"من قال إن الدين يتلاشى فإنه على الأرجح لم يشاهد الطوابير التي تقف في متاجر آبل فور وصول منتجٍ جديد". هذا ما قاله الكاتب "جيمس هاركين"، صاحب كتاب Why the Market No Longer Favors the Mainstream، مشيراً إلى أن شركة آبل تمكنت من تطوير "عبادة" ليس فقط من الناحية التجارية بل من الناحية الروحية أيضاً. وعليه يبدو أن الحديث عن "طائفة آبل" ليس مصطلحاً فضفاضاً أو أمراً مبالغاً به، خاصة بعدما أثبت العلم أن هذه الشركة العملاقة قادرة على إثارة ردود أفعال "دينية" في أدمغة المستهلكين. فكيف تمكّن عملاق التكنولوجيا الأميركي من أن يتحول إلى "عقيدة" وعبادة؟
طائفة آبل
تستعد شركة آبل للكشف عن 3 هواتف ذكية جديدة خلال حدث ضخم سيعقد اليوم في 12 سبتمبر في المقر الرئيسي للشركة "آبل بارك"، وكما هو متوقع مع كل إصدارٍ جديدٍ فإن "عشاق الأيفون" سيفترشون الأرض وينامون على الأرصفة وينتظرون في الخارج لساعاتٍ طويلةٍ حتى يتمكنوا في نهاية المطاف من الدخول إلى المتجر واقتناص فرصة الحصول على الهاتف الجديد. هذا الهوس والإقبال الهستيري على منتجات آبل ليسا وليدَيْ اليوم، فلطالما تحدث الناس عن "طائفة آبل"، ولعلّ الفيلم الوثائقي الذي بثّه تلفزيون "بي بي سي" يؤكد هذه النظرية.
في الحقيقة يغوص البرنامج التلفزيوني Secrets of the Superbrands في الأسباب التي تدفع الشركات التكنولوجية الضخمة، مثل "آبل" و"فيسبوك" و"تويتر"، لأن تحظى بمثل هذه الشعبية الواسعة وتحتل هذا الجزء الكبير من حياة الناس. في الحلقة الأولى، يقرر مقدم البرنامج "أليكس رايلي" إلقاء نظرة على شركة "آبل"، بهدف معرفة ما هو الشيء المميز في هذه الشركة الذي يجعل الناس عاطفيين للغاية تجاهها.
كانت المشاهد التي شهدت عليها في افتتاح متجر آبل الجديد أشبه باجتماع صلاة أكثر من مجرد فرصة لشراء الهاتف أو الكمبيوتر المحمول
متجر "آبل" في حي كوفنت غاردن يحتوي على الكثير من الصور الدينية، مع الأرضيات الحجرية، وانتشار الأقواس، علاوة على القليل من المذابح الكنسية (التي تُعرض عليها المنتجات)وقد أظهرت اللقطات المصورة من افتتاح متجر جديد لـ"آبل" في "كوفنت غاردن" وسط لندن جحافل من عشاق "آبل" وهم يصطفون في الخارج طوال الليل بينما يقوم الموظفون بإشعال حماس العملاء وأنفسهم كذلك في شكلٍ من أشكال "الجنون الإنجيلي". وتعليقاً على هذا الموضوع، قال "رايلي": "كانت المشاهد التي شهدت عليها في افتتاح متجر آبل الجديد أشبه باجتماع صلاة أكثر من مجرد فرصة لشراء الهاتف أو الكمبيوتر المحمول"، مشيراً إلى أن حالة "الغرابة" بدأت قبل ساعات من فتح الأبواب للجمهور:" داخل المتجر، كان العاملون في نوبةٍ من الإثارة والجنون، بحيث أنهم كانوا يقفزون صعوداً وهبوطاً، يصفقون ويصرخون، وعندما فتحت الأبواب هللوا بشكلٍ هستيري للمئات من الزبائن".
