوري هو المسؤول الكامل عن الحادث" وزير الدفاع الإسرائيلي رداً على اتهامات روسيا الجديدة
وزارة الدفاع الروسية تنشر معلوماتٍ مفصلةً ومقطعَ فيديو توضيحي، لتؤكد مجدداً أن إسرائيلَ هي المسؤولة عن إسقاط طائرتها قبالة السواحل السورية
ماذا قالت إسرائيل؟
وفيما يمكن اعتباره ردّاً على الاتهام الروسي الجديد لإسرائيل قال وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، اليوم الأحد، إن إسرائيل لن تدخل في مشادةٍ كلاميةٍ عبر وسائل الإعلام مع روسيا، مضيفاً أن بلاده "ليست معنيةً" بالاحتكاك بموسكو. وأكد ليبرمان أن هناك حواراً مفتوحاً مع روسيا ومستمراً على مدار الساعة، معتبراً أن إسرائيل ستواصل العملَ للدفاع عن مصالحها، لكنها لا ترغب في الدخول في مغامرةٍ مع موسكو. وأنها تتصرف "بحكمة ومسؤولية". ووصف وزير الدفاع الإسرائيلي إسقاطَ الطائرة الروسية بأنه "حادثٌ خطير"، لكنه حمَّل المسؤوليةَ كاملةً للنظام السوري قائلاً إنها الحقيقة. قبل خمسة أيامٍ أطلق الجيش السوري النارَ على الطائرة الروسية عن طريق الخطأ بعد الاعتقاد أنها مقاتلةٌ إسرائيلية، ما أدى إلى مقتل 15 شخصاً كانوا على متنها. وبدايةً حمَّل الجيشُ الروسي إسرائيلَ المسؤوليةَ في خسارة الطائرة، لكن بعدها مباشرة خرج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليخففَ من حدةِ التوتر مع إسرائيل قائلاً إن الحادث ناتجٌ عن "سلسلة من الظروف المأساوية القاتلة". وقتها أعربتْ إسرائيل "عن أسفها لمقتلِ أفراد طاقم الطائرة الروسية"، نافيةً استخدامَ الطائرة كغطاءٍ خلال شنِّ مقاتلاتٍ إسرائيليةٍ غارةً في اللاذقية.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...