في السابع من سبتمبر، تنعقد في طهران قمة ثلاثية بين إيران وتركيا وروسيا حول سوريا، والهدف المعلن منها بحسب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، هو "إعادة الهدوء إلى سوريا والقضاء على الإرهاب فيها".
لكن الهدف الحقيقي من القمة هو محاولة رؤساء الدول الثلاث التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن مصير محافظة إدلب، المنطقة التي تُعَدّ آخر معقل رئيسي للمعارضة في سوريا.
ويمكن القول إن مصير المسلحين المعارضين المتواجدين في إدلب وحولها، وبعضهم ينتمون إلى فصائل متطرفة فيما ينتمي آخرون إلى مجموعات معتدلة، أصبح معلقاً بشكل أساسي على النتائج التي ستخرج عن هذه القمة.
وعلى عكس روسيا وإيران، تحاول تركيا الحؤول دون اندلاع معركة كبيرة في المحافظة، قد تغيّر قواعد اللعبة تماماً في سوريا التي تعاني من حرب دائرة منذ أكثر من سبع سنوات، وخلّفت ملايين القتلى والجرحى والمشرّدين.
يستبعد البعض نجاح القمة المرتقبة في وقف المعركة، لأسباب كثيرة أهمها وجود خلافات عدة في وجهات النظر بين الدول الثلاث التي تلعب أدواراً مهمة في الحرب السورية.
ولكن البعض الآخر يرى أنه من الممكن التوصل إلى اتفاق بشأن إدلب، مذكّرين بأن الخلاف في وجهات النظر لم يمنع تركيا، التي دعمت لفترة طويلة جماعات من المعارضة السورية، من عقد محادثات واتفاقات مع روسيا وإيران، على مدى الأعوام الماضية.
واتفقت تركيا مع روسيا وإيران العام الماضي على جعل إدلب "منطقة خفض تصعيد" وأرسلت أنقرة وحدات صغيرة من الجيش إلى هناك لإقامة نقاط مراقبة على امتداد الخطوط الأمامية بين مقاتلي المعارضة والجيش السوري.
لكن مراقبين يعتبرون أن الخلاف على مصير إدلب يجسّد الخلافات في وجهات النظر حول مستقبل سوريا بين الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني والتركي رجب طيب أردوغان.
وخلال السنوات القليلة الماضية، استعاد الرئيس السوري بشار الأسد بدعم من القوة الجوية الروسية وحلفائه الإيرانيين مناطق كانت المعارضة قد سيطرت عليها، وإدلب ومحيطها هما الآن المنطقة المهمة الوحيدة التي لا تزال تتواجد فيها معارضة مسلحة.
وانتهت معارك سابقة في سوريا بموافقة المسلحين المهزومين على اتفاقات تضمنت نقلهم بحافلات إلى إدلب.
ترى روسيا، الحليف الأهم للرئيس السوري بشار الأسد، أن معركة إدلب ضرروية للتخلص من "الجماعات الإرهابية المسلحة"، وعادت منذ الرابع من سبتمبر إلى استهدافها بضربات جوية.
وتصف روسيا إدلب بأنها "وكر للإرهابيين" و"خراج متقيح" ينبغي تطهيره، أما إيران فتتحدث عن ضرورة "تطهير" إدلب من "الإرهابيين الباقين"، بحسب ما قاله وزير خارجيتها محمد جواد ظريف.
لكن تركيا تعتبر أن أي قصف محتمل لإدلب هو "خطأ". وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن قصف محافظة إدلب أمر خاطئ ويجب أن يتوقف، مضيفاً أن أنقرة ستضغط في القمة الثلاثية من أجل الخروج "بقرار لوقف مثل هذه الهجمات".
ويعتبر أوغلو، أنه من الضروري وضع استراتيجية مشتركة للقضاء على الجماعات المتطرفة في إدلب لكن استمرار الهجمات قد يكون كارثياً، بحسب تعبيره.
تنعقد الجمعة في طهران قمة ثلاثية بين إيران وتركيا وروسيا حول سوريا، والهدف منها محاولة رؤساء الدول الثلاث التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن مصير محافظة إدلب، آخر معقل رئيسي للمعارضة في سورياونقلت صحيفة "حرييت" التركية عن أردوغان قوله إن تركيا تأمل في أن تسفر قمة طهران عن الحيلولة دون شن هجوم على إدلب. وأشار الرئيس التركي إلى أن أي معركة في إدلب ستؤدي إلى تدفق لاجئين إلى تركيا، وقال: "إلى أين سيذهب الفارون؟ عدد كبير منهم سيأتي إلى تركيا". وإذا كانت روسيا وإيران تتفقان مع النظام السوري على أن السيطرة على إدلب تحقق مكاسب لفريقهم، إلا أن الحفاظ على التفاهمات المعقودة بينهما وبين تركيا يتطلب محاورة أنقرة بشأن عملية إدلب، وهو ما يجري منذ أسابيع. فتركيا لاعب أساسي في الشمال السوري وما يجري في تلك المنطقة يؤثر مباشرة على أمنها، كما أن احتمال تدفق مئات اللاجئين السوريين الجدد إليها يقلقها، هي التي تستقبل 3.5 مليون لاجئ سوري. وتستطيع تركيا بسهولة أكبر أن تدخل إلى إدلب بجيشها لفرض أي اتفاق ثلاثي حولها، لأنها مقبولة نوعاً ما من أبناء المنطقة، كونها قوة سنّية، بعكس إيران والنظام السوري. ولكن يبدو أنه طُلب من تركيا تفكيك المجموعات المتطرفة وعلى رأسها جبهة فتح الشام (النصرة) سابقاً وفشلت اتصالاتها في تحقيق هذا الهدف. ويضع كثيرون من المعارضين السوريين أملاً كبيراً على حليفتهم تركيا في إقناع روسيا وإيران بمنع هجوم شامل من الحكومة السورية قد يوجه ضربة أخيرة لانتفاضتهم ضد نظام الأسد. ويقول معارضون، أطلعتهم تركيا على نتائج المحادثات بينها وبين روسيا بشأن إدلب، إنها قدمت لهم تأكيدات على أنها تعمل على اتفاق لتجنب الضربات الجوية المكثفة التي أصابت الحياة اليومية بالشلل في معاقل أخرى أُجبرت فيها المعارضة على الاستسلام. ويأمل معارضون سوريون في أن يؤدي النفوذ الإقليمي لتركيا ومهارتها الدبلوماسية ووجودها على الأرض إلى تجنيب إدلب مصير الغوطة الشرقية ودرعا. لكن معارضين آخرين يحدوهم أمل أضعف بخصوص قدرة تركيا على وقف المعركة المحتملة ضد إدلب. ويتخوّف بعض معارضي الأسد من أن تكون الولايات المتحدة قد أعطت الضوء الأخضر لروسيا والنظام للسيطرة على إدلب، شرط عدم استخدام الكيميائي. فهل تنجح قمة طهران في وقف معركة إدلب المحتملة والخروج بحل نهائي بشأن المحافظة؟ الآمال ضعيفة بحسب معظم التقديرات.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...