ما الذي يحدث داخل رؤوس عشاق "آبل"؟
هذه الحماسة الشبيهة بالحماسة الدينية استحوذت على تفكير "رايلي"، الذي قرر أن يلقي نظرة فاحصة إلى داخل رأس أحد المهووسين بآبل لمعرفة ما الذي يحدث في الداخل. من هنا اتّصل "رايلي" بمحرّر مدونة World of Apple "أليكس بروكس"، وهو واحد من الأشخاص الذين يقدّسون "آبل" ويزعم أنه يفكر في "آبل" 24 ساعة في اليوم، ما قد يكون أكثر بـ23 ساعة بالنسبة لمعظم الناس العاديين.تثير منتجات آبل النقاط نفسها التي تثيرها الصور الدينية في مخ الشخص المؤمنقام فريق من علماء الأعصاب بدراسة مخ بروكس أثناء خضوعه لمسح بالرنين المغناطيسي، بغية معرفة رد فعله تجاه صورٍ لمنتجات "آبل" ومنتجات الشركات الأخرى. وبحسب ما أكده علماء الأعصاب، فقد أظهر المسح أن هناك اختلافات ملحوظة في ردود فعل بروكس تجاه المنتجات المختلفة. واللافت أن العلماء الذين سبق أن درسوا أدمغة الأشخاص الذين يعتنقون الديانات، توصلوا إلى الاستنتاج التالي: "تثير منتجات آبل النقاط نفسها التي تثيرها الصور الدينية في مخ الشخص المؤمن". ويوضح أحد العلماء أن "العلامات التجارية العملاقة في عالم التكنولوجيا قد استغلت أو استثمرت مناطق بالدماغ كانت قد تطَورت لتتعامل مع الدين". وفي لقاء مع أسقف باكينغهام، الذي يستخدم الآيباد لقراءة الإنجيل، اتّضح أنه يؤكد هذا المعتقد، إذ أشار إلى أن متجر "آبل" في حي كوفنت غاردن، على سبيل المثال، يحتوي على الكثير من الصور الدينية، مع الأرضيات الحجرية، وانتشار الأقواس، علاوة على القليل من المذابح الكنسية (التي تُعرض عليها المنتجات). ولا ينسى الفيلم الوثائقي الذي تحدث عن ستيف جوبز، واصفاً إياه بـ"المسيح".
سيطرة الشركات الكبرى على حياتنا
في العصر العلماني أصبحت آبل ديناً وكان ستيف جوبز رئيس الكهنة.عشاق آبل من حول العالم بـ"الحج" إلى متاجر الشركة[/caption] فقد كشفت صحيفة واشنطن بوست أنه عندما ذاع خبر وفاة جوبز، قام عشاق آبل من حول العالم بـ"الحج" إلى متاجر الشركة، حاملين التفاح، كما أنهم أضاءوا "الشموع الرقمية" على شاشات الأيباد الخاصة بهم، حتى أن البعض منهم ترك وراءه بطاقات عزاء كتب عليها: "لقد غيّرت حياتي. أحبك". يكمن سرّ شركة آبل بمنتجاتها التي تتميز بجودتها العالية وقدرتها على إشعال حماس الجمهور. وعليه يوضح "جيمس هاركين" لصحيفة "الإندبندنت" البريطانية أن هذه الشركة التكنولوجية الضخمة لا تريد فقط "عملاء" بل "معجبين" يشعرون بوجود رابطٍ متينٍ بينهم وبين المنتج الذي بحوذتهم، مؤكداً أن حمل جهاز iBook أو أيفون أو آيباد بات من "الأكسسوارات" الأساسية لطبقة "البوهيمية البرجوازية": ما يوّحد عشاق آبل هو إصرارهم على أنهم مختلفون بشكلٍ ما عن الاتجاه السائد، الأنيق والمبتكر، العملي والأيقوني".
وعن كيفية قيام الشركات الكبرى بالتحكم بمفاصل حياتنا، أوضح رايلي أن "مثل آبل، توفر لنا الهواتف المحمولة والشبكات الاجتماعية فرصةً للتعبير عن حاجتنا البشرية الأساسية في التواصل، فمن خلال العمل على حاجاتنا الأساسية مثل الثرثرة، والدين، والجنس، تسيطر هذه العلامات التجارية الكبرى على عالمنا بسرعةٍ فائقةٍ". ويختتم رايلي: "هذا لا يعني أن التسويق الذكي والإبداع التقني العبقري ليسا مهمين أيضاً، لكن يبدو أنك إذا كنت لا تقدم خدمة ذات أهمية لكل شخص من أصل 6.9 مليار بشري على هذا الكوكب، فإنك لن تصبح أبداً إحدى العلامات التجارية العملاقة في عالم التكنولوجيا".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع