أدّى التطور الهائل في تكنولوجيا الاتصال إلى بروز أساليب تواصلية جديدة انتشرت بشكل خاص بين الشباب. اقترنت هذه الأساليب أساسًا بأشكال التواصل المكتوب، مثل الإرساليات القصيرة SMS والدردشة الآنية Instant Messaging، وبرزت معها أنماط لغوية مستحدثة قد تبدو لغير المتمكن منها غريبة الشكل والمضمون.
رغم تمكن معظم الشباب العربي من هذه الأساليب اللغوية الجديدة، قد تحتاج فئات أخرى من المجتمع، مثل الأمهات الراغبات في فهم ما يكتبه أبناؤهن على الإنترنت أو المنفتحين حديثاً على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى فهم خصائص لغة الشباب العربي عبر وسائل الاتصال الحديثة.
عربتيني: الكتابة المستحدثة
يُقصد بـ"عربتيني" الكتابة التي تُعبّر عن معانٍ عربية بحروف لاتينية، وهي إحدى السمات المميزة لطرق التواصل المكتوب المنتشرة بين الشباب. ويتمثل هذا الأسلوب في كتابة نصوص عربية من حيث المحتوى والنطق، ولكن باستخدام حروف لاتينية.
تعود نشأة هذا الأسلوب التواصلي الجديد إلى بداية انتشار الاتصالات المحمولة والإنترنت منتصف التسعينات من القرن الماضي. فقد كانت الخيارات اللغوية في الهواتف المحمولة والحواسيب التقليدية شبه مقتصرة على الحروف اللاتينية، وكانت الحروف العربية غائبة بشكل شبه كلّي. مع انتشار هذا النوع من الهواتف المحمولة في المنطقة العربية، وجد المستخدم العربي لخدمات الاتصال المكتوب نفسه أمام تحدّ لغوي كبير تمثل في التواصل مع الآخرين بلغة مفهومة، دون الاعتماد على الحروف العربية.
ولعلّ من أهم مميزات هذا الأسلوب اللغوي استخدام الأرقام لتعويض الحروف العربية غير المنطوقة في اللغات الغربية. حصل نوع من التوافق العام لدى مستخدمي تكنولوجيا التواصل الرقمي في المنطقة العربية على أن يصير الرقم 2 على سبيل المثال مترادفًا للهمزة، والرقم 3 مترادفًا لحرف العين، و4 لحرف الغين، إلخ.
عربيزي: مزج لغوي فريد
يقوم مصطلح "عربيزي" على المزج بين "عربي + انجليزي"، وهو ظاهرة لغوية أخرى صارت تميز لغة التواصل بين الشباب المستخدم للتكنولوجيا الحديثة. يعني مفهوم "عربيزي" الخلط بين المعاني والمصطلحات العربية والإنجليزية في النص الواحد، وهو من أهم ميزات التواصل المكتوب، وخاصة الإرساليات القصيرة والدردشة الآنية.
صارت بعض المصطلحات والعبارات الإنجليزية، مثل "بليز" please و"أوكي" OK و"هاي" HI، ولول "Lol" متكررة بوتيرة كبيرة في جميع أشكال التخاطب الحديث بين الشباب العربي، ولم يعد مُستغربًا أن تجدها مكتوبة بحروف عربية، بل ربما هي وفرت للمتخاطبين سبيلاً سهلاً للتعبير عن معانٍ معينة بأسلوب قصير لا يتجاوز أحرفاً معدودة، عوض الاسترسال في تعابير عربية طويلة بعض الشيء.
كما انتشر بين الشباب استخدام عبارات إنجليزية مختصرة، وهي حروف مقتضبة تختصر معاني متكررة، وسط نصوص عربية، مما ساعد على تسريع نسق الكتابة والتخاطب.
يُذكر أن هذه العبارات انتشرت في بداية الأمر بين المتخاطبين باللغة الإنجليزية، ولكن النسق الهائل الذي ميّز التطور التكنولوجي في السنوات الماضية، والانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء العالم، جعل الشباب العربي منفتحًا على غيره من الشباب في الدول الأخرى، وحتم عليه التخاطب بالإنجليزية، ومن ثم التمكن من هذه العبارات واستخدامها في عملية التواصل.
قد تكون الظواهر اللغوية، مثل عربتيني وعربيزي، من أهم التحولات التي أحدثتها التكنولوجيا الحديثة في سلوك التواصل لدى الشباب العربي. ومن هذا المنطلق، بات البعض يتحدث عن مخاطر هذه الأساليب على اللغة العربية الفصحى، وعلى مفهوم الهوية لدى الشباب. ولكن إذا نظرنا إلى المسألة في بعدها الاجتماعي، لن يخفى على أحد أن لغة الشباب لم تكن يومًا مطابقة للغة الكهول والشيوخ، على اختلاف الأزمنة. ولذلك يجب النظر إلى أساليب التواصل المنتشرة بين الشباب العربي اليوم على أنها تعبير عصري على انخراطهم في ثقافة العولمة، واستجابة لضرورة التواصل مع بقية العالم بلغة مشتركة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 5 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين