في الـ12 من سبتمبر الجاري، قضت محكمة الأمور المستعجلة، الواقعة في حي عابدين بالقاهرة، بقبول دعوى رفعها أحد المحامين المصريين وطالب فيها بإلزام وزير الداخلية بعزل الضباط الملتحين نهائياً من الخدمة ورفض عودتهم إلى العمل.
هذا الفصل الأخير من قضية الضباط الملتحين في مصر والتي بدأت عقب احتجاجات يناير 2011 مباشرة. حينذاك، شاهد المصريون لأول مرة أشخاصاً ملتحين يرتدون الزي الرسمي للشرطة المصرية، وتسبب المشهد الغريب على المجتمع في إثارة مخاوف مصريين كثيرين من أسلمة جهاز الشرطة.
وبرر الضباط الملتحون وقتها خروجهم على الرأي العام بلحاهم بأن التعليمات في حقبة نظام الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك أجبرتهم على العمل من دون لحية، وأن الثورة شجعتهم على التعبير عن أنفسهم.
تقوم وجهة نظر المعارضين لوجود ضباط ملتحين في مصر على أن اللحية تعبّر بشكل أساسي عن أن لديهم أفكاراً دينية متشددة، قد تمنعهم من الدفاع عن فتاة غير محجبة مثلاً أو عن شخص من دين آخر، وأن مشهد ضابط ملتحٍ يتناقض مع فكرة الدولة المدنية التي طالب بها مصريين كثر من المشاركين في ثورة يناير.
في المقابل، يقول المؤيدون لقضية الضباط الملتحين إن اللحية أمر شرعي، والدستور المصري يقول إن الإسلام هو دين الدولة، وبالتالي لا يحق لأي شخص إجبار الضباط على حلق لحاهم، خصوصاً أنه لا يوجد نص في الدستور المصري أو في قوانين وزارة الداخلية يتحدث عن منع الضابط من إطلاق لحيته.
في الفترة بين عامي 2012 و2013، نشط الضباط الملتحون بشكل كبير، وخرجوا في تظاهرات عدّة مطالبين وزارة الداخلية بأن تسمح لهم بممارسة عملهم من دون إجبارهم على حلق لحاهم.
وبدأت مجموعة منهم في اعتصام استمر لأسابيع أمام مقر مجلس الوزراء في وسط القاهرة، كما قاموا بإنشاء ائتلاف يعبّر عن مطالبهم.
واتّهم الكثيرون من المصريين العلمانيين وقتها تيارات الإسلام السياسي بتشجيع الضباط الملتحين على التظاهر والاعتصام، معتبرين أن الأمر له أبعاد سياسية أكثر منها دينية.
ممنوعون من العمل بأمر من الوزير
في مايو 2013، قال وزير الداخلية المصري حينذاك اللواء محمد إبراهيم إنه يرفض بشكل قاطع عودة الضباط الملتحين للعمل في وزارته، مشيراً إلى أنه ضد أن يمارس أي ضابط عمله أو يرتدي الزي الرسمي للشرطة المصرية وهو ملتحٍ، ومتوعداً: "طول ما أنا وزير داخلية مفيش ضابط هيرجع حتى لو حكموا عليّ بالحبس، مش هدَخّل ملتحي للوزارة". وأضاف الوزير أنه لن يقبل أبداً ما أسماه أخونة الوزارة (في إشارة إلى سيطرة جماعة الإخوان عليها)، وتابع: "لو فشلتُ سأستقيل، إحنا هيئة مدنية ولما دخلنا الكلية ارتضينا الالتزام بالمظهر، إحنا كنا بنحلق دقننا في الصباح والمساء".قضية الضباط الملتحين في مصر... وجهة نظر المعارضين لوجودهم تقوم على أساس أن اللحية تعبّر عن أفكار دينية متشددة، فيما يقول المؤيدون إن إطلاق اللحية أمر شرعي أو حرية شخصية
قضية الضباط الملتحين في مصر بدأت عقب احتجاجات يناير 2011 مباشرة. حينذاك، شاهد المصريون لأول مرة أشخاصاً ملتحين يرتدون الزي الرسمي للشرطة المصريةواعتبر أن الثورة أو نجاح تيارات الإسلام السياسي في تولي مسؤولية إدارة البلاد لا تعطي الحق لأي شخص في أن يطالب بأن يعمل كضابط بينما هو ملتحٍ. وفي محاولة لتهدئة الضباط الملتحين ومنعهم من التوسع في التظاهر وقتها، عرض وزير الداخلية عليهم نقلهم إلى وزارات أخرى كالبترول والكهرباء، وقال إن الضباط وافقوا في البداية على اقتراحه، "لكن بعض التيارات الإسلامية أقنعتهم برفض العرض".
القضاء المصري يؤيد مطالب الملتحين
منع اللواء محمد إبراهيم للضباط الملتحين من العمل لدى الوزارة تسبب في غضبهم، وبدأوا في رفع قضايا أمام المحاكم المصرية مطالبين بعودتهم إلى العمل. واحدة من تلك القضايا أقامها عام 2013 ضابط شرطة برتبة عقيد ممّن أطلقوا لحاهم ضد قرار وزير الداخلية بعزله من وظيفته. استمر التقاضي لسنوات. وفي أوائل يوليو 2017، أصدرت المحكمة الإدارية العليا في مصر قراراً يقضي بعودة الضباط الملتحين للخِدمة الفعلية العاملة في وزارة الداخلية، وإلغاء قرار وزير الداخلية الذي أبعدهم عن وظائفهم. سبّب هذا القرار جدلاً كبيراً في مصر خصوصاً أنه أتى بعد إسقاط جماعة الإخوان والقبض على آلاف من المنتمين إليها والمتعاطفين معها. وجاء في حيثيات الحكم أن إطلاق اللحية من الحريات الشخصية، ولا يتعارض مع الدستور المصري الذي اتخذ من الدين الإسلامي مصدراً رئيسياً للتشريع. لم يعجب الحكم المحامي المصري محمد حامد سالم، فرفع دعوى أمام محكمة الأمور المستعجلة مطالباً بإلزام وزير الداخلية الحالي بعزل الضباط الملتحين نهائياً من الخدمة، وهي الدعوى التي قضت محكمة الأمور المستعجلة، بقبولها في 12 سبتمبر. وترفض كلية الشرطة في مصر إلحاق ملتحين بصفوفها، وهو نفس ما تقوم به الكليات العسكرية. كما يرفض الجيش المصري قبول مجندين من الملتحين في صفوفه، وإذا رفض المتقدم الملتحي قص لحتيه يحصل على شهادة تفيد بأنه لم يلتحق بالجيش لأسباب أمنية، ما قد يعرّضه لصعوبات في الحصول على فرصة عمل بعد ذلك لأن تقديم شهادة عن الخدمة العسكرية واحدة من متطلبات العمل في الشركات المصرية.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع